الأربعاء, 08-مايو-2013
صنعاء نيوز -     على الرغم من مرور ثمانية عشر شهراً على بدء العملية الانتقالية التي أخرجت اليمن من تحت انقاض الأزمة العاصفة التي اجتاحته مع بدايات المد العنيف لموج الربيع العربي فإنها لم تسهم كثيراً في توضيح ملامح المستقبل الذي ينتظره هذا البلد.. علي ناجي الرعوي -


على الرغم من مرور ثمانية عشر شهراً على بدء العملية الانتقالية التي أخرجت اليمن من تحت انقاض الأزمة العاصفة التي اجتاحته مع بدايات المد العنيف لموج الربيع العربي فإنها لم تسهم كثيراً في توضيح ملامح المستقبل الذي ينتظره هذا البلد.. فما زالت الصورة غامضة وملبدة بالكثير من الغيوم.. ما يجعل من مستقبل هذا البلد مفتوحا على كافة الخيارات والاحتمالات.

فمؤتمر الحوار الذي شكل محطة أمل لجميع اليمنيين الذين ارهقتهم الصراعات السياسية وأتعبتهم الازمات المتلاحقة لم يعد أحد يراهن على انه سيشكل طوق النجاة او انه الذي سيحقق المعجزات بعد ان تحول هذا المؤتمر الى ساحة يتبارى فيها الفرقاء بطروحاتهم المتصادمة، وانقساماتهم المدمرة وخلافاتهم المزمنة التي تجعل من كل طرف يتمسك بمواقفه والاهداف التي يسعى اليها دون مراعاة لمصالح البلاد والعباد، والمخاطرالمحدقة بوطنهم ونسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية.

ويزداد المشهد قتامة في اليمن عندما نستحضر اموراً عدة لا تزال على حالها، واذا بدأنا بما هو اكثر اهمية نجد ان الحركة الانفصالية في الجنوب تتوسع في احتجاجاتها ومطالبها الداعية الى فك الارتباط مع الشمال واستعادة الدولة التي كانت قائمة في المحافظات الجنوبية قبيل الوحدة عام 1990م .. بل إن هذه الحركة قد اتجهت في الآونة الاخيرة الى التصعيد وممارسة اعمال العنف وإرغام المواطنين في المحافظات التي تنشط فيها على الرضوخ لاملاءاتها وقطع صلتهم بالشمال.

واذا ما كانت الحركة الانفصالية تشكل خطراً وجودياً على وحدة اليمن فإن تمدد النفوذ الحوثي في شمال الشمال يمثل معضلة حقيقية لا تقل خطورة عما يحدث في الجنوب خصوصاً بعد ان نصب الحوثيون انفسهم بديلاً عن الدولة في المناطق التي يحكمون قبضتهم عليها ليصبحوا دولة داخل الدولة وربما يصبح الامر اكثر تعقيداً اذا ما قررت الدولة إعادة بسط نفوذها على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ونزع سلاح هذا الكيان العصبوي الذي يبدو ان مصدر قوته تكمن في امتلاكه لعتاد لا تمتلكه الا الجيوش النظامية..

وبالتوازي مع التحديين السابقين يبرز ايضاً التهديد الذي بات يفرض نفسه بقوة والمتصل بخطر الجيل الثاني من تنظيم القاعدة والذي تنمو عناصره على الساحة اليمنية وتنتشر في عدة محافظات مستغلة تدهور الحالة الامنية لفرض وجودها وتحدي سلطة الدولة والقانون والتصرف على قاعدة ان الدولة اليمنية تخوض حرباً بالوكالة عن الغرب وهو ما يجيز مشروعية مقاتلتها وإسقاطها..

ومع أن التحديات الثلاثة لا تتشاطر في اهدافها فإنها تلتقي على مسعى اسقاط الدولة وتقاسم النفوذ على الارض.. الامر الذي يضع الارادة الوطنية اليمنية امام اصعب اختباراتها.. والاختبارات كلها تدور حول قدرة هذه الارادة على ابتداع الآليات والوسائل التي تمكنها من تجاوز عوامل الانقسام واعادة إنتاج نفسها في نطاق وحدة الصف بحيث تصبح حاضرة ومتفقة على ترتيب اولوياتها.

نعرف أن الواقع في اليمن صعب ومعقد جداً وان الطريق للخروج من هذا النفق مليء بالحواجز والمنعطفات والموانع.. وأن اخطر الصعوبة امام الارادة الوطنية هو الوصول الى عقد اجتماعي يتفق اليمنيون من خلاله على المستقبل الذي ينشدونه لبلادهم وكذا عناوين الاصلاح التي تمنحهم الفرصة للامساك بالحلول والمعالجات الموضوعية لكل أزماتهم وبما يحقق تطلعات الجميع في الامن والاستقرار والرخاء.

فيكفي اليمن ما عاناه من القهر والكبت والخنوع.. وما يعانيه اليوم من الفقر والجوع والبطالة والاغتراب في أصقاع الارض، ومن يعجز عن القيام بدور إيجابي داخل مؤتمر الحوار أو خارجه للحفاظ على تماسك اليمن ووحدته فمن باب أولى عليه أن يبتعد ويرفع وصايته عن هذا البلد الذي سيبقى مصيره مفتوحاً على كل الخيارات الى ان يبدأ أبناؤه رحلة الالف ميل نحو المستقبل ونسيان كل ما جرى في الماضي من صراع وشقاق وخصومات.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:38 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-20881.htm