صنعاء نيوز - 
أثبتت الدراسات الاقتصادية والأبحاث العلمية الحديثة أن للزكاة دور هام ومساهمة فاعلة في معالجة الكثير من المشاكل الاقتصادية في دول العالم الإسلامي.

الجمعة, 26-يوليو-2013
صنعاء نيوز / مهدي البحري -

أثبتت الدراسات الاقتصادية والأبحاث العلمية الحديثة أن للزكاة دور هام ومساهمة فاعلة في معالجة الكثير من المشاكل الاقتصادية في دول العالم الإسلامي.

وتؤكد دراسات اقتصادية حديثة أن للزكاة تأثير على الاستثمارات وتحريك العملية الإنتاجية نحو النمو والازدهار كما تساعد على الاستقرار الاقتصادي من خلال البيئة الاجتماعية التي توجدها.

يقول الدكتور خالد الطروالي: الزكاة تمثل ولا شك إحدى خاصيات الطرح الإسلامي الاقتصادي وأعمدته ألأساسية وعلاقة الزكاة بالأزمات الاقتصادية عامة والأزمة الحالية خاصة تبرز أولا من خلال البعد الأخلاقي لكسب المال والتصرف فيه، ثم البعد الاجتماعي في تقارب الطبقات وتعاونها، وفي البعد الاقتصادي عبر الأخذ بيد المعوزين في مسار تنموي صاعد".

وأضاف" لا تقف الزكاة عند باب الصدقة "الثابتة" ولكنها تدخل باب المسار التنموي المتحرك عبر إعانة المحتاجين على تنشئة موارد رزق ثابته، ولذلك فإذا حدثت أزمات في ظل تطبيق اقتصادي إسلامي، فإن معالجتها ستكون سريعة، وسيكون لمؤسسة الزكاة الضلع الأكبر في تجاوزها.

وتؤكد الدراسات الاقتصادية أنه كما أن للزكاة دور في التنمية الاقتصادية والاجتماعية فإنها تعمل على تحفيز الاستثمارات.

وتشير تلك الدراسات إلى الدور التوجيهي والتعديلي للزكاة في الجانب الاقتصادي وأن من أهم اهتمامات السلطات الاقتصادية كيف يمكنها التدخل عن طريق آليات معينة لتصحيح الاختلالات وتوجيه الاقتصاد، والزكاة تعتبر آلية توجيهية.

ويبرز ذلك الأثر التوجيهي للزكاة في متغيرين اقتصاديين، هما الاستثمار وتوطين المشاريع. ويأخذ تأثير الزكاة على الاستثمار عدة أبعاد أهمها، القيام بدور تخصيص الموارد بين الاستهلاك الترفيهي والاستثمار، إذ نجد أن بعض الأفراد يقومون باقتناء أدوات الزينة والرفاه من المعادن الثمينة، وهذا يعتبر، اقتصاديا، تجميدا وتعطيلا للأموال واكتنازًا غير مباشر لها، فعمل الإسلام، مثلما ترى بعض المذاهب الفقهية، على فرض الزكاة على مثل هذه المقتنيات إذا كانت ذهبا أو فضة، وعليه فإن الأفراد لا يستطيعون على المدى الطويل تحمل الإخراج المستمر للزكاة عنها، وهي مجمدة لا تدرّ أي عائد، وهو ما يدفعهم في الأخير إلى إخراجها إلى مجال الاستثمار حتى تحقق عائدا مجزيا يكفي على الأقل لتسديد نفقات الزكاة.

كما أن بإمكان الزكاة القيام مقام تكلفة رأس المال بحيث يصبح معدا لها وسيلة للمفاضلة بين المشاريع من خلال عوائدها مقارنة بسعر الزكاة، فيكون المشروع مقبولا إذا كان عائده أكبر من سعر الزكاة، وبقدر ما يكون المشروع أكبر من حيث العائد يكون أفضل للاختيار.

أما دورها في توطين المشاريع فهي لا تؤثر على توطين المشاريع من خلال التأثير على المعدل أو السعر، وإنما تتدخل بطريقة توجيهية أخرى وهي التحكم في حصيلة الزكاة، بحيث لا يسمح لها بالخروج من مكان تحصيلها إلى مكان آخر، إلا إذا تم استنفاد جميع فرص التوطين واكتفاء الأصناف الثمانية كفاية تامة حين ذلك يجوز نقلها إلى الأبعد مع مراعاة الأقرب وهذا بهدف جعل الأفراد يراقبون بأنفسهم سبل صرف زكواتهم، حتى يروا بأم أعينهم نتائج مساهماتهم.

كما أن الزكاة من ناحية أخرى تدفع إلى توطين المشاريع الزراعية في المناطق النائية والصعبة من خلال تخفيف معدل الزكاة بالنصف عنه في المناطق الأخرى ذات العيون والأمطار.

ويجمع علماء وفقهاء الإسلام على أن الزكاة تمثل المرتكز الأساسي للتنمية الاقتصادية من خلال ما تقدمه من حلول للكثير من المشاكل أبرزها البطالة والفقر والكوارث والديون والتي عجزت الضرائب وغيرها من الوسائل المالية عن علاجها.

والإسلام يعتبر الزكاة هي الطهارة والنماء والبركـة ، قال الله سبحـانه وتعالى :" خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَـا وَصـَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَـلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُــمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "( سورة ( التوبة : 103 )، وقال تعالى: [قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا]. أي طهرها من الآثام
.
ويشير العلماء إلى أن الزكاة تعالج مشكلة البطالة من خلال أن الزكاة تحث على العمل بأنها لا تعطى للقادر على العمل ولا تعطي للغنى ولقد رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم إعطاءها لأحد الأنصار حيث وَجَدَه قادراً على العمل وهيأ له فرص العمل، وعلى ولى أمر المسلم مسؤولية توفير فرص العمل وإعداد وتدريب العاملين ، وأساس ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
)فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، والإمام راع وهو مسؤول عن رعيته} ، ولا يجوز أن تعطى الزكاة للقادر على العمل حتى لا تحوله إلى متسول.. مؤكدين أن الزكاة تعطى للفقراء لتحولهم إلى طاقة إنتاجية، كما يمكن استخدام جزء من الحصيلة في إنشاء مشروعات استثمارية ليعمل فيها الفقراء العاطلون، وصدق الله العظيم القائل: (فإمّا يأتينكم منى هدى، فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا) ( طه : 123 ) .

ونظرا لأهمية الزكاة في تحقيق تنمية اقتصادية في المجتمع والأحكام الدقيقة التي يتضمنها الركن الثالث من أركان الإسلام فإن العلماء يرون أهمية إنشاء بيت أو مؤسسة خاص بالزكاة ليسهم في خدمة فريضة الزكاة والعمل الخيري بزيادة وتميز من تنمية موارد الزكاة والخيرات وإنفاقها في مصارفها الشرعية بأعلى مستوى من الكفاءة والتميز، وتطوير وتنويع خدمات أوجه الإنفاق لموارد الزكاة والخيرات.

ويعتبر تأسيس بيت الزكاة خطوة رائدة لإحياء ركن من أركان الإسلام وتيسير أدائه، والعمل على جمع وتوزيع الزكاة والخيرات بأفضل وأكفأ الطرق المباحة شرعاً وبما يتناسب والتطورات السريعة في المجتمع واحتياجاته.

ويؤكد عدد من الباحثين والاختصاصيين أن وجود أزمة ثقة بين المكلفين بأداء فريضة الزكاة في اليمن وبين القائمين على تحصيلها الأمر الذي يؤدي إلى تدني تحصيلها .. لافتين إلى وجود العديد من المشاكل التي تواجه الدولة في تحصيل الزكاة ومنها المشكلات التشريعية الموجودة في القانون وكذلك المشكلات الإدارية الناجمة عن أزمة الثقة بين المكلف والجهات المخولة بتحصيلها إلى جانب مشاكل تدني الوعي بها وفي آليات تحصيلها.

وعلى الرغم من النقاشات المستفيضة خلال السنوات الماضية من الجهات المعنية والإعلان عن توجه حكومي لتعديل قانون الزكاة وبما يكفل إنشاء هيئة تعنى بتحصيل الزكاة وصرفها في مصارفها المخصصة التي بينتها الشريعة الإسلامية، وأن هناك توجه لإلحاقها بوزارة الأوقاف والإرشاد باعتبارها جهة مرتبطة بالجانب الديني، إلا أن الهيئة لم ترى النور بعد.

ويؤكد رئيس محكمة بلاد الروس وبني بهلول القاضي العزي علي بعكر، ضرورة العمل على إعادة الثقة بين المزكي والجهة المعنية بتحصيل الزكاة في اليمن،والتي تكاد تكون معدومة لجملة من الأسباب أهمها عدم توزيع الزكاة وفق مصارفها المحددة في الشريعة الإسلامية والتي حددت بثمانية مصارف حسب الآية الكريمة"في قوله سبحانه:﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة:60].".

ولفت القاضي بعكر إلى أنه يجب إعادة النظر في قوانين وآليات الزكاة المتبعة حاليا وبما يضمن تحصيل الزكاة وتوزيعها وفق مصارفها المحددة وذلك من خلال إنشاء مؤسسة مستقلة تضم اختصاصيين وثقة وعدول يتولون هذه المهمة الدينية والإنسانية بكل أمانه وشفافية في تحصيل وتوزيع الزكاة التي فرضها الله تعالى رحمة لعبادة وطهرا لهم قال تعالى"﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾. .. مشيرا إلى إمكانية الاستفادة من تجارب بعض الدول الإسلامية والشقيقة في هذا المجال .

ويستعرض أستاذ المحاسبة بجامعة الأزهر الدكتـور عصـام أبـو النصـر الأهمية والمهام لإنشاء صناديق ومؤسسات الزكاة.. مبينا في هذا الصدد أن الزكاة شُرعت في السنة الثانية من الهجرة بغرض تحقيق العديد من المقاصد الروحية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية سواء على مستوى الفرد أو على مستوى المجتمع المسلم.

ويقول :" باعتبار أن القرآن الكريم هو الدستور الإسلامي، فقد جاء مشتملاً على القواعد الكلية والمبادئ العامة التي تحكم زكاة المال دون التعرض للجزئيات، فأخضع الأموال التي كانت معروفة في صدر الدولة الإسلامية، وهي الذهب والفضة، والزروع والثمار، والخارج من الأرض، لزكاة المال وحدد مصارفها. وترك أمر تحديد الشروط الواجب توافرها في هذه الأموال، ونصابها، ومقدار الواجب فيها، وغير ذلك مما أجملته السنة القولية والعملية لتتولى بيانه :" وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (النحل: 44)".

ويضيف :" يقع أمر تحصيل وصرف الزكاة على ولي الأمر، حيث يقول الحق تبارك وتعالى: " الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (الحج: 41)، ولذا فقد قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه مانعي الزكاة وقال قولته المأثورة : " والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونها إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه".

ويؤكد الدكتور أبو النصر ضرورة إنشاء وتنظيم هيئات ومؤسسات تتولى أمر تحصيل وإنفاق الزكاة في مصارفها الشرعية بكفاءة وفاعلية باعتبارها من المقومات أو الأركان الأساسية لنظام الزكاة.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 02:27 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-22541.htm