صنعاء نيوز /ياسر ثامر -
لو كنت في مكان الاخوان لعقدت مؤتمرا صحفيا في مقر الجماعة بحضور كل قيادات الصف الاول نعلن فيه: " أننا اصحاب حق ونضالنا السلمي سيستمر ضد الظلم، ولن نتنازل عن قضيتنا، وسنصمد مهما كان جبروت الباطل، ومن يريد اعتقالنا، او قتلنا، سيجدنا في هذا المكان، او في منازلنا، وقد لا يجد صعوبة في التنكيل بنا، لكنه لا يخيفنا، ولا يرعبنا، ولن ينال من ايماننا بعدالة قضيتنا ..." ذلك أن قناعتك بالمثول امام القضاء – أيا كان عادلا أم ظالما - لا يعني بالضرورة اقرارك بالتهم المنسوبة اليك، بقدر ما قد يكون تأكيدا على ثقتك بنفسك، وايمانا منك بعدالة قضيتك، وقوة موقفك، وبالتالي براءتك.
.
كان حسني مبارك سيضع نفسه مكان زين العابدين بن علي؛ لو أنه ترك مصر لثوار 25 يناير، دون ان يسلم نفسه لسلطتهم الثورية، ولأكد للعالم انه ديكتاتور بامتياز، هرب خوفا من جرائم جسام ارتكبها لثلاثة عقود بحق شعبه، ولما عرف العالم ان معظم التهم التي سجن بسببها – كالقصور الرئاسية وهدايا الاهرام ...- بهذا المستوى من السطحية القائمة على التخمين دونما اثبات.
.
ورغم ان موقعة الجمل تلت احداث الثورة لكنها بدت القضية الوحيدة التي اكسبتها شيئا من الشرعية، وكأن مبارك لم يقترف شيئا يستحق الثورة قبل حدوثها، ومع ذلك لازالت النيابة العامة ايضا تفتقد الادلة على ان مبارك يقف وراء تلك الموقعة بشكل أو بآخر، مثلها مثل مجزرة جمعة "الشهيد" أو "الشهداء" بصعاء التي سميت فيما بعد بجمعة "الكرامة" حيث منحتنا النشوة الثورية المطلوبة، فاتكأنا على دماء الشهداء عموما، وكانت مجدية لنبني عليها خطاباتنا وافعالنا وتصعيداتنا الثورية ضد علي عبدالله صالح السلمية وغير السلمية.
.
ونحن هنا عندما نتحدث عن سلوك مبارك تجاه ثورة الشعب المصري، واستجابته للجيش، والاستسلام للقضاء، يتبين لنا أن الرجل – رغم ضعف موقفه - كان على يقين أن لا أحد يستطيع إدانته وفقا للقانون، بغض النظر عما اذا كان قد اجرم فعلا بحق المصريين أم لا ، باعتبار ان معظم لناس ربما يعلمون الحقيقة لكنهم لا يستطيعون اثباتها.
.
الشاهد في الأمر أنه يجدر بالإخوان اليوم أن يكون سلوكهم اقوى وأقوم من سلوك مبارك بالأمس، سيما بعد ما ساهموا بفاعلية كبيرة في بنجاح ثورة يناير، وتمكنوا من الوصول الى السلطة وممارستها خلال عام يتيم خفيف، لا يمكن مقارنته بثلاثة عقود ثقيلة، غير أن المحبط والمفجع هو ما نراه ونعلمه اليوم من توراي لقيادات الاخوان في مصر، أو محاولة خروجهم منها لبلدان الجوار، بشكل مغاير لفعل مبارك من جهة، ويتنافى من جهة أخرى مع تسويقنا لأنفسنا كمشاريع شهداء في سبيل الحق، بينما لا نقبل من أجل ذات الحق أن نكون مجرد سجناء، وهو بلا شك الفعل الذي قد يضعف قضية الاخوان عالميا، ويبعث اليأس والخذلان في نفوس أنصارهم مصريا، وعربيا، وربما اسلاميا إذا افترضنا ان لروح وقيم الإسلام علاقة بما يحدث.