السبت, 31-أغسطس-2013
صنعاء نيوز - القول إن الأجهزة الأمنية قد أسهمت بعديد وسائل في تعظيم تواجد وحضور جماعات الإسلام السياسي في المشهد العام والحياة السياسية طيلة أربعة عقود؛ أمر لم يعد غائباً صنعاء نيوز /بقلم/ محمد عبدالوهاب الشيباني -


القول إن الأجهزة الأمنية قد أسهمت بعديد وسائل في تعظيم تواجد وحضور جماعات الإسلام السياسي في المشهد العام والحياة السياسية طيلة أربعة عقود؛ أمر لم يعد غائباً عن اذهان الدارسين والباحثين في شئون الجماعات، فمثل هذا عمل للأجهزة الأمنية تأسس على خبرة وأثر (الاستخبارات الإنجليزية) التي اسهمت في تقوية جماعة الاخوان المسلمين التي نشأت في الحافة الجغرافية لواحدة من أهم قواعد الجيش البريطاني في الشرق الأوسط أواخر العشرينيات، وهي مدينة الاسماعيلية، لأنها (أي الاستخبارات الانجليزية) ارتأت في تبني جماعة دينية محافظة تستقطب إلى حاضنتها صغار المتعلمين من ابناء الفقراء والحرفيين والفلاحين في الارياف وهوامش المراكز الحضرية والمدينية كالقاهرة والاسكندرية، سيساعد على وجود قوى توازن جديدة تسهم في اضعاف الاحزاب الليبرالية واليسارية والمكونات الوطنية الاخرى المناهضة للاستعمار الانجليزي التي مهدت لها، وقوتها ثورة 1919 واتخذت من المركز (العاصمة) حاضنتها الجغرافية ومخزونها البشري من ابناء الطبقات البرجوازية ،والطبقة الوسطى الحاصلين على قدر من التعليم الحديث خارج المدارس الازهرية ودور المعلمين العليا آنذاك، التي صارت نافذة حيوية للفئات الفقيرة من أجل التعلم.
المركز سيتحول إلى عدو مستبطن لهذه الفئات، بما يشغره من حراك وحركة، بما فيه الحراك السياسي الذي نُظر إليه من قبل هؤلاء بانه يختزل تعالي حامله الطبقي ووعائه الفكري الاستغرابي الذي يُستجلب من مساحة الجدل الفكري للمدرستين الليبرالية والاشتراكية بتمثلاتهما للمركزية الاوربية.
وحين نقلت الجماعة مركزها إلى القاهرة اواخر الثلاثينيات وتحديدا في العام (1938)، كانت قد بدأت فعلاً في عملية تحولها إلى جماعة سياسية لديها الرغبة في الحكم والسيطرة وفي سبيل ذلك بدأت تنجز مشاريعها في التحالفات السياسية مع القصر وأجهزته ومع خصومهم أيضاً، ولم يمض عقد من الزمن إلا والجماعة قد تحولت إلى طرف فاعل في التنازعات المباشرة بين القصر وخصومه لتدفع الثمن من دم مؤسسها حسن البنا، الذي تعرض لعملية تصفية اواخر الأربعينيات (فبراير1949) على خلفية قضية حل الجماعة وتصفية النقراشي باشا وبعده بسبعة عشر عاماً (اغسطس 1966)سيعدم أب روحي جديد للجماعة هو سيد قطب بعد ان انتهى شهر العسل بينه ونظام عبد الناصر.
وحين بدأت الحركة الطلابية اليسارية والقومية وقوى المجتمع الأخرى تعارض بضراوة نظام السادات بسبب توجهاته الاقتصادية والسياسية في الثلث الأول من السبعينيات عمدت الأجهزة الأمنية إلى تقوية الاتجاهات الإسلامية لإضعاف المعارضين؛ وعلى يد ذات القوى سيلقى السادات مصرعه في اكتوبر من العام 1981م أو ما عرف بحادث المنصة.
قبلها بقليل ستدخل الاستخبارات الأمريكية كراع كبير للمقاتلين الاسلاميين الذاهبين إلى جهاد القوات السوفيتية في أفغانستان، وستلعب الاستخبارات السعودية والباكستانية على مدى سنوات الثمانينيات وبعض من التسعينيات بتوفير الغطاءات المالية والسياسية اللازمة للجهاديين (من حركة طالبان الأفغانية والباكستانية والقاعدة) لتبدأ ارتدادات زلزال الحادي عشر من ايلول (وما أعقبها من مشروعات الحرب على الارهاب التي تبنّتها الولايات المتحدة في عهد جورج بوش الابن مع حلفائها في المنطقة) المتمثل في نشاط الجهاديين المحموم ضد الدولتين ومصالحهما وقاداتها.
اليمن التي لم تكن بعيدة عن هذا المشهد ستبدأ اجهزتها باكراً في احتضان القوى الاسلامية التي عرفت منذ اواخر السبعينيات باسم الجبهة الاسلامية في احداث المناطق الوسطى، حتى ان الشخصية الأولى في التجمع اليمني للإصلاح الآن كان ضابطاً كبيراً في جهاز الاستخبارات بالجمهورية العربية اليمنية ـ سابقا ـ الجهاز ذاته الذي سوف يستوعب العشرات من العائدين من أفغانستان في صفوفه بعد حرب صيف 94م ليشكلوا أكبر اختراق للجهاز راح ضحيته العشرات من الضباط في عمليات تصفية ممنهجة للكادر الأمني وعناصره الجنوبية بشكل واضح طيلة السنوات الأربع المنقضية، العناصر ذاتها التي سيستخدمها نظام صالح لابتزاز الغرب طيلة سنوات بما فيها تهريب الكثير من رؤوس تنظيم القاعدة من سجن الأمن السياسي في فبراير من العام 2006 قبيل الانتخابات الرئاسية حين تملكه الشك ان الولايات المتحدة تفكر جدياً في دعم منافسه فيصل بن شملان قبل ان يعمل بكل الطرق على نقل النشاط إلى المحافظات الجنوبية لخلط الاوراق في مجابهة الصوت القوي في الحراك السلمي.
الاستخبارات السورية عملت منذ العام 2003 (عام احتلال العراق) على تسهيل حركة انتقال الجهاديين إلى العراق في عملية ابتزاز للغرب او الدخول كطرف فاعل في اللعبة لاقتسام كعكة ما بعد الاحتلال لترتد عناصر جبهة النصرة ودولة العراق والشام وغيرهما إلى كارثة على النظام والشعب السوري طيلة فترة (الأزمة) المفتوحة على كل الاحتمالات.
منذ العام 2006 عمل نظام القذافي على عقد كثير من الصفقات مع العناصر القيادية من الجماعات الجهادية الليبية المفرج عنها من جوانتانامو ذات العناصر التي ستتولى قيادة المعارك لإسقاط النظام، ولعل نموذج (عبدالحكيم بالحاج) قائد المجلس العسكري لطرابلس واسقاط العاصمة ماثلاً أمامنا.
قبل ان يتوارى حزب البعث عن حكم العراق عمل نظام صدام على اغراق المجتمع المتعدد في حالة تدين ودروشة عجيبة، في محاولة يائسة لاستجلاب الجماعات الدينية إلى صفه في المعركة غير المتكافئة مع الغرب، ذات الجماعات التي تنسق معها عناصر بعثية عسكرية داخل مربع التصارع الدامي القائم الآن..!!.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 14-نوفمبر-2024 الساعة: 06:37 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-23276.htm