استطلاع/عبدالخالق البحري - مطالبة المرجعيات الدينية وكافة العلماء والخطباء والأكاديميين القياد بدورهم في تنوير وتحصين الشباب
العداء العقائدي والخلافات المذهبية أسهم في زعزعة الأمن والاستقرار
الإرهاب عقبة كبيرة أمام مسيرة البناء والتنمية
المطالبة بضرورة إيجاد منظومة عمل متكاملة لمكافحة خطر المنظمات الإرهابية في اليمن
مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف:
الدين الإسلامي دين محبة وسلام وإخوة ووئام لا يقبل أي نوع من الإجرام
العمليات الإرهابية تقتل الأبرياء وتقضي على الأطفال والنساء وتؤثر على الأمن والاستقرار والتنمية
قوافل من العلماء تجوب جميع محافظات الجمهورية لمحاربة التطرف ونشر الخير والوسطية والتسامح
مدير عام العلاقات والتوجيه بوزارة الداخلية:
اليمنيون جميعاً ضد القتل واستهداف الأبرياء
أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء:
"القاعدة" والمنظمات الإرهابية خطر على المجتمع ومواجهته مشروعة بالإجماع
د. محمد عبدالملك المتوكل:
إذا توفرت الدولة المدنية الديمقراطية العادلة سينتهي العنف وسيحترم القانون والدستور
الكاتب والمفكر السياسي عبدالباري طاهر:
الفقر والأمية والبطالة وعدم الاستقرار أسباب انتشار خطر القاعدة والمنظمات الإرهابية في اليمن
اليمن من أكثر بلدان العالم احتياجاً للدعم والمساندة في مواجهة المنظمات الإرهابية
د. عادل الشجاع:
الجامعات والمعاهد والمدارس الخاصة أصبحت ملاذا آمنا ووكراً أساسيا لانتشار وتوسع الجماعات الإرهابية
العمل على وضع إستراتيجية ثقافية لتشكيل رأي عام وطني حول مخاطر الإرهاب على الوطن
المنظمات الإرهابية تعيش في الظلام والتعاطف الشعبي يزيد من خطرها
المقدمة:
تعارض الإرهاب مع أحلام اليمنيين في السلام والعدالة والاستقرار.. ومع حلم بناء الدولة المدنية الحديثة والذين ناضلوا من اجلها منذ نصف قرن.. وتطلع إلى نشر الوسطية والاعتدال ونبذ العنف والتطرف والإرهاب..
"القاعدة" والمنظمات الإرهابية لا تزال تشكل خطر كبيراً في اليمن وكبدتها خسائر مادية وبشرية كبيرة, زاد من تفاقم الخطر التعاطف الشعبي والفقر وارتفاع نسبة الأمية والبطالة والاختلالات الأمنية.
وجهت الدولة ضربات موجعة للعديد من العناصر القيادية لتنظيم القاعدة، إلا أن الخطر لا يزال قائم..
عدد من الأكاديميين والكتاب التقتهم لـ"صنعاء نيوز" أكدوا على أهمية تفعيل وتوحيد الخطاب الديني، ووضع إستراتيجية ثقافية متكاملة وشاملة لتشكيل رأي عام وطني للحد من خطر التنظيمات الإرهابية.. ولمعرفة المزيد عن خطر تنظيم القاعدة والمنظمات الإرهابية وكيفية التعامل معها في التفاصيل التالية:
جهود مشروعة
الدكتور حمود صالح العودي أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء يقول: يسعدني الحديث إلى صحيفة الثورة الغراء عن واحدة من أهم القضايا الماثلة في المشهد السياسي والوطني والأمني الهام في اليمن وغير اليمن..
وهي قضية الإرهاب بشكل عام وما يعرف باسم القاعدة على وجه الخصوص ومن منطلق اهتمامي واختصاصي بجانب اجتماعي بالدرجة الأولى استطيع القول بأن هذه الظاهرة المحلية والإقليمية والدولية هي من اكبر الأخطار المهددة للأمن والاستقرار المحلي والإقليمي والدولي أيضا.. ومن اعقد المخاطر التي يصعب التعامل معها بالنظر إلى أنها تتركز على أبعاد عقائدية بحتة، وبالتالي فإن كل الجهود التي تبذل لمواجهة هذا الخطر هي جهود مشروعة لمحاربة هذا الخطر على كل المستويات، ولا خلاف في ذلك وضمن الإجماع المحلي الدولي غير إن الغائب أو المغيب في هذه القضية هو:
أولا: عدم تعريف الإرهاب بشكل موضوعي وعلمي دقيق، بحيث يمكن إن نميز بين ما هو إرهاب وما هو حق في الدفاع عن النفس أو الحق المدني والوطني، فكثيراً أما يتم طبقاً لهذا الفهم غير المحدد للإرهاب إسقاط الكثير من مظاهر السلوك والتصرفات السياسية والاجتماعية والعسكرية بين إطراف الصراعات المختلفة باعتبارها إرهابا.. فكل من يختلف مع طرف آخر هو إلا يتردد في أن يصبغ عليه مفهوم الإرهاب لمجرد انه يعارضه في الرأي أو الموقف أو ينازعه حقاً أو سلطة بحق أو بدون حق.
ثانياً: في هذه القضية التي ينبغي تحديده وتعريفه هو أهمية البحث عن الأسباب الموضوعية المباشرة وغير المباشرة لبروز هذه الظاهرة وتمددها الإقليمي والدولي، فالمعروف أن الجذور التاريخية قد بدأت في الثمانينيات من القرن الماضي في إطار الصراع الذي دار في أفغانستان بين طرفي الصراع الدولي (الاتحاد السوفيتي وقتها من جهة والمعسكر الغربي من جهة أخرى) وقد استخدم الكثير من شباب العالم العربي والإسلامي في عملية الصراع المباشر في أفغانستان وتدخلت في تنظيمه وتوليه دول إقليمية ومن ورائها دفع وتشجيع غربي بدرجة رئيسية بحجة مواجهة الشيوعية التي تتناقض مع الإسلام في نصرهم ودارت معركة الصراع في أفغانستان على هذا الأساس وتمت التعبئة لكل الأفكار المتطرفة من طالبان والقاعدة وغيرها استناداً إلى هذه البداية..
وبعد أن حسمت الحرب في أفغانستان لصالح المعسكر الغربي كان هناك عشرات الآلاف من هؤلاء الشباب داخل وخارج أفغانستان والوطن العربي اللذين لم يعد لهم مهمة جديدة يؤدونها بنفس الفكر ونفس الطريقة.
بينما هم في أعماقهم كانوا وما يزالوا يعتقدون بأنهم يقومون بأعمال مقدسة لخدمة الإسلام والمسلمين وحينما تنكرت لهم النظم السياسة الإقليمية والدولية التي لم يكن يفيدها الإسلام ولا غيره إلا مصالحها السياسية... ومن هنا وجد هؤلاء الشباب انفسهم في موقف من فرضت عليه الخديعة ومن لم يعد له مقر من إن يواجه كل من يخالفه في الرأي أو الموقف أو السلوك بكل الوسائل وأولها العنف باعتبار رأيهم يعتقد أنهم أكثر من يفهم الإسلام ورسالته.. ومن هنا جاءت المشكلة خصوصاً مع عدم حل مشاكلهم وإعادة تأهيلهم وتوفير فرص الحياة الطبيعية والمنطقية أمامهم.
ثالثاُ: إن المناخ السياسي العام في الإطار الإقليمي عربياً وإسلاميا بل ودولياً قد شهد مع بداية الألفية درجات حادة من الصراعات والحروب والفقر والتخلف الذي عانت منه أجيال الألفية الجديدة، وهذه الأسر تضيق أمامها اليوم كل فرص الحياة المتعلقة بالحقوق الاجتماعية والمدنية والمعيشية، الأمر الذي دفع بهم إلى أن يجدوا في هذا المناخ المتعصب والمتطرف باسم الدين وباسم الإسلام بيئة بديلة يحققون من خلالها ذواتهم ومكانتهم باعتبارهم مجاهدين في سبيل الله ومقاومين لأشكال الظلم والكفر كما يدعون على مستوى أوطانهم الإقليمية والدولية..
رابعاً: في تقديري إن المواجهة الحقيقية لوضع حد لهذا الخطر الداهم يبدأ أولاً بفهم هذه الخلفيات التي ظهرت أو برزت من خلالها هذه الظاهرة والاعتراف بأن النظم السياسية المحلية والدولية قد تسببت في وجود هذه الظاهرة أكثر من غيرها..
خامساً: أن نعمل كل النظم السياسية المحلية والدولية على استئصال جذور هذه المشكلة عن طريق الاهتمام ببرامج التنمية والتطوير الاجتماعي الكفيل بالحد من الفقر والقضاء على البطالة وتوفير فرص الحياة الكريمة وتحقيق العدالة الاجتماعية لأن مثل هذه الإجراءات ليس من شأنها أن تغير أوضاع مثل هذه الجماعات لتعيدها إلى مسار السياق الاجتماعي السوي والاندماج في المجتمع فحسب بل أن ذلك هو حق من حقوق هذه الشعوب والمجتمعات بشكل عام إن تعيش في إطار من المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية وفرص العيش الآمنة والكريمة لان هذه المعركة هي المعركة الحقيقية لكل مشكلة أو ظاهرة الإرهاب...
وبدون أن يمنع ذلك من العمل على مواجهة أشكال العنف والإرهاب غير المشروع الذي يصدر عن مثل هذه الجماعات بكل الوسائل الممكنة بما في ذلك الوسائل الأمنية وحسب الرأي العام وتبصيره بمخاطر هذه الجماعات وجعله يشكل ظهيراً دولياً لأجهزة الأمن والقضاء في مواجهة هذا الخطر.. بل وحماية أنفسهم وأبنائهم منه.. وهذا هو ما يمكن التعامل به مع هذه الظاهرة وعدم الاقتصار على البعد الأمني فقط.. لان هؤلاء الناس هم في الأصل ضحايانا بالأمس كما أصبحنا ضحاياهم اليوم وفين يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..
غياب الدولة
الدكتور محمد عبدالملك المتوكل الأديب والكاتب السياسي يقول انه لا توجد الدولة المدنية الديمقراطية العادلة والتي شعارها فإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل..فإذا توفر ذلك لم يكون هناك أي عناصر تمارس العنف أو تخرج من سيادة القانون والدستور. وإذا وجدت فالدولة قادرة على وضع حد لها..
ويجب أولا أن تكسب الدولة الشعب الذي هو قادر على حماية نفسه ومجتمعه، وبدون العدل لن يتم شيء وكما قيل عن عمر ابن الخطاب أمير المؤمنين عندما قيل له حكمت فعدلت فأمنت فنمت..
ويعتقد الدكتور المتوكل بأنه يجب لبناء الدولة المتماسكة الاتفاق على أسس بناء القوات المسلحة والاتفاق أينما تتموضع وكيف يمكن اختيارها لتشمل كل مناطق اليمن بمعايير واضحة ومحددة وفصلها عن كل القوى السياسية والأحزاب لتصبح جيش لليمن وان يكون لدينا القضاء المستقل العادل والذي بدونه تعيش البلد في مسبعه ووحشة، والشيء الآخر تصحيح أوضاع الدستور وسيادة القانون ثم الاتفاق على انتخابات حرة ونزيهة وعادلة ومتكافئة وبهذه الإجراءات يتم إنشاء الدولة المدنية التي تحرر اليمن من كل مشاكلها..
ويرى الدكتور المتوكل أن أعضاء مؤتمر الحوار يجب أن يشغلوا أنفسهم بالإعداد لبناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة..
حماية شعبية
من جانبه يري الدكتور عادل الشجاع أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء أن اليمن تراجعت بشكل كبير في مواجهة الإرهاب نتيجة الاختلالات الأمنية، خاصة ونحن نعلم أن تنظيم القاعدة والمنظمات الإرهابية تنشط دوماً في البلدان التي يوجد بها اختلالات داخل الأجهزة الأمنية ويقع على عاتق الأجهزة الأمنية دور كبير في مواجهة هذه التنظيمات خاصة أنها أصبحت في اليمن لا تعتمد على التنظيم الهرمي الذي يسهل تفكيكها ولكنها تعتمد على التنظيم العنقودي الذي يعتمد على تنظيم الجماعات الصغرى هنا وهناك ولا يمكن مواجهة التنظيمات الإرهابية بالطرق الأمنية فقط وإنما ينبغي أن يكون هناك حماية شعبية، وللأسف الشديد كثيرا من مناطق القبائل يتم التأثير عليها من قبل هذه الجماعات تحت مبرر الدفاع عن الدين الإسلامي من قبل الهجمة الشرسة من قبل الغرب..
إضافة إلى ذلك أصبحت المدارس وخاصة المدارس الخاصة منها تشكل ملاذاً أمنا لهذه الجماعات، حيث لا توجد رقابة من قبل وزارة التربية والتعليم على هذه المدارس، فالغالبية العظمى منها لا تدرس سوى الحلقات الدينية وتمارس التمارين الرياضية الصباحية مستخدمة الفاض دينية بدلاً عن الألفاظ الرياضية..
والحديث عن الجماعات الإرهابية ومواجهتها يضل قاصراً ما لم تعمل على إغلاق البؤر المولدة للإرهاب مثل الجامعات الخاصة المعروفة بمخرجاتها وكذلك المدارس الخاصة والمعاهد التابعة للجماعات صراحة في كل من مأرب وصعدة ويريم ومعبر وتعز وبعض المحافظات الأخرى.. إضافة إلى ذلك تشكل مدارس تحفيظ القران وكراً أساسيا لنشاط هذه الجماعات، وقد رأينا في الآونة الأخيرة هذه الجماعات تفتح مدارس لتحفيظ القران في أقصى القرى النائية التي لا تتوفر فيها مدارس للتعليم الأساسي الحكومي..
إستراتيجية ثقافية
وعن إمكانية تشكيل رأي عام جماهيري وشعبي لمواجهة خطر تنظيم القاعدة والمنظمات الإرهابية لابد من وضع إستراتيجية ثقافية تتبناها الوزارات المعنية والمتمثلة بوزارات "الثقافة، الأوقاف والإرشاد، الإعلام، التربية والتعليم" لتشكيل رأي عام حول مخاطر الإرهاب على الأمن القومي والاقتصاد الوطني وعلى سمعة البلد.. كما لابد أن تشارك الأحزاب السياسية لتنفيذ هذه الإستراتيجية الثقافية، وتقوم بدورها خاصة في أواسط الشباب لإيجاد وعي عام وطني قادراً على مواجهة الأفكار المتطرفة..
ويشير الدكتور الشجاع إلى أن اليمن لا تزال عضواً في النظام الدولي والذي اتفق على مواجهة التطرف والإرهاب وكانت اليمن قد خطت خطوات متقدمة ما قبل 2011م ووجهت الأجهزة الأمنية ضربات موجعة سميت هذه المواجهة حينها بين الأجهزة الأمنية اليمنية والمنظمات الإرهابية بأنها مواجهات كسر العظم، ولكن بعد العام 2011م حصلت اختلالات أمنية ليس في اليمن فحسب وإنما في المنطقة العربية بشكل عام وتسللت الكثير من العناصر الإرهابية إلى اليمن واستطاعت أن تعيد نشاطها وتنظيم صفوفها من جديد. فلا يوجد تعاضد أو تعاون شعبي مع الجهات الأمنية لمواجهة الإرهاب لان الجماعات الإرهابية تعيش دوماً في الظلام وإذا لم تجد مساندة شعبية لا يمكن لها أن تعيش في أي منطقة من المناطق، لذلك هناك تعاطف شعبي مع هذه الجماعات الإرهابية وهو ما حدث في أبين والبيضاء ورداع وحضرموتـ، وما يجري في مأرب ونسمع هذه الأيام عن انتشار لتنظيم القاعدة في مديرية العدين بمحافظة اب تحت مرأى ومسمع من المواطنين في هذه المناطق نتيجة لضعف تواجد الدولة بسبب مشاغلها في الخلافات السياسية القائمة بين الأحزاب السياسية.
تعاطف شعبي
ويؤكد أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء أن خطر القاعدة في اليمن ما زال قائماً نتيجة للأخطاء الكبيرة التي ترتكبها الطائرات الأمريكية بدون طيار حيث يذهب ضحيتها من المواطنين أكثر من عناصر تنظيم القاعدة.. وهذا يخلق تعاطفاً شعبياً مع تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى أن الأمريكيين في كثير من ضرباتهم لا ينسقون مع الأجهزة الأمنية اليمنية، مما يضعونها في موقف محرج ويعرضونها لخطر الانتقام، ومع ذلك فأن ما تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية من دعم لمواجهة الجماعات الإرهابية في اليمن لا يساوي 1% مما تقدمه في باكستان، وهذا القصور يشجع تنظيم القاعدة والمنظمات الإرهابية من الاستقواء وإعادة تنظيم صفوفها بشكل أكثر قوة..
ونحن نلاحظ أن العمليات الإرهابية قد حرمت اليمن من ملايين الدولارات التي كانت تدخل عن طريق السياحة والتي كانت ترفد خزينة الدولة بما نسبته 40% تقريباً، إضافة إلى ذلك أصبحت اليمن من الدول الخطرة فقد ارتفعت تكلفة بوليصات التأمين البحرية بشكل كبير أيضا.. وتنظيم القاعدة كما هو معروف تنظيم دولي لا يمكن لأي بلد في العالم مهما كانت قوته أن يواجه هذا التنظيم بمفرده لذلك لابد ان تكون اليمن مع بقية شركاء النظام الدولي في مواجهة هذا التنظيم..
داء وبيل
بينما يرى المحلل والمفكر السياسي الأستاذ عبدالباري طاهر بأن الإرهاب داء وبيل ينتشر كأي وباء وينتشر في البيئة الملائمة لانتشار هذا الوباء، فلا بد قبل مواجهة الإرهاب والمنظمات الإرهابية بالإجراءات الأمنية أو بالقوات المسلحة أن نعالج الخلل والأسباب الأساسية لانتشار هذا الوباء، ولا شك أن الفقر وعدم استقرار الحياة المعيشية والبطالة والأمية بمعنييها الأبجدي والمعرفي من الأسباب الأساسية لانتشار الوباء ويأتي أيضا التربية والمناهج التعليمية التي تعلم أو تدرس العصبيات الجاهلية وتعلم الناشئة التكفير والتخوين والتفسيق والتأثيم، أيضا أسباب جوهرية إذا ما قرأنا مناهج التربية والتعليم في اليمن من دور الحضانة وحتى ما بعد الجامعة فسنلاحظ أن هذه المناهج معبئة بالتكفير والتخوين وتجرم الرأي المخالف وجميع الملل والنحل ما عدى الفرقة الناجية وسنلاحظ أيضا أن خطاب المسجد بعموم مساجد اليمن يعض بالويل والثبور ويجعل الحرام هو الأصل والحلال هو الاستثناء ويكفر ويؤثم المخالف..
أيضاَ الخطاب الرسمي هو الأخر لا يخلو من التخوين والتكفير، فهناك قسوة في الحياة بسبب الفقر والجهل والأمراض المتفشية وهناك تعليم أيضا كلها تدفع الناس إلى مزيد من التعصب والتشدد ورفض التسامح..
وأشار الأستاذ عبدالباري طاهر إلى انه لا شك أن التركيبة القبلية بأفقها الضيق وعصاباتها تسهم في تفشي هذا الداء، فنحن أمام تركيبة مجتمعية تستند إلى القبيلة والى العصبيات الطائفية وتغرس الفتن والحروب التي هي البيئة الأكثر ملائمة للإرهاب.. ولو ستقرئ الأوضاع في اليمن في الصومال والمملكة العربية السعودية والأفغان والباكستان لرئينا أن هذه البيئات أكثر ملائمة لإنتاج هذا الوباء. فلكي نكافح هذا الخطر فلا بد من إصلاح المناهج وخطاب المسجد ومعالجة العصبيات القبلية والجاهلية وخلق بيئة متفتحة ومتسامحة وعقلانية في حياتنا العامة.. أما أن نكتفي بالطائرة بدون طيار أو بالقوات المسلحة والأمن فلن نستطيع معالجة هذا الداء.. ولن تكون المعالجة إلا بإصلاح معيشة الناس وأمنهم وسلامهم وضمائرهم العقلية والروحية والتي أساسها المعرفة والعلم.. ولا شك بأن اليمن من أكثر البلدان احتياجاً إلى العون والمساعدة وبالأخص من دول الجوار وبأكثر خصوصية من المملكة العربية السعودية والأمريكان الذين يتحملون المسئولية الأدبية والأخلاقية في نشر وغرس هذا النبت في الأراضي اليمنية.. ولا ننسى التجنيد لأفغانستان والشيشان والعراق وحالياً سوريا وكل هذه الأطراف متورطة في هذا التجنيد.. فالإعلام للأسف الشديد ضالع في الخطاب المتعصب المكفر والمخون، فهو إلى جانب التربية والتعليم وخطاب المسجد يتحمل مسئولية كبرى في نشر هذا الوباء، فيجب أن يكون هناك تغيير جذري في خطاب المسجد وخطاب الأحزاب كلها وخطاب الإعلام والتركيز على ما ينفع الناس وعلى نشر مبادئ العدل والحرية والتسامح التي هي جوهر الديانات كلها وبالأخص في الدين الإسلامي الحنيف.. فاليمن ضحية لأطراف دولية في الصراع الدولي الذي جند هؤلاء الشباب الأغرار قم قذف بهم إلى الكوارث فهم في نهاية المطاف ضحايا وجلادين في نفس الوقت.
"الإسلام" دين محبة وسلام
الشيخ/ جبري إبراهيم حسن مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف والإرشاد يقول بأن الدين الإسلامي دين محبة وسلام وأخوة ووئام ولا يرتضي أي نوع من أنواع الإجرام ولذا حرم قتل الأنفس بجميع أنواعها المؤمن والكافر والفر الفاجر وحتى الحيوان وأوجب على من يفعل ذلك النار، وقال تعالى "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" وقال عليه الصلاة والسلام: "دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي التي أطعمتها ولا هي التي تركتها تأكل من حشاش الأرض".. "والأنفس بنيان الله لعن الله من هدم بنيانه" ويقول عليه الصلاة والسلام لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حرام.. وبهذا المنطلق لا يجوز الاعتداء على الأنفس والأرواح بل ذلك حرام بنص الكتاب والسنة.. وقد قال عليه أزكى السلام وهو في حجة الوداع أن دمائكم وإعراضكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في عامكن هذا، إلا هل بلغت اللهم فاشهد.. وقال عليه الصلاة والسلام "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" وقال صلى الله عليه وسلم "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" وقال صلى الله عليه وسلم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، ودين الإسلام دين سلام والجنة الموعود بها دار السلام وتحية المسلمين السلام وهو دين سلام دائم..
"الإرهاب" قتل الأبرياء
ويشير مدير عام الوعظ والإرشاد إلى انه لا شك أن العمليات الإرهابية تقتل الأبرياء وتقضى على الأطفال والنساء ولها تأثيراتها السلبية على الأمن ولاستقرار وعلى اقتصاد البلد.. ولا شك أيضا أنها تعطى صورة سيئة عن الإسلام والإسلام بريء من ذلك.. والواجب على خطباء المساجد والدعاة أن يبينوا للناس وان يوضحوا هذا الدين وان يمسحوا عن الدين ما علق به من آثار هؤلاء الناس وان يبينوا موقف الدين منهم خاصة وان الأدلة واضحة ناصعة.. هذا واجبهم والله يقول: وإذا اخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه" وقال تعالي أن الذين يكتمون ما انرلنا من البيان والهدى من بعدما بيناه للناس، أولئك الذين يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون" وان يحذروا المجتمع من أن تنتشر هذه الآفة في أوساطهم.. ولا شك أن الإرهاب والتطرف يؤثر على امن واستقرار البلاد وإثارة الفتن والمشاكل بين الناس ويهدد اقتصاد البلاد.. ولاشك أن لوزارة الأوقاف والإرشاد قوافل من العلماء إلى جميع محافظات الجمهورية كافة لمحاربة التطرف ولنشر الخير والمحبة والعدالة الوفاق وتبصير الناس وكذلك تقوم بإصدار التعاميم على خطباء الجمهورية لتناول في خطابهم جميع القضايا الوطنية..
قوافل من العلماء
ويستطرد القاضي جبري قائلاً: نحن بحاجة إلى نشر الثقافة الدينية الوسطية والاعتدال في أوساط المجتمع جميعاً والحاجة إلى الأربطة الدينية، المدارس الدينية التي تصقل النفوس وتزكيها وتطهرها من كل الأدناس وتملأها بحب الله ورسوله وحب الوطن والدفاع عنه.. والحاجة أيضاً إلى علماء ربانيين يكون همهم إرضاء الله تعالى ونشر الخير في الوطن كله.. وتعزيز دور المؤسسات التربوية والتعليمية في المدارس والجامعات والمعاهد والجامعات إلى منهج تربوي ينشر في أوساطهم الوسطية والاعتدال وحب الله تعالى وحب الوطن والاندفاع إلى عمل الخير ومحاربة الشر، وأهمية تفعيل دور الأندية ودور الشباب التي تصقل عقول الشباب وتنور طريقهم وتشغل فراغهم وتزرع فيهم حب الله ثم حب الوطن.. وأيضا تحتاج إلى جهة رقابية وإشرافية لتفادي كل السلبيات ولنزيد من الايجابيات ولنحمي البلاد من الشر قبل وقوعه..
"القاعدة" شوه الإسلام
ويفيد خطيب الجامع الكبير بالروضة حسين احمد السراجي بأن القاعدة والمنظمات الإرهابية وباء أصاب الأمة الإسلامية في مقتل ززع أمنها واستقرارها وفكك نسيجها الاجتماعي وقضى على معالم التسامح والتعايش بين أفرادها ولم يحقق للإسلام شيء مما يزعم باستثناء انه شوه صورة الإسلام الناصعة وافقدنا أفغانستان والعراق والكثير من الدول التي انتشر وتوسع فيها.. وبدلاً من المطالبة بفلسطين صرنا نواجه هذا الوباء الذي استفحل شره وهدد مقدرات الأمة وأعطى المبرر لاستباحتها براً وبحراً وجوا.. وحتى نهب الثروات بزعم مكافحة الإرهاب، والمشكلة أن من يعاني منه ويزعم محاربته يدعمه ويصدره بدلالة ما يحدث في سوريا من حشد هذه الجماعات من كل بقاع الأرض باتجاه سوريا.. والدول العربية وحتى اليمن تقف عاجزة إمام هذا الوباء نظراً لضعف أجهزتها الأمنية ووجود قول متطرفة في السلطات العربية والإسلامية، مؤكداً بأن المرجعيات الدينية وكافة العلماء والخطباء لو استشعروا خطورة هذا الأمر لقاموا بالدور التوعوي المنوط بهم ولكن الملاحظ أن العداء العقائدي والخلافات المذهبية تلعب دوراً سلبياً لتغذية هذه الجماعات بحجة الصراعات المذهبية والخصومات العقائدية
إعاقة التنمية
ويؤكد خطيب الجامع الكبير بأن الإرهاب في اليمن يمثل العقبة الكبرى أمام مسيرة التنمية والبناء حيث دمر السياحة وهدد الاقتصاد الوطني الأمر الذي ينافي مصالح البلاد والعباد كما اقتضتها الشريعة الإسلامية الغراء.. والمطلوب إيجاد منظومة عمل متكاملة تبدأ بالمجهود الرسمي حكومياً وإعلاميا بكافة وسائله بالتناسق والتناغم مع الدور العلماني للمرجعيات وخطباء المساجد وحتى منظمات المجتمع المدني لإيجاد رؤى فاعلة مجتمعياً تقوم بدورها في توعية كافة أبناء وشرائح المجتمع ولا يفوتني أيضا التأكيد على دور النخب السياسية والثقافية والأكاديمية في إقامة الدور المفترض من الجميع لتحصين المجتمع وأبنائه من الانزلاق في مهاوي التطرف والإرهاب.. وهناك أيضا دور يمكن أن تقوم به وزارتي الأوقاف والتعليم في تشغيل قناعات الجماهير والناشئة "التعليم" والطلاب في الجامعات والمدارس لمعرفة الخطورة الكامنة وراء هذا الوباء..
ضرب السياحة
مدير عام العلاقات والتوجيه بوزارة الداخلية الدكتور محمد القاعدي بدوره أفاد بأن الرأي العام المواجه للقاعدة والمنظمات الإرهابية موجود، واليمنيون جميعهم ضد القتل واستهداف الأبرياء، فالناس جميعا يدينون أعمال العنف والإرهاب من قبل أي جهة كانت، لكن إذا كان القصد هو القيام بدور أكثر إيجابية في محاربة الإرهاب فذلك ما هو مطلوب من جميع المواطنين، لأنه لا يكفي أن ندين أو نستنكر أعمال القتل والإرهاب فقط، بل علينا أن نتعاون مع أجهزة الأمن من خلال تقديم المعلومة الصادقة والصحيحة حول كل ما من شأنه الإخلال بالأمن واستقرار البلاد ومن ذلك أعمال العنف والإرهاب التي ترتكب بين حين وآخر..... ومخاطر القاعدة والمنظمات الإرهابية على الأمن والاستقرار والتنمية واضحة للعيان ولم تعد أعمال الإرهاب مقتصرة على الخطر بل صارت ضررا حقيقيا فهي جرائم خطر وجرائم ضرر إذا ما تم تنفيذها وكم من أضرار جلبتها العمليات الإرهابية على اليمن، سواء من خلال إحجام الشركات الاستثمارية عن العمل في اليمن من خلال ضرب السياحة أو التأثير على سمعة اليمن في الخارج أو غير ذلك.....
مطب وطني
ويقول مدير عام العلاقات والتوجيه إن بناء الدولة اليمنية الحديثة شعار طيب ومطلب وطني، لكنه مازال كهدف أو شعار يردد لدى كثير من الناس، والواقع أن هذا الهدف الرائع لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل أمن واستقرار وفي وجود إختلالات أمنية كثيرة يصعب تحقيق دولة النظام والقانون، والعمليات الإرهابية التي تنفذ في اليمن تضرب الأمن والاستقرار وتضرب اقتصاد البلاد في مقتل، ناهيك عن الآثار التي تخلفها على الأسرة والمجتمع، سيما وأن العمليات الأخيرة توجه إلى الأبرياء بشكل مباشر سواء كانوا من القوات المسلحة والأمن أو من غيرهم لأجل ذلك ولمواجهة خطر الإرهاب فإن الوضع يحتاج إلى تبني إستراتيجية واضحة وشاملة يشارك فيها كل فئات المجتمع الرسمية والحزبية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني وذلك لمعالجة كافة جوانب المشكلة بعد معرفة مسبباتها وتفاصيلها، وبالتالي التعاطي معها على أنها قضية وطن ومصير..
|