صنعاء نيوزبقلم:د.كامل خالد الشامي -
لسنا بحاجة إلي تأملات فلسفية عميقة حتى نفكر في أحوالنا التي نتكبدها مع إشراق شمس كل صباح,فالعالم من حولنا يتغير بسرعة وكيانات جديدة تنشأ بدل أخري والربيع العربي يلتهم الأخضر واليابس وما زال البعض منا يراهن عليه بشدة.
لقد تغيرت تونس واليمن, وليبيا والعراق ومصر وسوريا في الطريق. وتدفع الشعوب فاتورة الدم ومات من مات وقتل من قتل وذبح من ذبح وانهارت بيوت وقري وتهدمت مدن وتفجرت أسواق ومساجد وكنائس من أجل الربيع العربي الذي يأكل الأخضر واليابس.
وتشارك في الربيع الدموي الشعوب والجيوش والدول المجاورة والتنظيمات المرخصة والممنوعة ولا أحد يعرف من يطلق النار علي من , الكل يخسر أسرته وأطفاله وماله والكثير لا يستطيع البقاء ويرحل تاركا الجمل بما حمل يريد أن ينجو بنفسه وبأسرته من هذا الربيع المميت
عندما كنت أشارك في ندوة مع بداية انطلاق الربيع العربي الدامي وقلت أن الربيع العربي ليس في صالح الشعوب, انهال علي الحضور واتهموني بأني أتوافق في الرأي مع حركة فتح. إلي هنا.
ولكني كفلسطيني وبحسبة بسيطة أدفع ثمن الربيع العربي من لحمي ومن دمي فالمخيمات في سوريا يسيطير عليها مخترعو الربيع العربي. وفي العراق دفع الفلسطينيون حياتهم ثمنا لربيع عربي متقدم ومازال عدد منهم يعيش الويلات في مخيمات بين سوريا والعراق غير أولئك الذين هاجروا وتبعثروا بين البرازيل وتشيلي وقبرص و اندونيسيا واستراليا ناهيك عن أولئك الذين ابتلعهم البحر في رحلة عذاب مميتة والقصص في هذا المجال لا تنتهي.
نحن شعب ضعيف وعلينا أن نكون حريصين علي مصالحتا العليا وعلي شعوبنا ولا تسوقنا العواطف إلي أن نهلك ويهلك أهلنا المشتتين في أصقاع الأرض.
لكن مع هذه الحالة البائسة التي تحيط بنا من كل الجهات نحن لم نتغير ولم نتخذ الاحتياطات اللازمة لكي ننقذ أنفسنا من الهلاك القادم, ما زال الانقسام سيد الموقف, وما زال التراشق الإعلامي يدوي مثل الرصاص وما زالت الحريات ناقصة وغير مكتملة وما زالت غزة مقسمة بين الفئات والأحزاب وما زالت مؤسساتها تخضع لأحزابها, فالمواطن العادي مشلول التفكير وحائرا ولا يعرف ما الذي يفعله إزاء ما يراه أمام عينية.
لقد حان الوقت أن نصنع لأنفسنا ربيعا فلسطينيا بعيدا عن الدم والقتل وأن نعود لنكون شعبا واحدا ننضوي تحت لواء واحد , وأن نفكر بطريقة منطقية وعقلانية.
لقد حان الوقت أن تصبح غزة جزءا من وطن واحد لكل الفلسطينيين وأن تكون مؤسسات غزة لكل الفلسطينيين.
علينا أن نصنع لأنفسنا ربيعنا الفلسطيني قبل أن يصنعوا بنا ما صنعوا بالعراق وليبيا وتونس واليمن وسوريا.
بقلم:د.كامل خالد الشامي
أستاذ جامعي وكاتب مستقل
جامعة غزة
|