الجمعة, 25-أكتوبر-2013
صنعاء نيوز - الحديث عن علي عبدالله صالح محفوف بالمخاطر، خاصة وأن الرجل يتعرض لحملة تحاول النيل من إيجابياته في غمار انتقاد سلبياته. صنعاء نيوز/د. عــادل الشجــاع -
الحديث عن علي عبدالله صالح محفوف بالمخاطر، خاصة وأن الرجل يتعرض لحملة تحاول النيل من إيجابياته في غمار انتقاد سلبياته.. إعلام حزب الإصلاح والإعلام المناصر له والمدعوم منه يحاول الإطاحة بتجربة صالح ويحمله خطايا الكون ومشكلات الوجود، حتى ظن البعض أن مشكلات العالم يقف وراءها الرجل!! ولا غرابة في ذلك، فجماعة الإخوان المسلمين تُفرِط اليوم في تشويهه مثلما أفرطت في مديحه ونفاقه.. ويهمني هنا أن أسجل أن الأغلب الأعمَّ من الشعب اليمني وربما العربي قد نظر إلى الرئيس صالح عام 90 و 94 بأنه مبعوث العناية الإلهية لتحقيق الوحدة في الأولى، والحفاظ عليها في الثانية، وبأنه صانع جذوة الأصل بالنسبة للوحدة العربية وقائد للتحرر الوطني والسيادة القومية، من خلال مواقفه مع القضية الفلسطينية والحرب الإيرانية ضد العراق والقضية اللبنانية، وغيرها من القضايا التي تخصُّ العرب، وتحديداً ما يتعلق بمقترحه الخاص بانتظام القمة العربية وموقفه في قضية العراق والكويت.
وفور تسليمه للسلطة بشكل سلمي، مجنباً اليمن حرباً طاحنة فُتحت عليه النيران من كل اتجاه، فأطلق الزنداني رصاصته الأولى على حكمه ووصفه بالاستبداد، وهو الذي كان يصف الرجل بالخليفة السادس.. وما منعه من إطلاق هذا اللقب إلا أننا لا نعيش عصر الخلافة حد قول الزنداني.. وهناك الكثيرون ممن كانت أيديهم ترتعش وهم يسلمون على الرجل أيام حكمه ثم انقلبوا عليه.. وعلى الجانب الآخر خرج من معارضي صالح أيام حكمه من يدافعون عنه حتى الآن، لأنهم يدافعون عن المبدأ وليس الشخص.. وتلك قيمة تستحق التقدير لأولئك الذين دفعوا الثمن مرتين، مرة أثناء حكم صالح، والثانية بعد تسليمه السلطة.
ولست بحاجة للقول إن علي عبدالله صالح يملك شخصية كاريزمية، وله مكانة في تاريخ اليمن وتطوره السياسي.. لا شك أنه ظاهرة قومية استثنائية بجميع المقاييس، وهو قامة عالية في التاريخ اليمني الحديث.. شغل الناس وستظل فترة حكمه تاركة بصماتها على الأرض اليمنية والفضاء العربي، فلقد تمتع الرجل بشعبية ليس لها نظير بين فترات الحكم المختلفة.
ومثلما تحدثنا عن الإيجابيات لا بد أن نتحدث عن السلبيات.. فمن أكبر المآخذ عليه هو إحاطته بمجموعة من مراكز القوى الرافضة للديمقراطية واللامركزية.. صحيح أنه حاول أن يحقق الغاية الديمقراطية بسلسلة متزامنة من الانتخابات، ولكن دون وسائلها المعروفة أو إجراءاتها المعتادة، ولا أبالغ إذا قلت إن تصرفاته أثناء وبعد محاولة اغتياله وأركان حكمه بمسجد دار الرئاسة ستدرس بعد فترة في علم النفس التربوي كأنموذج لظاهرة تقديم المصلحة الوطنية على المصلحة الخاصة.
أما السلبية الثانية فتتمثَّل بتقريبه لجماعة الإخوان ومراكز القوى التقليدية على حساب قوى الحداثة..
المأخذ الثالث، أن الرجل جعل الزنداني يلعب دوراً محورياً حتى أثَّر على المزاج العام، حتى يمكن القول إن فترة صالح هي ظاهرة زندانية، حيث ظهرت جامعة الإيمان وفتحت المعسكرات لمواعظه.
أخيراً يمكن القول إن صالح يجسد في الضمير اليمني والعربي رمزاً شامخاً للكبرياء القومي، والعالم الغربي، لا يحب ويكره ولكنه يحترم أو يستخف، وما كان لسفير أي بلد مهما كان حجم هذا البلد أن يجلس أمام صالح وهو ماداً رجليه.
ذلك هو علي عبدالله الذي سيسجله التاريخ على أنه بطل أسطوري حقق الوحدة، ثم جاء من بعده ومزق اليمن إلى أكثر من إقليم.. لقد أغلقت العيون أمام رجل من سنحان غيَّر وجه اليمن، ثم ترك السلطة وخرج منها بماله وما عليه، ولكن صوره لا تزال معلقة على الحوائط الكالحة لمنازل الفقراء والمستضعفين في اليمن.. وقد يقول قائل إن الرجل أعطى للسياسية الخارجية أكثر مما أعطاه للداخل، فلن نختلف كثيراً عند هذه النقطة لأننا ندرك أنه كان مؤمناً بأن اليمن جزء من هذا العالم، لذلك حارب في العراق وجنوب لبنان، وناصر قضايا أمته في المحافل الدولية.. وإذا كان لي من ملاحظة فإنني أعيب عليه تهميشه للمثقفين وتحامله على حكم الأئمة، فإن ذلك كان خروجاً عن النص الحضاري.. وها هم اليوم يتعاملون معه ومع حكمه بنفس الطريقة.
*صحيفة اليمن اليوم
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 01:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-24430.htm