د . عبد الله الفقيه -
تناقلت الصحف والمواقع اليمنية نهاية الشهر الماضي خبر تعيين الولايات المتحدة للسيد جيرالد مايكل فيرستاين كسفير جديد لها في اليمن خلفا للسفير الحالي السيد ستيفن سش المنتهية فترة عمله. ومن المؤكد أن مهمة فيرستاين لن تكون سهلة في اليمن وخصوصا وان البلاغ الرسمي المنشور قد جمع الحرف الذي يختصر به اسمه الثاني مع الأسم الأخير فجاء الأسم الأخير في الخبر الرسمي "امفرستاين." والغريب ان الإسم الخطأ والذي لا وجود له في اي لغة قديمة أو حديثة قد مر على رؤوساء تحرير الصحف والمصححين اللغويين وفطا حلة التحليل السياسي دون ان يلحظه أي منهم. ومع أن خطأ كهذا يمكن أن يؤشر الى أزمة قائمة في العلاقة بين دولتين الإ انه عندما يتعلق الأمر باليمن والولايات المتحدة والتي اصبح من الصعب التفريق في علاقتهما بين وضع العلاقة الطبيعية ووضع الأزمة، فإن خطأ كهذا لا يمكن ان يفهم الا على أنه خطأ غير مقصود. وبالتأكيد فإن تصحيح هذا الخطأ لن يستغرق الكثير من وقت فيرستاين الذي كان آخر موقع دبلوماسي شغله قبل ترشيحه كسفير لأمريكا في اليمن هو نائب للسفير الأمريكي في باكستان. فالرجل يبدو مؤهلا بشكل جيد للمهمة القادمة وجاهزا للتعامل مع كل انواع البشر بما في ذلك القبائل والجماعات الإرهابية ووسائل الإعلام.
ويبدو واضحا من خلال السيرة الذاتية المقتضبة التي نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية في موقعها على الإنترنت لفيرستاين أن اختياره قد جاء ليشكل ليس فقط استمرارا لطغيان المخاوف الأمنية الأمريكية المتعلقة باليمن والتي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية ولكن ليعكس أيضا ارتفاعا مذهلا في ترمومتر تلك المخاوف. لكن الذي يبعث على الإطمئنان هو ان اختيار شخص السفير الأمريكي الجديد الى صنعاء قد عكس أيضا جدية ادارة الرئيس باراك أوباما في التعاطي مع الشأن اليمني واستعدادها التام للذهاب الى نهاية الطريق والقيام باي عمل من شأنه منع اليمن من مواجهة مصير مشابه لمصير الصومال والعراق وافغانستان والسودان.
ومع انه من السابق لأوانه الحديث عن السفير الجديد، الإ أن الشيىء المؤكد أن اليمنيين سيفتقدون كثيرا القفازات الناعمة التي كانت ترتديها السفيرة باربرا بودين. كما سيفتقدون كذلك الهدوء الذي يعمل من خلاله السفير المغادر ستفن سش والذي نادرا ما يظهر في وسائل الإعلام، واذا حدث وظهر فإن الخبر عادة ما يتعلق بلقاء في القصر الجمهوري أو مع وزير التنمية والتعاون الدولي أو مع د. رشاد العليمي. واذا كان الخبر الرسمي قد أشار الى ان السيد فيرستاين يمتاز بانه شخصية اجتماعية، فإن الشيىء شبه المؤكد هو ان صنعاء ستشهد في قادم الأيام الكثير من الضجيج ولن يكون لذلك الضجيج بالطبع علاقة بالحفلات الراقصة حتى الفجر التي ينظمها احد سفراء اليمن في الخارج تنفيذا للسياسة الخارجية لبلاده وتحقيقا لمصالحها.
وبالنسبة للسيد فيرستاين الذي بات يجمع بين خبرة صنع السياسة وتنفيذها، وهو بالضبط ما تحتاجه حالة مستعصية مثل الحالة اليمنية، فقد التحق بالخدمة في وزارة الخارجية الأمريكية في عام 1975 ، ومثل بلاده خلال خمس وثلاثين عاما في سبع دول من بينها القنصلية الأمريكية في القدس والتي عين فيها خلال الفترة من 1998 وحتى 2001. لكن الدولة التي خدم فيها فيرستاين بشكل متكرر هي باكستان حيث عين فيها لأول مرة بين عامي 1976 و1978، ثم عاد اليها مرة ثانية بين عامي 1989 و1992 ليعمل هذه المرة في مدينة بيشارو التي تعتبر العاصمة الإدارية لمناطق القبائل الباكستانية الواقعة على الحدود الباكستانية الأفغانية. وعاد فيرستاين الى الباكستان للمرة الثالثة ليعمل فيها نائبا للسفير الأمريكي. هذا بالإضافة الى عمله في تونس بين عامي 1983 و1985 وفي الرياض بين عامي 1985 و1987 ، وفي مسقط بين عامي 1995 و1998 ، ثم في بيروت بين عامي 2003 و2004.
أما في واشنطن فقد عمل فيرشتاين—الحاصل على بكالوريوس في الفلسفة من كلية البوينت بارك (تعرف الان بجامعة البوينت بارك) التي تقع في مدينة بترسبرج بولاية بنسلفانيا، وماجستير في العلاقات الدولية من جامعة دوك وزنس في بترسبرج ايضا— مديرا لمكتب الشئون الإقليمية في دائرة الشرق الأدنى، ومديرا لمكتب شئون باكستان وافغانستان وبنجلاديش ، ونائبا لمدير مكتب شئون الجزيرة العربية ، ومسئولا في القسم الخاص بالنيبال وباكستان ومصر، ومديرا للبرامج في مكتب المنسق لمكافحة الإرهاب. ومن الواضح ان السفير الجديد قد كان بشكل مستمر قريبا من اليمن سواء بمقياس المسافة أو بمقياس التخصص. كما كان ايضا قريبا من القبائل ومن الإرهاب ومن ايران كذلك. ومع ان الخارجية الأمريكية لا تشير الى تاريخ ميلاد السفير الجديد الإ انه يمثل متوسط عمر كبار المسئولين اليمنيين ناهيك عن أن السفير الجديد قضى في السلك الديلوماسي فترة تتجاوز عمر النظام القائم.
|