ألم من رحم القلم -
في مثل هذا الشهر وقبل اثنين وستون عاماً أصدرت دائرة الأحوال المدنية العالمية شهادتين متناقضتين ليتغير معهما وجه الجغرافية وتفتح صفحة جديدة في التاريخ الحديث فالشهادة الأولى هي شهادة ميلاد لجنين ولد من رحم مؤجرة وآباء متعددون لتتوالى بعدها برقيات التهنئة تبارك للمنطقة بقدوم الضيف الجديد واهم عبارة في كل البرقيات " انك أيها المولود ستبقى طفلاً مدللاً مهما كبرت وستتمتع بكل ما تتمنى ويعيش أبناءك بكل حرية كما يشاءون وسيسعى الجيران لكسب حبك ورضاك ومن يأبى ذلك سيكون على هوامش التاريخ وحيداً أو في أحشاء الأرض مقيم" .
والشهادة الثانية هي شهادة وفاة شعب عاش منذ آلاف السنين في ضيافة الأرض التي شرفها الله لتكون معراج الرسول إلى السماء لتعلن بتلك الشهادة بداية تدفق المآسي والمصائب على أولئك الذين صبغت وجوههم بلون الأرض وتلونت قلوبهم بلون بساتين الزهور الرائعة واستمدوا من صمت الصحراء وصبرها قوة رهيبة ليقارعوا بها نوازل الحياة تحت لهيب الشمس الحارقة.
ولان إكرام الميت دفنه فقد تبرع العالم بإرسال من يتقن فن حفر القبور لدفن القتلى بعد هدم البيوت عليهم وبقر بطون الحوامل والتمثيل بجثث الرجال حيث كان ما كان فالهدم والقتل والتنكيل دون رأفة أو رحمة لكل ما يتحرك على وجه هذه الأرض وما كان من الناس الذين لم يعهدوا مهارة فك الرموز إلا الاستماع لنصيحة إخوانهم الذين أشاروا عليهم بالخروج حتى لا يتعرضوا للمزيد من الويلات وان العودة سريعة للديار وقريبة.
ولان ساعي البريد يملك مقومات الوصول السريع لأصحاب الشهادة الثانية فقد أعطاهم رسالة قرأها لهم ومكتوب فيها عبارات كان أهمها "الوقت انتهى لتشتتنا وتجمعكم فقد آن الأوان لان نعود وآن أوان رحيلكم".
إن الماسي التي يعشها الشعب الفلسطيني قد ولدت من رحم القلم الذي وقع به الذي لا يملك وأعطاه للذي لا يستحق على الوثيقة الأكثر عنصرية في التاريخ ، لذا يجب على أصحاب الضمائر الحية أن يفهموا أن كفاح الشعب الفلسطيني ليس إرهاباً كما يزعم أهل الباطل بل انه واجب شرعي من اجل استرداد الحقوق وصناعة غذ مشرق للأجيال القادة .
|