صنعاء نيوز/.بقلم د.غسان شحرور - رغم اعتماد الاتحاد الدولي للاتصالات "النطاق العريض من أجل التنمية المستدامة" موضوعاً رئيساً لليوم العالمي لمجتمع المعلومات لعام 2014، الذي يوافق السابع عشر من أيار/مايو من كل عام، ورغم أهمية الشبكات عريضة النطاق عالية السرعة، وضرورة جعلها متاحة، ميسورة الكلفة، على النطاق العالمي، فإنني أرى أن أخلاقيات مجتمع المعلومات، تبقى موضوع الساعة، وكل ساعة في مسيرة وتطور مجتمع المعلومات.
حقاً، لقد انتشرت تقنيات المعلومات والاتصالات بسرعة مذهلة فاقت توقعات كل من أبدعها وطورها واستخدمها، وهي كما يبدو لم تتوقف أو تتباطأ، بل إنها آخذة في التسارع والانتشار تاركة بصماتها العميقة في مختلف جوانب حياتنا الاجتماعية والعلمية والثقافية والاقتصادية.
نعم لقد فاقت في انتشارها أية لغة أو عقيدة أو مذهب، أو أية مدرسة ثقافية أو اجتماعية، ولذلكعجزت الضوابط الأخلاقية والدينية والإنسانية والتشريعية عن مواكبة انتشارتقنياتالمعلومات والاتصالات، الأمر المطلوب دائما لتحقيق التوازن الحيوي والضروري بين العلوم من جهة، والضوابطالأخلاقية والتشريعية من جهة أخرى، ولنتذكر دائماً أن سائر العلوم إذا ما أطلق لها العنان، بلا ضوابط أخلاقية وقانونية، سرعان ما تمضي عمياء إلى المجهول تحيط بها المخاطر من كل حدب وصوب.
- الجوانب الأخلاقية لمجتمع المعلومات:
وهي عديدة، منها الحفاظ على خصوصية المعلومات، و دقتها، ومصداقيتها، واحترام حقوق الملكية الفكرية، و إتاحة الوصول إليها، وحمايتها، وهناك قيم ينبغي أن يتحلى بها العاملون في كل مراحل صناعة المعلومات كالصدق والأمانة والعدل والإنصاف ومراعاة الجودة، وغيرها.
تطرح أخلاقيات مجتمع المعلومات قضايا مهمة أذكر منها:
- التمييز بكل أشكاله وأنواعه ودرجاته في الوصول إلى المعلومات وإتاحتها لجميع أفراد المجتمع.
- حرية التعبير، وحدود الرقابة والحظر.. بين حقوق الفرد والمجتمع.
- إساءة استخدام تطبيقات تقنيات المعلومات والاتصالات والبريد الإلكتروني والمواقع الشخصية والعامة على الشابكة وغيرها.
- انتهاك العادات والتقاليد والقوانين المجتمعية السائدة عند استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات لاسيما في الشابكة (الإنترنت).
- الجرائم الإلكترونية كسرقات البنوك وقواعد المعلومات والغش والقرصنة والتجسس والتجارة غير المشروعة، والتحريض على العنف والجريمة والتضليل وغيرها.
وهنا اذكر بشكل خاص جرائم أمن الدولة (الإرهاب – بث أفكار متطرفة سياسية أو دينية أو طائفية أو عنصرية)، والجرائم المخلة بالآداب العامة، والترويج للمخدرات والأدوية المزيفة، أو السلاح، وجرائم استغلال الأطفال والشباب في أعمال غير أخلاقية، وغيرها.
- خطوات لا بد منها:
· التوعية المجتمعية الشاملة بأهمية أخلاقيات المعلومات لكل أفراد المجتمع،وتداعيات ذلك علينا جميعاً.
· وضع اللوائح والقوانين الدينامية التي تحد من الجرائم المعلوماتية وتحمى حقوق الملكية الفكرية والخصوصية وتتحكم في تدفق المعلومات.
· تشجيع البحوث والدراسات الميدانية في مجال أخلاقيات مجتمع المعلومات، وأخلاقيات المهنة، والحاجة إلى دراسات جادة، تدعم ذلك، وبشكل يواكب التسارع الهائل في تقنيات المعلومات والاتصالات..
· وضع دستور أخلاقي يغطى كل ما يخص المعلومات والتقنيات تضمن الحفاظ علي الهوية المجتمعية.
· إعداد الأدلة الإرشادية الخاصة بأخلاقيات مجتمع المعلومات، وأخلاقيات التعامل مع الشابكة (الانترنت).
· إدراج مفاهيم أخلاقيات مجتمع المعلومات، في المناهج الصفية المدرسية، وغير الصفية في التعليم.
· تدريب العاملين في إطار برامج التعليم المستمر على أخلاقيات المهنة وتوعية المجتمع بأهمية البعد الأخلاقي لمجتمع المعلومات، وحقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة.
· تدريب الإعلاميين حول الجوانب المختلفة لأخلاقيات مجتمع المعلومات، وتداعيات ذلك على الأسرة ودورها المجتمعي.
· تأسيس جمعيات ولجان متخصصة، مع تفعيل المنظمات الإقليمية للعمل في هذا المجال.
إن تدني أو غياب أخلاقيات مجتمع المعلومات، وتجاهل مجتمعنا لهذه الاستحقاقات الجادة توعوياً وتشريعياً، وعدم بناء سياسة وطنية وإقليمية دينامية يجعل مجتمعاتنا لقمة سائغة تجتاحها حمى الاستهلاك، وحمى الإثراء والكسب غير المشروع، وحمى تسليع القيم والحقوق والمبادئ الإنسانية.
من المراجع:
- أخلاقيات التعامل مع شبكة المعلومات العالمية "الانترنت"،محمد مجاهد الهلالي، محمد ناصر الصقري، مجلة الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات، مج 6، ع 11 (يناير1999)، ص 127.
- محاضرة للدكتور غسان شحرور بعنوان "مدخل الطبيب إلى الصحة الإلكترونية"، مركز الدراسات الصحية الإستراتيجية، دمشق في 19 تشرين أول 2010.
- مدخل إلى الصحة الإلكترونية، د غسان شحرور، ص 66، العدد 179، المجلة الطبية العربية، سورية.
- إعلان 17 مايو/أيار يوماً عالمياً لمجتمع المعلومات، في 27 مارس/آذار 2006، على ضوء القمة العالمية الثانية للمعلومات في تونس 2005، قرار الحمعية العامة للأمم المتحدة، رقم. A/RES/60/252 |