سحر حمزة -
في عصرنا الحالي نشاهد الكثير من المتغيرات حولنا ،وبفعل التكنولوجية ،وتقنية المعلومات ،وأفضال العولمة وتبعيات التقدم والتطور الحضاري ،
ظهر التدوين خلال السنوات الأخيرة كوسيلة ميسرة وسريعة للتبادل بالمعلومات والإطلاع على منجزات وقضايا الآخرين ،والإعلام هو القطاع الأكثر إستفادة من التدوين ،وإن أردنا أن ننصف التدوين ،ونصف غير المتعاملين مع ما يبث عبر المجموعات البريدية من الإعلاميين ،فيمكن أن نسميها نصفها بأنها أمية الإعلام ،ذلك بفعل متطلبات العصر وأهمية سرعة وصول المعلومة للقاريء في أي مكان كان ،دون الحاجة للمراسلات الورقية ،أو عبر الفاكس وغيره ،،كثيرة هي المؤسسات الإعلامية في أرجاء العالم تنبهت لهذا وكانت مواقعها الإلكترونية الأكثر صدى في بث المعلومة ،والإعلام في وطننا العربي برغم ما يتعرض لهم من تحجيم ،أو تقصير أو تشويه أو تباطيء في إيصال رسالة ما لجهات معينة محجوبة من قبل السلطات كونها معارضة لها ،جاء التدوين ليحل هذه المعضلة ،وتبوأ مكانة إعلامية فاقت أسماء الكثير من المؤسسات العربية الإعلامية ذات الشهرة العالمية مثل العربية والجزيرة وبرنامج الإتجاه المعاكس أو حتى برامج أوبرا على الإم بي سي ،،ومن يربح المليون والإعلامي المحبوب جورج قرداحي الذي لديه جمهوره الخاص ،،وغيرهم من الأسماء اللامعة الذين لا يحضرني أسماءهم في هذا المقام .
جاء التدوين وفرض نفسه ،وعبر المدونات التي إجتهد على إبرازها أصحابها ،أصبح التبادل المعرفي والإعلامي أكثر قوة ،،وأكثر تجاوباً ،وسطرت المدونات ردود فعل كان لها صداها في التغيير في كثير من المواقع داخل وطننا العربي وخارجه ،،وبات التدوين جزءً لا يتجزأ من النجاح الإعلامي لأي مؤسسة لديها مناسبة تريد الإعلان عنها ، أو أي حدث هام يراد منه الوصول لأكثر الشرائح والقطاعات في المجتمع ،،وها نحن نتابع الكثير من المعلومات والمواد الخبرية التي نطلع عليها عبر الشبكة العنكبوتبة بجهود المدونين ،ولا نراها عبر الفضائيات التي يبدو الغزو الثقافي الغربي المعارض لديننا وعاداتنا وتقاليدنا قد إسنفحل بقوة عبر البرامج الموجهة أو عبر الفضائيات الرخيصة والسيئة السمعة التي تسوق ما لا يقبله عقل ولا دين ولا فكر منفتح ،،نجد التدوين قد تصدى لذلك ببث الجانب الإيجابي في تعاليم ديننا عبر الكثير من المواقع ،ونرى هذه المواقع وإن صح التعبير تحارب وتتصدى للكثير الذي يدس لنا عبر مواقع مغايرة كي تستقطب الشباب والمراهقين الذين لا يدركون مخاطر ما يتابعون عبره موقع ما.
إن إجتهاد بعض الجهات والمؤسسات في دولة الإمارات العربية كوني مقيمة بها وأتابع الأحداث عن كثب بطبيعة عملي ،،في تنظيم مؤتمرات أو ورش عمل أو حتى جلسات وحلقات نقاش للحوار حول التدوين ،،مثل جمعية الصحافيين الإماراتيين ،ونادي دبي للصحافة ومنتدى الإعلام العربي الذي تحتضنه دبي هذا الشهر وغيرها في الجامعات وكليات الإتصال والإعلام وغيرها ،،جميعها تسجل نقاط بيضاء في تاريخ التدوين منذ ظهوره بقوة مطلع القرن الحالي ،،لكن هذه المؤتمرات وغيرها من الورش التدريبية تخرج ببعض توصيات تستفيد منها فئة معينة من المشاركين دون تعميم أو فائدة فعلية للمجتمع ،،وهذا يحتاج إلى إعادة جدولة ودراسة لإتخاذ التدوين جزء من منهاج تعليمي أو سلسلة من برامج تتبنى من قبل مؤسسات مقتنعة به ،،
ويحضرني هنا في هذا المقام ما تقوم به دائرة الثقافة والإعلام في إمارة عجمان الحبيبة التي تعد لمؤتمر التدوين الأول في الشرق الأوسط كما يصفه القائمون عليه ،،والذي سيعقد في يونيو حزيران المقبل ،،وما سيطرح خلاله ،علماً بأن هناك مئات الآلاف من المدونين الذين يتلهفون للحوار والمداولة والمتابعة لمجرياتها ،وفيما سيكون سيخرج بتوصيات والتي هي أضعف الإيمان بالمؤتمرات ، تخدم هذه الفئة التي تعمل دون كلل وملل لمتابعة حدث أو المشاركة في الرد على قضية هامة تخدم مصلحة عامة لبثها عبر مئات الآلاف من المواقع والشبكات الإعلامية كي تكون في وسط الحدث .
وأذكر هنا ما يقوم به إتحاد المدونين العرب الذي تأسس بجهود متواضعة من متطوعين عبر الشبكة العنكبوتية وبدأ ينمو ويكبر وذاع صيته بين الإعلاميين والمفكرين والأدباء والكتاب الذي يتدولون الكثير من الأحداث والأخبار عبره من خلال التواصل والمتابعة اليومية بل المتابعة كل لحظة وساعة للوقوف على المستجدات لتصل للجميع دون نظرة إلى جنس أو أصول أو لون أو لغة ،،مثل هذا الإتحاد يجب أن يكون من أول الذين يشار لهم الفضل في نشر ثقافة التدوين ،ويجب أن يعزز ويشار له بالأهمية القصوى التي بدونها كثيرون تغيبوا عن قصة ما أو حدث أو نشاط إعلامي أو حتى رؤى فكرية لأديب قابع باليمن ،وكاتبة تعمل بصمت لنشر أحداث تراها تحتاج لمن يعممها كي يستفاد منها ،،أو كاتب يواصل الليل والنهار كي يتواصل مع العالم بفكره ،،وآخرون كي ينظموا أو يكتبوا أو يعبرو عن أفكارهم ،،نجدهم عبر التدوين الإلكتروني قد حظوا بمتابعة وكلمات شكر غيبت عنهم في لقاءات عامة تم تحجيمهم بها ،،لهذا نكرر بأن التدوين هولغة الإعلام العصرية التي تحتاج إلى تنظيم وأسس وخطط وقوانين وتشريعات تحكمها وفق مباديء وقيم تخدم الإنسانية جمعاء ووفق رؤى تجد أن للتدوين أهمية كبيرة في حياتنا العصرية ويجب عدم تجاهل المدونين وحقهم في أن يشار لهم بأنهم أدوات تغيير أكثر قوة من القنايل العنقودية والعمليات الإرهابية ووسائل القمع الكثيرة ،التي قد يتعرضوا لها جراء وصول أفكارهم للناس التي قد لا تعجب البعض ويعتبرها تضر المصالح العليا لمكان ما ،،لهذا أدعوا كافة المجتهدين في مجال التدوين ومن يؤكدون حرصهم على تسليط الضوء عليه كما أسموه بالسلطة الخامسة أن يتيقظوا لما سيقال ومن سيتحدث وماذا سيطرح ،،وما هي الأهداف الإعلامية التي نريد الأشارة إليها خلال لقاءات المدونين مع السلطة الرابعة صاحبة الجلالة التي يعتبر التدوين والمدونين خدم في بلاطها يحملون عرشها في كافة الظروف والأحوال ،
وكما يقال إذا حضر الماء بطل التيمم ،،أنا أقول إذا حضر التدوين وتربع على العرش الإعلامي فلا حاجة لنا لهذا الكم الهائل من الصحف الورقية التي تتحول إلى نفايات يحتاج المجتمع إلى إعادة تدويرها بكل ما تفرز من قصاصات وبقايا سبق المدونون أن بثوها عبر الشبكة العنكبوتية بسرعة قياسية.
سحر حمزة/كاتبة صحفي
عضو هيئة إداراية إتحاد المدونين العرب
الإمارات /8مايو 2010
|