صنعاء نيوز - الجيش الضرورة الملحة

السبت, 31-مايو-2014
صنعاء نيوز/بقلم: محمد الزنتاني -

لم تكن الثورة الليبية إلا إستحقاقاً وطنياً ومرحلة تاريخية فرضها تخشب النظام وإنسداد أفق وأدوات التغيير السلمي، وهي لم تكن نتيجة تنظيم قوى وطنية متجذرة - التى مسبقاً جرفها النظام وقتلها وهجرها ومنع قيامها حتى معه - فكانت عفوية بسيطة شعبية بريئة حد السذاجة، مما وفر للهلافيت المحليين ولليد الإقليمية والدولية أن تلعب بسهولة كما تريد عبر أدواتها وملاعقها، وتسيطر على كل شيء، فلم يكن للثوار الخبرة السياسية ولا الرؤية المستقبلية المبرمجة، رغم مصداقيتهم الوطنية الحقة وجسارتهم والثمن الباهض الذي دفعوه والهدف السامي الذي ثاروا من أجله - فاختلط الحابل بالنابل، وهيمنت لاحقاً وتدريجياً على الثورة أطراف - لم يكونوا من صناعها، ولا من دفع ثمنها - وظهرت اللعبة القذرة بكل تجلياتها وتكأكأت الأمم على القصعة الليبية بعد سقوط النظام وبروز كعكة السلطة، والبلاد المترعة مالاً وأرصدة وإحتياطي إستراتيجي، وجغرافيا مهمة، وبرنت وغاز حد التخمة، فما هي اللعبة الدولية القذرة في ليبيا، وما هي مظاهرها وأدواتها، إن الإجابة ربما تعطينا قدرة على فهم ما يحصل وتحليله وتتبعه؟
يعرف المدركون للعبة السياسية الدولية شيئا إسمه (اللعبة القذرة) وهي اللعبة الخفية بين الدول والأنظمة والأُمم، لعبة المال والمخابرات،والقنوات الفضائية، ولعبة اليد والقفاز، والكيد والقتل والتدمير والإغراق والإفلاس وبيع وشراء الروؤس، يستخدم فيها الدين والفتاوي، والقيم والإنسانية والمبادئ، والدموع والأكاذيب والوقائع الصادقة أيضاً، والدعاية والحروب النفسية، والصورة والخبر، وإغتيال الشخصية وتشويهها وتجريمها مادياً ومعنواياً، وتشمل أيضاً تبييض أسماء وتعويمها إعلاميا وسياسياً، ويقوم بها خبراء ومراكز قيادة على مستوى التخطيط، اما التنفيذ فيتم بعناصر عديدة مدربة كلاً في مجاله بإستخدام علم النفس ودراسات تحليل الشخصية، بالاستفادة من المبادئ والرغبات، ثم لاحقاً - بلا هوادة - أو رحمة يتم التخلص من المناشف والملاعق لإخفاء الأثر بعد إستخدامها - بدون إستثناء اوهوادة - أفراد ووسائل، إنها لعبة قذرة بمعنى الكلمة للقذارة، تشن فيها حروب لايهم فيها عدد الضحايا ولا كيف قتلوا؟ ولا أين؟ ولا لماذا؟ فالمهم هو أن تسير الخطة حسبما رسمت دون حساب الضحايا أو الإكتراث بهم، وكل ذلك له اهداف يعرفها وتخطط لها مراكز كبرى، ونافذون كبار، لا يرحمون، لا يرحمون، لا يرحمون، اللهم أجرنا، اللهم أجرنا منها يا الله !!!!!!!!!!!
إن ما يحدث في ليبيا يشكل صورة واضحة وحقيقية (للعبة القذرة) بكل تفاصيلها، فهذه اللعبة هي التي قتلت الشهيد عبد الفتاح يونس وبرمجة ذلك ، وهي نفسها التي هيمنت على قرارات المجلس الإنتقالي وقتها، والمداولات في القضية وما تلاها في الجبة الإنتخابية، وتفصيلها، والتلكوء ومماطلة في التحقيق فيها، وفي بناء الدولة، وهي نفس اللعبة القذرة التي منعت وتمنع قيام جيش وشرطة إلى اليوم في ليبيا، بتصريح علني من أمير قطر السابق من باريس، واللعبة القذرة هي التي دفعت شكري غانم – رغم علاقاته الدولية - للنهر ليلقى حتفه وتموت معه أسرار عقود النفط الليبية الخاصة بالنظام السابق وعطاياها !!! وهي نفسها التي إستبعدت محمود جبريل وهو رئيس للحكومة المؤقتة أنذاك من حضور إجتماع قادة أركان دول الناتو المشتركين في العمليات في ليبيا في الدوحة، ورحبت بعبد الحكيم باللحاج أمير الجماعة المقاتلة الليبية ودعته للحضور مع مصطفى عبد الجليل بما في ذلك من دلالة ومعنى !!!!
وهذه اللعبة القذرة نفسها سلمت جماعة المقاتلة الليبية لعبد الله السنوسي في (اكياس) ذات ليلة عام 2004 وهي ذات الصفقة واللعبة التي أخرجتهم من السجن، ودفعتهم للسفر للإقامة في الدوحة عام 2006 والعمل في الديوان الأميري القطري، وهي نفسها التي تُبقي (موسى كوسا) متنعماً في فندق 5 نجوم بالدوحة، بينما دفعت (عبد الله السنوسي) بعدما فرغته مما لديه من معلومات في المغرب للإنتقال إلى موريتانيا، وهي نفسها التي دفعت ليبيا لتشتريه بـــ 100 مليون دولار من موريتانيا، وسلمته للجماعة الليبية المقاتلة عام 2012، ونفس اللعبة القذرة هي التي تقصف يومياً جيش عدن أبين جنوب اليمن بالطائرات بدون طيارة وبدون هوادة، وهي نفسها التي أمرت بعقد صفقة سميت صفقة الإستعانة بالعمالة اليمنية وتم عبرها تسفير مايزيد عن 900 من مقاتلين جيش (عدن أبين) إلى ليبيا ، ونقل البعض منهم إلى دول جوار سوريا، وهي التي غطت (عبد الحكيم بالحاج) ليقوم بجولات مكوكية بجواز مزور بين تركيا وتونس، و هي التي تدخلت لتخرجه من الإعتقال حينما إنكشف امره في مطار طرابلس، وهي التي صمتت على قتل وسام بن حميدة لــــ 41 متظاهر في بنغازي وجرح ما يفوق الـ 70 وهربته إلى طرابلس ليصبح نائب رئيس اللجنة ألأمنية وصار نجماً إعلامياً، وهي نفس اللعبة التي كانت تتحين فرصة واحدة للحديث عن حقوق الإنسان والتي صمتت وأغمضت العين على قتل واغتيال مايزيد عن 200 من ضباط الجيش والشرطة في درنة وبنغازي، وصمتت على إغتيال الوطني الكبير عبد السلام المسماري وما تلاه ومن قبله جهاراً نهاراً.
اللعبة القذرة هي التي تعمل بصمت عبر أدواتها على تغيير وضع ليبيا الحضاري دستورياً وتريد التأسيس لرؤية جديدة حضارياُ في شمال وغرب أفريقيا، وهي التي تمرر علم جديد( علم الحركيين الجزائريين) لم يعرفه التاريخ الليبي وتصنع له جغرافيا وعصبية، ودلالة سياسية، وتاريخ ومعنى حضاري وبُعد ديني وثني.
إنها نفسها التي تغطي نهب وسرقة الأموال بالملايين في الطريق للمصارف وتغطيها وتعومها وتتستر عليها وتمطط اجراءات التحقيق فيها، وهي نفسها التي تقوم بالتفاوض عن طريق (بوسدرة) مع لصوص المال وجماعات القتل والإغتيال، وهي التي اصلاً جاءت به لاحقاً عضواً في المؤتمر الوطني، وبالمقابل إستبعدت ضلماَ ( التواتي عيضة) تأديباً له!!، وهي نفسها التي تغطي كل ما يتم من عرقلة لأعادة بناء جيش وطني وأجهزة عصرية وتُماطل في ذلك، وهي نفسها التي تبارك قيام جماعات مسلحة وترعاها، وتبارك تمويلها بقرار من (بوسهمين) بما يزيد عن مليار دينار ليبي نقداً وعد في حساباتهم الشخصية، وهي التي تصمت وتغطي اكبر عملية تمويل للارهابيين تتم في ليبيا، وتصمت على سيطرتهم على القواعد العسكرية الليبية البرية والبحرية والجوية المترامية والتي تديرها هذه الجماعات وتدرب فيها المجموعات تلو المجموعات من كل دول العالم، وتسير عبرها ومن خلالها العربات والبواخر والسفن والطائرات المحملة بالأسلحة والذخائر وبالمقاتلين المسلحين، متجهة إلى الإتجاهات الأربعة المجاورة لليبيا، ووجهات إقليمية ودولية وفق اللعبة القذرة ومتطلباتها والحروب التي تحدث الأن والتي وسيشعلونها مستقبلاً شرقنا وغربنا !!!!!
من ناحية أخرى، اللعبة القذرة هي التي كلفت فريق المحاماة من محكمة العدل الدولية بحمل مستندات وأجهزة تعقب ليتم تسليمها لسيف القذافي في سجنه بالزنتان، وهي نفس اللعبة القذرة التي - تعاقب من تجاوز - فتخطف أبو أنس الليبي، وهي أيضاً التي تعرف جيداً وتتحمل الخسائر الجانبية هنا وهناك – كما صرح ماكين – مثل مقتل السفير الأمريكي في بنغازي أو تفجير سفارة او مبنى هنا أو هناك، لأن الهدف الكبير يهون من أجله بعض الخسائر الجانبية والإنفلات هنا أو هناك من بعض الأفراد والجماعات !!!!!
إنها أيها الليبيون اللعبة القذرة التي يتم فيها خطف السفراء جهارا نهارا ومبادلتهم بالارهابيين وكأن شيئا لم يحدث، وهي اللعبة التي يتجول سفرائها عبر الرقعة الليبية بين القبائل والجماعات، وهي القادرة على شد الخيوط واللعب بها وتحريكها هنا وهناك وتركها حرة احياناً أخرى، إنها ايضاً ( السلطة العليا كما وصفها الكيب الرئيس السابق للحكومة الإنتقالية – والقضاء والقدر كما وصفها علي زيدان فيما بعد) هي التي تعمل بصمت عبر أدواتها وملاعقها المحلية والتجاذبات الإقليمية والإستراتيجيات الدولية - النشطة جداً - على تغيير وضع ليبيا الحضاري دستورياً وتريد التأسيس لرؤية جديدة حضارياً في شمال وغرب افريقيا لغرض بعيد وبعيد جداً يصل إلى حد محاكمة 1400 سنة من تاريخ الأسلام جنوب المتوسط، إنها اللعبة التي لا تبقى ولا تذر ولا ترحم ولا تعرف الإنسانية ولا الطيبة ولا حسن النوايا، تلعبها الأُمم والدول لتحقيق مصالحها وأطماعها التي لا تعرف حدود، فقط تعرف إنجاز مهمتها وتحقيق مآربها ونهبها وإستراتيجياتها بمخالبها، وبأدواتها وملاعقها التي تملاء ليبيا اليوم من كل الأنواع والأصناف والألوان والأطراف والمذاقات والأشكال، والتي تتطلب اليوم قوة وطنية فالحة وعارفه وواعية للحقيقة والمستقبل، وتعمل على اللقاء الوطني وتفرضه برؤية وطنية تنهض بالبلاد وتنقذها، فلا لوم على أية قوى خارجية في ذلك لأنها تعمل على مصالحها ومصالح بلدانها، وتريد تحقيقها، ولايهمها الليبيون نسائهم وأطفالهم وشويخهم ومستقبلهم وبلادهم ووحدتها، وعلى الأفراد الوطنيون وقبائلهم أن يشكلوا قوة وطنية تسند جيشنا الوطني الضرورة الملحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فما حك جلدك مثل ظفرك، فاللعبة الدولية وأدواتها المحلية، لا يمكن أن يبنوا لكم وطناً ويحافظوا لكم عليه وعلى سيادته، وعلى خيراته، فعواقب اللعبة الدولية وخيمة ووخيمة جداً جداً على الأوطان وعلى وضعها الحضاري وبقائها ومستقبلها برمته !!!
والله من وراء القصد
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:55 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-29200.htm