صنعاء نيوز - فى البداية بدا مراوغا لم يشأ الحسم تاركا الجميع للتخمين ، وضرب الأخماس فى الأسداس ، فلم تكن التعليمات قد جاءته بعد من جزيرة إمرالى

الأحد, 13-يوليو-2014
صنعاء نيوز/سيد عبدالمجيد -
فى البداية بدا مراوغا لم يشأ الحسم تاركا الجميع للتخمين ، وضرب الأخماس فى الأسداس ، فلم تكن التعليمات قد جاءته بعد من جزيرة إمرالى حيث يقبع أبوه الروحى الزعيم عبد الله أوجلان ، هذا ما فعله صلاح الدين ديميرطاش ، البرلمانى الشاب المسيس المؤمن إيمانا مطلقا بقضيته ألا وهى قضية شعبه ليس التركى وانما الكردى ، ولكن لا يعنى هذا ، مقته للبلد الذى عاش ويعيش فيه ، فقط هو مثل أقرانه ، صغارا وكبارا ، يحلم بالكيان ، الذى يكرس هويته التى انتزعت عن أسلافه عنوة وجبرا ، ويطلق العنان للغة الأم الاصلية التى لا تنازل البتة عنها ، وكيف الاستغناء عنها وهى الحاضر الدائم فى كل اشكال الحديث والتواصل الاجتماعى ، بكل مدن الجنوب الشرقى لتركيا حيث الغالبية من الاثنية الكردية ، والحق أنه طالما وجد مواطنان كرديان فى اى مكان بالبلاد بما فيها أنقرة وإسطنبول فلا يتحدثان سوى بلغتهم الاصلية.
ولأنه يشارك فى رئاسة حزب الشعوب الديمقراطية ، الجناح السياسى لمنظمة حزب العمال الكردستانى الانفصالية ، فهو يعلم يقينا أن تلك الفترة والممتدة حتى العاشر من اغسطس القادم ، هى بمثابة موسم الحقوق المسلوبة لأبناء جلدته إجمالا ، فهؤلاء هم رمانة الميزان فى الاستحقاق الرئاسى بطرفاه البارزان رجب طيب اردوغان رئيس الحكومة وأكمل إحسان الدين أوغلو الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامى ، المدعوم من قبل حزبى المعارضة الرئيسيين الشعب الجمهورى والحركة القومية اليمينى المتشدد. فبحسبة بسيطة وعلى ضوء مارثون المحليات والذى جرت وقائعه فى الثلاثين من مارس الماضى ، حصل الحزبان المعارضان الكبيران الشعب والحركة مجتمعين على 42 % تقريبا وليس متوقعا أن ينالا أكثر من ذلك فى اى انتخابات قادمة فى حين فاز العدالة والتنمية بنحو 43 % ، وتلك النسبة هى أقصى ما يمكن أن يقتنصه فى إقتراع قادم شريطة ألا يتم تزوير مباشر، أما الحزب الكردى فتراوحت نسبة أصواته ما بين 5 إلى 6 % ، ورغم تواضعها إلا أنها الأكثر أهمية كونها ستكون المرجح الحاسم فى فوز هذا أو ذاك .

وانطلاقا من تلك الفر ضية وخروجا من دائرة التوقعات اعلن دميرطاش صراحة أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية واصفا خطوته بالجسورة كونها المرة الاولى فى عمر الجمهورية التركية الذى يقترب من المائة ، التى يترشح فيها كردى لمنصب الرئيس .

على أية حال فالرجل على قناعة أنه لن يفوز فى الاساس ، يضاف إلى ذلك أنه قد لا ينجح أحد من الجولة الأولى ، ولأنه سيكون الأخير فخروجه من السباق حتمى ، إذن إلى من ستذهب الكتلة التصويتية للأكراد فى المحطة الثانية الحاسمة ؟ هذا هو السؤال ؟ والإجابة لم تكن عسيرة فديميرطاش نفسه قال تحديدا ، " إنها ستتجه لمن تكون سياسته ومبادئه أنسب لنا " .

وبقراءة متأنية يمكن القول إن ما أدلى به ديميرطاش يحمل تلميحا واضحا لإمكانية الاقتراع لأردوغان فالأخير هو من أخذ مبادرة تدشين مفاوضات سلام وإجراء حوار مباشر مع أوجلان والذى يقضى عقوبة السجن مدى الحياة بجزيرة إمرالى غرب تركيا منذ أن اعتقل فى كينيا عام 1999 ، هذا إذا ما تم الأخذ فى الحسبان العداء المزمن بين الأكراد والحركة القومية بزعامة دولت بهتشلى والذى لا يعترف أصلا بأن هناك معضلة عرقية بالاناضول ، ويوم السبت الماضى جدد إتهامه لديميرطاش واعوانه من الانفصاليين ــ وفقا لمفرداته ــ بالسعى لتجزئة تركيا الموحدة.

ولضمان استمرار حركة الدفع لم يشأ اردوغان أن يخيب ظنون من صاروا أصدقاءه ، والذى يتمنى رضاهم خصوصا الآن ، فعلى نحو مفاجئ أعاد إحياء عملية السلام المتعثرة مقدما حزمة إصلاحية أخذت عنوانا عريضا " القضاء على الإرهاب وتقوية الاندماج والتكامل الاجتماعي" وقد اعتبرها اوجلان تاريخية ، للبرلمان للحصول على تفويض للمضى قدما واستكمال ما تم اتخاذه من خطوات لوضع نهاية لمواجهات مسلحة دامية راح ضحيتها الالاف من عسكريين ومدنيين ، وهذا ما حدث الجمعة الماضى ، ووفقا لما اقره البرلمان سيتم تشكيل لجنة مراقبة لتتبع عمليات انسحاب مقاتلى المنظمة التى ستبدأ اعتبارا من سبتمبر القادم اى بعد عام من توقفها إحتجاجا على عدم التزام الحكومة بتعهداتها.

وفى تصادف لافت صادقت محكمة عليا بالعاصمة أنقرة على تأسيس الحزب الديمقراطى الكردستانى ، وهى خطوة فريدة فى مسيرة الجمهورية ، إذ اعتبرت أن اسم " كردستان " لا ينتهك الدستوروالنظام الاساسي.

الأجواء اذن تشير إلى انفراجة فى ملف وهو الأكثر تعقيدا الذى يواجه تركيا والمستمر طوال العقود الثلاثة الماضية ضاغطا ولازال على كل جوانب الحياة بالبلاد ، لكن هذا هو الظاهر فالعراقيل ما أكثرها ، بيد أنها تجعل من وجود حل ناجع أمرا بعيد المنال على الاقل فى المستقبل المنظور ، فالانفصاليون أنفسهم رغم مكاسبهم النسبية إلا أنهم يصعدون من عملياتهم الاستفزازية من قطع طرق ومهاجمة حافلات وخطف مواطنين وكل هذا لا يأتى عفويا بل مخطط له بعناية والهدف انتزاع أكبر قدر ممكن من التنازلات وهم على قناعة أن الحكومة ومن أجل فوز اردوغان فى الانتخابات الرئاسية يمكن أن تفعل اى شئ .

فى المقابل هناك قطاعات عريضة من الأتراك ما زالوا معارضين للحوار مع أوجلان المنعوت لديهم بالإرهابى ، وهنا الاشكال الأعظم ، فالمرحلة الحالية لا تحتمل الوقوف فى منتصف الطريق ، فالمطلوب هو تنازلات حقيقية تفضى فى النهاية إلى حكم ذاتى للاكراد دون ذلك فالجميع سيعود إلى المربع صفر ، لكن أردوغان حتى وان اراد ذلك فهو لا يرغب بإستفزاز أبناء وطنه الذين بدأوا بالفعل فى الحديث عن صفقات مشبوهة تقف وراءها اسرائيل وهذا محور لتقرير آخر ..
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:46 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-30064.htm