صنعاء نيوز -
أجرت صحيفة "اليمن اليوم" أمس الأحد حواراً إضافياً مع القيادي في تكتل أحزاب اللقاء المشترك الدكتور محمد عبدالملك المتوكل.. ولأهمية ما ورد فيه نعيد نشره
حاوره/ عبدالناصر المملوح
- الإصلاح يعيش أسوأ فتراته ومصيره مصير إخوان مصر
- محاولات إزاحة علي عبدالله صالح، مقدمة للقضاء على المؤتمر
- الإصلاح شارك في نشأة القاعدة ويرى الحرب عليها استهدافاً له
- أحزاب المشترك دخلت الحكومة لنهب الوظائف
- الحوار لم يكن موفقاً منذ البداية وكان مقصوداً عدم الوصول إلى بناء الدولة
- فشل الحكومة ذريع، وفسادها فظيع، والتمسك بها جريمة
------------------------------
* ما الذي تشهده العاصمة صنعاء هذه الأيام..جماعة الحوثي تطوق باعتصاماتها قرابة عشرين مخيماً أمام ثلاث وزارات، فضلاً عن أنها تطوق العاصمة من كافة الاتجاهات؟
- هي احتجاجات مشروعة ما بقيت في إطارها السلمي بعيداً عن العنف، وأهدافها معلنة ومحددة في ثلاث قضايا إسقاط الحكومة، إلغاء الجرعة، تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. وأنا في اعتقادي أنها قضايا عادلة.
*لماذا لا نقول إنها نوع من الاستغلال والمزايدة، وأن وراء الأكمة ما وراءها؟
-أنا أرى قضايا عادلة، ومنطقية فالحكومة هذه فشلت فشلاً ذريعاً وفسادها بائن وتعد أسوأ الحكومات في تاريخ الحكومات اليمنية المتعاقبة، حتى أن رئيسها باسندوة قد اعترف بنفسه وقالها مراراً أنها فاسدة وأن وزراءها لا يمثلونه وإنما يمثلون الأحزاب.
*لكن باسندوة له تصريحات أخرى وله مواقف ظهر خلالها صاحب الأمر، وصرف مبالغ بالملايين لجمعيات ومؤسسات تابعة لحزب الإصلاح؟
- باسندوة ،حقيقة ودّف بقبوله هذا المنصب، كانت له سمعته الطيبة لكنه أساء إلى نفسه بقبوله تولي هذا المنصب، وأنا مستغرب كيف يقبل على نفسه أن يستمر.
*وبالنسبة للجرعة والتراجع عنها كان مطلباً للحوثيين.. كيف ترى ذلك والوضع الاقتصادي كان على وشك الانهيار؟
- يتم تشكيل حكومة تكنوقراط وهذه الحكومة تقوم بدراسة الملف الاقتصادي، وتقف أمام الجرعة على أسس علمية وتقرر أكان بالبقاء عليها وتبيان الأسباب المقنعة للناس أو التراجع عنها وإيضاح الأسباب أيضاً، يعني المسألة ليست هرجلة.
موقف الإصلاح
*حزب الإصلاح أكبر أحزابكم في تكتل المشترك، قال في كلمة للمحرر السياسي إن هذه الاعتصامات والمسيرات التي ينضمها الحوثيون، أنها مسلحة وأن وراء الأكمة ما وراءها، بل ذهب إلى القول بأن هذه الجماعة (الحوثيين) لا تزال مصنفة كجماعة متمردة؟
-لا غرابة أن يأتي مثل هذا الموقف من حزب الإصلاح.. الإصلاح يشعر، وهذه حقيقة مرة بالنسبة له، أن جماعة أنصار الله قد أضعفته ولامست الوجع، ويدرك أن تناميها يعني في المقابل انحساره.
*أفهم أن الإصلاح يبني مواقفه تجاه مسيرات الحوثيين حالياً من كونه المستهدف؟
-أولاً هو يبني موقفه هذا أو مواقفه بشكل عام، من طبيعته كتنظيم أيديولوجي لا يقبل الآخر بل ويعتبر هذا الآخر عدواً، وهذه مشكلة. الأمر الآخر والأهم أن الإصلاح كان يتصور بعد (ثورة) الشباب أن الجو قد صفا له، وأنه بات لمفرده وله الحق في الاستفراد بالحكم، والبقية إما حلفاء له ولكن في موقف الضعيف الذي عليه أن يقبل بالفتات، أو أنهم من الطرف الآخر (المؤتمر الشعبي العام) والذي لابد من مواصلة الجهود للقضاء عليه نهائياً. هكذا هي نظرة الإصلاح للأسف بعد المبادرة الخليجية.
*لكنه صحا بعد ثلاث سنوات من عمر التسوية السياسية وحكومة الوفاق الوطني على واقع مختلف؟
-بالضبط، لا المؤتمر أنهدّ بل لا يزال الرهان عليه كبيراً، وأنصار الله (الحوثيين) قلبوا الطاولة وأوجدوا توازن قوى من شأنه أن يخدم العملية السياسية إلى حد كبير.
* المفاوضات جارية في صعدة، ويقال أن الحوثيين يشترطون لرفع الاعتصامات الثلث في الحكومة أو حكومة توافقية يكون فيها صاحب الصوت مساوياً لصاحب العشرين عند اتخاذ القرار؟
- من خلال ما أكده عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير أنهم لا يريدون المشاركة في السلطة، وإنما المشاركة في صناعة القرار.
* ما الفرق؟
- يعني هم لا يريدون أو يشترطون عدداً معيناً من الحقائب الوزارية، فقط يريدون المشاركة في صناعة القرار.
ما وراء استهداف الرئيس صالح
*ذكرت أن الإصلاح سعى وبذل جهوداً لتدمير المؤتمر الشعبي العام بعد المبادرة الخليجية؟
-ولا يزال، ولهذا الغرض ضغط كثيراً من أجل إزاحة علي عبدالله صالح من رئاسة المؤتمر، وعندما لم تفلح جهوده توجه إلى مجلس الأمن الدولي وشكا هناك وطالبهم بصريح العبارة "أبعدوا لنا علي عبدالله صالح من المؤتمر".
* الإصلاح يبرر موقفه هذا بـ"استكمال نقل السلطة"؟
-وهل مسألة نقل السلطة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية تنص ولو بالإشارة على إزاحة علي عبدالله صالح من رئاسة المؤتمر، هذا حزب وأنت حزب ما دخلك، وما علاقتك بمن يرأس هذا الحزب؟! ثم إن المؤتمر وحلفاءه وقع المبادرة كطرف وأنت وشركاؤك طرف.. المسألة أنهم يرون المؤتمر في علي عبدالله صالح.
*يعني محاولاتهم إزاحة علي عبدالله صالح من رئاسة المؤتمر مقدمة للقضاء على المؤتمر؟
-بالضبط، وأنا قلت هذا لقيادات في المؤتمر الشعبي العام في أكثر من مناسبة جمعتني بهم، وسأظل أقولها لهم صراحة بأن الإصلاح يرى قوة المؤتمر وحلفائه في شخص علي عبدالله صالح، وأن جهوده في تدمير المؤتمر والقضاء عليه ستبوء جميعها بالفشل ما دام علي عبدالله صالح في رئاسة المؤتمر. وأنا قلت لقيادات المؤتمر أن هؤلاء لا يستقصدون علي عبدالله صالح لوحده، وإنما لكونه سبب قوتكم، وبمجرد الخلاص منه سيتخلصون منكم كحزب، ولهذا جالسين بعده بعده إلى حد ابتكار أساليب جهنمية وغير مسبوقة في تاريخ اليمن، كالأنفاق.
*يعني جريمة النفق ليست مجرد استهداف لحياة الرئيس صالح وأفراد عائلته؟
-لو نجحت عملية النفق لدفعت بالبلد إلى الهاوية والانقلاب على التسوية السياسية برمتها، وبالنسبة لقضية المؤتمر الشعبي العام هي واحدة من أهم القضايا الأساسية التي تهمهم.. يريدون تدميره وفي اعتقادهم أنه إذا راح علي عبدالله صالح سيروح معه المؤتمر تلقائياً.
أفضل الأحزاب
*كيف تقيّم أداء المؤتمر الشعبي العام خلال هذه الثلاث السنوات، وهو يحتفل هذه الأيام بذكرى تأسيسه؟
-بصراحة أنا من المتحمسين لبقاء المؤتمر قوياً، لأنه أفضل الأحزاب اليمنية على الإطلاق لكونه متحرراً من الأيديولوجيات التي لا تقبل الآخر كما هي عليه معظم الأحزاب وعلى رأسها الإصلاح الذي إما أن تكون معي وإلا فأنت عدوي وينبغي محاربتك.
*جرى حديث بينك ومسئولين في السفارة الأمريكية، تقريباً في مطلع 2012م وأشدت بالمؤتمر وأنه الحزب الذي يمكن الرهان عليه لبناء الدولة المدنية؟
-فعلاً.. عند عودتي من الأردن (كان قد تعرض لمحاولة اغتيال ونقل على إثرها إلى الأردن) زارني الأمريكان وتناقشنا.. سألتهم ما الذي تريدونه منا؟! قالوا: نريدكم تستقروا لأن عدم استقراركم يهدد مصالحنا مش في البحر بل في المنطقة، والاستقرار فيه مصلحة مشتركة لنا، ولكن قلت لهم: وهل بالإمكان أن نستقر بدون دولة ديمقراطية عادلة، قالوا لا يمكن، قلت طيب إذا فيه حزب دخل الحوار وقدم مشروع الدولة المدنية الديمقراطية العادلة، قالوا سندعمه بكل قوة، فراح بالي على طول نحو المؤتمر الشعبي العام وأنه ما فيش غيره يمكن الرهان عليه لبناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة لأن بقية الأحزاب الفاعلة هي أحزاب أيديولوجية لا تقبل الآخر ولا تسمح بالديمقراطية في داخلها فكيف ستسمح بها في تعاملها مع الآخرين.
*يعني الرهان لبناء الدولة المدنية المنشودة في اليمن هو على المؤتمر الشعبي العام؟
-هذه قناعتي وسأظل أتمسك بها وسأظل أدعو المؤتمر إلى الاهتمام بفئة الشباب والتخلص من بطء الحركة التي تقيده وتجعله يفقد فاعليته، وقد قلت ذلك لعلي عبدالله صالح.. بعد لقائي بالأمريكان مباشرة زرته وأول ما تسالمنا وكنت لا أزال عائداً من الأردن قال لي ما فعلوا بك -محاولة الاغتيال – قلت بسيطة واحد أرسل لي (متر) يصدمني وواحد أدى لي طائرة تسعفني، فضحك، قلت له قل لي ما فعلوا بك أنت، قال تصور أنهم ملؤوا لي دار الرئاسة ديناميت لو انفجرت ما بقي لا شجر ولا حجر ولا بشر، قلت له وهل قرأت مقالي "لماذا أنقذك الله من موت محقق" قال نعم، قلت له "أراد الله أنك تتوب، يعني الله لا يزال يرى فيك شيئاً بالإمكان أن تحققه لشعب أعطاك الحب 33 سنة وأوصلته إلى هذه الحالة" قال خلاص أنا تركت الرئاسة، قلت الرئاسة أنقذك الله منها وأنقذ الشعب منك، فضحك، لكن أنت رئيس المؤتمر الشعبي العام، والرهان على هذا الحزب كبير فلماذا لا يدخل المؤتمر الحوار الوطني بمشروع الدولة المدنية الديمقراطية العادلة ويضغط عليها وشعارها "إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) قال ما عندي مانع.. واتصلت بعد ذلك بعدد من قيادات المؤتمر، وقلت لهم وسأظل أقولها أوقفوا مع الناس تحركوا قدموا شيئاً تخلصوا من الحركة البطيئة.. المؤتمر وهذه قناعتي الراسخة أنه ممكن يلعب دورا كبيرا.
*كيف تقرأ الاتهامات الموجه للمؤتمر في وسائل إعلام حزب الإصلاح بأنه وراء جماعة الحوثي أو على علاقة بهذه الجماعة وهذه الاعتصامات؟
-سيقولون كل هذه الأشياء وأكثر لكن "من هدأ ضميره نام والرعود تقصف".. ثم لنفترض أن الحوثي أو الإصلاح بيطرح قضايا منطقية وأنت وقفت معها، ليش لا.. ما المانع.
المؤتمر كما قلت لك ميزته أنه ليس حزباً أيديولوجياً، وبالتالي بإمكانه أن يقبل الموقف الإيجابي ويتعامل معه بفاعلية أياً كان مصدره سواء الإصلاح أو الحوثي أو أي حزب آخر.. المؤتمر لا يرفض الآخر وعلينا أن نقدر له هذه الميزة التي لو وجدت في بقية الأحزاب والتنظيمات السياسية لما كان الوضع على ما نحن عليه الآن.
* نشرت قناة العربية على موقعها تقريراً أكدت من خلاله تعافي حزب المؤتمر وأن أنصاره يفوقون أضعاف أنصار خصومه، وفي المقابل أكدت بناء على بيانات انحسار حزب الإصلاح؟
- هذا هو الحاصل.. أنا لما شاهدت في الأخبار (المؤتمر يعقد لقاء موسعاً في أمانة العاصمة قبل أسابيع اتصلت بعلي عبدالله صالح، واقترحت عليه أن يعملوا هذه اللقاءات في كل المحافظات. طبعاً أنا شخصياً سأظل من المتحمسين للمؤتمر من واقع قناعتي أن الأمل في بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة معقود على هذا الحزب الذي بالإمكان أن يكون محل قبول الكل.
* وبالنسبة للإصلاح، وما أشارت إليه التقارير الدولية عن انحساره؟
- طبعاً.. الإصلاح اليوم في مرحلة صعبة للغاية ووضعه لا يحسد عليه، يعاني معاناة كبيرة جداً وتراجعه وانكماشه مستمر.. حاله حال الإخوان في مصر.
الإصلاح والقاعدة
*أيضاً إلى جانب خسارته الميدانية والمعنوية.. موقفه مؤخراً من الحرب على القاعدة في أبين وشبوة وحضرموت، واعتراف القاعدة بمشاركتها إلى جانبه في عمران والجوف أضرت بسمعته لدى المجتمع الدولي المعنى بمحاربة الإرهاب؟
- هو للأسف يعتبر قضية الحرب على القاعدة، هزيمة أو استهدافاً له.
* لماذا؟
- الإصلاح يتصور أنه مستفيد بشكل أو بآخر من بقاء هذا التنظيم قوياً، فضلاً عن كونه أصلاً مشارك في بناء التنظيم عندنا في اليمن، وذلك من خلال ارتباط عدد من القيادات المحسوبة عليه –الإصلاح- بعدد من قيادات القاعدة.
الإصلاح أساء إلى نفسه
*واضح أن علاقته –الإصلاح- بشركائه أنتم- في تكتل المشترك هذه الفترة بأسوأ مراحلها ولم يتورع عن توجيه اتهامات لهذه الأحزاب بـ"الحوثية"، وذكر الاشتراكي بالاسم وأنه شارك في سقوط عمران؟
-الإصلاح أساء لنفسه كثيراً خلال السنوات الثلاث الأخيرة التي تصور له أنه الحاكم الأوحد. الإصلاح كان قد بدأ يتمرد حتى على المشترك نفسه فجاء (أنصار الله) وخلقوا توازناً وهذا التوازن أفاد الأحزاب الأخرى في المشترك كما أفاد المؤتمر الشعبي العام هو الآخر.
*ما الذي يمكن أن يلعبه الاشتراكي في قضية عمران حتى توجه له أصابع الاتهام بالخيانة من قبل الإصلاح؟
-قلت لك إن كل ما يصدر وسيصدر عن الإصلاح من اتهامات بهذا الخصوص للاشتراكي أو المؤتمر أو الجن الزرق مرده إحساسه بأن أنصار الله أضعفوه كثيراً.
*أضعفوه من حيث مصادر قوته، الحشد، المنابر، الخطاب الديني، المسيرات، الاعتصامات.. والسلاح الثقيل؟
-بالضبط.. أضعفوه بشكل كبير جداً.
*ألا ترى أن مواقف الاشتراكي مؤخراً تنم عن تغيير في مسألة طبيعة علاقته بحزب الإصلاح؟
-فعلاً.. الاشتراكي ربما كان يتصور له أنه سيستفيد من التحالف مع الإصلاح في إطار المشترك، ولكنه في الأخير وجد نفسه خاسراً، وهو الآن في مرحلة المراجعة وإعادة تقييم التجربة والمسار.
طبيعة المشترك
*بشكل عام، تكتل المشترك وأنت أبرز مؤسسيه، تسوده الآن عدم الثقة، ومن حين إلى آخر تتبادل هذه الأحزاب التهم والشتائم من خلال وسائل الإعلام.. ألا ترى أنه آن الأوان لإعادة بناء التحالفات، وأن المشترك قد وصل إلى حالة لم يعد بالإمكان أن يقدم من خلالها أي جديد إيجابي.
-الساحة السياسية، فعلاً، مهيأة إلى حد كبير لبناء تحالفات جديدة، وفي هذه المسألة أيضاً الرهان كبير على المؤتمر الشعبي العام في أن يشكل تكتلا مشتركا جديدا، ويضم إلى جانبه مثلاً الحزب الاشتراكي والأحزاب الجديدة، ليش لا، كل شيء وارد فقط يتخلص المؤتمر من بطء الحركة.
* كيف جاءت فكرة المشترك، المعروف أنك كنت صاحب الدور الأبرز، ولك مواقف عدائية سابقة مع المؤتمر؟
-الفكرة نابعة من الحاجة إلى خلق توازن قوى. كان المؤتمر مسيطراً ولا يمكن مواجهته كأحزاب منفردة، ولهذا سعينا لإنشاء المشترك وبذل الشهيد جار الله عمر جهوداً كبيرة في إقناع حزبه (الاشتراكي) القبول بهذه الفكرة لأن قبول الاشتراكي الانضمام إلى تكتل يضم في صفوفه حزب الإصلاح هو الأساس كونه –الاشتراكي- ظلم وحورب وأقصي.. إلخ.
* وبالنسبة للإصلاح، لم يعرف النضال والمعتقلات والمنافي، بل هو لفترات طوال حليف للأنظمة المتعاقبة؟
- صحيح.
الصراع سياسي لا مذهبي
* قبل الحوار الوطني كانت لدينا قضية صعدة نبحث لها عن حل، اليوم، بعد الحوار لدينا إلى جانبها قضية حاشد، عمران، همدان، بني مطر، أرحب، الجوف.. بل صنعاء؟
-وعليك أن تنتظر ما هو أكثر من ذلك ما لم تبن الدولة.. مرة اتصلت لعبدالوهاب الآنسي ،أمين عام الإصلاح، قلت له: إذا تتصوروا أنكم ستحكمون لوحدكم فأنتم غلطانين، اليوم لا يمكن أن تحكم اليمن من جهة واحدة، أشخاص أو أحزاب، الناس ما عادهمش الرعية حق العادة، لم يعد بمقدور أحد أن يحكم اليمن منفرداً.
* برأيك ما أسباب الحرب بين الإصلاح والحوثيين.. هل نقدر نقول عليها حرب مذهبية أم أنها سياسية بحتة أم خليط؟
- العامل المذهبي فيها ليس ذات أهمية، ثم إنه لا توجد إشكالية مذهبية عندنا في اليمن، المذهبين الزيدي والشافعي متعايشان على مر التاريخ، والمذهب الزيدي مذهب مرن.
* يعني الحرب هذه سياسية؟
- سياسية، نعم، وستتواصل ما لم تبن الدولة المدنية الديمقراطية العادلة، ونظام لا يقصى فيه أحد، ويكون هناك صندوق الاقتراع هو الحكم ولغة الحوار وثقافة التعايش هي المعمول بها، لكن مشكلتنا في اليمن كما قلت لك هي في الأحزاب والتنظيمات الأيديولوجية التي لا تقبل الآخر، ولهذا سأظل أكرر أن المؤتمر الشعبي العام وبكل أطرافه، يعد أفضل الأحزاب في الساحة، لكونه حزباً متحرراً من الأيديولوجيا ولا مجال لديه للكراهية المحضة، ولا يتعامل مع الآخر كعدو، وبالإمكان أن يكون محل قبول الكل.
* لكن يقال أنه لا الحوثيين يمثلون المذهب الزيدي ولا الإخوان يمثلون المذهب الشافعي؟
- المهم هنا أن المذهبين ليسا محل صراع سياسي، بغض النظر من يمثل ومن لا يمثلها، ثم أنه لا يجوز إقحام الدين في الصراع السياسي، يجب أن تكون السياسة في خدمة الدين وليس العكس.
مثالب الحوار
* يكاد يمر عام كامل منذ الانتهاء من مؤتمر الحوار الوطني ويفترض أن نكون قد قطعنا شوطاً في تنفيذ مخرجاته، ولكن بالعكس نحن اليوم أمام مشهد متأزم على مختلف الصعد، بل وصلت الدولة إلى حافة الانهيار، ما الأسباب برأيك؟
- غياب الدولة المدنية الديمقراطية العادلة.
* ألم يكن الحوار الوطني أصلاً لهذا الغرض.. بناء الدولة؟
- يفترض.. لكنهم لا يريدون بناء الدولة، وكان هذا واضحاً حتى من خلال طريقة الحوار وهيكله، الحوار الوطني المسؤول والبنّاء والمثمر لا يحتاج إلى ستمائة شخص (هوشلية)، كان يفترض ثلاثة أشخاص يمثلون كل حزب أو تنظيم أو قوة سياسية معنية، وممثلين عن المكونات الأخرى (الشباب، المرأة، المجتمع المدني) بحيث لا يتجاوز العدد الإجمالي أربعين عضواً يجلسون جلسة حوارية معمقة وجادة ثم إن الحوار دار حول القضايا كظواهر لا أسباب قضية صعدة، الجنوب ...إلخ، هذه كلها هي ظواهر لغياب الحكم الرشيد وبالتالي أنت بحوارك هذا وبهذه الطريقة لن تحل الظاهرة لأنك فقط ناقشتها ولم تعالج الأساس، الأسباب التي أوجدت هذه الظاهرة.
* تقصد أن الحوار كان من البداية غير موفق؟
- للأسف، نعم، وهذا لأنهم لا يريدون كما قلت لك بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة.
* من هم؟
- أولاً الأحزاب، وعلى رأسها أحزاب اللقاء المشترك، دخلوا الحكومة والحوار لاقتسام الوظائف العامة والتمكين في مفاصل الدولة على حساب القوى الأخرى، ولم يهتموا بكيفية بناء الدولة، وأنا صارحتهم بذلك في آخر اجتماع حضرته للمجلس الأعلى للمشترك في 2012م، عندما رجعت من الأردن قلت لهم: بأي حق تقتسمون الوظائف وبهذا الشكل، الوظيفة العام هي حق الناس كلهم، ليست حكراً أو غنيمة أو حقاً لحزب دون الآخر، هناك قواعد ومعايير لشغل الوظيفة العامة. قال الدكتور ياسين سعيد نعمان وكان حينها الرئيس الدوري للمشترك، احنا أُقصينا في السابق والآن بنعوض، قلت: ياسلام، يعني انتوا أُقصيتوا والآن بتقصوا الآخرين.. إذاً ما الفرق بينكم وبين من تقولون إنكم أقمتم عليهم ثورة (لا تنه عن خلق وتأتي مثله، عار عليك إذا فعلت عظيم) ابنوا الدولة المدنية العادلة والقضاء المستقل، وقدموا دعوى فيما عانيتم منه، وبالتالي تكونوا قد أرسيتم قيماً والتزمتم بها.. طبعاً من بعد ذلك اليوم لم أعد أحضر الاجتماعات.
أيضاً ومن بين هذه القوى التي لا تريد بناء الدولة، القيادات العسكرية النافذة في السلطة، وبمنطق أهبل (احنا نقوم الآن نعمل دولة مدنية يجو هؤلاء يبعدونا، ليش؟!)
أيضا التكنوقراط الانتهازي، مدراء عموم... إلخ، هؤلاء أيضاً يتعاملوا مع بناء الدولة بذات منطق القيادات العسكرية المشار إليها (نبني الدولة المدنية على شان يجو ناس يطيرونا من مناصبنا ليش.. ) ولهذا كانت اللعبة في الحوار سخيفة، بل إن النتيجة اليوم تؤكد أن ما حدث كان مقصوداً وليس عفوياً.
* يعني كان مقصوداً أن لا يصل الحوار إلى بناء الدولة فعلياً؟
- بالضبط، ما فيش جدية.
* ما أسباب فشل حكومة الوفاق.. وقد أوصلت البلد إلى حافة الانهيار، كما أكد ذلك مؤخراً رئيس الجمهورية؟
- أولاً عناصرها الذين تم اختيارهم لتولي الحقائب الوزارية والمناصب القيادية ليسو، معظمهم، عند مستوى المسؤولية، وتعاملوا باعتبارهم وزراء أحزاب أو جهات كانت وراء صعودهم، لا وزراء دولة. وعدد كبير منهم دخل يلفلف له ولمن يقف وراءه، وأنا مرة سألت وزير الخدمة المدنية الأخ نبيل شمسان: ليش جالسين تقتسموا الوظائف بهذا الشكل؟، قال يا أخي والله إنهم لا يتفقوا داخل مجلس الوزراء إلاّ على الوظائف.
* ولعل من أهم الأسباب غياب الرؤية؟
- صحيح، وكل طرف له هدف معين بعيداً عن المصلحة الوطنية، لم يكن همهم على الإطلاق بناء الدولة، ولهذا كان الفشل ذريعاً.
* من بين أهم ملفات فساد هذه الحكومة، ملف التجنيد الحزبي، ما رأيكم؟
- أنا كتبت رسالة للرئيس عبدربه منصور هادي، ونشرتها في مقال في صحيفة الأولى قلت فيها "أتمنى لو أنك تعمل إلى جانب لجنة إعداد الدستور، لجنة القوات المسلحة والأمن.. تتفق على أسس بناء هذه القوات وأين تتموضع، وكيف يتم اختيارها من كل مناطق اليمن، وما هي المعايير لاختيار قياداتها وكيف نبعدها عن التأثير الحزبي"، ويتم الاستفادة أيضاً مما ورد في مخرجات الحوار، أيضاً يتم تشكيل لجنة لبناء القضاء المستقل العادل، بلد بدون قضاء عادل (مسبغة) ولجنة ثالثة للإعداد لانتخابات حرة ونزيهة وندخل الانتخابات والحكومة التي تنتجها صناديق الاقتراع هي اللي تعالج قضية الانتقال إلى الدولة الاتحادية.
* بالنسبة لبناء الجيش والأمن، هناك هيكلة؟
- ما حصل ليست هيكلة، ما حصل أشبه بلعبة الكراسي، ما نحتاجه هي أسس لبناء القوات المسلحة.
* الإخوان المسلمون (الإصلاح) اخترقوا الجيش منذ الثمانينيات وتعمقوا أكثر في النصف الأول من التسعينات، وكان ذلك من خلال الفرقة الأولى مدرع.. هل توافقني الرأي؟
- أكيد.
* ولعل أهم أسباب الخلاف الذي حدث بين اللواء علي محسن الأحمر وأولاد الشيخ عبدالله وقيادات الإصلاح من جهة والعميد أحمد علي عبدالله صالح من جهة، أن هذا الأخير ومن خلال ما قام به من خطوات في إطار بناء مؤسسة الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، وضع حداً لاختراق الإخوان.
- صحيح، وهذا في إطار الصراع على السلطة، هؤلاء يرون أنهم أحق من أحمد علي. علي محسن مثلاً يرى أنه أحق بالرئاسة بعد علي عبدالله صالح. |