صنعاء نيوز - 
 
من الغريب أن يسجل بلد رقماً مهولاً من الأحداث والانتهاكات الجسيمة، ورئيسه يدّعي بأنه في وضع جيّد. والأشد غرابة أن يلتزم الصمت إزاء ذلك طيلة ثلاثة أعوام

الأربعاء, 24-ديسمبر-2014
صنعاء نيوز -


من الغريب أن يسجل بلد رقماً مهولاً من الأحداث والانتهاكات الجسيمة، ورئيسه يدّعي بأنه في وضع جيّد. والأشد غرابة أن يلتزم الصمت إزاء ذلك طيلة ثلاثة أعوام منذ أن نُصِّب حاكماً، إثر اندلاع انتفاضة شعبية ضد سلفه، طالبت بالمساواة وقليلاً من الكرامة.
انقشع الغطاء الدولي عن الرئيس هادي مع اختتام مؤتمر الحوار الوطني في أوائل العام الجاري، واتضح أن الضابط الذي وجد نفسه بغرابة الصدفة في كرسي الرئاسة لبلد منهك، يضع خطوطاً حمراء لنفسه، ولا تنفك أن تكون بيضاء للجماعة المسلحة القادمة من أقصى الشمال.
اللحظة يمكن أن نرى ما الذي أثار حفيظة المشير الذي يقضي عقوبة الإقامة الجبرية في مقر إقامته بالعاصمة صنعاء، هنا أيضاً يظهر الرجل السبعيني الذي يراوغ لمدة أطول على كرسي متهالك، بأن سجله متخم بانتهاكات، ترتقي في أغلب حالاتها إلى أن تصنّف كجرائم "الخيانة العظمى".
لا شيء أيضاً يمكن أن يفسّر ما الذي يذهب إليه هادي الذي يصرّ على أن الاتفاقيات التي نُقضت هي السبيل الأنجع للبلاد، وهو مُتهم - أيضاً - من قبل قطاعات شعبية بالتواطؤ مع جماعة الحوثيين التي سيطرت منذ أغسطس الماضي على بلدات ومُدن يمنية عدّة.
لم يدعُ هادي إلى تنظيم انتخابات رئاسية جديدة، ولم يُعلن للرأي العام فشله في إدارة الملفات الشائكة، ولم يفصح أيضاً على أنه يتعرّض لضغوطات، التزم الصمت والصمت فقط.
يسلط هذا التصرّف من هادي الضوء على واحد من أهم عناصر ضعفه، وهو أنه فشل على كل المستويات، ولم تكن المبادرة الخليجية والاتفاقيات التي تدعم موقفه حائلاً دون سقوطه المدوِّي بعد ثلاث سنوات من الحُكم.
سوّق هادي للرأي العام فكرة أن نظامه يعمل على تهيئة الوضع السياسي للبلاد، وتنفيذ مؤتمر الحوار، فيما ظلت البلاد تتهاوى بفعل ضرب المصالح النفطية وخطوط إمداد الكهرباء، كانت البنية التحتية تتردّى والغضب الشعبي ضد إدارته يتعاظم.
وعلى الرغم من أن عسكريين عوّلوا كثيراً على أكاديمية الرجل العسكرية، وهو المتخرّج من الأكاديمية العسكرية السوفيتية، بأن رئاسته لهيكلة قوى الجيش والأمن ستصنع فارقاً في تحديث بنية الجيش، إلا أنه فقد السيطرة على أغلب الفرق العسكرية.
خاضت قوات الجيش معارك عدّة، بدءاً من دماج ثم عمران فصنعاء فمُدن عدّة، أصر هادي على أن تلك المواجهات ذات صبغة سياسية، وأعلن وزير دفاعه أن قوات الجيش محايدة في المواجهات التي كانت فيها وحدات عسكرية هدفاً لمليشيات رسمت خُطتها بدّقة ومضت إلى الأمام، وكانت زيارة هادي لـ"عمران" شرعنة لسيطرة ميليشيا فتكت بجيش.
ونتيجة لذلك، وفي عهد هادي العسكري، اُقتحمت المعسكرات وسيطرت جماعة الحوثيين على عتاد عسكري ومواقع عسكرية، وقوّضت مسألة السيادة الدفاعية للبلد، وأظهرت مقاطع مصوّرة حجم العتاد العسكري المنهوب من مؤسسات دفاعية في قلب العاصمة صنعاء.
عوضاً عن ذلك، لم يحتمِ الرجل بشعبه، بل تنكّر له في أحلك الظروف، فدولته تغاضت عن هجوم جماعة الحوثيين على مديرية أرحب، الأسبوع الماضي، وتفجيرها عدداً من بيوت معارضيها ودُور العبادة فيها.
لم تصدر المؤسسة المعنية بالدرجة الأولى بيان إدانة أو استنكار، أو -على الأقل - لتذكير الجماعة بأنها موقِعة على اتفاق السلم والشراكة عشية سيطرتها على العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي.
لم يكتمل الأمر -من اللامبالاة التي ظهر بها هادي- عند هذا الحد، بل إنّ تعدياً صارخاً على قراره السياسي تمثل في عزل جماعة الحوثيين محافظ الحديدة، صخر الوجيه، وتعيين آخر بدلاً عنه، واقتحام ميناء المدينة الساحلية.
إضافة إلى ذلك، عزلت الجماعة في نوفمبر قائد قوات الأمن الخاصة اللواء محمد الغدرا ونصّبت عبد الرزاق المراني الموالي لها، بيد أن هذه الأحداث التي تعدّ من الأمور السيادية المتعلِّقة بمؤسسة الرئاسة لم يثر حفيظة هادي.
لزم هادي منطقة الانزواء التي رسمها لنفسه، ويبدو أن الحادث الإرهابي الذي تعرّضت له طالبات في مدينة رداع لم يشكل له مفارقة، وإذ أدان الأمين العام للأمم المتحدة الحادث إلا أن مؤسسة الرئاسة اليمنية ظلت غائبة.
واستنكر سكان محليون في رداع استمرار تجاهل هادي الانفجار الذي استهدف حافلة الطالبات وأدى إلى مصرع 16 طالبة، واعتبروا صمته جريمة أخرى في حق الطفولة اليمنية، لا تقل فداحة عن جريمة الحادثة.
على كل الجوانب، أوعز فشل الرئيس هادي طموح جماعة الحوثيين -التي تحالفت مع أركان النظام السابق- إلى تهيئة ظروف لا تسير كما تشتهي سفينته.
القشة، التي قصمت ظهر البعير، تمثلت في اتساع دائرة تذمّر الرأي العام من سلوك هادي وتقلّص دائرة مؤيديه، مقابل لجوء المواطن العادي إلى الطرف الذي يراه الأجدر بتوفير لقمة عيش ونوم هانئ، ولم يكن الأمر مصادفة حين التجأ عديد من الناس إلى جماعة الحوثيين المسلحة.
إلى ذلك؛ قالت صحف خليجية وعربية، عبر مصادر غالبيتها استخباراتية، إن انقلاباً عسكرياً وشيكاً تنفذه جماعة الحوثيين المسلحة التي باتت تُسيطر على زمام الأمور، وشكلت لذلك غرف عمليات تتولّى هذه المهمّة.
ونقلت صحيفة «المدينة» السعودية عن معلومات استخباراتية يمنية تشكيل جماعة الحوثي ثلاث غرف عمليات عسكرية في العاصمة صنعاء، بقيادة قائدها الميداني أبو علي الحاكم؛ للإشراف على الانقلاب العسكري.
والاثنين الماضي، شنّ زعيم ميليشيات جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي هجوماً شديد اللهجة على هادي واصفاً إياه بـ«مترس الفاسدين»، وقال إن ما اسماها بـ«ثورة الشعب» لم تكتمل، وإن هناك جبهاتٍ لم تخمد.
واتهم الحوثي الرئيس هادي بـ«تصدّر قوى الفساد وعرقلة تنفيذ اتفاق السلم والشراكة»، «تمنينا عليه الوقوف إلى جانب الشعب وكم قد نصحناه؛ كونه لا يشرّفه أن يكون واقفاً أمام الشعب، وإن الثورة حالت دون تسليمه البلاد لأمريكا بالاحتلال المباشر، الشعب لن يتغاضى عن ذلك إلى ما لا نهاية، وإن حساباته تؤثّر عليه«.
وينوي نشطاء حوثيون تنظيم مظاهرة في الرابع والعشرين من ديسمبر تطالب باستكمال إلغاء الجُرعة (رفع الدعم عن المشتقات النفطية) وضبط أسعار الديزل والوقود، وتطهير المؤسسات الحكومية من الفساد ومحاكمة المتورّطين بأنشطة فساد.
في السياق؛ قال أسامة ساري، أحد أبرز نشطاء جماعة الحوثيين، في مقابلة متلفزة إن جماعته قادرة على أن تنقلب على هادي في ظرف يوم واحد.

*المصدر أونلاين
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:45 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-33087.htm