صنعاء نيوز - كشف مسؤول حكومي وخبير اقتصادي، لـ"الأولى" عن انهيار كبير يشهدهالاقتصاد الوطني، نتيجة هبوط حاد في الإيرادات الضريبية، والذي تشهدهالبلاد-حالياً- لأول مرة في تاريخها، باعتباره يمثل رافداً أساسياً لهذاالاقتصاد، مما ينذر بأزمة مالية خانقة تواجهها الحكومة، قد تعطل مقدرتهاعلى دفع مرتبات موظفيها.
وقال لـ"الأولى" يحيى محمد الأسطى، مستشار رئيس مصلحة الضرائب، إنالإيرادات من يناير وحتى نوفمبر 2014، بلغت أكثر من 481 مليار ريال، بينماالخطة والتي تعرف بـ"ربط الإيرادات" لمصلحة الضرائب كانت تتوخى تحصيل أكثرمن 525 مليار ريال، ولذا بلغ مقدار العجز أكثر من 43 مليار ريال، وهو ماشكل ضربة قاصمة للاقتصاد الوطني.
وأوضح الأسطى أن هناك إخفاقاً وتآكلاً سريعاً في هذه الإيرادات الحيويةللدولة، حيث سجلت الفترة من 1 ديسمبر الجاري وحتى 17 من هذا الشهر عجزاًيقدر بأكثر من 18 مليار ريال، وأن العجز لم يصل إلى هذه النسبة المرتفعة فيأي فترة سابقة.
وأشار الأسطى إلى أن شهر أبريل كان شهد تحسناً ملحوظاً ولم يسجل عجزاً،بل وفرة، لكن الأشهر التي قبله والتي بعده، عملت على تآكل هذا الإنجاز،والقضاء عليه، لتتحول المحصلة إلى عجز غير مسبوق.
وأرجع الأسطى هذا الانهيار في القطاع الضريبي إلى سياسات خاطئة تماتخاذها مؤخراً، ومنها أن "مصلحة الضرائب شهدت في بداية شهر أبريل 2014تغييرات أقل ما يقال عنها إنها إقصائية وغير موفقة، طالت ديوان عام المصلحةوالوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين وبعض مكاتب الضرائببالمحافظات، والغريب في الأمر عدم شمولية هذا التغيير لمكاتب لها نصيب فيذلك العجز!!"، حد قول الأسطى.
وقال الأسطى إن قوى نفوذ في مصلحة الضرائب استغلت أيضاً التغيير الذيأجراه رئيس الجمهورية في شهر يونيو المنصرم، وأظهرت نفسها أنها الأكثر خبرةوالأكثر جدارة دون غيرها في الوقوف إلى جانب رئيس المصلحة الجديد، وعملتعلى حشر نفسها في مختلف المهام بما في ذلك التدخل في صلاحيات مختلفالقطاعات والإدارات العامة الأخرى، وتولت الوصاية على فروع المصلحة فيالجمهورية سواء وحدة كبار المكلفين أو المكاتب بالمحافظات.
وتحدث الأسطى عن قضايا أخرى عاقت عملية تحصيل الإيرادات الضريبية، منها "الاهتمام بمسائل وقضايا جانبية ليس لها أثر في معالجة المشكلة القائمة،وتدني الإنجاز في الإجراءات الفنية، وضعف الإدارات الضريبية التنفيذيةوالقصور في متابعة سداد المديونيات الضريبية لدى الغير.
وقال إن هذه المديونيات سواء لدى القطاع الخاص أو النفطي أو القطاعالاقتصادي، أو مختلف القطاعات الأخرى مبالغ كبيرة جداً تصل إلى 20 مليارريال، منها ما يخص الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين بإجماليمبلغ أكثر من 17 مليار ريال.
"الأولى" تنشر تقرير الخبير الاقتصادي الأسطى، كما ورد إلى الصحيفة، على النحو التالي:
تنامي العجز في الإيرادات الضريبة والتخبط في المعالجات
بحسبالنشرات الاقتصادية وتحليلات خبراء الاقتصاد، ومايتكرر في وسائل الأعلام أن منظومة الدولة اليمنية تشهد حالياً انهياراًاقتصادياً غير مسبوق وتعاني في هذه المرحلة بالذات من أزمة ماليه خانقهتوشك على عدم قدرة الحكومة في مواجهه مرتبات موظفيها، وهناك شبه إجماع بانذلك يعود في الأساس إلى توالي الانحدار في الإيرادات النفطية بسببالاعتداءات المتكررة على أنابيب النفط، وتعاظم الخسائر التي تحملتهاوتتحملها الدولة بسبب استمرار الاعتداءات أيضاً على أبراج الكهرباء، وعدمقيام "الدولة " بأي إجراء رادع في مواجهة ذلك، ناهيك عن العبث والنهبالمنظم لأموال وثروات البلد، وعبر العديد من القنوات والأساليب غيرالمشروعة، والتي تمت شرعنتهـــــا بالتكرار وعبر زمن طويل بامتهانوممارســـة ذلك الفساد المخيف حتى أصبحــــــت الدولــــة اليمنية "مختلفأجهزة الدولة" حــــائزة على ترتيب مميز في أوائـــــل صفـــــوف الدول ذاتالشهرة بانتشار الفساد فيها.
لقد كانت تلك هي الأسباب الرئيسة للوضع الاقتصادي المنهار والمهترئوالاختناق المالي غير المسبوق، والذي يهدد وجود واستمرارية الدولة، وهيأسباب ذات علاقة بالنفط والدفاع والكهرباء وتسخير نفقات الموازنة العامةلأغراض غير مشروعه وتشجيع الإثراء غير المشروع، وإهدار المال العام عن عمدوسبق إصرار وفي مختلف أجهزة الدولة.
وإذا كانت الاعتداءات التخريبية على أنابيب النفط هي السبب الرئيس، وليسالوحيد، في تدهور الإيرادات المحصلة من النفط، فماذا عن الإيراداتالضريبية والتي يعتبرها خبراء الاقتصاد أنها من أهم مصادر الإيراداتالمستدامة للدولة، على اعتبار أنها أكثر ديمومة وثباتاً مقارنة بمواردالثروات النفطية المهددة بالنضوب.
خطة مصلحة الضرائب لعام2014:
بداية، يمكن الإشارة إلى بعض الجوانب الأساسية الواردة في الخطة العامةلمصلحة الضرائب لعام 2014 على اعتبار أنها المسؤولة عن سلامة تنفيذها،وتتولى مهام التوجيه والإشراف، والرقابة على كافة فروعها في الجمهورية،وعبر القطاعات والإدارات العامة بديوان المصلحة يتم متابعة وتقييم نتائجالأعمال التنفيذية أولاً بأول، وتكون رقابتها مصاحبة لتدارك أي انحراف سلبيعما ورد في الخطة، وتقوم في نفس الوقت باتخاذ الإجراءات اللازمة التي تكفلعدم استفحال تلك الانحرافات، وسوف نشير فقط إلى الهدف الأول ورؤية المصلحةفي هذه الخطة، إضافة إلى الهدف المالي المتمثل في الربط وكما يلي:
أ- لقد كان الهدف الأول في خطة مصلحة الضرائب لعام 2014م هو تنمية الإيرادات من خلال السياسات التالية :-
1- رفع كفاءة التحصيل الضريبي.
2 - تبسيط الإجراءات الضريبية.
3 - تعزيز ثقة المكلف بالإدارة الضريبية من خلال تطبيق الربط الذاتي والفحص بالعينة.
كما حددت المصلحة في ذات الخطة رؤيتها ورسالتها في تنفيذ هذه الخطة كمايلي :-
ب- الرؤية :
إدارة ضريبية ذات كفاءة عالية تحقق العدالة الضريبية، والامتثال الطوعي بغية المساهمة الفاعلة في موارد الموازنة العامة للدولة.
ج- الرسالة :
تقديم خدمات نوعية للمكلفين ونشر الوعي الضريبي، وتبسيط الإجراءاتالضريبية بالاعتماد على كوادر مؤهلة ونزيهة، وتشريعات ضريبية واضحة وشراكةفاعلة مع المكلفين.
د- الهدف المالي:
أما في مجال الإيرادات فقد أوضحت المصلحة في صــ200 من هذه الخطة أنإجمالي ربط الإيرادات المركزية والمحلية لعام 2014م على مستوى الوحدةالتنفيذية للضرائب على كبار المكلفين ومكاتب الضرائب بأمانة العاصمةوالمحافظات بإجمالي مبلغ (581.623.714.000) ريال موضحاً أن إجمالي ربطإيرادات السلطة المحلية بمبلغ (8.623.714.000) ريال وأن إجمالي ربطالإيرادات المركزية مبلغ (573.000.000.000) ريال، وفي توزيعها لمبلغ الربطالإجمالي للإيرادات المركزية على فروع المصلحة بالجمهورية، تم تحديد مبلغالربط على الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين بمبلغ (421.641.659.000) ريال، باعتبار هذه الوحدة تضم مع فروعها بالمحافظات فئةكبار المكلفين المفترض أنهم الأكثر التزاماً بالقانون والضرائب المستحقةالمفترض تحصيلها منهم تصل إلى أكثر من ( 75% ) من إجمالي إيرادات مصلحةالضرائب السنوية هذا بالإضافة إلى أن المبالغ المحصلة من الضريبة العامةعلى المبيعات يتم توريدها إلى حساب هذه الوحدة.
إن أهم ما ينظر إليه في النتائج السنوية لأعمال مصلحة الضرائب سواء فيبلادنا أو غيرها من البلدان هو الجانب الإيرادي باعتباره يعكس مدى التزامالإدارة الضريبية بالأهداف والسياسات المرسومة لها والتي هي ذاتها قامتيرسمها وتحديدها، ووفقاً لهذه النظرة فإن النجاح في تحقيق الهدف المالي فيتحصيل الإيرادات الضريبية بما يساوي أو يزيد عن المبلغ المحدد كربط فيالموازنة العامة للدولة فهذا يعني أن هناك كفاءة في الأداء، وكفاءة فيتحصيل الضرائب المستحقة، والتزاماً بالسير في التحاسب الضريبي بإجراءاتمبسطة، والتزام بقواعد الربط الذاتي، وأن الإدارة الضريبية تمكنت فعلاً منبناء جسور الثقة مع المكلفين مما سهل عليها وعليهم القيام بإنجاز المحاسبةالضريبية، وبذلك تمكنت من استكمال إجراءاتها في مختلف مراحل العمل الضريبيبحسب التزاماتها في بداية العام بموجب الخطة المرسومة، سواء من حيث الكيفأو الكم، وبالتالي تمكنت من تحصيل الضرائب المستحقة من واقع إقراراتالمكلفين، وأيضاً تحصلت الضرائب المستحقة التي قامت بربطها على المكلفينالذين قامت بمحاسبتهم وفقاً لأحكام القانون، مما يعني أنها التزمت بقواعدالعدالة الضريبة، ونشر الوعي الضريبي في أوساط جمهور المكلفين، وعملتبكفاءة على توسيع قاعدة الامتثال الطوعي، وبالتالي نجحت بفضل تلك الإجراءاتالحثيثة والدؤوبة والمتواصلة من الفترة الضريبية الأولى من نفس العام منتحقيق الإيرادات المطلوبة، أو كما يقال في الأوساط الضريبة، إن الحصيلةوليدة إجراءات.
نتائج تنفيذ الخطة:
خلافاً لذلك، ولأول مرة في تاريخ مصلحة الضرائباليمنية تظهر النتائج أن إيرادات مصلحة الضرائب ومكاتبها بما فيها الوحدةالتنفيذية للضرائب على كبار المكلفين للفترة يناير – نوفمبر 2014 مخيبةللآمال، فقد بلغت الإيرادات الضريبية الفعلية للفترة المذكورة مبلغ (481.761.447.048) ريالاً في حين أن الربط لنفس الفترة مبلغ (525.250.000.000) ريال، أي بفارق سلبي مبلغ (43.488.552.952) ريالاً وهذايمثل عجزاً كبيراً مقارناً بالربط الواجب تحقيقه خلال نفس الفترة وهذهسابقة لم تشهدها مصلحة الضرائب من قبل وبالذات بهذا الحجم، علماً بأن حصةالوحدة التنفيذية لكبار المكلفين من هذا العجز مبلغ (30.329.648.805) ريال،وحصة مكتب ضرائب أمانة العاصمة مبلغ (4.541.419.123) ريالاً وحصة مكتبضرائب محافظة الحديدة مبلغ (1.399.118.652) ريالاً، مع أن هذا المكتبيستحوذ على نسبة عالية من المبالغ المحصلة تحت الحساب، وبما يزيد عن الحصةالمستحقة له كما هو الحال أيضاً جارٍ في مكتب ضرائب محافظة عدن، وتأتيأيضاً حصة مكتب ضرائب سيئون في هذا العجز المشار إليه للفترة يناير –نوفمبرمبلغ (1.218.070.968) ريالاً، وهذه المكاتب الأربعة هي الحائزة على نصيبالأسد في ذلك العجز بإجمالي مبلغ (38.488.257.548) ريالاً من أصل مبلغالعجز الكلي المذكور وقدره (43.488.552.952) ريالاً ومع أن هذا الأمر ملفتللغاية ويشكل إخفاقاً كبيراً يتطلب تداركه قبل انتهاء العام المالي 2014م،مع كل ذلك فالملاحظ أن هذا الانحدار في تزايد، فقد وصل إلى تاريخ 17/12/2014م مبلغ (62.221.294.731) ريالاً وهذ يعني أن العجز المحقق منتاريخ 1/12/2014 وحتى 17/12/2014 مبلغ وقدره (18.732.741.779) ريالاً.
من المفيد أيضاً مراجعة بداية ظهور هذا العجز خلال هذا العام للوقوف علىذلك التطور السلبي للإيرادات الضريبية في ذات الفترة، ويفضل أن نحاول تتبعذلك من نهاية الفترة القانونية لتقديم الإقرارات الضريبية باعتبارهاالفترة التي يعول عليها في رفع مستوى التحصيل، وتدارك أي انحرافات، وبالرغممن ذلك فقد بلغت إجمالي الحصيلة في شهر إبريل (78.432.122.277) ريالاً فيحين أن الربط لنفس الشهر بمبلغ (47.750.000.000) ريال أي بزيادة بمبلغ ( 30.682.122.277) ريالاً ولكن بالمقارنة على مستوى الفترة يناير- أبريل 2014، يلاحظ تآكل والتهام هذا الإنجاز الجيد حيث بلغ إجمالي الحصيلةالمحققة في الوحدة التنفيذية وفروعها ومكاتب الضرائب بالجمهورية مبلغ (184.827.289.273) ريالاً في حين أن الربط لنفس الفترة مبلغ (191.000.000.000) ريال أي بفارق بالعجز بمبلغ (6.172.710.727) ريالاً،وهذا يعني أن الإخفاق في تحقيق الربط على مستوى الفترة، يعود إلى بدايةالعام، ولم يتم استدراكه بنهاية فترة الإقرارات الضريبية والتي تعُتبرالموسم الخصب في التحصيل، مع أن حصيلة الوحدة التنفيذية لكبار المكلفينبلغت في شهر إبريل مبلغ (67.667.742.921) ريالاً والربط المحدد لنفس الشهرعلى هذه الوحدة وفروعها فقط بمبلغ (35.136.804.917) ريالاً أي بزيادة عنالربط بمبلغ (32.530.938.004) ريال ومع ذلك فإن النتيجة العامة على مستوىالمصلحة أظهرت بتحقق عجز عن الربط بما يزيد عن 6 مليارات كما هو مبينأعلاه، وهذا يؤكد أن العجز المحقق في مكاتب الضرائب بأمانة العاصمةوالمحافظات كبير وفي تزايد منذ بداية العام مما أدى إلى امتصاص تلك الزيادةالمحققة في كبار المكلفين لتصبح النتيجة العامة للفترة يناير- أبريل بتحققعجز بأكثر من 6 مليار.
وإذا حاولنا تتبع تلك الزيادة المطردة في العجز بعد هذه الفترةالقانونية لتقديم الإقرارات فيمكن الوقوف على ذلك من خلال الجدول التالي:
- الإيرادات الضريبية المحققة خلال الفترة يناير وحتى 17/12/2014م مقارنة بالربط في الموازنة العامة للدولة:
الفترة
الرابط في الموازنة العامة للدولة على مصلحة الضرائب
الإيرادات المحصلة على مستوى المصلحة في كبار المكلفين ومكاتب الضرائب بالجمهورية
يناير-أبريل
191.000.000.000
184.827.289.273
6.172.710.727
يناير- مايو
238.750.000.000
233.961.044.271
4.788.955.729
يناير- يونيو
286.500.000.000
279.787.584.801
6.712.415.199
يناير- يوليو
334.250.000.000
327.665.708.784
6.584.992.316
يناير- أغسطس
382.000.000.000
364.804.391.092
17.195.608.908
يناير- سبتمبر
439.750.000.000
406.319.668.490
23.430.331.510
يناير- أكتوبر
477.500.000.000
448.487.289.216
29.012.710.784
يناير- نوفمبر
525.250.000.000
481.761.447.048
43.488.552.952
يناير- حتى 17/12
557.806.818.182
495.585.523.451
62.221.294.731
عشوائية معالجة الإخفاق:
قد يساعدنا على فهم هذه المشكلة بشكل أفضل الوقوف على أسبابها، وبالذاتما يتعلق بالتزايد المطرد لذلك العجز خصوصاً من شهر أغسطس، وقبل الولوج فيالأسباب، من المفيد الإشارة إلى أن مصلحة الضرائب شهدت في بداية شهر أبريل 2014 تغييرات أقل ما يقال عنها إنها إقصائية وغير موفقة، طالت ديوان عامالمصلحة والوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين، وبعض مكاتب الضرائببالمحافظات، والغريب في الأمر عدم شمولية هذا التغيير لمكاتب لها نصيب فيذلك العجز! وفي يونيو من نفس العام صدر قرار جمهوري بتعيين رئيس جديدلمصلحة الضرائب، مشهود له في وزارة النفط بالنزاهة والخبرة في هذا المجال،إلا أنه أصبح ملزماً بالتعامل مستقبلاً مع مهامه الجديدة في العمل الضريبي،وللأسف البالغ استغلت قوى النفوذ في المصلحة هذا التجديد، وأظهرت نفسهاأنها الأكثر خبرة والأكثر جدارة دون غيرها في الوقوف إلى جانبه في قيادةالمصلحة، وعملت على حشر نفسها في مختلف المهام بما في ذلك التدخل فيصلاحيات مختلف القطاعات والإدارات العامة الأخرى، وتولت الوصاية على فروعالمصلحة في الجمهورية سواء وحدة كبار المكلفين أو المكاتب بالمحافظات، وبغضالنظر عن سياسة التهميش والإقصاء للكوادر الضريبية المشهود لها بالنزاهةوالكفاءة، فقد تمكنت هذه القوى وبذكاء إقناع القيادة الجديدة في المصلحةوربما في الوزارة (ولا ندري مدى صحة تأثيرها في الوزارة، لعدم القدرة فيالوصول إلى الباب العالي)إلى تبني مشاريع جانبية وبعيدة كل البعد عنالقضايا الأكثر إلحاحاً وأهمية للمصلحة والتي من أهمها أولوية اتخاذالإجراءات الفورية لتدارك العجز المتزايد في الإيرادات، أو على الأقلمعالجة مكامن الخلل في المراكز الإيرادية الرئيسة لإيقاف الاستمرارية فيالتدهور؛ وبخلاف ذلك تمكنت قوى النفوذ من جر المصلحة إلى قضايا جانبية وغيرذات أهمية، ولا يترتب على إنجازها أي مردود فعلي في تنمية الإيراداتواستدراك ذلك العجز، وهذا الانحراف عن أهم المهام المنوطة بالمصلحةالمتمثلة في تأمين وضمان استمرارية تد فق ونمو الإيرادات وتكثيف الرقابةعلى نتائج أعمال المراكز الإيرادية بالذات الرئيسة بشكل يومي وأسبوعيوشهري؛ ونظراً لإهمال هذه المهام الأساسية، والاهتمام بقضايا جانبية لهاأهميتها لدى تلك القوى، فكانت النتيجة تزايد ذلك العجز في الإيرادات، وعدماتخاذ أي إجراء في حق المقصرين، أو تقديم خطة لتدارك ومعالجات تلكالإخفاقات المتزايدة في الإيرادات الضريبية سواء في الوحدة التنفيذية لكبارالمكلفين أو مكاتب الضرائب بالمحافظات، ومن تلك القضايا والمسائل الجانبيةعلى سبيل المثال:
1- الاهتمام بما يسمى بالتراكم وهي "شماعة سنوية" واستمرت المصلحةمن شهر يوليو مشغولة وكذلك الوزارة بهذا الوهم حتى تم إصدار قراري وزيرالمالية رقم (214) ورقم (218) بشأن تبسيط إجراءات ربط وتحصيل ضرائب الدخلعن السنوات 2013، وما قبلها لكبار ومتوسطي المكلفين وصدرت هذه القراراتالأول بتاريخ 18/9/2014، والثاني بتاريخ 29/9/2014، (والأخير أثناء فترةحكومة تسيير الأعمال) وعندما تم الاطلاع على هذين القرارين تبين أنهما لايقدمان أية حلول صحيحة لمشكلة العجز الكبير في الإيرادات، بل بالعكس منذلك، فقد شكلا انتكاسة في العمل الضريبي القائم، وتراجعاً عن الشوط الذيسبق للمصلحة أن حققته في الفترات السابقة بالذات ما يتعلق بالربط الذاتيبموجب القانون، وتراجعاً أيضاً عن خطوات متقدمة توصلت إليها المصلحة معالمكلفين خصوصاً كبار المكلفين للالتزام بمسك حسابات منتظمة وتقديمإقراراتهم الضريبية وفقاً لذلك، بل إن النتائج الظاهرة في الإقراراتالمقدمة من كبار المكلفين في هذا العام نفسه تؤكد وجود إقرارات مقدمة منكبار مكلفين مستندة لحسابات منتظمة بموجب القانون، مع أنهم معتادون علىالتحاسب عن طريق التقدير، ليس ذلك فحسب بل إن هذه القرارات مخالفة وبشكلصارخ لقانون ضرائب الدخل ومعيبة وافتئات على أحكام القانون، مما يقتضي سرعةإلغائها لعدم قانونيتها وعدم دستوريتها؛ وقد تم تحرير مذكرة لرئيس المصلحةبتاريخ 26/11/2014 تضمنت المخالفات وعدم جدوى هذين القرارين في تدارك أومعالجة ذلك العجز في إيرادات المصلحة ومكاتبها، وأوضحنا لرئيس المصلحة فيهذه الرسالة العيوب القانونية والفنية والإجرائية في هذه القرارات، وانعدامالجدوى منها في تحصيل أي استحقاقات ضريبية من المكلفين كما تزعم تلكالقوى، وطالبنا بإلغائها، ومما ورد في هذه الرسالة الموجهة لرئيس المصلحةعلى سبيل المثال ما يلي:
* تعتبر هذه القرارات غير قانونية وغير دستورية ويمكن إبطالها عبرالقضاء باعتبارها تشكل جزءًا من حالات الفساد التشريعي ويمكن الطعن بعدمدستوريتها.
* سوف يترتب على تطبيق هذه القرارات إهدار كبير جداً للإيراداتوالمستحقات الضريبية المفروضة بموجب القانون، وعدم إمكانية المصلحة تحصيلأي ضرائب بموجب هذه القرارات، خاصة وقد تم النص في هذه القرارات على أنالضريبة تكون في حدود ما سبق تحصيله، وكذلك أوردت عدد من الأنشطة أصبحتالضريبة نهائية بذات المبالغ المحصلة تحت الحساب.
* سيترتب على تطبيق هذا القرارات عزوف كبير جداً في الالتزام عن تقديمالإقرارات الضريبية في الأعوام القادمة وفقاً لحسابات منتظمة، حيث وانالالتزام بالقانون سوف يشكل عبئاً كبيراً على الملتزمين؛ وبالتالي فإن نسبةعالية من المكلفين سوف يحجمون عن تقديم الإقرارات مستقبلاً، انتظاراً لمثلهذه العروض السخية، والتي تمنح غير الملتزمين مزايا كبيرة جداً من حيثمبلغ الضريبة أو إجراءات التحاسب الضريبي ؛ بل إن ذلك قد يفسر أنها رسالةللملتزمين بالقانون!
*إذا تم مراجعة هذه القرارات مع كافة التوصيات السابقة لصندوق النقدالدولي وكذلك البنك الدولي، ستجدون أن هذه القرارات تمثل تراجعاً منالمصلحة عن الإصلاحات الضريبية السابق اعتمادها والتعهد بتطبيقها وعودةكاملة إلى ما قبل صدور القانون خصوصاً وأن الإصلاحات التي تضمنها القانونتم إقرارها من ممثلي الحكومة والقطاع الخاص، ولذلك فإن هذا تراجع سوف يشكلإخلالاً وتراجعاً غير محمود من المصلحة عن كل التزاماتها، وتعهداتها أمامالمؤسسات الدولية المتعلقة بالإصلاحات الضريبية والتي أقرها القانون، بلربما تكون المصلحة محل مساءلة من قبل الأجهزة الرقابية المختصة ؛ كما أنذلك يعكس صورة غير جيدة عن تمادي الإدارة الضريبية في اختراقها للقوانينوعدم احترامها لقواعد العدالة الضريبية المكفولة لجمهور المكلفين بموجبالقانون ؛ كما أن ذلك يظهر مدى سهولة الخروج عن القانون في بلادنا وتغليبالقرارات على القوانين دون اكتراث للأضرار المترتبة على تلك الاختراقات،سواء في حق الملتزمين بالقانون أو في حق الخزينة العامة أو في حق المجتمعككل؛ مع أن ذلك يُعد جسيماً وخروجاً أيضاً عن الدستور مما يجعل الإدارةالضريبية في وضع لا يحسد عليه أمام الغير.
*ستكون هذه القرارات بمثابة المكافأة بالنسبة للملفاتالتي أصبحت تصل إلى المصلحة عن حالات الفساد للسنوات السابقة، وبالتالي فإنإخضاع هذه الملفات للتحاسب بموجب هذه القرارات ستكون مكافأة للفاسدين علىفسادهم في البلاد في الفترات الماضية.
2- في تاريخ 31/10/2014 أصدر وزير المالية قراراً برقم (249) لسنة 2014 (في فترة حكومة تصريف الأعمال) بشأن إنشاء وحدة تنفيذية لمكافحة التهربالضريبي، وبالنظر إلى ذلك يلاحظ أننا أمام عمل عبثي، حيث وأن من ضمنالقطاعات بالمصلحة قطاع مكافحة التهرب الضريبي، ويأتي ربط هذه الوحدةمباشرة برئيس المصلحة ليشكل تضارباً وازدواجية في الاختصاص بين قطاعالمكافحة في المصلحة وهذه الوحدة المنشأة بموجب هذا القرار الوزاري، كما أننصوص هذا القرار تتعارض مع اللائحة التنفيذية لمصلحة الضرائب الصادرةبقرار جمهوري، علماً أن قطاع مكافحة التهرب الضريبي في ديوان المصلحة تمإنشاؤه بموجب قرار جمهوري أيضاً، ولا يجوز إلغاؤه أو استبداله بإدارة عامةبموجب قرار وزاري، وأما أن تكون هذه الوحدة تتبع رئيس المصلحة ومهامهاتنفيذية وإشرافية في آن واحد، ويتم إنشاء فروع لها بمكاتب الضرائببالجمهورية، فهذه الازدواجية مع المكاتب غير قانونية، ولن تكون مقبولةعملياً من المكاتب في المحافظات، لأن مسؤولية الإشراف للمصلحة، ولا يجوز أنيشرف مكتب على مكتب آخر، وسوف يترتب على إنشاء هذه الوحدة وعند مباشرتهاللعمل - في حال تغلب الباطل ونفذ هذا القرار- سوف تترتب عليه اختلالاتخطيرة جدا من أهمها دخول مكاتب الضرائب ووحدة كبار المكلفين في نزاع مستمرمع هذه الوحدة حول ملفات المكلفين، وأيضا نزاع مستمر حول الاختصاص، خصوصاًوأن اللائحة التنفيذية تحدد اختصاص ربط الضريبة على الوعاء المكتشف تهربهمن خلال مراجعة الإقرار، يعود لمكتب الضرائب المقدم إليه الإقرار، مع أنهامن حالات التهرب، في حين أن هذا القرار غير القانوني جعل ذلك الربط منصلاحية تلك الوحدة، أضف إلى ذلك فإن عدم استقرار هذه الملفات أو بالأصح عدماستقرار الوعاء الضريبي سوف يؤدي إلى تفشي الفساد.
3- في النصف الأخير من شهر نوفمبر تم إظهار اتفاقية بين المصلحةومؤسسة التمويل الدولية تم التوقيع عليها من الطرفين بتاريخ 14/8/2014 أطلقعليها اتفاقية تعاون، وتم تحديد الهدف الرئيس فيها، بتبسيط السياساتوالإجراءات الضريبية، على أن يبدأ العمل بها اعتبارا من شهر يونيو 2014!؟وبالرجوع إلى علاقة هذه المؤسسة بالمصلحة تبين أنها أبرمت مع المصلحة فيشهر أكتوبر من عام 2009 اتفاقية تعاون مبدئية بشأن مشروع تبسيط الإجراءاتالضريبة في اليمن، والملفت أن ذات القوى النافذة اليوم كانت آنذاك كذلك،واستمرت مع خبراء المؤسسة في التنفيذ، وغير معلومة النتائج التي تم التوصلإليها، وما جنت المصلحة، من ذلك مع أن من أهداف اتفاق عام 2009، تطويرمشروع تجريبي لنظام الضرائب على المشروعات الصغيرة، وللأسف بعد خمس سنواتيُحدد في اتفاقية التعاون المبرمة مع نفس المؤسسة، بأن مشروع النظامالضريبي للمنشآت الصغيرة أهم الأهداف لهذا الاتفاق، وغير معلوم سبب هذاالتكرار؟ ولنا أن نتساءل عن نتائج الاتفاق الأول حتى نعلم من أين سيبدأتنفيذ الاتفاق الجديد؟ وللتذكير المؤكد فإن قراري وزير المالية السابقالإشارة إليهما أعلاه يتناقضان كلياً مع مختلف بنود هذه الاتفاقيات المبرمةمع المؤسسة المذكورة، سواء المبرمة عام 2007 أو 2009 أو الأخيرة في هذاالعام 2014، وهذا يؤكد لكل اليمنيين أن قوى النفوذ في مختلف أجهزة الدولةتعتمد على السيطرة والافتئات على سلطة القرار.
لقد ترتب على هذه الاتفاقية إظهار وتعيين تشكيلة بعدة مسميات لتنفيذالاتفاقية يلاحظ أنها نفس المسميات في تنفيذ اتفاقية عام 2009، وما أشبهاليوم بالبارحة، تستحوذ القوى النافذة، ومن تراه يتوافق معها على كل شيء،ويتم إقصاء الكوادر الفنية المؤهلة، أو للحفاظ على ماء الوجه وضعهم فيأعمال هامشية.
من جانب آخر، يبرز السؤال الأهم من كل ذلك، وهو ما دور هذه الاتفاقيةوالتي ينتهي العمل بها في عام 2015 ما دورها في معالجة العجز في حصيلةالإيرادات الضريبية؟ وما دورها في تدارك ذلك الإخفاق؟ الجواب ليس لها علاقةمطلقا بذلك، كما هو الحال لتلك القرارات غير القانونية.
4- في تاريخ 4/11/2014 صدور قرار وزير المالية رقم (254) بشأن إنشاءاللجنة الفنية العليا برئاسة مصلحة الضرائب "صدر في فترة حكومة تصريفالأعمال" تم بموجب هذا القرار إسناد أهم أعمال المصلحة بصورة عامة إلى هذهاللجنة بما في ذلك الرد على تقارير الجهاز، وتم حصر أعضائها بذات القوىالنافذة ومن المرتبطين بها، وبموجب هذا القرار تم إلغاء اللجان الفنيةالعاملة في المصلحة منذ فترة طويلة، وحصر كل شيء بهذه اللجنة، وبموجب هذاالقرار أوضحت هذه القوى وبصراحة إصرارها على تهميش وإقصاء كل من يتعارضمعها، بالذات من يتمتعون بالنزاهة والكفاءة العالية، وقد تقدم الكثيرمنالكوادر الفنية الحقيقية بالتظلمات إلى رئيس المصلحة، موضحين له أنهم جزءمن المصلحة ولا يجوز التعامل معهم بهذه الدونية، مع أنهم من ينطبق عليهمصفة الفنيين وليس من وردت أسماؤهم في تلك اللجنة.
أسباب تحقق العجز في الحصيلة واستمرار تفاقمه:
1- الاهتمام بمسائل وقضايا جانبية ليس لها أثر في معالجة المشكلة القائمة، كما سبق الإيضاح أعلاه.
2- تدني الإنجاز في الإجراءات الفنية، ويترتب على هذا القصورفقدان مصادر الإيراد، حيث والحصيلة هي وليدة إجراءات، ولأن إخفاق الإدارةالضريبية في تحقيق إنجاز الملفات في محاسبة المكلفين بحسب ما ورد بالخطة،أو على الأقل بما تم في الفترة المقابلة من العام السابق، فإن هذا الإخفاقيعكس نفسه على مستوى الإيرادات المحصلة.
3- ضعف الإدارات الضريبية التنفيذية، وبالذات الأكثر أهمية منهافي إدارة ومتابعة مأموري الضرائب لتقديم ملفات التحاسب الضريبي المنجزة معالمكلفين على مستوى كل شهر بحسب المخطط لكل منهم، وهذا ما يترتب عليه عجزفي تحقيق الإنجاز للإجراءات الفنية.
4- القصور في متابعة سداد المديونيات الضريبية لدى الغير، سواءلدى القطاع الخاص أو النفطي أو القطاع الاقتصادي، أو مختلف القطاعاتالأخرى، مع أنها أرصدة بمبالغ كبيرة جداً تصل إلى عشرين مليار ريال، منهاما يخص الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين بإجمالي مبلغ (17.314.516.130) ريالاً زائداً (2.946.175 ) دولاراً أمريكياً موزعة كمايلي:
البيان
المبلغ
ريال
دولار
القطاع العام والوحدات الاقتصادية (دخل/مبيعات)
14.900.740.830
1.454.626$
القطاع الخدمي
1.296.025.306
446.421$
القطاع التجاري
327.231.775
357777$
القطاع الصناعي
575.985.732
0$
النفطي
29.172.172
687351$
أرصدة ضريبة المبيعات
185.360.315
0$
الإجمالي
17.314.516.130
2.946.175$
ومع الأخذ بعين الاعتبار فإن هناك إشكاليات في الأرصدة الخاصة بالوحداتالاقتصادية غير القادرة على السداد، إلا أن الأرصدة لدى الوحدات القادرةعلى السداد بمبالغ كبيرة أيضاً، وكان يجب أن تبذل جهود كبيرة في تحصيلهاومقدارها:
ضرائب دخل ( 6.625.179.757) ريالاً
(1.454.626 ) دولاراً أمريكياً
ضريبة مبيعات (1.834.494.782) ريالاً
مع أنه من حق المصلحة الرفع لوزير المالية لخصم تلك المديونيات منمستحقات تلك الجهات لدى الوزارة عملا بأحكام المادة (213) من اللائحةالتنفيذية لضرائب الدخل والتي جاء نصها:
(213) استقطاع الدين الضريبي:
وفقا لأحكام المادة (156) من القانون في حالة عدم التزام أي من مؤسساتالقطاع الاقتصادي (القطاع العام والمختلط) بتسديد الضريبة المستحقة عليها،والتي أصبحت واجبة الأداء، يحق لرئيس المصلحة أن يتقدم بطلب إلى الوزيرباستقطاع تلك المستحقات الضريبية من مستحقات تلك الجهة لدى وزارة الماليةبما في ذلك الغرامات والمبالغ الأخرى المقررة قانونا.
4- أيضاً من الأسباب في تدني الإيرادات الضريبية وعدم تحقيق الربط؛الضعف في الرقابة على تنفيذ ما ورد بالخطة العامة للمصلحة لعام 2014 وقصوربالغ في المتابعة والتقييم اليومي والأسبوعي والشهري والدوري على نتائجأعمال الإدارات الضريبية التنفيذية في الجمهورية بصورة عامة، وكبارالمكلفين بصورة خاصة ؛فعلى الرغم من المستوى الرفيع للخطة الوصفية للأهداف،وكذلك الطموح الكبير في الخطة الإجرائية، وعلى مستوى كافة الإداراتالضريبة التنفيذية، إلا أن ذلك لم يتم تفعيله على الواقع خلال العام، ولميتم التعامل بحزم مع ذلك الانحراف السلبي عن الخطة من بداية ظهور العجز فيالإيرادات، والتدني في الإنجاز الفني، ولم يتم اتخاذ إجراءات جادة معالمقصرين، وإنما تم الاهتمام بمسائل وقضايا جانبية، وانشغلت المصلحةبمشاريع ليست ذات أهمية ولا تصب في مصلحة العمل كما سبق الإشارة.
5- إعطاء ضريبة مبيعات القات أهمية أكبر مما تستحق، فعلى الرغم منأن الإيرادات من هذه الضريبة المحلية لا تصل إلى أربعة مليار ريال فيالسنة، وعلى الرغم من أثرها السلبي على الضرائب الأخرى، يلاحظ أن الاهتمامبها ليس له أي أثر على إيراداتها أو تحسين مستوى التحصيل فيها، وقد سبق لناتقديم مشروع إلى القيادة السابقة في المصلحة بتضمين نقل هذه الضريبةوموظفيها إلى السلطة المحلية، باعتبارها ضريبة محلية، فقد يتم تحسين الأداءفيها، وفي المقابل تتفرغ المصلحة ومكاتبها للضرائب الأخرى الأكثر أهمية،وتتمكن من تحسين وتطوير النظام الضريبي، ومؤخراً طلب منا أحد القياداتالمستجدة بالمصلحة ذلك المشروع وتم تلبية الطلب فوراً، غير أن الواقعالملموس أوضح لنا أن ذلك الطلب لم يكن إلا لذر الرماد على العيون.
هذه بعض الأسباب أو العوامل التي أدت إلى ذلك الإخفاق، وعدم توصلالمصلحة ومكاتبها إلى تحقيق الإيرادات الضريبية المطلوبة، ووفقاً للربطالمحدد بالموازنة العامة للدولة، ويلاحظ أن عدم تفرغ المصلحة وبجدية للمهامالأساسية المنوطة بها والمتمثلة في الإشراف والرقابة المستمرة على أعمالالإدارة الضريبية التنفيذية، وكذلك اللامبالاة في متابعة تلك الانحرافاتالسلبية أولاً بأول كما هو معتاد، وأيضاً عدم اتخاذ أي إجراء عملي فيمواجهة أي من تلك الانحرافات السلبية، كل ذلك عكس نفس للوصول إلى هذهالنتيجة، وهذه الأسباب، وكذلك الانشغال وتضييع الوقت والجهد في مسائلوقضايا جانبية وغير ذات أهمية وليس لها علاقة في تنفيذ خطة المصلحة 2011،أدى إلى تنامي ذلك العجز في الإيرادات الضريبية، ناهيك عن المخالفاتالقانونية للقرارات الصادرة.
في الأخير،وقبل الإطلالة على بعض القواعد العامة فيالعمل الضريبي، أتمنى على الأستاذ رئيس المصلحة أن يرحب بالجميع في مصلحةالضرائب للمساهمة في خدمة الدولة وخدمة البلد، فجميعهم أهل لذلك، وخلقالتفاعل المشترك في هذا المجال الحيوي الهام، ومصلحة الضرائب تمتاز أنهاتضم أفضل من غيرها كوادر مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتضم خبرات غير عادية فيالعمل الضريبي، تفوق الكثير من الاستشاريين الوافدين أو الذين تشملهم تلكالاتفاقيات، وسوف يكون ذلك محل تقدير الجميع، عندما تكون الشفافية والعلنيةمصدراً لمختلف قراراتك أو القرارات الوزارية، لأنها ستكون حينها ناتجةلدراسات ونقاشات تمت في المصلحة، وبمشاركة مختلف الكوادر والقطاعاتوالإدارات ذوي العلاقة بذلك، وهذا ما سوف يخدم سلامة تنفيذها أيضاً.
من القواعد العامة في العمل الضريبي:
ما من شك أن نجاح الإدارة الضريبية يقاس بمدى نجاحها في تحقيق أهدافهاوتطبيق سياستها الإجرائية بما يحقق الثقة في أوساط المجتمع الضريبي، وحتىيتم الوصول إلى هذه النتائج، لابد أن تكون الإدارة الضريبية ملتزمةبالقانون في فرض الضرائب، واستمرار نشاطها بالعمل على تبسيط الإجراءات فيربط وتحصيل الضرائب بما يتوافق وأحكام القانون الضريبي في البلد، ومن أهمالسمات التي يجب أن تلتزم بها الإدارة الضريبية، هي الحرص على الشفافية فيتحديد الاستحقاق الضريبي على المكلف، وعدم التعامل مع المكلفين بموجبقرارات أو تعليمات مخالفة للقانون، حيث والقانون كفل للمكلف أن يقوم بنفسهبتحديد الاستحقاق الضريبي الذي عليه ليُبق دور الإدارة الضريبية مراجعه ذلكالإقرار المقدم منه طواعية، ولابد أن يترتب على هذا الوضوح والشفافيةسهولة في إجراءات السداد والمخالصة مع المكلف، وهذه القواعد هي الأكثرتحفيزاً وتشجيعاً لاستمرارية الامتثال الطوعي من قبل المكلف في تطبيقالقانون الضريبي، فإذا ما التزمت الإدارة الضريبية بذلك، نجحت في استمراريةتوسيع الشبكة الضريبية، وحققت نمواً كبيراً ومتسارعاً في الإيراداتالضريبية، وفي مختلف الفترات الضريبية المتلاحقة، وبما يكفل لها نمواًمطرداً، ونجاحاً باهراً في تحقيق رسالتها وأهدافها المرسومة في مختلفالجوانب الفنية والجبائية، وبالتالي تكون مصلحة الضرائب في الحدود الآمنةعن ظهور أي عجز في إيراداتها مقارناً بالربط المحدد عليها في الموازنةالعامة للدولة، طالما كانت لديها القدرة في الالتزام بمبادئ وقانونيه فرضالضرائب، وشفافية التعامل مع المجتمع الضريبي، وطالما كانت الإدارةالضريبية ذات كفاءة عالية في رسم خططها، وتحديد أهدافها المستقبلية بدقةوحسب إمكانيتها المتاحة دون شطط، بناءً على معلومات وبيانات ومعطيات صحيةوسليمة، ولمختلف مراحل العمل الضريبي، ابتداءً من الحصر والتسجيل ومروراًبالمحاسبة وحتى عمليه التحصيل، وبالضرورة يجب أن تتمتع الإدارة الضريبيةبكفاءة في الأداء الضريبي، من خلال كوادر مؤهلة ونزيهة وذات قدرات فنيةعالية، بما يمكنها من عمليات المراجعة والتدقيق لحسابات المكلفين بمهنية،ولمختلف فئاتهم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن فئة كبار المكلفين وهم يشكلونالعدد الأقل، إلا أن الضرائب المفترض تحصيلها منهم تشكل النسبة الأعلى فيالإيرادات المحصلة خلال العام، وهذا يقتضي بالضرورة وجوبية التعامل مع هذهالفئة عند تحديد الوعاء الضريبي والضريبة المستحقة من خلال حسابات منتظمة،وإخضاع المخالفين منهم للعقوبات بموجب أحكام القانون، مما يعني أن اللجوءأو الموافقة على محاسبة هذه الفئة عن طريق التقدير أو خروج الإدارةالضريبية عن قواعد التحاسب الضريبي المنصوص عليها في القانون، فإنها بذلك،تكون قد جانبت الصواب، وتصبح مساهمة في الإخلال بأحكام القانون، وغير جادةأصلاً في تطبيقه، خصوصاً إذا عمدت إلى إصدار تعليمات بالمخالفة للقانون،حيث ومثل هذه الإصدارات تكون حجة عليها في الإخلال بالقانون من قبل مكلفيالضرائب.
لقد حاولت مصلحة الضرائب في بلادنا، وفي السنوات السابقة، الاستفادة منالممارسات الضريبية في الدول الأخرى خصوصاً المتقاربة مع ظروف بلادنا، مثلمصر والأردن ولبنان، وكذلك الاستفادة من الخبرات التي توافدت إلى اليمنبهدف تقديم المشورة والمساعدة لإجراء إصلاحات في التشريعات الضريبيةالسائدة آنذاك، وكذلك الاستفادة من مشاركة القطاع الخاص في اليمن في تلكالإصلاحات، وتم التوصل إلى وضع أحكام وقواعد مسايرة للممارسات الدولية فيشفافية أحكام وقواعد فرض الضريبة، وتم تخفيض معدل الضريبة مقابل إلغاءالإعفاءات الضريبية، وربط الحوافز الاستثمارية بالقانون الضريبي للحد منالتهرب الضريبي، وتم ذلك من خلال إنجاز قانون ضرائب الدخل رقم (17) الصادرفي عام 2010، والذي بموجبه تم اعتماد قواعد الربط الذاتي، وتشجيع المكلفينللالتزام الطوعي بقانون الضرائب، ومسك حسابات منتظمة، خصوصاً كبار المكلفينالذين ضمن لهم القانون كغيرهم قبول إقراراتهم، وعلى مسؤوليتهم، مع الحد مناستمرارية الاحتكاك المباشر مع مندوبي الإدارة الضريبية، والحد أيضاً منالسلطة التقديرية للإدارة الضريبية، وعلى الرغم من الأحداث في اليمن من عام 2011م لوحظ تجاوب في أوساط مكلفين لتقديم إقراراتهم وفقاَ لحسابات منتظمة،مع أنهم غير معتادين على ذلك، وبالتالي فإن المصلحة اليوم ليست بحاجة إلىاستشارة دولية لمراجعة فترات الالتزام أو إعادة النظر في مراحل التقاضي، أوغيرها من هذه المسائل التي تستطيع من خلال كوادرها المؤهلة أن تقدم أفضلمن ذلك بكثير، ومعلوم أن هناك العديد من البعثات الدولية شاركتها كوادرالمصلحة في مهامها وكانت النتيجة الاستفادة للوافدين وليس العكس.
في اعتقادي أن هذه المؤشرات كانت مشجعة لمصلحة الضرائب للاستمرار فيالتزامها بتنفيذ قانون ضرائب الدخل رقم (17) لسنة 2010، باعتبار ذلكالوسيلة الأفضل لأداء المهام المنوطة بها، وبطبيعة الحال، فإنها ستكونملزمة بأن تولي مهام المتابعة والتواصل المستمر للأعمال التنفيذية جُلاهتمامها وتقوم بتقييم جاد لنتائج تلك الأعمال أولاً بأول واتخاذ الإجراءالسليم والحازم لمعالجة أي انحراف سلبي عن الخطة المرسومة عند ظهوره، وهذاما يكفل ويحقق لها النجاح في مختلف جوانب العمل الضريبي، ويؤكد أن لديهاالرغبة الجادة في محاربة الفساد. |