بقلم : مرشد ميعاري -
قرأت في الأيام الأخيرة تقريرا مطولا ، ومليئا بالتثاقف الخالي من المعنى ، نشرته الشاعرة آمال رضوان عن ندوة عقدت حول كتاب لجودت عيد (غزلٌ وشيءٌ مِن مطر ) ، وكنت قد قرأت الكتاب .. وللحقيقة لم استطع ان أقرأ اكثر من اربع صفحات قي بدايته ثم تنقلت كالسائح بين ورقاته محاولا قراءة بعض النصوص فلم أجد ما يشدني ، وهذا ليس رأيا نقديا ، انما موقف ذاتي لا ابني عليه تقييمي للكتاب ، وليس هو موضوعي بالتحديد ، انما مدخلي للموضوع .
عدت لتقرير الشاعرة آمال رضوان المطول والممل ، الذي نشر بتوسع في مواقع الانترنت تحت عنوان : "ندوة الحوار الثقافي/غزلٌ وشيءٌ مِن مطر/ للكاتب جودت عيد " لأفهم هذا المديح غير العادي الذي لم أجد منطقا له .. فوجدت مداخلات لا تقول شيئا ، مجرد صياغات تثاقفية ، وديباجة لم أجد ما يربطها بنقد الكتاب ، او بفكر النقد .
شارك في "اللعبة النقدية" مجموعة ادباء تكاد تكون ثابتة لا تتغير في تقارير آمال رضوان ، وفي شخصيات "منتدى الحوار الثقافي " – عسفيا .
لا ادعي اني مطلع على مجمل الحياة الثقافية في وسطنا الثقافي داخل حدود الخط الأخضر، ولكني أتجول في اوقات الفراغ داخل فضاء الشبكة الألكترونية ، وبالصدفة وجدت مقالا عن كتاب جودت عيد الذي حصلت عليه من مرب في اورتوذكسية حيفا ، دفعه ليدي قائلا :" خذ وجع رأسك " ، ولم افهم عبارته الا بعد ان تجولت عبر صفحات الكتاب ، وهو ما شدني لتقرير الشاعرة الناشطة لحساب المنتدى آمال رضوان في تقريرها عن الندوة النقدية للكتاب ، الذي تجولت بين صفحاته بحيرة كبيرة .
لا أعرف الا القليل جدا عن النشاط الثقافي للأدباء المشاركين في ندوة جودت عيد خارج اطار ما يسمى " منتدى الحوار الثقافي" – عسفيا( الكرمل ) . قرأت بعض ما نشره رشدي الماضي من شعر ، ولم أعد اليه حفاظا على ذائقتي من التشويه وعلى حاسوبي من الكسر لذنب لم يقترفه . للدكتور محمد خليل مجموعة كتب تصفحتها وأعتقد انه يقوم بدور ثقافي مرموق وهام ، في رصد ثقافتنا ، وشدني كتابه التوثيقي عن حوارات ومقالات محمود درويش . الدكتور منير توما قرأت له بعض النقد وبعض الشعر ، نقده على الأغلب لا علاقة له بالمنقود . وشعره ما دون المتوسط ، ماشي حاله . الدكتور سليم مخولي اديب مثابر وفنان له مكانته .. غاب الناقد الدكتور بطرس دله ، مؤسس مذهب "امدح ولا تنظر للخلف واركض بخط مستقيم " ولا فرق في نصوصه النقدية بين عظمة شعراء وكتاب أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد واميل حبيبي او نصوص جيش من شعراء وكتاب بلا مضمون يقوده الجنرال رشدي الماضي . ولا ننسى الدكتور المحاضر الجامعي فهد ابو خضرة الذي توقعت ان يسمو بشعره ونقده ،فهو شاعر مجيد ومنظر جيد ، فاذا هو في عسفيا حالة متغيرة ، بدل ان يرتفع ويرفع مستوى الندوات التي تطالعنا اسبوعيا ، يتحول الى غطاء اكاديمي لضحالة أدبية مؤلمة .. وهناك اسماء أخرى لا أعرف ما هو نشاطها وابداعها..
هذا ليس لقائي الأول مع منتداهم وندواتهم وبرامج التكريم التي صارت حالة ثقافية مضحكة .
ومن قراءتي لتقرير آمال رضوان اكاد اراهن ان المتحدثين لم يقرأوا كتاب جودت عيد ،تصفحوه واطلعوا على بعض نصوصه ومروا على صفحاته لإلتقاط بعض التعابير ، تماما كما قرأته أنا أيضا ، ثم كتبوا ديباجات لغوية للندوة . وربما تلقوا أجرا غير الشكر ... وكله مشروع .
وكان الشاعر سيمون عيلوطي صاحب موقع "الموقد الثقافي" قد لفت انتباهي بمقال جريء نشر ه تحت عنوان " ادباء للتكريم " ينتقد فيه بحق ظاهرة غير ثقافية، ولأهمية المقال أقتطع منه النص التالي :" أرى أن أدبنا الفلسطيني لم يتوقَّّّّّّف عند ما ذكرته فحسب ، بل تعدَّاه إلى ابتكار فن أدبي جديد لم تعرفه الآداب العالميَّّّّّّّّّّة الأخرى بشكل عام ، وأدبنا الفلسطيني على وجه الخصوص،وقد برع في تفنّّّّّّّن هذا النوع الجديد من الأدب عدد من الأدباء والكتَّاب ، واستطاعوا خلال فترة زمنيَّة قصيرة أن يشكِّلوا ظاهرة ، أخذنا نحن جمهور الكتَّّّّّّّاب والمهتمِّين ، نلاحظ وجودها على ساحتنا الأدبية ، بل والتَّّّّّّّّّّنافس أحيانا على من سيمثلها ويشارك في نشاطاتها بشكل فعلي .
ويطيب لي أن أسمِّّّّّّّّّّّّّّّّي هذه الظاهرة الأدبية الجديدة (( ظاهرة الأدباء المكرِّّّّّّّّّّّمين )) ، أو إذا شئتم ، (( أدب التَّّّّّّّّّّّّكريم )) بحيث تقام في الشهر الواحد ندوتان تكريميَّتان ، بعض المكرَّمين يستحق ذلك،وبعضهم توضع حوله علامات استفهام كبيرة وكثيرة ، والملاحظ أن (الأدباء المُكرِّمين) تتكرر أسماؤهم في جميع الندوات والمنتديات ، وقد وصل إلى مسامعي أن هؤلاء المكرِّمين هم الذين يلحون على عنوان أدبي لإقامة هذه الندوات التكريمية ، وعلمت ان الذي يزيد من إصرارهم أن هذه الندوات ليست بالمجان ، وأنا إزاء هذا الأمر، أعرب عن قلقي انه في حالة نفاذ مخزون الأدباء بعد تكريمهم جميعا ، هل سيعاودون الكرة ويبدأون التكريم من ( أوَّّّّّّل وجديد ؟؟!!)،أم يستوردون كتَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّابنا المتواجدين في الخارج والشَّّتات من أجل تكريمهم ؟؟!! ، أم يبتكرون نوعا أدبيَّّّّّّا منفعيَّّّّّا جديدا ؟؟!!. أم ماذا..؟؟؟!!..".
مع احترامي للأديب جودت عيد ولجهودة الصادقة في الابداع ، الا ان المبالغة والمديح المنفلت في التكريم ( او النقد ؟ ) تحت صيغة ندوة ، ليس لصالح تطور ابداعه ، وهو حقا يملك موهبة تبشر بشيء معقول.. برزت في مجموعته القصصية الأولى ، ولم أجدها في "غزل وشيء من المطر" ...
النص في كتابه " غزل وشيء من المطر" هو نص بلا تحديد للنوع الأدبي ، وهذا متبع اليوم في الآداب العالمية ، والسؤال ، هل قدم لنا هذا النص شيئا جديدا؟ اعتقد ان جودت شدته الفكرة بتقديم "ترانس ثقافي "، خليط شعري قصصي ، المهم الكتابة ، وهو اسلوب وجدته أيضا لدى الشاعر والكاتب الفلسطيني ابراهيم نصرالله ، ولكن بمستوى أفضل ، رغم عدم استساغتي لهذا التحديث الثقافي .
لا أعرف مدى استعداد ثقافتنا لتبني هذا النوع " ترانس كتابة ثقافية بلا جنس أدبي محدد؟" ولكنها جرأة تستحق الاحترام بغض النظر عن رأيي الشخصي بالمضمون الذي قدمه جودت عيد .
من مداخلة ناظم حسون نقرأ :" للكتابةِ عن أعمال جودت عيد نكهةٌ خاصّة، ولتذوّق جماليّةِ الكتابةِ لديهِ لا تحتاج إلاّ لقراءةِ النّصوص،لتجد الموسيقا المنسابةَ الّتي تملأ القلبَ نشوةً، والحسَّ الفنّيَّ المُرهفَ الذي يبثّ الخدَرَ بالأوصال، والصّورَ الذّهنيّةَ التي تأسرُ الرّوحَ وتشدُّكَ لمتابعتِها وحلِّ رموزها، وتستحوذُ على أهوائِكَ وشهواتِكَ، وتُشبعُ نهمَكَ بكلماتٍ ملآى بالدّررِ والكنوز ".
ما هذا الكلام ؟ يجب قراءة النصوص ؟؟ لم أكن أعرف ان الكتب تقرأ ...
وصف النصوص حسب حسون يليق بوصف اورغيا ، وأعترف ان بعض الأعمال الأدبية تدخل كاتبها وقارءها باورغيا ثقافية وأحيانا جنسية ، ولكني لم المس الأورغيا الأدبية .. لنصل الى الأخرى ، فما الحكاية؟ هل من علاقة بين النص وهذا الوصف . مداخلتك أعادتني لقراءة متأنية لبعض النصوص ، فكفرت وشتمت استاذ الأورتوذكسية الذي ورطني بالكتاب وهذا المقال.
الشّاعر جورج جريس فرح قال في مداخلته::
"لاطمتني أمواجُ النّصوص، فلم أدرِ إن كنتُ أقرأ شعرًا أم نثرًا! "
لماذا لم يدر جورج فرح ماذا يقرأ ؟ الحمد لله انك لم تغرق بين الأمواج يا جورج ، وهنا الجواب لماذا لم يدر جورج ما يقرأ :
" يستخدمُ الكاتبُ في نصوصِهِ كلماتٍ عامّيّةٍ وكلماتٍ أجنبيّة، كما هو الحالُ في "جاي عَ بالي"، ومَن يدري ما هو الذي "جاي على بالها" فيقول: "جاي عَ بالي…"/وصَمتَتْ/ أمام بورتريه كآبتي/ بعثرَتْ شَعري/ سكَبَتْ قهوَتي/ وإرهاقي "
هل نضحك ام نبكي يا جورج على تفسيرك ؟
"جاي ع بالك شيْ ؟"
الدكتور الناقد محمد خليل قرأ الكتاب . ماذا فهم ؟
لنقرأ جوابه في مداخلته:"لقد قرأتُ كتابَ "غزلٌ وشيءٌ مِن مطر" على ما فيهِ مِن إيحاءاتٍ ملوّنة، ومِن خلالِهِ قرأتُ أيضًا كما يبدو للوهلةِ الأولى، كاتبَهُ المبدعَ جودت عيد، الّذي كانَ شفّافًا في بوحِهِ وكشْفِهِ"
وكيف تتضح هذه الشفافية؟
الدكتور الناقد يواصل : " يقول جبران خليل جبران: "إذا كنتَ لا تسمعُ إلاّ ما يُقال، ولا ترى إلاّ ما يُرى، فأنتَ في الحقيقةِ لا تسمعُ ولا ترى شيئاً"! وتلكَ هي حالُنا مع نصوص ذلك الكتاب، إنّها تُحاكي شخصَ مؤلّفِها أو مبدعِها شكلاً ومضمونًا وروحًا"
كلام مبين ، اذا نزعنا تغليف الكتاب بفلسفة جبران ماذا يبقى ؟ الجواب : لا تسمع ولا ترى شيئا ، وبعد هذا الاستنتاج ، حاولت ان اسمع وأرى ما لا يسمع ويُرى في النصوص ، وبعد جهد جهيد ايقنت اني أطرش وربما مصاب بعمى الألوان. بقية الحديث ديباجة بلا معنى.
حنا جبران حول الموضوع الى " رياضيات ثقافية " او " ثقافة أعداد " ، وبما اني أحمل اللقب الثاني في الفيزياء والرياضيات ، شدتني معادلاته ، بتعداده عدد المرات التي يذكر فيها الكاتب كل كلمة. هكذا بدأ : " يحتوي الكتابُ على 71 نصًّا نثريًّا، لتذوّقِ قاموسِ مفرداتِهِ على سبيل المثالِ لا الحصر، وبالتّرتيب التّنازليّ، وردتِ المفرداتُ التالية: اللّيل 46 مرة، العشق 44، الشّارع أو الدّرب أو الطّريق 39، الحلم 38، الجسد 37، القبل34، الصمت33، الشّوق31، العيون27، المحطة21، الشّفتين20، الرّقص19، المرأة أو السّيّدة أو الأنثى17، النّهد16، سيّدتي "بصيغة الخطاب" 15، الوطن15، السفر13، القهوة12، القطار11، الشبق10، والدّخان10".
نكتفي بهذا القدر ... مثلا في الفيزياء الذرية نعرف ان عدد البروتونات في نواة ذرة العنصر يساوي عدد الالكترونات التي تدور حول نواة العنصر ، فهل هذا صحيح في المتتاليات العددية لحنا جبران ؟
لا أعرف ما تأثير ذلك ودوره في الابداع . وهل للثقافة تفسيرات رقمية ؟ وهل مثلا اذا ذكرت حيفا ويافا خمسين مرة في قصة ، تصبح قصة وطنية ؟ او ترتفع فنيتها الى اعالي السماء ؟
الدكتور منير توما كان مميزا ، فهو يحب الزهر ، ويسميها في مداخلته " سيميائية الزهر " (1) ، وعبثا بحثت في كتب الفيزياء عن علاقة فيزيائية ثقافية لفهم هذا التعبير "التوماوي" ، الحداثي الجميل والمذهل .. وماذا يخفي وراءه ؟ لنستمع للتفسير :
"إنّ كثرةَ استخدام الكاتب لأنواع الزّهر المختلفة، كالزّنبق/ البنفسج/ الأقحوان/ الياسمين/ زهر اللّوز/ اللّيلك/ زهر النّعناع/ الخزامى وغيرها، يُشكّلُ احتفاءً جماليًّا تحتَ رعايةٍ تشكيليّةٍ شاملةٍ، من فضاءِ الطّبيعةِ بشعريّتِها ولونيّتِها واتّساعِها ورحابتِها وحيويّتِها وانفتاحِها واستيعابِها وخِصبِها وعطائِها، ومرونتها في التّحريض والإلهامِ، وتموين الفِكرِ والخيالِ والرّؤيا بمزيدٍ مِنَ الخصبِ والتّجلّي والكثافة، إذ إنّ استخدامَ الزّهر بشتّى إيحاءاتِهِ في النّصّ الشّعريّ أو النّثريّ، ليسَ عمليّةً اعتباطيّةً محضًا، بقدْرِ ما هي تخضعُ لقوانين علاميّةٍ شاملةٍ وثابتة، تجعلُ ذلكَ الاستخدامَ ذا طبيعةٍ هارمونيّةٍ متتابعةٍ ومتناغمة"
هل فهمتم شيئا ؟ اين اختفت السيميائية ؟ هل يكفي هذا الاصطلاح ليفسر الجملة الأخيرة عن "القوانين العلامية " ؟!
يا ادباء من شعراء وكتاب .. كولومبس اكتشف "أمريكا الابداع" . افتحوا القواميس واستخرجوا من رفوف الغبار كل اسماء الزهور وانواعها ورتبوها بشكل متتاليات هندسية ليعترف بعبقريتكم الإبداعية السيميائية ، الدكتور الناقد والشاعر منير توما. رغم اني لم اخرج بأي معنى من جملته الطويلة .. وصار عندي قاموس لغوي باسماء الزهور .. ولكني لا أعرف كيف سارتبها فيزيائيا ، او سيميائيا ، ليُعترف بي كاتبا وشاعرا خصب الخيال مليئة كتاباته بالايحاء والتجلي والكثافة والخصب والالهام والتموين والعطاء وربما افتح القاموس لأضيف مرادفات أخرى لم تخطر على بال الدكتور ، ولغتنا العربية بطلة المرادفات الغبية بين اللغات .. لأثبت سيطرتي اللغوية على "القوانين العلامية الشاملة والثابتة ".
الشاعر والمحاضر الجامعي د.فهد أبو خضرة قراره كان ان جودت عيد تجاوز المألوفِ في "غزلٌ وشيءٌ مِن مطر "
كيف ؟
لنقرأ:" كثيرةٌ هي المواضعُ الّتي يتجاوزُ فيها المؤلّفُ، ما هو مألوفٌ في الكتاباتِ الأدبيّةِ عندَ غير الحداثيّينَ شكلاً ومضمونا" .
والتفسير كما يطرحه أبو خضرة هو بسبب : "الجمْعُ بينَ حقولٍ دلاليّةٍ متباينةٍ تحتَ حُكمٍ واحد: وذلك بواسطةِ العطفِ نحو قوله : نمارسُ الحُبَّ فيها والشّوقَ والعطر، ونسرقُ بعضًا مِن قرنفلٍ وغزل "
ويواصل تفسيره الأكاديمي: " العطرُ في الجملةِ الأولى يتبعُ لحقلٍ دلاليٍّ مختلفٍ تمامًا عن الحُبِّ والشّوق، ومع ذلكَ عُطِفَ عليهما، والغزلُ في الجملة الثانيةِ يتبعُ لحقلٍ دلاليٍّ مختلفٍ تمامًا عن حقلِ القرنفلِ، ومع ذلك عُطفَ عليهما. وقوله حبيبتي تتنفّسُ البرقوقَ وقبلاتي، فالبرقوقُ والقبلاتُ ينتميانِ لحقليْن دلاليّيْن مختلفيْن وليسَ مِنَ السّهل فهْمُ الجامع بينهما" ، أجل صعب جدا ، من السهل ان نحلل الفيزياء الذرية او النووية ، من تحليل جملة : " حبيتي تتنفس البرقوق وقبلاتي " .
أجدت يا دكتور مع اني لم أفهم العلاقة بعد بين الابداع وهذه "الحقول" الدلالية التي لم يصادرها بعد العدو الصهيوني وتركنا نجول فيها بحرية نحسد عليها من شعبنا الفلسطيني .
هل فهمتم الآن ما هي الحداثة؟ او ما هو تجاوز المألوف ؟ والحقول الدلالية ؟ والبرقوق والقبلات ؟ والسيميائية؟ والقوانين العلامية ؟ او بالعربي البسيط : ما هو الابداع الذي يقودكم الى عسفيا ؟
وكان الشّاعرُ رشدي الماضي استهل الندوة بكلمةٍ قال فيها :" في هذا الزّمن الذي أصبحتْ فيهِ الكلمةُ مستهدَفةً ومطارَدةً، ولمعرفة المبدعين بمدى ارتباطِ الكلمةِ بأعماق الإنسان، عمّقوا حوارَهم، كي يولدَ فعلاً الإنسانُ الإنسانَ الذي يحملُ صليبَهُ، ويلقيَ الآخرونَ حجارةَ الرّجم مِن أيديهم ".
الكلمة يا رشدي لم تعد مستهدفة ومطاردة . عندما كانت مستهدفة ومطاردة وتكلف صاحبها السجون والمعتقلات والاقامة الجبرية واثبات الوجود والطرد من سلك التعليم والحرمان من التصاريح والعمل ، حافظت حضرتك على صمت أهل القبور خوفا على وظيفتك ، والبعض يتهمك بأكثر من ذلك .. اليوم نقول كلمتنا بحرية شبه مطلقة ، رغم النظام العنصري التمييزي ...
رجاء ، لا تتشاطر على الذين بنوا برج ثقافتنا بحريتهم ودمهم ومستقبلهم وحجارتهم . وحملك للصليب اليوم هو تمثيل ممل في زمن سقوط صلب المبدعين الفلسطينيين درويش والقاسم وزياد وآخرين ، بل صُلب توفيق زياد فعلا على أثر اول ايار 1958 في المعتقل في طبريا ، على شباك نافذة السجن ، حين كنت انت بلا صوت وبلا موقف وبلا نظر، وتحمل حجارة الرجم للمصلوبين ...
ملاحظة : بالصدفة كان الحديث عن كتاب جودت عيد ، اتمنى لجودت عيد ان ينطلق في ابداعه ، أعجبني في مجموعته القصصية الأولى ، ولم أجد تقدما في هذه النصوص الجديدة. ولا علاقة بين نقدي لأحاديث المشاركين في الندوة وكتاب جودت عيد الا كونه موضوع الندوة.
اتابع أخبار ندوة عسفيا من كتابات الناشطة آمال رضوان التي تنقل بشكل واسع ، مشكورة ، ما يدور داخل البوتقة المغلقة .
حتى اليوم لم أجد ما يستحق ان يسجل كنشاط ثقافي ، مما يثير التساؤل عن الهدف الحقيقي لمنتدى الحوار الثقافي في عسفيا.
الأسماء تتكرر . والمديح لا ينزل عن مستوى عشر درجات في سلم ريختر . لا جديد تحت الشمس . الجمل تفصل وتطبق حسب مقاييس لا دخل للثقافة فيها.
ربما ما يجري هو الوجه الآخر لأزمة الثقافة الفلسطينية داخل اسرائيل ، التي قرأت الكثير من اراء بعض كتابنا حولها . وانوه بالدور الطليعي لموقع "الموقد الثقافي " الذي يرصد بجرأة الواقع الثقافي الفلسطيني خاصة والعربي عامة ، ويقدم ابرز ما في الفكر والابداع العربي لقراء الموقع..
وأخيرا أعزائي ، قد يغضبكم كلامي ، المبالغة لن تخدم ثقافتنا . والبوتقات المغلقة ستظل فقاعات صابون بلا قيمة ثقافية. وقد حولتم منتدى عسفيا الى مأزق غير ثقافي...
*(1) السيمياء ( الأصل عبري " سيم يه " – سيم ومصدرها " شم " وتعني اسم والحرفين " ي وه " في العبرية هي اختصار لإسم الله ، أي "اسم الله" هو ترجمتها العربية الحرفية ) ومتفق على أن هذا التعبير في ثقافة الحداثة ، يدرس حياة العلامات وأنظمتها . والعرب تقول "ان السيمياء هو علم تسخير الجن" ويبدو انه الأنسب تسمية للدجل الثقافي . وهذا المفهوم او الاصطلاح تغير واكتسب تفسيره الحديث من علم اللسانيات عامة . ولا اجد استعمال هذا الاصطلاح في حديث الدكتور منير توما الا نزوة تثاقفية المت به، وليته فسر ما يقصده من سيميائية الزهور . او من تعبير سيمياء المجرد والمجهول للقراء . انا على ثقة ان معظم قراء مداخلته لم يفهموا الا انه يعلم ما لا يعلمون !! |