الخميس, 15-يوليو-2010
صنعاء نيوز - هدى الحسيني صنعاء نيوز هدى الحسيني -


بكل «غبطة» أعلن تنظيم «الشباب» الجهادي الإسلامي مسؤوليته عن تفجيرات وقعت في كمبالا العاصمة الأوغندية، وأدت إلى سقوط 72 قتيلا وأكثر من 76 جريحا، وقال الناطق باسم «الشباب» الشيخ علي حمد راج: «لقد ذاق الأوغنديون طعم تحذيرات (الشباب)، وبوروندي ستكون الهدف الثاني» وأضاف موجها كلامه إلى الشعب البوروندي: «أنتم أسهل علينا من الأوغنديين».

من الواضح، أن الانتحاريين استهدفوا المستمتعين بمتابعة نهائي كأس العالم. وكان «الشباب» في الثامن من الشهر الجاري رموا قنابل في أحد مخيمات اللاجئين جنوب مقديشو، على مجموعة من مشجعي لعبة كرة القدم يتابعون مباريات كأس العالم في جنوب أفريقيا، فقتلوا اثنين. فهم حذروا الصوماليين من هذه الرياضة التي يعتبرها «الشباب» ضد الإسلام.

منذ فترة ازداد التوتر بين المجموعات الإسلامية في الصومال بسبب تدفق الجهاديين الأجانب عليها. وأغلب الواصلين كانوا هربوا من العراق، وأفغانستان، وباكستان، والشيشان، بعدما ضاق الخناق عليهم، ومنيوا بخسائر جسيمة. ثم إنهم أكثر خبرة قتالية من المنظمات الصومالية، وفي وضع يبحثون فيه عن الانتقام. لذلك تحاول المنظمات الأصولية المحلية منافسة المقاتلين الأجانب بالتشدد أكثر وبنشر أوامرهم اللا منطقية، منها مثلا تحريم النساء من ارتداء حمالات الصدر، ومنع الشباب من متابعة مباريات كرة القدم.

حسب التقارير، هناك نحو ألف مقاتل أجنبي في الصومال. الصوماليون لا يحبون الأجانب. والطارئون عليهم بأفكارهم الأكثر تشددا، يتعرضون لكراهية عميقة.

كراهية المواطنين للجهاديين الأجانب صارت أمرا منتشرا في السنوات الأخيرة، وظهرت في العراق وفي أفغانستان. وبدأت الآن تشتد في الصومال. المشكلة الآن أن الجهاديين الأجانب يقاتلون كمجموعات وأقوى من الجهاديين المحليين.

وعلى الرغم من التهديدات التي كان يطلقها الجهاديون المحليون ضد الدول المجاورة للصومال، فإن هجماتهم الإرهابية تركزت على الحكومة الانتقالية، وقوات الاتحاد الأفريقي، وعلى بعض الميليشيات المحلية الأخرى. لكن وصول عدد كبير من الجهاديين الأجانب الذين ينتمون إلى دول عربية وأيضا من بريطانيا والولايات المتحدة قد يغير الساحة الصومالية وتكتيكاتها. والمعروف أن منظمة «الشباب» أعلنت ولاءها لـ«القاعدة»، لكنها لم تلجأ في السابق إلى تكتيكات «القاعدة» التي بدت واضحة في تفجيري كمبالا أخيرا.

المواجهات تحدث يوميا في مقديشو في محاولة لسيطرة «الشباب» على العاصمة. ولمواجهة الميليشيات المسلحة، سعت الحكومة الانتقالية لتصحيح الأمور مع «الصوفيين» الذين كانوا لجأوا إلى السلاح، وأنشأوا ميليشيا قبل سنتين، عندما نفذ «الشباب» تهديداتهم بقتل الصوفيين بسبب اتهامهم بالهرطقة الدينية، حسب مفهوم «الشباب». ولتشكيل جبهة تساعدها على مواجهة «الشباب» وعدت الحكومة الصوفيين بمراكز حكومية وتمويل الميليشيا التابعة لهم، لكنها تباطأت في تنفيذ وعودها، في وقت يحتاج فيه الصوفيون إلى المال ليحتفظوا بقوتهم العسكرية.

والمعروف أن الصوماليين يقاتلون مجانا للدفاع عن مناطقهم، إلا أن أغلب المسلحين المنضوين في المنظمات يتلقون رواتب. ولهذا السبب ينجح «الشباب» والمنظمات الراديكالية الأخرى، أكثر، لأنهم يتلقون الكثير من الأموال، من إيران، والمنظمات الإسلامية وداعمين آخرين، ليدفعوا رواتب المقاتلين، فهؤلاء مسؤولون عن عائلات، ولأن الصومال حسب التقارير الأخيرة، الأفشل بين الدول، تحولت مهمة المقاتل الجهادي، إلى وسيلة لكسب المال. بينما بقيت الصومال ساحة خلفية مفتوحة وخطيرة تلعب فيها دول ومنظمات إرهابية.

المحاولات الحثيثة التي يبذلها «الشباب» للسيطرة على مقديشو، تصطدم بمواجهات قوات حفظ السلام «الأوغندية» و«البوروندية». هذه القوات تخرج دائما منتصرة في أي مواجهة مع «الشباب» وتخّلف لديهم العديد من القتلى. حاول «الشباب» اللجوء إلى زرع القنابل والعبوات الناسفة على الطرق التي تسلكها قوات حفظ السلام، لكن الوضع العسكري لم يتغير. وبسبب عدم قدرتهم على زحزحة قوات حفظ السلام الآتية من أوغندا أو بوروندي، وجه «الشباب» نداء إلى الجهاديين الإسلاميين في العالم لتقديم المساعدة بشن هجمات على الدبلوماسيين الأوغنديين أو البورونديين وعلى سياسيي البلدين أينما وجدوا في العالم. كما هددوا بنقل هجماتهم إلى داخل أوغندا وبوروندي، وكان آخر تهديد في التاسع من الشهر الجاري. ووقعت العمليات الانتحارية في الحادي عشر منه وتحمل بصمات «القاعدة».

لوحظ أن «الشباب» في البدء نفوا علاقتهم بتلك العمليات، ثم لاحقا أعلنوا مسؤوليتهم عنها.

وكان «الشباب» نظموا الأسبوع الماضي مظاهرة في «كيسمايو»، الواقعة جنوب مقديشو، ضد خطط الأمم المتحدة لزيادة عدد قوات حفظ السلام من 6 آلاف إلى 8 آلاف، على أن تصل إلى 20 ألفا. وأعلنت أوغندا وبوروندي عن موافقتهما على الطلب وأن القوات الجديدة ستصل خلال شهرين.

قد يكون «الشباب» أخطأوا عندما سمحوا لبعض الصحافيين الذين غطوا المظاهرة أن يتحدثوا مع بعض المشاركين فيها، فاعترف هؤلاء بأنهم إما أجبروا على المشاركة، أو تلقوا مبلغا من المال لقاء مشاركتهم.

تجدر الملاحظة إلى أن الفوضى تعم الصومال منذ عقود. اجتاحها الأميركيون في زمن جورج بوش الأب، وانسحبوا خائبين بعدما أسقط الصوماليون طائرة هليكوبتر وسحلوا طياريها. عاشت الصومال بعد ذلك حربا أهلية لم تخرج منها بعد. لديها الآن حكومة انتقالية تسيطر على بعض ضواحي العاصمة. وفي ظل هذا الفراغ انتعش أمراء الحرب والقراصنة، إلى جانب المجموعات الإسلامية المسلحة مثل «الشباب» ومنظمة «حزب الإسلام». وهذه المنظمة تتعاون أحيانا مع «الشباب» وأحيانا تتواجهان عسكريا. أيضا أدت سنوات الحرب والمواجهات إلى تشريد الملايين من الصوماليين أغلبهم يعيشون في مخيمات أقامتها المنظمات الإنسانية، والكثير من الصوماليين لجأوا إلى الدول المجاورة كأوغندا وبوروندي وكينيا. وبعضهم وصل إلى اليمن، الأفقر بين الدول العربية، وعشرات الآلاف منهم وصلوا إلى الولايات المتحدة وكندا وأوروبا ولا سيما بريطانيا ونجح أحدهم في أن يقنع بلدية «كنزينغتون وتشيلسي» كي توفر له مسكنا بقيمة مليوني جنيه إسترليني، لائقا به وبعائلته يكلف دافعي الضرائب شهريا 8 آلاف جنيه إسترليني، لأن المسكن الكبير السابق لم يرق له، كون «المنطقة فقيرة».

الهدف الاستراتيجي لـ«الشباب» أن يحافظوا على الأراضي التي يسيطرون عليها وأخذ مقديشو.

لكن عمليات 11 يوليو (تموز) قد تكون نقطة تحول بالنسبة لهذه الاستراتيجية، وأيضا نقطة تحول بالنسبة إلى الحكومات الأفريقية والولايات المتحدة والدول العربية والأوروبية. هي كشفت النقطة الجديدة لتجمع فلول الجهاديين الأجانب، إذ وصلت آثارهم إلى أوغندا، ولا بد أن تبدأ تحركات مثيرة للقلق في عدد من الدول الأفريقية مثل نيجيريا، ومن المؤكد أن اليمن مقبل على مرحلة جديدة من اللا استقرار.

*المصدر : الشرق الأوسط

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 06:56 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-3688.htm