صنعاء نيوز وسيمة بن صالح-إسطنبول -
نباهات دفعتها الأزمة المالية إلى الاشتغال سائقة
طرقت باب المجتمع التركي فكرة سياقة النساء سيارات الأجرة منذ عقد الستينيات من القرن الماضي، لكن ذلك كان فقط من بنات أفكار مخيلات القائمين على سلسلة تلفزيونية تحكي قصة امرأة دفعها مرض أمها إلى هذا العمل من أجل تأمين قوت الأسرة.
وظلت سياقة سيارات الأجرة حكرا على الرجال في تركيا، غير أن النساء أصبحن يقتحمن عليهم هذا الحصن الحصين، وبدأن يجدن لهن مكانا خلف المقود وينافسنهم في نقل الزبائن إلى حيث يريدون.
شعور بالأمان
وأبعد من ذلك يقول السيد مهندس، وهو مدير أحد مكاتب سيارات الأجرة، للجزيرة نت إن عدد الزبائن الذين يتعامل معهم المكتب تضاعف عندما بدأ تشغيل سائقات "لأن معظمهم يشعرون بالأمان مع السائقة أكثر من السائق".
ويضيف مهندس "مهنتنا صعبة من الناحية الجسدية والنفسية، فالسائق يبقى 12 ساعة أو أكثر يوميا داخل سيارته، عالقا في زحمة حركة المرور، خاصة في مدينة كإسطنبول، لكن هؤلاء النسوة قد أثبتن جدارتهن".
وبعد أن كن في البداية يتعرضن لنظرات التهكم ويسمعن عبارات السخرية عند توقفهن أمام الإشارات الضوئية أو في زحمة المرور، أصبحن يحظين بنظرات الإعجاب والتقدير وعبارات التشجيع من لدن زملائهن.
ومن جهته يؤكد أحد السائقين أن دخول النساء المجال فرض على الكثير من زملائهن الرجال "تهذيب تصرفاتهم، فأصبحوا أكثر انتباها للكلمات التي يتفوهون بها أو المواضيع التي يناقشونها"، كما أنهن قللن –بحسب رأيه- من "المشاحنات والعبارات الجارحة".
"نباهات" في المكتب تتلقى اتصالا من زبون (الجزيرة نت)
ضحايا الأزمة
معظم من اقتحمن الميدان هن من ضحايا الأزمة الاقتصادية التي لم تنج منها تركيا، فـ"نباهات كوتش" مطلقة وتعيش لوحدها، وبدأت قيادة السيارات منذ عام 1972، وعملت فترة غير يسيرة معلمة سياقة، والآن دفعتها الأزمة إلى البحث عن مورد رزق لأن راتبها لم يعد يفي بحاجياتها.
فبعد قراءة إعلان لشركة تبحث عن سائقات، وجدت أن الفرصة قد حانت لتستفيد من خبرتها في السياقة، وحكت للجزيرة نت أنها أول ما بدأت العمل شهدت حوادث سير سببها بعض السائقين الذين كانوا يحملقون فيها غير مصدقين أنها تزاحمهم في مهنتهم.
غياب التأمين وشروط السلامة في العمل لم يمنعا "نباهات" من مواصلة المشوار، فهي تؤمن بأن الله تعالى هو الحامي، وتقول "عندي روح واحدة أمانة من عند الله، سيأخذها عندما يحين أجلها".
ورغم مصاعب العمل، فإن "نباهات" تجد في عملها جوانب أخرى تخفف عنها، فهي حسب تعبيرها لا تحتاج لمشاهدة التلفاز ومتابعة المسلسلات والأفلام عند العودة للمنزل.
وتشرح ذلك قائلة "سيارتي قاعة متحركة لعرض الأفلام، فكل يوم أتابع فيها قصصا مليئة بالأمل والحب وأخرى تفيض باليأس والغضب... الرجال يتحدثون عن زوجاتهم والنساء عن أزواجهن، وإيمان الزبائن بأني غريبة لن يلتقوها سوى مرة واحدة في حياتهم، يجعلهم يفرغون كل مشاعرهم ويشركونني فيها".
|