صنعاء نيوز/الدكتور عادل عامر - إن لقناة السويس أهمية تجارية واقتصادية كبيرة جداً، حيث تمر فيها آلاف السفن سنوياً، ومن فوائد هذه القناة أنها مكنت السفن القادمة من أمريكا، وأوروبا، من الوصول للمحيط الهندي والتوجه نحو قارة آسيا بأقصر السبل. فبعد حفر هذه القناة استغنت تلك السفن عن الطريق الطويل الذي كانت تمر عبره سابقاً، وهو طريق رأس الرجاء الصالح، فبالتالي قد وفرت عليها هذه القناة الجديدة الكثير من الوقت والتكاليف. يعتبر إنجازا بشريا آخر استطاع أن يغير الطبيعة أكثر مما فعلت هذه القناة، حيث استطاعت العملية الجغرافية البسيطة التي ولدت بها القناة أن تختزل قارة بأكملها هي القارة الأفريقية وأن تعيد وضع مصر والشرق العربي في قلب الدنيا.
وتستهدف مصر من إنشاء ” قناة السويس الجديدة”، زيادة الدخل القومي، بمضاعفة إيرادات القناة بنحو 259 بالمائة، ما يوفر ما يقرب من مليون فرصة عمل في إنشاء مدن صناعية على ضفاف القناة منها منطقة إنشاء سفن وحاويات وتصنيع سيارات وتكنولوجيا متقدمة وصناعات خشبية ومنسوجات وأثاث وصناعات زجاجية، وتحقيق عائد سريع وتوفير الأمن الغذائي من خلال إقامة مشاريع الاستزراع السمكي.
وسيخفض المجرى الموازي زمن انتظار السفن بالمجرى الملاحي من 11 ساعة إلى 3 ساعات على أقصى تقدير، وزيادة عدد السفن العابرة يوميا من 49 سفينة في المتوسط عام 2014، إلى 97 سفينة يوميا عام 2023.
تكلفة إنشاء القناة الموازية لتكون محاذية للمجرى الملاحي الحالي، بطول 72 كيلو متر ستصل إلى 4 مليار دولار، بالإضافة إلى تكلفة تقدر بنحو 4.2 مليار دولار لإقامة 6 أنفاق أرضية لنقل السيارات والسكة الحديدية لسيناء يتزامن إنشائهما مع إنشاء القناة الجديدة، لتصل التكلفة الإجمالية للمشروعين إلى 8.2 مليار دولار.
وخطّط لتنفيذ المشروع هيئة قناة السويس، بالتعاون مع القوات المسلحة بمختلف أسلحتها وإداراتها. وسيتولى حفر القناة الجديدة الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، التي تستعين بـ 17 شركة وطنية مدنية تعمل تحت إشرافها. كما أن السفن القادمة من آسيا والجزيرة العربية استفادت من هذه القناة أيضاً، في اختصار الطريق للوصول إلى أوروبا، وأمريكا.
ولقناة السويس أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة لمصر، فالقناة ليست ملكاً للقطاع الخاص، وإنما تملكها الحكومة المصرية، وتستفيد من إيراداتها، حيث أن تلك الإيرادات التي تأتي منها ليست بالقليلة، فإيراداتها قد حققت في عام 2013 أعلى مستوى في تاريخ القناة، حيث سجلت 37 مليار جنيه مصري؛ أي ما يقارب 5 مليارات دولار أمريكي.و مميزات قناة السويس• أطول قناة ملاحية في العالم بدون أهوسة. • نسبة الحوادث فيها تكاد تكون معدومة بمقارناتها بالقنوات الأخرى. • تتم حركة الملاحة فيها ليلاً و نهاراً. • مهيأة لعمليات التوسيع والتعميق كلما لزم الأمر لمجابهة ما يحدث من تطوير في أحجام وحمولات السفن. • مزودة بنظام إدارة حركة السفن (VTMS) ، وهو نظام يقوم على استخدام أحدث شبكات الرادار والكمبيوتر ، ليكشف ويتابع حركة السفن على طول القناة ، ويتيح بذلك إمكانية التدخل في أوقات الطوارئ. • تستوعب القناة عبور السفن بحمولة مخففة ، لحاملات النفط الخام الكبيرة جداً (VLCCs) والضخمة (ULCCs) ، وكل السفن الفارغة مهما كانت حمولتها.و تعتبر قناة السويس أقصر طريق يربط بين الشرق والغرب وذلك بسبب موقعها الجغرافي الفريد وهي قناة ملاحية عالمية هامة تصل بين البحر المتوسط عند بورسعيد والبحر الأحمر عند السويس ويصبغ عليها هذا الموقع الفريد طابعا من الأهمية الخاصة للعالم ولمصر كذلك . تتعاظم أهمية القناة بقدر تطور و تنامي النقل البحري و التجارة العالمية؛ حيث يعد النقل البحري أرخص وسائل النقل ولذلك يتم نقل ما يزيد عن 80% من حجم التجارة العالمية عبر الطرق والقنوات البحرية ( التجارة المنقولة بحرا). توفير الوقت والمسافة هو ما تحققه القناة وبالتالي وفر فى تكاليف تشغيل السفن العابرة لها يؤكد ما لهذه القناة من أهمية.
إن المشروع سينقل الاقتصاد المصري نقلة نوعية، فبعد أن كانت قناة السويس تساهم فقط بـ 5.5 مليار دولار في الدخل القومي، فإن المخطط المقترح لتحويل المشروع لمركز لوجيستي عالمي سيدرّ عليها أكثر من مائة مليار دولار سنويا حسب ما هو متوقع مستقبلا، كما أنه يختصر ساعات تقاطر السفن من 11 ساعة إلى ثلاث فقط. لان المشروع يتضمن إقامة 92 مشروعا عملاقا، فضلا عن مراكز تخزين وخدمات لوجستية وصناعات سفن ومراكز تجارة عالمية “نحن أمام مشروع ينهض بالمنطقة بشكل كامل ويراعي متطلبات الأمن والاقتصاد القومي، ليس في محافظات القناة فقط لكن في شمال وجنوب سيناء”.
أن مشروع قناة السويس سوف يحيي حلم وادي التكنولوجيا في الإسماعيلية وإقامة جامعة تكنولوجية حديثة في محيطه، ما سيكون له بالغ الأثر على مستقبل مصر في مجال الصناعات التكنولوجية والدقيقة، لان الدراسات أوضحت أن وادي التكنولوجيا سيكون من أكثر المناطق جذبا للاستثمارات. اجتماعيا وتنمويا، لان محور قناة السويس سوف يساهم في تغيير خريطة مصر السكانية، حيث من المقرر وفقا لمخطط المشروع، بناء مجتمعات عمرانية جديدة في سيناء، وعلى جانبي القناة في محافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد، ما يساهم في تخفيف الكثافات السكانية في المحافظات المجاورة وتحقيق الأمن القومي لسيناء التي كانت تعاني لفترة طويلة من الفراغ السكاني، بشكل جعلها مطمعا للآخرين.
أن مشروعات النقل والتخزين والصناعات الثقيلة وتجارة الحاويات، التي ستقام في محور قناة السويس سوف تجذب مليون عامل في المرحلة الأولى، وراعى المشروع ضرورة استيعاب هذه الأعداد الضخمة وتوطينها. اليوم، وبعد مرور أكثر من قرن على الانتهاء من حفرها، مازالت قناة السويس تمثل أحد محاور رسم الإستراتيجية العامة في منطقة الشرق الأوسط. فالمجرى الملاحي، الذي يصل طوله إلى 120 ميلا ويربط بين قارتي أوروبا وأسيا، هو أحد الأصول الإستراتيجية العالمية.
المشروع القومي الذي يجمع ويحشد المواطنين جميعا بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية أو توجهاتهم الأيديولوجية نظرا لما يحققه من مصلحة عامة يشترك فيها الجميع ولا يحدث حولها خلاف، فلا يوجد من يعترض على سبيل المثال على زيادة فرص العمل بهدف مكافحة البطالة، أو على التوسع في الصناعات والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والتي تعتمد على موارد البيئة المحلية، كذلك لا يوجد من يعترض على استزراع المناطق الصحراوية، أو زيادة رقعة الأراضي الزراعية، أو تنمية المناطق الحدودية أو غيرها من المشروعات التي تحتاج إلى تضافر جهود الجميع لتحقيقها وتهدف إلى زيادة موارد الدولة وإيراداتها وزيادة التصدير وجذب رؤوس الأموال وزيادة رصيد الدولة من العملات الأجنبية وغير ذلك من الآثار الإيجابية التي تنعكس على اقتصاد الدولة وسياستها، ويفسر ذلك بأن الدولة تكون قوية في المجال الخارجي وفي سياستها الخارجية بمقدار قوتها في الداخل والتي يعتبر الاقتصاد من أهم مقوماتها فضلا عن الاستقرار السياسي والاجتماعي.
وبعبارة أخرى فإن المشروع القومي هو ذلك المشروع الذي يؤدي إلى حشد جهود الجميع ويستفيد منه الجميع، فالشعب هو الذي ينفذه وهو الذي يستفيد منه أي أن الشعب هو أداة التنمية ووسيلتها ،وهو هدف التنمية وهذه هي أهمية أي مشروع قومي يمكن تنفيذه ،كما يساعد المشروع القومي على التخلص من حالة الاستقطاب والانقسام نظرا لما يؤدي إليه من تضافر جهود الجميع وتنفيذه والاستفادة من آثاره الإيجابية ،كذلك فإن الحشد والتوحد يكون مطلوبا للتغلب على الصعوبات والعقبات التي تعترض أي مشروع قومي سواء كانت هذه الصعوبات تتعلق بالتنفيذ أو التمويل أو تحدي الزمن، ويقصد بذلك ان الزمن أو عنصر التوقيت يمثل تحديا هاما لأن المطلوب تنفيذ المشروع القومي في أقل فترة زمنية ممكنة وبأكبر درجة من الإتقان، ولذلك فإن تخفيض الفترة الزمنية المخصصة لأعمال الحفر بالنسبة لمشروع قناة السويس من ثلاث سنوات إلى سنة واحدة وتحقيق ذلك فعليا يمثل استجابة ناجحة لهذه الصعوبة المتعلقة بالزمن، وبذلك يؤدي المشروع القومي إلى التحول من التجزئة والانقسام إلى الحشد والتوحد. أنه من المتوقع زيادة إيراد مصر من قناة السويس بعد افتتاح قناة السويس الجديدة من 5.3 مليار دولار سنويًا إلى 13. خلال الـ 8 سنوات القادمة تدريجيًا، وذلك وفقًا لدراسات الجدوى.لان حجم التجارة الدولية من المتوقع أن يزيد بعد افتتاح قناة السويس الجديدة، بنسبة تزيد على 10%، ففترة انتظار الناقلات في قناة السويس ستقل بعد حفر قناة موازية لقناة السويس، وستكون القناة أكثر جاذبية، وستزيد حجم التجارة الداخلية التي تمر من قناة السويس. وكذلك مشروع قناة السويس الجديدة سيكون مدخلاً أيضًا لتعمير وتنمية محور قناة السويس. ، إن مشروع القناة الجديدة يعد إنجازًا على كافة المستويات، وأن فكرة المشروع ليست وليدة ثورة 25 يناير، لكنها قديمة وتعود إلى عهد الرئيس محمد أنور السادات، وهناك دراسات جدوى دقيقة وجادة بشأنها، كما أن الفكرة طُرحت أيضًا في عهد الرئيس محمد حسنى مبارك، لكن لظروف معينة لم يتم تنفيذها وسوف يضاعف المشروع الجديد دخل القناة من 3.5 مليار دولار إلى 7 مليارات أو أكثر من ذلك، كما أنه سيزيد من حجم التجارة العالمية المارة عبر مصر، وسيساويها تقريبًا بقناتي بنما وكوبا المستحوذتين على أعلى نسبة من تجارة العالم، فضلاً عن أنه سوف يحقق المزيد من فرص العمل للشباب، لأنه سيتبعه إقامة منطقة تجارية، ولن يقتصر فقط على مجرد معبر مائي لمرور السفن.لان لقناة السويس الجديدة فوائد عديدة، كلها اقتصادية، حيث ستستقبل البواخر التي كانت لا تستطيع القناة القديمة استقبالها؛ بسبب أمور فنية خاصة بعمق الغاطس، كما أنها ستنهى عملية تعطل السفن في المرور التي كانت موجودة بالقناة القديمة، وبالتالي سيزيد عدد السفن العابرة؛ مما سيعود بالنفع على الاقتصاد المصري ويزيده قوة. "تم التخطيط لمشروع التنمية بمنطقة قناة السويس الذي سيدفع عجلة الاقتصاد القومي المصري ، والاقتصاد العالمي دفعة هائلة إلى الأمام ، تخطيطا علميا سليما، علاوة على إنشاء مصادر للبنية التحتية وإنشاء مدينة تجارية متكاملة بالتنسيق مع وزارة التموين والتجارة الداخلية بمنطقة شمال غرب خليج السويس ، ومدينتين من الصناعات الصغيرة المتناهية الصغر بمنطقتي القنطرة شرق وشمال غرب خليج السويس، "هذا يحقق أعظم درجات النجاح في الاستثمار والتنمية ، وها هي مصر في ثوبها الجديد تفتح ذراعيها لجميع المستثمرين من جميع إنحاء العالم عبر قناة السويس التي هي شريان الحياة لمصر وللعالم ، لتضع نفسها من جديد على الخريطة الاستثمارية للعالم بكل المصداقية والشفافية وفي أبهى صورها”. "إن فرصة الاستثمار بمشروع التنمية في منطقة قناة السويس هي فرصة ذهبية للجميع، حيث تم الأعداد والتجهيز للمشاريع الاستثمارية داخل منطقة قناة السويس على أسس علمية مدروسة ومن خلال مخطط عام، فالمشروع يعطى الأمل في الاستثمار الآمن الناجح في المنطقة”. مزايا الاستثمار في مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، منها وجود قناة السويس الجديدة سوف يعطى الموقع تصنيفا عالميا متميزا ، لأنها سوف تكون قادرة على استقبال معظم أنواع السفن في سهولة ويسر ما ينعكس مباشرة على مشروع التنمية الذي يعتمد في جوهره على حركة النقل البحري وثقافة القيمة المضافة ، والصناعات التكميلية ، مما يسهل ويسرع في الوصول إلى مصادر الترويج والتوزيع الإقليمية والداخلية والعالمية ، علاوة على التميز اللوجيستى غير المحدود المزايا لموقع المشروع ، والذي سوف يكون له اكبر الأثر على النجاح في الاستثمار بالمنطقة أو بالمشروع.
لان البنية التحتية وهى العنصر الاساسى في تكوين وإنجاح المشروع والتي سيتم إنشاءها طبقا للمعايير العالمية وطبقا للفكر المتجدد بجمهورية مصر العربية لتنويع مصادر الطاقة البديلة والمتجددة ومصادر المياه وإنشاء شبكات الطرق بأنواعها المختلفة وباقي عناصر البنية التحتية تحت إشراف بيوت الخبرة العالمية.
إن المشروع يرتبط في جميع مواقعه بشبكات طرق برية ومسارات بحرية وجوية ، سوف تسمح بعمليات نقل البضائع بطرق ووسائل مختلفة داخل وخارج البلاد ، وإتاحة فرص الاستثمار للبنوك والمؤسسات المالية الوطنية والأجنبية ، وذلك من خلال عمليات التمويل والشراكة مع الاستفادة بفائض السيولة من البنوك الوطنية لتمويل أنشطة المشروع والبنية التحتية وطبقا لتعليمات الحكومة المصرية ، ووجود كوادر بشرية متنوعة ومتخصصة في جميع المجالات وهى ثروة مصر الحقيقية ، ووجود المناخ السياسي الجديد في الواقع المصري والذي ينبع من الطمأنة والاستقرار والجدية والمصداقية في التعامل مما يوفر المناخ الأمن والمستقر للاستثمار ، ووجود قضاء مصري عادل وشامخ وناجز يتمتع بالكفاءة والعدل ويحقق أقصى درجات العدالة بين جميع الإطراف.
مشروع القناة يشمل الآتـي:-
إنشاء قناة جديدة موازية للأصلية، وتحويل المنطقة من مجرد معبر تجاري إلى مركز صناعي ولوجستي عالمي لإمداد وتموين النقل والتجارة.
– يتكلف حفر القناة الجديدة 4 مليارات دولار ويطمح المشروع إلى توفير مليون وظيفة وتنمية 76 ألف كيلو متر على جانبي القناة واستصلاح وزراعة نحو 4 ملايين فدان. تتضمن خطة تنمية قناة السويس 42 مشروعًا، منها 6 مشروعات ذات أولوية، وهي تطوير طرق "القاهرة ــ السويس، الإسماعيلية، بورسعيد"، إلى طرق حرة، إنشاء نفق الإسماعيلية المار بمحور السويس للربط بين ضفتي القناة "شرقًا وغربًا"، وإنشاء نفق جنوب بورسعيد أسفل قناة السويس لسهولة الربط والاتصال بين القطاعين الشرقي والغربي لإقليم قناة السويس، تطوير ميناء نويبع كمنطقة حرة، وتطوير مطار شرم الشيخ، وإنشاء مآخذ مياه جديد على ترعة الإسماعيلية، حتى موقع محطة تنقية شرق القناة لدعم مناطق التنمية الجديدة.
- إنشاء النفق تحت قناة السويس سيكون الأكبر من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، ويتسع لأربع حارات، وإقامة مطارين، وثلاثة موانئ لخدمة السفن، ومحطات لتمويل السفن العملاقة من تموين وشحن وإصلاح وتفريغ البضائع، وإعادة التصدير، وإقامة وادي السيلكون للصناعات التكنولوجية المتقدمة ومنتجعات سياحية على طول القناة، إلى جانب منطقة ترانزيت للسفن ومخرج للسفن الجديدة مما سيؤدي إلى خلق مجتمعات سكنية وزراعية وصناعية جديدة.
أن مشروع محور قناة السويس هو تجسيد للحلم المصري خصوصاً بعد إن سمعنا من حكومات سابقة كثير من التصريحات حول مشروعات عملاقة ولم تتعدى التصريحات فقط، وآن الأوان إن نعمل مع هذا الرئيس الذي يعمل على تجسيد أحلام هذا الشعب من أجل النهوض بمصر كما تمنينا إن يبقى هذا الوطن.
ارتباط قناة السويس بالذاكرة الوطنية المصرية لأنها ارتبطت بمشروع تحديث مصر، منذ عهد محمد على واختفائها في عهد الخديوي عباس، وبروزها مرة أخرى في عهد سعيد حتى الآن. ارتبطت قناة السويس أيضاً بالتحدي في مقاومة الهيمنة الاستعمارية على العالم وتأميم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لها من بريطانيا ،إن مشروع محور قناة السويس بداية تاريخ جديد لمصر يربط مابين التحرر السياسي والاقتصادي لمصر لارتباط المشروع بتمويل السد العالي ومشاريع التنمية وهو ما يمثل دلالة هامة جداً لمشروع التحديث الذي يحدث للقناة الآن سواء لتعميق المجرى لتكثيف حركة الناقلات فيها وجذب الاستثمار.
المشروع القومي الذي يجمع ويحشد المواطنين جميعا بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية أو توجهاتهم الأيديولوجية نظرا لما يحققه من مصلحة عامة يشترك فيها الجميع ولا يحدث حولها خلاف، فلا يوجد من يعترض على سبيل المثال على زيادة فرص العمل بهدف مكافحة البطالة، أو على التوسع في الصناعات والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والتي تعتمد على موارد البيئة المحلية، كذلك لا يوجد من يعترض على استزراع المناطق الصحراوية، أو زيادة رقعة الأراضي الزراعية، أو تنمية المناطق الحدودية أو غيرها من المشروعات التي تحتاج إلى تضافر جهود الجميع لتحقيقها وتهدف إلى زيادة موارد الدولة وإيراداتها وزيادة التصدير وجذب رؤوس الأموال وزيادة رصيد الدولة من العملات الأجنبية وغير ذلك من الآثار الإيجابية التي تنعكس على اقتصاد الدولة وسياستها، ويفسر ذلك بأن الدولة تكون قوية في المجال الخارجي وفي سياستها الخارجية بمقدار قوتها في الداخل والتي يعتبر الاقتصاد من أهم مقوماتها فضلا عن الاستقرار السياسي والاجتماعي.
وبعبارة أخرى فإن المشروع القومي هو ذلك المشروع الذي يؤدي إلى حشد جهود الجميع ويستفيد منه الجميع، فالشعب هو الذي ينفذه وهو الذي يستفيد منه أي أن الشعب هو أداة التنمية ووسيلتها ،وهو هدف التنمية وهذه هي أهمية أي مشروع قومي يمكن تنفيذه ،كما يساعد المشروع القومي على التخلص من حالة الاستقطاب والانقسام نظرا لما يؤدي إليه من تضافر جهود الجميع وتنفيذه والاستفادة من آثاره الإيجابية ،كذلك فإن الحشد والتوحد يكون مطلوبا للتغلب على الصعوبات والعقبات التي تعترض أي مشروع قومي سواء كانت هذه الصعوبات تتعلق بالتنفيذ أو التمويل أو تحدي الزمن، ويقصد بذلك إن الزمن أو عنصر التوقيت يمثل تحديا هاما لأن المطلوب تنفيذ المشروع القومي في أقل فترة زمنية ممكنة وبأكبر درجة من الإتقان، ولذلك فإن تخفيض الفترة الزمنية المخصصة لأعمال الحفر بالنسبة لمشروع قناة السويس من ثلاث سنوات إلى سنة واحدة وتحقيق ذلك فعليا يمثل استجابة ناجحة لهذه الصعوبة المتعلقة بالزمن، وبذلك يؤدي المشروع القومي إلى التحول من التجزئة والانقسام إلى الحشد والتوحد.
ثانيا: إن المشروعات القومية تخرج من الشعب أنقى وأقوى وأطهر ما فيه لتنفيذ المشروع القومي المرغوب فيه والذي يضيف إلى أمجاد الوطن وانجازاته، وهو ما يعبر عنه بالمصطلحات السياسية «المقدرة الرمزية للنظام» ويكفي الإشارة هنا على سبيل المثال إلى السد العالي والذي يعتبر من أهم المشروعات القومية في مصر الحديثة، بالإضافة إلى مشروع مديرية التحرير على سبيل المثال، فضلا عن تأميم قناة السويس وإدارتها بأيد وعقول مصرية بدرجة كبيرة من النجاح، ويلاحظ أن المشروع القومي الناجح الذي يرتبط بالحشد والتوحد يجب ألا يقتصر على الجوانب المادية فقط أي الجوانب الاقتصادية البحتة من عمالة وتمويل وتنفيذ وغيرها، وإنما هناك دور قوي ومؤثر مواكب لعملية التنفيذ وهو ما يتعلق بالجوانب القيمة والثقافية والفنية والإعلامية، ويقصد بذلك نشر وتنمية قيم العمل والإنجاز والثقة في النفس والانتماء للوطن وأن يصاحب ذلك كله دور للفن والثقافة في حشد الجهود وإبراز الإنجازات المحققة، والتي تنقل صورة الإنجاز إلى الشعب ككل من خلال الأغنية، والمسرح والأدب، ووسائل الإعلام المختلفة والتي يجب أن يكون لها دورها الهام في التعريف بالمشروع القومي وايجابياته وحشد الجهود والطاقات للتنفيذ وأن تكون وسائل الإعلام بدورها من وسائل الحشد والتوحد بدلا من أن تكون من عناصر التفرقة والانقسام، ويتطلب ذلك بالضرورة إعادة نظر في السياسة الإعلامية في الفترة القريبة القادمة حتى يكون للإعلام تأثيره الإيجابي خلال مراحل تنفيذ المشروعات القومية.
ثالثا: إن مصر تحتاج في الفترة القادمة إلى أكثر من مشروع قومي وخصوصا في أطراف الوطن أو مناطقه الحدودية، حيث تعتبر هذه المناطق إضافة إلى أهميتها الاقتصادية ذات أهمية إستراتيجية وتؤثر إلى حد كبير على الأمن القومي المصري، ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى تنمية سيناء سكانيا، وزراعيا، وسياحيا، وصناعيا، وهي ذات صلة وثيقة بأمن مصر القومي في الشمال الشرقي، فضلا عن تنمية حلايب وشلاتين في أقصى جنوب الوطن واستغلال ثرواتها وقدراتها السياحية الواعدة والصناعات البيئية، إضافة إلى تنمية المنطقة الغربية من الوطن واستصلاح مساحات من الأراضي تستخدم في زراعة محاصيل ذات أهمية إستراتيجية حيث يمكن أن تتحول هذه المناطق المختلفة بإرادة شعب مصر العظيم إلى مشروعات قومية تسهم في صناعة مستقبل مصر وشعبها وتحويل الآمال والطموحات إلى واقع عملي تحتل من خلاله مصر ما تستحقه من مكانة اقتصادية وسياسية في عالم اليوم.
- دور الدولة في تنمية سبل المشاركة الايجابية :-
أ - الدلالة الرمزية، ويقصد بذلك أن هذا المشروع القومي العملاق أصبح رمزاً لتكاتف وتماسك الشعب المصري وقدرته على مواجهة الصعاب، والالتفاف حول هدف يجمعه في وقت الشدائد والأخطار.
ب - الدلالة السياسية، فهذا المشروع القومي العملاق يقوم الشعب المصري بتمويله وبالتالي لا تصبح مصر عرضة لضغوط خارجية أو ابتزاز دولي لتمويل هذا المشروع، ولنتذكر ما تعرضت له مصر من ضغوط دولية بالنسبة لتمويل السد العالي، ويساعد ذلك على أن تكون مصر أكثر مرونة واستقلالية في تعاملاتها الخارجية وتحقق الاستفادة الكاملة من هذا المشروع العملاق.
ج - الدلالة التنموية، حيث إن عملية التنمية تتم من خلال الشعب فهو أداة التنمية ووسيلتها، كما أنها تهدف إلى تحقيق مصلحة الشعب فهو الهدف من التنمية، كما يعبر هذا المشروع عن النجاح في مواجهة تحديين لعملية التنمية، أولهما التحدي التنموي في حد ذاته بمعنى التمويل والتنفيذ، وثانيهما تحدي الزمن أي أن يتم التنفيذ في فترة زمنية قصيرة ووفقا لتوقيتات زمنية محددة.
- كيفية الاستفادة من هذا المشروع من خلال المشاريع القومية
أن هذا المشروع يهدف إلى توفير دخل إضافي للقناة من إيرادات عبور السفن وإقامة مشروعات عملاقة على جانبي القناة وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة وتوفير فرص عمل للشباب وبذلك يعد مشروع قناة السويس مهم لهذه المرحلة والتي ستنقل مصر نقلة كبيرة على المستوي الاقتصادي والسياسي.
إن مشروع تنمية محور قناة السويس الجديدة سيتيح مليون فرصة عمل للمصريين وإن تحالفات شركات محلية وأجنبية ومكاتب خبرة عالمية ستشارك في تنفيذه،
وان المشروع من شأنه جعل مصر مركزا صناعيا وتجاريا ولوجستيا عالميا يجعل من مصر قبلة للاقتصاد وحركة التجارة العالمية
وسيزيد من فرص الاستثمار الوطني والأجنبي وسيزيد من الدخل القومي المصري والعملة الصعبة ويضاعف من دخل قناة السويس.
-ما هو حجم العوائد التي يحققها المشروع و فرص العمل التي يوفرها؟
مشروع تنمية محور قناة السويس يخلق حوالي 1.5 مليون فرصة عمل ويرفع عوائد محور القناة من 5.3 مليار دولار إلي 100 مليار دولار سنويا ” خلال 7 سنوات” حيث يأخذ مشروع تنمية محور قناة السويس انتظار السفن كفرصة يجب استغلالها في خدمات النقل البحري، كما تساهم الصناعة في الدخل السنوي للمشروع ب40% أي ما يقرب من 40 مليار دولار سنويا”.
أما مشروع الحفر والتعميق فتتوقع الحكومة أن يرفع عوائد القناة إلي 13 مليار دولار
- لماذا لن يتحقق العائد من مشروع الحفر والتعميق على المدى القصير؟
السعة المرورية للقناة 78 سفينة يوميا، وحاليا عدد السفن التي تمر بالقناة يصل إلي 46 سفينة يوميا في المتوسط، وهو ما يدل علي إنها لم تصل للسعة المرورية الحالية للقناة وبالتالي لن يرتفع عدد السفن، أو العائد من القناة بمجرد حفر التفريعة الجديدة، وزيادة رسوم المرور مرتبط بالتجارة العالمية، ولكن الضمان الوحيد لزيادة العائد هو وجود تنمية اقتصادية متكاملة في منطقة المحور تعطيها قيمة اقتصادية مضافة للتجارة العالمية
- كيف سيحقق المشروع عوائده؟
التفريعة المقترحة ليست مشروعاً قائماً بذاته، فالسفن المارة بها لا يمكن أن تدفع رسما إضافيا منفصلا حيث يعد هذا المشروع هو اكبر المشروعات التي ستقوم بإذن الله لدفع مصر إلي الأمام بدرجة كبيرة جداً وتحقق دخل من العملات الأجنبية بشكل كبير جداً وقال السيسي في كلمته، إنه يسعى لتملك كل شاب وفتاة مصرية سهما مقداره 10 جنيهات في المشروع، مشدداً على ضرورة أن يكون الحفر للقناة الجديدة بتمويل المصريين .
قناة السويس " وما حولها في فترات زمنية معاصرة ( 1956-1973 ) مسرحاً لمعارك التحرير الوطني، والدفاع عن الأمن القومي المصري... ومن على ضفافها تخوض مصر في الوقت الراهن بكل قواها الوطنية أروع وأنبل المعارك... معركة التنمية والبناء من أجل تأمين الحياة الكريمة لكل المصريين، والتي كانت شرارتها الأولى بدء حفر قناة السويس الجديدة في الخامس من أغسطس 2015 .
وثيقة حفر القناة الجديدة ...تعبير صادق عن الضمير الوطني المصري :
نصت وثيقة بدء حفر قناة السويس الجديدة على : " بسم الله الرحمن الرحيم ، وباسم شعب مصر ، واستكمالا لمسيرة أجدادنا ومتوكلا على الله ، نأذن نحن عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ببدء حفر قناة السويس الجديدة ، لتكون شريانا للخير لمصر وللعالم أجمع وحفظ الله مصر وشعبها العظيم وتحيا مصر وتحيا مصر "
ومن المهم التوقف عند هذه الوثيقة ، فهي تعبر – بصدق – عن الضمير الوطني المصري في إشارتها أولا إلى استمرار مسيرة أجدادنا العظام الذين حفروا قناة السويس في ظروف بالغة القسوة ، وإشارتها ثانياً على أهمية القناة للبشرية جمعاء بوصفها شرياناً حيوياً يجلب الخير لمصر وللعالم اجمع .
قناة السويس الجديدة ..مشروع الأجيال :
من المعلوم إن " قناة السويس الجديدة " عبارة عن وصلة جديدة تماماً سيتم حفرها على الجاف بطول يبلغ 35 كيلومترا، ويضاف إليها عملية تعميق بطول 37 كيلومترا لتمكين السفن ذات الغاطس الكبير من المرور في القناة في الاتجاهين. ويتفادى المشروع العديد من المشكلات والأزمات المستقبلية ذات الصلة بالمعدل اليومي لعبور السفن خاصة إذا ما علمنا إن الدراسات أكدت ارتفاع عدد السفن العابرة للقناة من 49 سفينة يومياً في عام 2015 إلى 97 سفينة في عام 2023 ، وهو ما يعنى أن السفن ستكون مضطرة إلى الانتظار يوماً أو يومين لدخول القناة إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه. ومن ثم سيحقق هذا المشروع هدفا مستقبلياُ هاما يتمثل في زيادة القدرة الاستيعابية لمرور السفن
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية |