صنعاء نيوز - في العاشر من كانون الأول/ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة

الخميس, 10-ديسمبر-2015
صنعاء نيوز -
مركز جنيف الدولي للعدالة: في اليوم العالمي لحقوق الانسان، اين هي هذه الحقوق ؟

في العاشر من كانون الأول/ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ورغم ان 48 دولة كانت قد صوتت آنذاك على الاعلان الا انه اكتسب فيما بعد،وخاصة بعد زيادة عدد الدول الاعضاء في المنظمة الدولية، اهميّة خاصّة وغدا اهم وثيقة دولية في مجال حقوق الإنسان والركيزة الأساسيّة لكل الوثائق والصكوك الدوليّة اللاحقة.
وبعد مرور 67 عاماً على هذا الإعلان، ورغم عقد الكثير من الاتفاقيات والمعاهدات تبعاً لذلك، إلاّ ان حقوق الإنسان الأساسيّة تتراجع كثيراً في مختلف بقاع العالم تحت حجج وذرائع شتّى، والمحزن هو تضاؤل دور المنظمة الدوليّة في استعادة الأمن والسلم وبالتالي الحفاظ على حقوق الإنسان وتنميتها، على العكس من ذلك فمنظومة الأمم المتحدّة تواجه تحدّيات جدّية يوماً بعد آخر وتبرز الحاجة الى لحظة تأمل نقدّية على إخفاقات العقود الماضية وكيفية إيجاد السبل لتحويل نتائج هذا التفكير إلى مبادرات ايجابية.

ومع الاخذ بانجازات الأمم المتحدة ووكالاتها وآلياتها بعين الاعتبار، يرى مركز جنيف الدولي للعدالة أن الحالة العامة لحقوق الإنسان قد تدهورت خلال العقود الماضية، وتلاشت حقوق الإنسان الأسياسية واهمها الحق في الحياة في مناطق عديدة من العالم. وبعض من أسوأ الحالات المبينة أدناه تمثل جروحا عميقة وندوباً لا تنساها البشرية بسهولة.

رواندا



إن الفشل الذريع للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية في رواندا هو واحد من الأمثلة التي تبرهن على هذا الاخفاق. اذ على مدار 100 يوماً في عام 1994، تم ذبح ما يقدر بنحو 800000 إلى مليون فردا من التوتسي وبعدد اقل نسبياً من الهوتو في مجازر الإبادة الجماعية في رواندا. وفي تقرير لجمعية الناجين من الإبادة الجماعية يقترب عدد الأفراد الذين تعرضوا للإبادة الجماعية إلى 2 مليون نسمة. وقد تجاهلت الأمم المتحدة تحذيرات مبكرة عن تلك الإبادة الجماعية، ونظرت إليها على أنها "حربٌ أهلية " وفشلت في ان تتدخل لحلّها في الوقت المناسب. وعلاوة على ذلك، أمر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى رواندا بمغادرة البلاد. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كانت حياة الروانديين رخيصة للحدّ الذي لا تستحق ان تخاطر قوات الامم المتحدة بنفسها من أجل الحفاظ عليها؟ وهل من المتوقع من العالم أن يغمض عينيه ويتغافل عن مثل هذه الأخطاء؟ فعلى الرغم من الأمم المتحدة قد اعترفت "بأخطائها الجسيمة في تقدير الموقف" الاّ ان هذه العبرة المستفادة قد كلّفتها ثمناً باهضاً دون وجود مبرّرات حقيقية


فلسطين



الوضع في فلسطين يتدهور باستمرار مع زيادة الانتهاكات المنهجية والخطيرة لحقوق الإنسان على نطاق واسع. ويستمر انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني في كافة نواحي الحياة بدءاً من الحق الأساسي في الحياة والعيش بكرامة، الى كل الحقوق الأخرى مثل الحق في الصحة، التعليم، الغذاء، حرّية العبادة، حرّية التجمع، حرية التنقل والاعتقالات التعسفية بما في ذلك للقصرّ. والظروف المأساوية التي يعيش فيها السجناء،...الخ. ثم ما تمارسه سلطات الإحتلال من التمييز المقنّن ضد الفلسطينيين في حياتهم اليومية، وهدم المنازل الفلسطينية والتشريد الداخلي، هذا فضلاً عن الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على الموارد المائية للفلسطينيين وتجريف المزارع وحرمان الفلسطيني من موارد رزقه. إن سياسة الاستيطان التي تتبعها إسرائيل هي انتهاك لحقّ الشعب الفلسطيني الراسخ في تقرير مصيره بما في ذلك الحقّ بالعودة وهو حقّ مكفول له بموجب القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة والاتفاقات الدولية الأخرى. ولقد أصدرت الأمم المتحدة قرارات وتقارير لا حصر لها فيما يتعلق بجرائم الحرب الإسرائيلية وانتهاكات حقوق الإنسان داخل الأراضي المحتلة. وقد حان الوقت للأمم المتحدة للانتقال من الكلام والحديث إلى الأفعال وإرسال إشارة واضحة إلى سلطات الكيان المحتل (اسرائيل) بأنها لن تعدّ بعد قادرة على انتهاك حقوق الإنسان والإفلات من العقاب


العــراق




ولقد أخطأت الأمم المتحدة أخطاءً مروعة في إجراءاتها وكيفية تنفيذ قراراتها بخصوص العراق، فقد أدت العقوبات الاقتصادية التي فرضها مجلس الأمن الدولي على العراق في عام 1990 إلى وفاة 1،5 مليون عراقي، بضمنهم نصف مليون طفل. ويذهب البعض إلى توجيه تهمة "الابادة الجماعية" تبعاً لنتائج ذلك العمل الذي كان نتيجة تطبيق صارم لقرارات مجلس الامن دون النظر الى الآثار الإنسانية المروعة. وعلاوة على ذلك، فإن الأمم المتحدة فقدت مصداقيتها تماماً بعد الغزو الانكلواميركي للعراق عام 2003. فقد فشلت فشلاً ذريعا في تفادي الغزو على الرغم من معارضة عدد من أعضائها. ان الغزو الذي شنته الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد العراق كان حرباً تتسم بالعدوانية وانتهاكٍ صريح وواضح للقانون الدولي، بما في ذلك خرقها لميثاق الامم المتحدة وانتهاكاتها المتعدّدة لاتفاقيات جنيف ولاهاي. ومع ذلك، لم تفعل الأمم المتحدة شيئاً تجاه تلك الانتهاكات. بل لم تجدّد الأمم المتحدة منصب المقرّر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في العراق، وبالتالي ادّت الى تقليل الاهتمام بالعراق وتقويض العمل الجماعي من اجل التصدّي للكارثة الإنسانية الكبيرة. وحتى يومنا هذا،تفشل الأمم المتحدة في ضمان المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لعدم تقديم الجناة إلى العدالة وإنفاذ حق الضحايا في الانصاف المتكامل، بما في ذلك الجبر والتعويض كما هو منصوص عليه في قانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الانسان.

سورّية

وفي السياق نفسه، فشلت الأمم المتحدة في منع حدوث الأزمة الإنسانية في سورية، مما يؤدي مرّة أخرى إلى حدوث انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية. ولم يعدّ مقبولاً في هذا السياق مجرد ان تعترف الأمم المتحدة بمسؤوليتها عن "الفشل الجماعي لمنع الجرائم الوحشية في سوريا" والقول ان ذلك "سيبقى عبئاً ثقيلاً على كاهل الأمم المتحدة والدول الاعضاء". لقد حان الوقت لإتخاذ إجراءات فعالة لتصحيح خطأ آخر، ووقف الانتهاكات ضد ملايين المدنيين الذين يقعون تحت طائلة العمليات العسكرية واعمال الإرهاب والقصف المتبادل والعمليات الجوية التي لا تفرق في كثير من الاحيان بين الاهداف العسكرية والمدنية.




النازحون واللاجئون والمهاجرون

اجبرت الاعمال العسكرية المروعة الملايين من المدنيين في مناطق النزاعات الكبرى الى ترك منازلهم بحثاً عن مكان آمن. ولذا فان الكثير من العراقيين والسوريين وغيرهم قد وجدوا انفسهم بلا مأوى ياويهم وبلا جهة تتولى حمايتهم فاضطروا الى قطع مسافات طويلة، داخل بلدانهم وخارجها، في رحلة محفوفة بالمخاطر وهم يبحثون عن مكان آمن. لقد تصدّت الأمم المتحدة لهذه المحنة بامكاناتها المتواضعة ولم تستجب الدول بما ينبغي عليها من التزامات قانونية واخلاقية، وهكذا تعرّض هؤلاء النازحون والمهاجرون الى معاملة سيئة في الغالب الأعم من الحالات رغم ان بعض الدول قد وافقت في نهاية المطاف على استقبال وايواء اعدادٍ منهم الآّ انه ما يزال هنالك مئات الآلاف من هؤلاء الذين تركوا ديارهم قسراً عالقين امّا في بلدانهم او في بلدان المرور بانتظار بلدٍ يقبل بهم.

الحرب على الإرهاب

ولا يمكن التغاضي عن التأثير العالمي والآثار المترتبة على ما يسمى بـ "الحرب على الإرهاب" والتراجع الملحوظ في مناصرة حالات حقوق الإنسان في العالم. والتجاهل المستمر لضمانات حقوق الإنسان بما في ذلك التعذيب، والاختفاء القسري، والاعتقال التعسفي وتقنيات الاستجواب غير القانونية والمحاكمات الجائرة، واستخدام الطائرات بدون طيار فهذه كلها أدواتٌ غير مقبولة. ويتوجب على الأمم المتحدة اتخاذ الإجراءات الصارمة لوقف هذه الانتهاكات المقترفة تحت اسم "الحرب على الإرهاب"، وتقديم جميع المسؤولين عنها إلى العدالة. وينبغي على الأمم المتحدة ضمان تنفيذ إجراءات أنشطة مكافحة الإرهاب واتخاذ كل التدابير الممكنة من قبل جميع الدول دون استثناء بشرط لن يكون العمل في إطار سيادة القانون وإطار حقوق الإنسان، والالتزام بالاستراتيجية الشاملة التي وضعتها الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وكذلك وضع خطة للتنفيذ طبقا للاتفاقيات الدولية. وينبغي تشجيع الدول التي لم تصدّق بعد على الصكوك القانونية الدولية ذات الصلة للقيام بذلك، ويتوجب عليها تعديل تشريعاتها المحلية للامتثال إلى المعايير الدولية



اسباب الفشل

يعتقد مركز جنيف الدولي للعدالة أن تدهور حالة حقوق الإنسان على أرض الواقع يعود الى عدة أسباب، من بينها الفشل في معالجة الاسباب الجذرية للمشاكل والتركيز على إيجاد حلول قصيرة المدى، وازدواجية المعايير المطبقة في ضمان المساءلة حيث التركيز على الجناة المزعومين من بلدان العالم الثالث كما في القضايا المعروضة على المحكمة الجنائية الدولية. هذا يذكّرنا أن كثيرا من البنود الموجودة في جدول أعمال حقوق الإنسان تستخدم كأداة للتدخل السياسي بدلا من التوجّه الحقيقي للنهوض بحقوق الإنسان. فثمة بعض الدول تتحدث بصوت عالٍ جدا عن الديمقراطية، وسيادة القانون وحقوق الإنسان، وفي الوقت نفسه ترتكب فظائع واسعة النطاق وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وفي بعض الحالات، تفشل سياسات وإجراءات الأمم المتحدة في أن تأخذ في الاعتبار الخصوصيات الإقليمية وتتجاهل التعاون مع المنظمات الإقليمية لحقوق الإنسان. وما يقوّض من كفاءة إجراءات الأمم المتحدة هو غياب تقييمٍ واقعي ومتابعة فعّالة في تنفيذ قراراتها. وأخيراً، تفتقر العديد من البلدان إلى التعاون المثمر مع الأمم المتحدة ومع ألياتها المتخصّصة

الحلول
ونحن اذ ننظر الى المستقبل، فمن الضروري أن تُبذل جهوداً حقيقية لاستكشاف جميع الحلول الممكنة لمعالجة هذا التدهور والنهوض بالتحقيق الفعلي لمبادئ حقوق الإنسان. والتي من بينها الدراسة الدقيقة للأسباب الجذرية للمشاكل، وخاصّة في حالات الانتهاكات واسعة النطاق والممنهجة للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان. وينبغي إيلاء اهتمام خاص لتأثيرات التدخلات العسكرية غير الشرعية والاحتلال غير الشرعي. ولا ينبغي تجاهل قضايا مثل العنصرية والتمييز والتهميش. وينبغي أن تُعامل جميع الدول على قدم المساواة من حيث منع حدوث الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومكافحة الإفلات من العقاب. وينبغي وضع آلية تقييم شفافة لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومتابعة فعّالة للتنفيذ، وينبغي ألا تُستبعد أي دولة في ذلك. ويجب ان تعمل كل الاجهزة والهيئات والمنظمات غير الحكومية على تحسين التعاون والتنسيق مع آليات الأمم المتحدة. إن بالامكان، بل وينبغي علينا، ان نعيد للأمم المتحدة دورها لكي تكون "مكاناً للحوار" لا ان تكون "مكاناً للمواجه"

وفي هذه الروح من التضامن والعمل المشترك يؤكد مركز جنيف الدولي للعدالة تفانيه في العمل على تعزيز حقوق الإنسان. ويواصل توثيقه لانتهاكات حقوق الإنسان ويسعى إلى تحقيق العدالة لجميع الضحايا من خلال جميع الوسائل المتاحة


مقابلة تلفزيونية مع مركز جنيف الدولي في احتفال سابق بالمناسبة:

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=t5KWjX5mHIw
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 25-نوفمبر-2024 الساعة: 01:23 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-39513.htm