صنعاء نيوز - الدكتور عادل عامر

الأربعاء, 16-ديسمبر-2015
صنعاء نيوز/الدكتور عادل عامر -

أن قطاع الصناعة المحلية يعتبر عمود الاقتصاد الوطني، والأقدم في مختلف القطاعات ألاقتصادية ولكنه يحتاج لتعزيز حقيقي من قبل الحكومة ليكون قادراً على المنافسة وسط السوق المحلية والأسواق المجاورة، لان نقص استراتيجية تعزيز المنتج المحلي وتشجيع المستثمرين على القيام بصناعات جديدة، خاصة في ظل التسارع الكبير في الصناعات العالمية، وظهور صناعات متجددة كل عام.
لان تنمية الانتاج الصناعي في البلد تتطلب تمكينه من منافسة المستورد من السلع المماثلة لافتا الى اهمية العمل على انتاج صناعي نوعي وفق المواصفات الدولية، لان اهمية متابعة الاسواق المحلية من قبل لجان متخصصة قادرة على كشف السلع الرديئة التي دخلت الى الاسواق دون خضوعها للفحوصات اللازمة
ان هذا الاجراء يقود الى تمكين السلع المنتجة محليا من منافسة المنتجات المماثلة. مع ضرورة العمل على البدء بعملية التنمية الصناعية بشكل تدريجي وفق قاعدة التوسع الافقي لتشمل جميع المحافظات المصرية التي تحتاج الى الجهد الصناعي المحلي، لدوره في معالجة الكثير من المشاكل الاقتصادية وفي مقدمتها احتواء اعداد كبيرة من العاطلين، فضلا عن تفعيل مهن اخرى مرتبطة بهذه الصناعات.
ان البلد يملك موارد طبيعية تعد اهم مقومات نجاح الصناعة الوطنية النوعية في البلد. لان حماية المنتج المحلي احدى ركائز تنمية الانتاج الصناعي، حيث لا يمكن عرض انتاج محلي نوعي في سوق تعرض منتجات لا تحمل مواصفات من المادة نفسها، مع اهمية التوازن في عرض المنتجات النوعية المحلية والدولية. وبدأت دائرة التطوير والتنظيم الصناعي في وزارة الصناعة والتجارة تسلم الطلبات الخاصة بحماية المنتجات المحلية من الممارسالمحلي.رية الضارة تنفيذا لأحكام القانون شريطة ان يثبت مالك السلعة المحلية تعرضه لضرر نتيجة الاغراق او الزيادة غير المبررة في السلع والمنتجات.
أن المنافسة بين المنتجات المحلية والأجنبية مطلوبة لأنها تؤدي إلى تحسين المنتجات والأسعار وترفع من مستويات الجودة، وهذا يصب في صالح المستهلك ولكن من غير اعتماد الصناعة الوطنية وتطبيق استراتيجية لتعزيز المنتجات المحلية ونشر ثقافة دعم المنتج المحلي سيبقى قطاع الصناعة المحلية يعاني من المشكلات نفسها التي يعاني منها منذ أربعين عاماً. إن من أهم القوانين التي أحدث طفرة كبيرة في قطاع الصناعة بشكل عام والتي لها الأثر في جذب الاستثمارات، هو قانون المنتج المحلي .
أولا: أن للدولة دور أساسي في حماية المنتجات الوطنية يتمثل في إيجاد بنية تشريعية لحماية الإنتاج الوطني تتوافق مع متطلبات تحرير التجارة من خلال إصدار (قانون حماية الإنتاج الوطني) وكذلك تشكيل (جهاز مكافحة الإغراق) وتزويده بالكوادر والخبرات القادرة على التعامل مع القضايا المتعلقة بالممارسات الضارة على صعيد التجارة الدولية، وإذا لم يتم الاستعداد بوضع سياسات واضحة وحلول واقعية للتعامل مع الوضع المستقبلي لمواجهة الآثار المحتملة الناجمة عن تحرير التجارة، فإن الوضع سيكون كارثيا حيث من المؤكد أن مصانع كثيرة ستغلق ومشاريع عديدة ستفشل ومعدل البطالة سيتضاعف.
ثانيا: دور المستهلك مهم وأساسي في تشجيع ودعم المنتجات الوطنية من خلال الإقبال عليها وخاصة عندما تكون مماثلة أو أعلى جودة من المنتجات المستوردة.
ثالثا: المنتجين المحليين هم المتضرر الأول من أي ممارسات ناتجة عن سوء استغلال لتحرير التجارة وآلية السوق المفتوحة، لذلك من المفترض أن يكونوا أكثر ايجابية وتفاعل مع ما يدور حولهم، ويحاولوا الاستفادة من المتغيرات القادمة لصالحهم.
رابعا: إذا قام كل من الدولة والمستهلك والمنتج بدوره فذلك سيؤدي إلى انتعاش الاستثمارات والمشاريع المحلية، وستكون قادرة على الصمود أمام التحديات المتوقعة، وسيؤدي ذلك إلى زيادة معدل التنمية وبالتالي سينعكس ايجابيا على مستوى دخل الفرد وتعزيز الاقتصاد الوطني ، ويستفيد من ذلك الجميع منتجين ومستهلكين.
أن هذا القانون له دور كبير في تشجيع الصناعة المحلية الوطنية وإنتاجها بالمواصفات العالمية والتي تساعد الصناعة المصرية على المنافسة في السوق العالمية وأن تطبيق هذا القانونالمقبلة.ى إضافة 40% قيمة مضافة سواء كانت عمالة أو خامات. أن قانون المنتج المحلي يجبر أي وزارة أو مؤسسة حكومية على شرائه،
لان هذا القانون يعتبر من أهم مكتسبات ثورة يناير والذي يحقق مبدأ العدالة الاجتماعية أن مصر دولة جاذبة للاستثمار أن الدولة تتخذ خطوات جادة في هذا القانون وأصدرت تشريعات تحاسب كل مخطئ على خطئه . أن تدخل الدولة في حماية الجنيه يساعد في وجود سوق موازية وأن تعويم الجنيه يساعد على القضاء على السوق السوداء والموازية، متوقعًا وصول سعر الدولار إلى 8 جنيهات خلال الفترة المقبلة .
أن القانون ألزم الجهات المعنية بالتعاقد على منتجات مستوفية لنسبة المكون الصناعي المصري سواء في عقود المشروع أو عقود الشراء مع تحديد بعض الحالات التي يجوز فيها الخروج على هذا الالتزام.
إنّ "قانون تفضيل المنتجات الصناعية المصرية في العقود الحكومية يهدف إلى تحفيز المستثمرين لضخ استثمارات جديدة في المجال الصناعي للاستفادة من الميزات التفضيلية الممنوحة للمنتج الصناعي المصري وعلى الأخص اشتراط حد أدنى لمساهمة المكوّن الصناعي المصري في عقود مشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة وما يواكب ذلك من خلق وتوليد فرص عمل جديدة وفتح العديد من مجالات نقل التكنولوجيا في الصناعات ذات الصلة بالمشروعات المشار إليها.
لأنة من الضروري أن يتم وضع خطة اقتصادية علمية رصينة تتلخص بتفعيل ، وتطوير أداء القطاعات الاقتصادية الرئيسة المتمثلة بالزراعة والصناعة من خلال انتهاج الحكومة لمختلف الآليات التي بوسعها دعم إدارة القطاع الزراعي وتمكينها من تطبيق آليات خططها وبرامجها ، فضلا عن تعزيز مقومات إدارة القطاع الصناعي من اجل ضمان تأمين المنتج المحلي ، وتقليل الحاجة إلى توريد السلع والبضائع والمهمات من خارج البلاد . أن من بين الأهداف المرجوة من تطبيق قانون التعريفة الجمركية ما يتجسد بدعم المنتج الوطني وتطوير عمل ومساهمات القطاع الخاص الذي تضرر كثيرا بفعل سيادة ظاهرة الإغراق السلعي في السوق المحلي ، إذ أن استمرار غياب المنتج المحلي من أسواقنا ، لايمكن أن يضمن تحقيق كامل الأهداف المتوخاة من تفعيل هذا القانون .
أنّ "القانون يهدف كذلك لتحسين أداء ميزان المدفوعات، من خلال توفير العملات الأجنبية التي يتم إنفاقها سدادًا لشراء المنتجات المستوردة ويتوافر لها مثيل في السوق المصري، ودفع المنافس الأجنبي لتقديم أفضل العروض السعرية لمواجهة الميزة التنافسية السعرية التي يمنحها مشروع القانون المعروض للمنتجات المصرية المطابقة لمعايير الجودة وما يصاحب ذلك من وفورات في المشتريات الحكومية إلى جانب مساندة المنتج الصناعي المصري من خلال حظر تضمين شروط الطرح في العقود التي تسرى عليها أحكام هذا القانون ما يعد تمييزًا ضد المنتجات الصناعية المصرية المطابقة للمواصفات القياسية المصرية أن تطبيق القانون يعتبر استدعاء لاستثمارات جديدة فى الصناعة، ودخول لرؤوس أموال مباشرة من الخارج للعمل وإقامة مشروعات طويلة الأجل يتم التعامل معها وإعطائها نفس الفرص المتساوية مع الاستثمارات المصرية. إن القانون فى ظل المشروعات الكبرى التى تعلن عنها الحكومة من محطات وغيرها، سيؤدى إلى تشغيل المصانع والحد من البطالة بتشغيل نسبة أكبر من العمالة، وإنعاش للسوق المصرى من خلال ضخ أموال جديدة مع تحديد نسبة المكون المصرى 40%، وهو حجم عمل تحتاجه جميع المصانع المصرية.
لان القانون من شأنه أن يساهم فى نقل التكنولوجيا ودخول خبرات جديدة، بعد أن كانت الحكومة تعتمد على المنتجات المستوردة فى إقامة مشروعاتها، متوقعاً حدوث طفرة كبيرة فى الصناعة المصرية. لان مكاتب الشركات الأجنبية فى مصر يهمها الاستمرارية والتواجد نظراً لحاجة السوق وستسعى لإقامة استثمارات مباشرة أو بالشراكة مع مستثمرين مصريين. لان قطاع النقل على سبيل المثال سيكون قطاع جاذب للاستثمار خاصة أن مصر لن تنتهى من استخدام وإنتاج عربات السكك الحديدية.
إن القانون كثيراً ما تعرض للتحايل وعدم التطبيق، ومن الضرورى أن تلتزم الحكومة بتفضيل المنتج المحلى فى تعاقداتها.لان القانون الحالى يتميز بوجود لجنة تحدد نسبة المكون المحلى تضم أعضاء من اتحاد الصناعات وهو ما يمثل حكم فيصل فى حالة حدوث مخالفة. أنه إذا لم يشترط الجهة الإدارية في الإعلان عن المناقصة أو الممارسة قصر الدخول في العملية المطروحة إلا علي العطاءات المقدمة لمنتج محلي فإذا تقدم منتج أجنبي يتم رفضه لمخالفته شروط الطرح المعلن عنها ، أما في حالة عدم النص علي تقديم العطاءات عن منتج محلي وجاء الإعلان عاماً خالياً من أي تحديد ففي هذه الحالة يتم اختيار العطاء المقدم من منتج أجنبي إذا كان السعر هو أقل الأسعار المقدمة بعد حساب نسبة 15% للمنتج المحلي ولا يعمل بقرار مجلس الوزراء المشار إليه في هذا الشأن لمخالفته نصوص القانون رقم 89 لسنة 1998 كما أن القرار الوزاري لا يمكن للأدنى أن يعدل قانون لأنه في مرتبة أدني من القانون ولا يمكن للأدنى أن يلغي أو يعدل الأعلى منه في مسألة تدرج التشريع ويمكن حصر أثر هذا القرار علي أنه يخاطب القائمين علي أمر الجهات الإدارية بأن يتم النص علي المنتج المحلي فقط دون سواه طالما أنه موجود ، وذلك لكونه يحقق حماية أكبر للمنتج المحلي ويعمل علي تشجيعه من خلال الإقبال عليه الأمر الذي يكون له مردود اقتصادي كبير نظراً لكونه يؤدي إلي خلق فرص عمل ويحد من مشكلة البطالة .
كما أنه علي الجانب الأخر يعمل علي توفير العملة الأجنبية للدولة في ظل الظروف الاقتصادية التي تواجهها والمتغيرات الدولية التي تؤثر علي هذه العملات . بيد أنني أهيب برجال الصناعة ورجال الأعمال في مصر استغلال الفرصة التي أتاحتها الدولة بتشجيع الصناعات المحلية وإعطائها الأولوية علي نظيراتها الأجنبية وعليهم أن يحسنوا ويجودوا في منتجهم حتى يستطيعوا أن ينافسوا المنتجات الأخرى ويجب عليهم ألا يستغلوا هذا الموقف بالاحتكار ورفع الأسعار وإهمال جودة الإنتاج أمر الذي يعود عليهم علي المدي البعيد بالضرر ، لذا يجب علي رجال الصناعة تشجيع المنتج المحلي كما فعلت الحكومة وعدم الاستغلال لتحقيق مكاسب كبيرة علي حساب سمعة المنتج المحلي .
إن القانون ليس له تأثير بنسبة كبيرة على الصناعات الغذائية، ولكنه سيساهم بشكل كبير فى جذب استثمارات ورؤوس أموال جديدة باعتبار أن الحكومة ستقوم بتفضيل المنتج المحلى. المنتجات التي يطبق عليها أحكام التفضيل المقررة في القانون رقم 5 لسنة 2015 –القانون-ولائحته هي كل المنتجات الصناعية التي تزيد نسبة المكون المصري بها على (40%) من سعر المنتج، وتحتسب نسبة المكون الصناعي المصري بخصم قيمة المكونات المستوردة من سعر المنتج. وأطلق القانون على هذه المنتجات مسمي "المنتجات المستوفية لنسبة المكون الصناعي المصري" (المادة 1 من القانون).
قدر مقاولون في المواد الإنشائية حجم خسائر القطاع خلال السنوات الثلاث الماضية بمليارات الجنيهات وذلك بسبب ما وصفوه بتفضيل المنتجات الإنشائية الأجنبية على منتجاتهم المحلية.لان وجود زيادة في الإنفاق الحكومي مرده ارتباط المشاريع الحكومية بعقود صيانة مع شركات أجنبية, أن هذه الخسائر لم تكن لتعتبر فاقد على الاقتصاد المصري والذي يسعى الجميع لتعزيز أرقامه لو تم الامتثال لقرار مجلس الوزراء بتفضيل المنتج المصري في المشاريع الحكومية.لان وزارة التجارة والصناعة مطالبة بتأدية دورها في خدمة المنتج المحلي ومخاطبة الجهات التي تؤخر الامتثال لقرار تفضيل المنتج المصري, مطالبين بإيجاد توازن يؤدي دوره في تحفيز الاستثمارات الأجنبية دون التأثير على الصناعة المحلية، لان الاستثمارات الأجنبية وبالرغم من أنها لم تقدم ميزة نسبية تضاف على صناعة المنتج المحلي, إلا أنها بدأت بالتأثير سلباً على الصناعة المحلية.لان هناك عوائق قد تطال المشاريع المنفذة بمنتجات أجنبية ولا تزال غائبة عن علم القائمين على أنظمة المنافسات والمشتريات الحكومية, وترتبط بأهمية إبرام عقود طويلة الأجل للصيانة وتأمين قطع غيار تستجلب من الخارج ما يؤدي بدوره لزيادة الإنفاق الحكومي على هذه المشاريع, بينما تأتي هذه العقود بشكل أفضل وأكثر فاعلية فيما لو كان التعامل فيها مع شركات ومصانع ومنتجات محلية. ويجب علي وزارة التجارة والصناعة بأن تؤدي دوراً فاعلاً لحماية وتعزيز حضور المنتج المحلي أسوة بتحركات هيئة الاستثمارات لتحفيز المنتج المحلي, كأحد أدوارها الرئيسية, و أنه حتى وبوجود الاستثمارات الأجنبية لم نلحظ تقديمها لأي ميزة نسبية أو تفضيلية على المنتج المصري الذي يحظى بثقة مطلقة في الكثير من دول العالم.
وبذلك فإنه يمكن القول بأن الإغراق التجاري في واقعه ، ومن وجهة النظر القانونية والاقتصادية ، يعد تصرفاً تجارياً غير مشروع ، يترتب عليه ، في الغالب ، اتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقائية والعلاجية المناسبة لمواجهته دوليا ومحلياً ، إلا أنه ينبغي أن تتوفر شروط معينة للحكم بحصول الإغراق لاتخرج عموما عما يشترط في المسؤلية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما ، ويمكن تحديد تلك الشروط بالآتي :
1-فعل الإغراق act of dumping الذي يتحقق ببيع منتجات المصدّر في البلد المستورد بأقل من تكلفة الإنتاج أو من ثمن بيع نفس المنتج في بلد المصدّر، ويثبت ذلك بمقتضى تحقيقات دقيقة يمكن أن تمتد إلى كل من المصدّر والمستورد ، بحيث ينتج عنها إثبات حصول الإغراق فعلاً ( الخطأ ) وهو ما يمكن إثباته بكافة الوسائل .
2-أن تثبت التحقيقات وجود ضرر ماديmaterial injury واقع أو محتمل الوقوع على المنتج المحلي المماثل للمنتج المغرق في مجالات الزراعة ( ) والصناعة والخدمات .
3-أن يكون وقوع ذلك الضرر بسبب وجود ذلك الإغراق ونتيجة له (علاقة السببية Causation) .
المشكلة الاقتصادية في مصر تتمثل في الاتي :-
· عجز الموارنة خلال العشر سنوات الماضية بدأت الحكومة تنفق أكثر بكثير من إيراداتها (من الضرائب والموارد الأخرى مثل دخل قناة السويس) وخاصة على الالتزامات الاجتماعية ودعم الغذاء والطاقة والمطالب الفئوية التي تصاعدت بعد الثورة، مما أدى لارتفاع عجز الموازنة خلال 3 سنوات من 134 مليار جنيه إلى 205 مليار جنيه في 2012-2013، يمكن أن تصل إلى 302 مليار جنيه (تمثل حوالي 15% من الناتج القومي) خلال العام المالي 2013-2014 لو لم تتم تطبيق إجراءات إصلاحية جدية، وهو ما يفوق بكثير كل معايير استدامة المالية العامة والحفاظ على سلامة الإطار الكلي للاقتصاد طبقا لبيان وزارة المالية المصرية.
· زيادة غير مسبوقة في الدين المحلي: لسد عجز الموازنة المتصاعد، لجأت الحكومة لإصدار أذون وسندات الخزانة والاقتراض من البنوك المحلية بصورة مستمرة، مما أدى إلى زيادة غير مسبوقة في الدين المحلي لتغطية تصاعد الفجوة بين المصروفات والإيرادات، وأعلن محافظ البنك المركزي أن إجمالي الدين العام المحلى سجل 1533.6 مليار جنيه، فى نهاية شهر يونيو 2013 (أي قبل رحيل مرسي)، ليبلغ إجمالي الديون المستحقة على مصر داخليًا وخارجيًا 1831.68 مليار جنيه، أي 1.83 تريليون جنيه وهو رقم فلكي غير مسبوق، يعادل حوالي 89% من الناتج القومي المحلي. · مزاحمة القطاع الخاص: عندما لجأت الحكومة للاقتراض من البنوك المحلية فقد "زاحمت" القطاع الخاص في الحصول على قروض من المدخرات والودائع البنكية، مما تسبب في صعوبة وارتفاع تكلفة حصول القطاع الخاص على التمويل اللازم للتوسع الاستثماري والنمو.
· فوائد مرتفعة لخدمة الدين المحلي: مع تدهور التصنيف الائتماني لمصر، ارتفع معدل الفائدة على أذون وسندات الخزانة الحكومية إلى حوالي 10.9% – وهي فائدة مرتفعة تعكس حجم التضخم في مصر ومدى ثبات قيمة العملة الوطنية – الجنيه المصري، وعوامل المخاطرة التي تتأثر بثقة المقرضين في الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وقدرة الحكومة على اجتياز هذه التحديات. وسداد فوائد هذه الديون ابتلع نحو ١٤٧ مليار جنيه خلال العام المالي 2012-2013، مقابل نحو ٧٢ مليار جنيه في 2009-2010 أي بزيادة تصل إلى ١٠٤ % خلال ثلاث سنوات. وهذا الرقم وحده يقارب حجم العجز الكلي في الموازنة، أي أنه لو لم تكن هناك ديون حكومية – فإن العجز الأساسي صغير جداً – وهذا يدل على أن المشكلة على ضخامتها، هي فجوة نشأت من قبل الثورة وتزايدت مع التباطؤ الذي اضطرت الحكومة لتعويضه لمنع البلاد من الانزلاق في دورة انكماشية أو كساد اقتصادي تكون آثاره سلبية على المصريين ولفترة طويلة قادمة، وتشير إلى أن الاقتصاد المصري قادر في الوقت الحالي على تغطية نفسه ولكن وجود هذه الفوائد يحمل الموازنة بعجز كلي ضخم، فيصبح التحدي الرئيسي – كيف تمنع مصر هذه الفجوة (أو الجرح النازف) من الاتساع. · تدهور موارد العملات الأجنبية: مع وجود القلاقل السياسية وحوادث العنف، تدهورت عائدات السياحة، وخرج كثير من المستثمرين الأجانب من البورصة المصرية، كما تراجعت معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر بشدة، مما ضغط على قيمة الجنيه المصري انخفاضاً، وعلى الرغم من زيادة تحويلات المصريين بالخارج إلى وطنهم خلال العامين الماضيين بصورة غير مسبوقة، إلا أن هذا لم يكن كافيا لمنع تآكل الاحتياطي النقدي الأجنبي من 36 مليار دولار في ديسمبر 2010 إلى 15 مليار دولار في 30 يونيو 2013 – أي قبل أن تضخ دول الخليج حزمة المساعدات التي تلت عزل مرسي والإخوان عن الحكم.
· تباطؤ الاقتصاد: عدم توفر العملات الأجنبية أدى لصعوبة استيراد المواد الخام والوسيطة وهو ما أدى مع غياب الاستقرار السياسي وغيرهما من عوامل لتباطؤ النشاط الصناعي والاقتصادي بصفة عامة، وزيادة معدلات البطالة.
· هيئات نازفة: استمرار وجود هيئات تستنزف الموازنة العامة مثل قطاع الإذاعة والتليفزيون وبالطبع الهيئة العامة للبترول بسبب دعم الطاقة.
وللأنصاف فإن تدهور الأوضاع الاقتصادية بدأ بعد ثورة يناير مباشرة، وهو أمر مفهوم في ظل الاحتجاجات والمطالب الفئوية التي نشأت عن تراكمات قديمة انفجرت فجأة في وجه الحكومة الانتقالية بعد رحيل مبارك، علاوة على تدهور الوضع الأمني، وسقوط العديد من أقطاب الاقتصاد نتيجة لارتباطهم بنظام مبارك،
ولكن الإخوان مسئولين بصورة مباشرة على تأزم الأوضاع الاقتصادية بعدة طرق: أولها إصرارهم عقب ثورة يناير على خريطة طريق طويلة جداً ظنوا أنها تؤمن لهم السيطرة على مقاليد السلطة ورسم شكل الدولة من خلال الانفراد بوضع الدستور عن طريق ربط تشكيل الهيئة التأسيسية لوضع الدستور بنتيجة الانتخابات البرلمانية، والثانية هي رفضهم العمل بأسلوب المشاركة والتوافق الذي وعدوا به بعد الثورة، وإصرارهم على المغالبة والهيمنة رغم ضعف التأييد الشعبي لهم، معتمدين على قوة التمويل والتنظيم السري والقدرات الانتخابية التي لم تتوفر لباقي القوى السياسية التي جاء ميلادها تنظيمياً وحزبياً بعد الثورة، مما أدى لسقوط حكمهم ودخول البلاد في دورة جديدة من عدم الاستقرار.
ويتضح من استراتيجية القرابين التي اتبعها الإخوان خلال الأشهر الماضية في اصطناع مواجهات هجومية تؤدي حتماً إلى حدوث عنف دموي وسقوط ضحايا، أن هدفهم الحقيقي كان نقل صورة مخيفة داخلياً وخارجياً عن الأوضاع في مصر، رغم محدودية هذه الاحتجاجات عدداً وانعدام تأثيرها السياسي، فهي تضحي بثمن باهظ من دماء المصريين لتنفيذ استراتيجية تليفزيونية أساساً، هدفها تضخيم الانطباعات السلبية، لضرب الاستقرار ومنع عودة الحياة الطبيعية، وتطفيش الاستثمار والسياحة، وتخويف المقرضين والمؤسسات الدولية، وإبطاء عجلة الاقتصاد، وقطع الطرق وشل المرور في البلاد، واستنزاف الدولة والاقتصاد. وبالطبع فإن حظر التجول في حد ذاته أدى لتباطؤ الاقتصاد في بلد تعتمد عادة على التسوق الليلي. ولكن بصرف النظر عن مخططات الإخوان، هل تستطيع مصر أن تتخطى هذه التحديات الاقتصادية الجسيمة؟ وإلى أي مدى ستستطيع المساعدات الخليجية أن تبقي مصر آمنة فوق مستوى الغرق؟ بعيداً عن عجز الموازنة الحكومية، فإن الاقتصاد المصري الرسمي والموازي يتمتعان بعوامل قوة ظاهرة وكامنة. فعلى ضفة الطلب، نجد إمكانية نمو الطلب المحلي بصورة كبيرة لسد الاحتياجات والتطلعات الاستهلاكية لعشرات الملايين من المصريين بمجرد وجود قدر مناسب من الاستقرار والنمو في التوظيف، وعلى الضفة الأخرى، هناك طاقات إنتاجية كبيرة غير مستغلة، ومنشآت اقتصادية ومصانع مغلقة أو تعمل بجزء صغير من طاقتها نتيجة لضعف الطلب المحلي، وبنية تحتية تحتاج التحديث في كل مجال تقريباً، وهذا التحديث لا يحتاج لنفس القدر من الاستقرار الذي تحتاجه السياحة أو الاستثمار الأجنبي، بما يجعل تقديم حزمة تنشيطية له أثر فعال في صنع جسر بين الطلب الكامن والقدرات الإنتاجية المعطلة.
ولكن كيف تستطيع الحكومة أن تقيم هذا الجسر في ظل وجود عجز ضخم في الموازنة؟ كما أن الأزمة مركبة، فإن الحل في وجهة نظري هو أيضاً مركب:
· تصغير الفجوة: لابد أن تقوم الحكومة باتخاذ الإجراءات التي تقلل من عجز الموازنة من خلال ترشيد الإنفاق وخاصة في مجال دعم الطاقة الذي يستهلك وحده 100 مليار جنيه (!)، حيث يمكن توفير حوالي 37 مليار جنيه منها عبر استخدام نظام بطاقات الوقود الذكية كمثال واحد، وكذلك تنمية الموارد من خلال تطبيق الضريبة العقارية كمثال آخر.
· الضخ في مشروعات البنية التحتية: يمكن استغلال هذا الوفر وغيره في الاستثمار في المستقبل، من خلال ضخ حزمة إجراءات تنشيطية تبدأ بالاستثمار في المرافق والطرق والبنية التحتية وإقامة مناطق صناعية وعمرانية جديدة.
· إطلاق مشروعات قومية: من الجميل أن تقوم دول الخليج بسد الاحتياجات الآنية العاجلة سواء في الطاقة أو لتعويض استنزاف احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، وهذا بمثابة حل مؤقت موضعي يعالج أعراض المرض، ولكن العلاج الحقيقي يكمن في تنشيط الاقتصاد نفسه، وبالتالي يجب على الحكومة المصرية أن تجهز أوراقها جيداً، للعديد من المشاريع القومية المشتركة التي يمكن أن تجذب اهتمام الأشقاء في الخليج بصورة استثمارية، بعيداً عن المنح أو القروض والهبات، مثل مشروع منطقة قناة السويس، وهذا يتضمن تعزيز قوانين حماية الاستثمار العربي والأجنبي بصفة عامة.
· صندوق تنمية عربي أفريقي: يجب أن تبادر مصر بتقديم الدراسات والالتزام بالاستثمار الحكومي في إنشاء صندوق عربي أفريقي للتنمية والاستثمار في مصر والسودان ودول حوض النيل بما يشجع القطاع الخاص في مصر، والصناديق الحكومية والخاصة في دول الخليج ويحثها على المشاركة، وفي نفس الوقت يبني علاقات متينة مع دول حوض النيل لحماية حصة مصر المائية.
· إدارة الأزمة بذكاء أمنياً وإعلامياً: مع علم الحكومة المصرية بخطط الإخوان لضرب الاستقرار في مصر من خلال اصطناع المواجهات الدامية، إلا أن السلطات لا تنفك أن تسقط في فخ الإخوان في كل مواجهة، ومع سقوط الضحايا، يقوم الإخوان باستغلال الموقف إعلامياً لتحقيق المزيد من الضرر لصورة الأوضاع في مصر وضرب الاستقرار، كما أن العديد من القرارات والإجراءات تعتمد فقط على المفهوم الأمني دون أن تخضع للتمحيص السياسي الاستراتيجي واعتبارات التأثير الكلي على الرأي العام ومبادئ إدارة الأزمات، للموازنة بين الفوائد والإضرار لكل قرار. وبدلاً من أن تلجأ الحكومة للحلول الناجعة وتصحيح هذه الأخطاء المتكررة، نجد أنها تلجأ لاتهام الإعلام الأجنبي بالتآمر لدرجة أن يصف المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية صحيفة الجارديان البريطانية أنها صحيفة صفراء ناطقة عن الثورة المضادة .
· المصارحة: لابد من مصارحة المصريين بحقيقة الأوضاع ألاقتصادية ومطالبتهم بتحمل المسئولية في علاج الوضع الحالي ويجب أن يوازن المصريون بين رغبتهم في تصحيح مظالم اجتماعية تراكمت عبر سنوات طويلة، وبين قدرة الموازنة العامة على دعم هذا واقعياً بطريقة أمنة حتى لا تنهار الدولة تحت ضغوط مطالب فئوية لا يمكن الاستجابة لها من موارد حقيقة. لكن من يجرؤ أن يقوم بهذه المصارحة؟ رغم أن الفريق السيسي ليس مسئولاً بصفة مباشرة عن الحكم أو عن الملف الاقتصادي، إلا أنه يحظى بشعبية كبيره قد تمكنه من أن يكون هذا الشخص الذي يصارح المصريين بشجاعة بحقيقة الأوضاع ويطلب دعمهم.
الخاتمة
اشتهر المصريون لمئات السنين بإشعال الفوانيس سنويا خلال شهر رمضان و التي كانت ولمئات السنين تصنع بأيدي مصريه الي أن جاء التنين الآسيوي يوما ما و طرح نفس الفوانيس بتصميم اجمل و بخامات اجود و بأسعار اقل عشر مرات من اسعار الفوانيس المصرية. عندها تسائل القوم كيف علم الصينيين بهذه العادة و استفادوا منها تجاريا(؟)
، هو ذات السؤال الذي يجعل السودانيين يذهبون عشية العيد لشراء جلابية جاهزة (صينية) بدلا من الوقوف فى صفوف الخياطين المسكوت عنه فى هذه السطور هو كم من العاملين فى مجال صناعة فوانيس رمضان قد وجدوا انفسهم خارج المنافسة بمجرد وصول الفوانيس الصينية الممتازة(؟)
البعض يقول انه لابد من حماية المنتج المحلي برفع التعريفة الجمركية علي الواردات الصينية، و هذا ما تفعله اوروبا الآن فعشرات البواخر المحملة بالمصنوعات الصينية تقف علي بعد كيلومترات من اكبر المواني الاوروربية و تُمنع من الرسو، حتي لا تخرب بيوت بعض العمال فى المصانع الاوروبية.
التجارة الحرة امر فيه الكثير من الفوائد للدول القادرة علي الاستفادة من المناخ و من الغاء التعريفات الجمركية، اما نحن اهل النفرة الزراعية الزائفة فربما سنستفيد من العوملة بشكل افضل اذا ما ركزنا علي ما نستطيع أن نجود و ما يحقق لنا افضلية فى السوق العالمي الذي هو حتما ليس النفط وحده و لا الصناعة بشكلها و مفهومها القديم. لعب دورا كبيرا فى تغيير حالة الركود التي لازمت الاقتصاد خلال عقد الثمانينات فنفس العام شهد فائض فى ميزان المدفوعات لأول مرة منذ النصف الاول من عقد السبعينات.
تجارب البشرية فى مختلف بقاع الارض و اركان المعمورة تقول انه لا يمكن التحول من اقتصاد زراعي الي اقتصاد صناعي هكذا بقرار و بجرة قلم، فهذه عملية تحتوي ضمن ما تحتوي تحولات اجتماعية و سلوكية بنيوية و تحتاج الي تحولات اجتماعية كبري ترتبط بطبيعة المناهج التعليمية وتخطيط التعليم وأولويات البلاد فيما يتعلق بالتعليم، فانهيار النشاط الزراعي يمكن ملاحظة نتائجه بقراءة تاريخ اي اسرة فى معظم انحاء مصر خلال الثلاثة قرون الماضية ففي ذلك الزمان كان من الطبيعي أن تجد كل الاسرة تعمل فى حرفة الزراعة اما الجيل الثاني فقد انقسم ما بين من مضوا فى سلم التعليم و انتقلوا الي وظائف حياتية اخري و ما بين من اغترب و من ذهب الي اقرب المدن للعمل فى مهن هامشية لا تحتاج الي اي قدرات وبعض المهمشون يعملون فى حرفة الزراعة بأجور زهيدة التحول الي مجتمع صناعي و اغفال النشاط الاساسي لأي مجتمع ينتج من بين ما ينتج ظهور القطاع الغير رسمي و الذي ربما يشكل اكثر من 50% من حجم النشاط الاقتصادي و هو نوع من النشاط الذي تتضرر منه الدولة و العاملين فيه علي حد سواء
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية

عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 01:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-39666.htm