الثلاثاء, 22-ديسمبر-2015
صنعاء نيوز - الاسباب الحقيقية وراء اعلان السعودية المفاجئ هدنة انسانية في اليمن!! 
صنعاء نيوزLبقلم/ كاتب/عبدالعزيز ظافر معياد -
فجاءة وبلا مقدمات وبصورة صادمة لحلفاء السعودية على الارض،أعلنت قيادة دول التحالف في بيان صادر عنها عن هدنة إنسانية في اليمن مدتها خمسة أيام، ابتداء من مساء الاحد 26 يوليو الجاري،وذلك استجابة لطلب هادي في رسالة وجهها إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز،لإدخال وتوزيع أكبر قدر من المساعدات الإنسانية والطبية إلى الشعب اليمني ،فما اسباب ذلك ؟ولماذا غيرت السعودية موقفها من الهدنة الإنسانية ؟
- اثار الإعلان المفاجئ للهدنة الإنسانية استغراب الكثيرين لعدة أسباب أهمها :
1-التحول الكبير في موقف السعودية من الهدنة، وتخليها عن موقفها المتشدد الرافض للهدنة قبل تنفيذ انصار الله والرئيس السابق اشتراطات شددت عليها في الثلث الأخير من رمضان المبارك كان أهمها سحب قوات الجيش واللجان الشعبية من عدة مدن (عدن وتعز وشبوة ومأرب)ونشر مراقبين أمميين في اليمن للأشراف على توزيع المساعدات وتسجيل أي خروقات قد تحدث،ومازلنا نتذكر كلام احمد عسيري المتحدث باسم التحالف عندما برر عدم التزامهم بهدنة ولد الشيخ احمد كونها عمل عشوائي وغير منظم.
2-جاء الموقف السعودي الجديد في وقت تراجعت فيه الضغوط الدولية المطالبة بالهدنة خاصة مع توقف بان كي مون عن مطالبته المتكررة بالهدنة ووقف مبعوثه الى اليمن ولد الشيخ احمد جهوده لإقناع السعودية بها،في حين جازفت الرياض قبل ثلاثة اسابيع برفض هدنة الأمم المتحدة لما يعنيه ذلك من ظهورها في موقف معارض للإرادة الدولية.
3-جاء الإعلان عن الهدنة في وقت تراجعت فيه الحاجة الماسة لها في عدن بعد دخول المساعدات اليها في الأيام الأخيرة ،في حين تشددت السعودية في رفض الهدنة عندما كانت عدن تعاني من كارثة إنسانية غير مسبوقة،وكان أبنائها في اشد حالتهم احتياجا لأي مساعدات ولو بسيطة كونها قد تساعدهم على البقاء احياء،ومع ذلك تمسكت الرياض بموقفها المتشدد الرافض للهدنة رغم ادراكها ان جزء من تلك المساعدات لابد ان يصل الى سكان عدن حتى مع سيطرة الحوثيين والموالين للرئيس السابق على أجزاء من المدينة.
4-جاء الإعلان عن الهدنة في وقت شهد فيه الوضع الميداني تحولات هامة في مسار الحرب لصالح السعودية وحلفائها ،حيث تمكنت السعودية والميليشيات الموالية لها من تحقيق مكاسب ميدانية هامة في عدن وأجزاء من لحج وشبوة في الأيام الاخيرة،علاوة على ان الإعلان جاء في وقت بدأت فيه تلك الميليشيات خوض المعركة الأهم للسيطرة على قاعدة العند الاستراتيجية التي ستتمكن من خلالها في فرض نفسها كأهم الفاعلين في الجنوب مع احكام سيطرتها على لحج وعدن والضالع،ومن ثم ظهر توقيت اعلان الهدنة وكأنه محاولة لكبح جماح الميليشيات الموالية لها من حراك انفصالي وقاعدة وسلفيين ،وفي الوقت ذاته منح قوات الجيش واللجان الشعبية فرصة لاستعادة أنفاسها وإعادة ترتيب صفوفها.
مبررات غير مقنعة :
-في محاولة لإخفاء الأسباب الحقيقية الكامنة وراء اعلان الهدنة الغريب،بدأ تسريب بعض المبررات غير المقنعة لإعلان الهدنة وذلك عبر نشطاء ومواقع إعلامية محسوبة على هادي وجماعة الاخوان ومن تلك المبررات :
1-التلميح الى ضغوط أمريكية مورست على السعودية بعد ساعات من ارتكابها مجزرة ميناء المخاء-التي راح ضحيتها اكثر من 150 شهيد و200 مصاب اغلبهم أطفال ونساء وكبار في السن- لكن تواطئ أمريكا وتقديمها دعم لوجيستي للسعودية في حربها على اليمن،وتجاهلها لعشرات المجازر التي ارتكبها الطيران السعودي طوال الأربعة اشهر الماضية ،يجعل مسألة الضغط الأمريكي غير مقنعة للكثيرين .
2-التلميح الى ارتباط اعلان الهدنة بالأخبار التي تحدثت عن مفاوضات بين دبلوماسيين أمريكيين وبريطانيين واماراتيين مع وفد المؤتمر الشعبي في القاهرة من اجل إيجاد تسوية سياسية لوقف الحرب،لكن نفي المؤتمر الشعبي اجراء تلك المفاوضات،وتأكيد الرئيس السابق انه لن يغادر اليمن على اعتبار ان ذلك من اهم مطالب الرياض وحلفائها،الامر الذي يضعف احتمال ارتباط الهدنة بتلك المفاوضات.
3-ارجاع الهدنة الى سفر الملك سلمان خارج السعودية ،كما ذهب اليه عدد من نشطاء جنوبيين محسوبين على حزب الاصلاح ،لكن المعروف ان من يقود الحرب على اليمن هو محمد بن سلمان والى جانبه محمد بن نايف ،كما ان زهايمر الملك جعله ابعد ما يكون عن القيام باي دور فعلي في قيادة الحرب او كما قال محمد حسنين هيكل ان الملك غير حاضر بصورة كافية ،مايعني ان مغادرة الملك خارج السعودية لاعلاقة لها بالهدنة.
4-التلميح الى ان هدف السعودية وحلفائها من الهدنة هو محاولة لتثبيت سيطرتهم على عدن عبر استغلال أيام الهدنة لانزال ونشر مزيد من القوات فيها كما ذهب اليه بعض اعلاميي ونشطاء من المؤتمر الشعبي،لكن عملية انزال القوات والمعدات مستمرة أصلا منذ نحو أسبوع ومن دون الحاجة لإعلان مثل هذه الهدنة .
الأسباب الكامنة وراء اعلان الهدنة :
يكشف الإعلان المفاجئ للهدنة عن صراع متصاعد -زادت وتيرته مؤخرا بعد السيطرة على أجزاء واسعة من عدن - بين قوى يمنية في الرياض على الجنوب بدرجة رئيسية،كما يكشف في الوقت ذاته عن تباين في الأهداف بين قوى إقليمية ودولية بشأن الوضع المستقبلي في الجنوب و اليمن عموما،ومن ثم يمكن تفسير الأسباب الحقيقية الكامنة وراء اعلان الهدنة المفاجئة الى التالي :
1-حسابات هادي والاخوان:
-لاشك ان لهادي وجماعة الاخوان دور ما في اقناع السعودية بإعلان الهدنة المفاجئة ويرجع ذلك الى رغبة الطرفين في منع ميليشيا الحراك الانفصالي ومقاومة عدن التي يسيطر عليها التيار السلفي من السيطرة على قاعدة العند الاستراتيجية كون ذلك معناه فرض انفصال الجنوب بالقوة كأمر واقع،والذي سيكون تحت سيطرة حراك الضالع ويافع او ما كان يعرف بتيار الطغمة على النظام الجديد خاصة مع تمكن حراك الضالع من فرض نفسه كقوة على الأرض مبكرا جراء سيطرته على محافظة الضالع منذ فترة طويلة،إضافة الى تحرك ميليشيا حراك الضالع في الأيام الأخيرة الى جانب أبناء يافع لمحاولة اسقاط قاعدة العند في لحج.
-وفي المقابل توارت اللجان الشعبية في أبين الموالية لهادي عن الأنظار وعجز حراك ما كان يسمى بتيار الزمرة في تحقيق انتصارات في مواجهة الجيش واللجان في ابين وشبوة،الامر الذي سيؤثر سلبا على مكانته ودوره في دولة الجنوب التي يسعى الحراك لإعادة احيائها،وبصورة مشابهة تراجع دور حزب الإصلاح في الجنوب مقابل هيمنة السلفيين على مايسمى المقاومة الجنوبية-هناك تقديرات جنوبية بأن السلفيين يشكلون أكثر من 70% من مقاومة عدن -.
- يبدو ان اخوان الجنوب أرادوا من الوقوف وراء الهدنة إيقاف تقدم حراك الضالع ويافع نحو العند الى حين تجميع ميليشياتهم ومحاولة اسقاط العند في قبضتهم بحيث يتم استخدامها مستقبلا كورقة لضمان لعبهم دور رئيسي في الجنوب في الفترة المقبلة .
2-حسابات السعودية في اليمن :
ليس خافيا ان حضرموت هي اكثر ما يهم السعودية في اليمن،ومن ثم فأن تمكين حضرموت من الانفصال عن الجنوب واليمن عموما يستدعي اشغال عدن وصنعاء ببعضهما لفترة طويلة من الزمن وضمان استنزاف قدراتهما في حرب طويلة الامد، بحيث تكونا عاجزتين عن منع استقلال حضرموت بالقوة عندما تحين اللحظة المناسبة.
- يتطلب ذلك إبقاء الوضع في بعض المناطق كلحج وتعز بعيدا عن الحسم العسكري والذي يستدعي انتهاج سياسة غامضة من قبل السعودية تعتمد على مساعدة اطراف الصراع على الصمود لفترة طويلة ،لذا يمكن فهم سبب شن مقاتلات السعودية وحلفائها لعشرات الغارات الخاطئة،كما يمكن فهم اعلان هدنة في وقت تستعر فيه معركة العند المفصلية .
-كما تدرك السعودية ان تمكين الحراك الانفصالي من حسم معركة الجنوب سريعا معناها تعزيز فرص انصار الله والرئيس السابق في السيطرة على المحافظات الشمالية،وما سيترتب عليه من دفع الطرفين لتركيز نشاط وهجمات القوات الموالية لهما على المناطق الحدودية،لذا من المهم إبقاء معركة الجنوب وتعز بعيدا عن الحسم لأطول فترة ممكنة .
-يضاف الى ذلك وجود قلق امريكي وغربي من انفصال الجنوب في الوقت الراهن كونه يعني تمكين القاعدة وداعش من التحكم في دولة الجنوب جراء الدور المحوري الذي يؤديه هؤلاء في محاربة قوات الجيش واللجان الشعبية حاليا،ومن ثم فالمصلحة الامريكية والغربية تستدعي الاستفادة من انصار الله في محاربة القاعدة وداعش في الجنوب،علاوة على ان استمرار المواجهات بين الطرفين تصب لخدمة المشروع الغربي الجديد لتفجير حرب مذهبية في المنطقة تمهيدا لإعادة تقسيم دولها على أسس مذهبية وعرقية .
-مما سبق يبدو ان اعلان الهدنة المفاجئة هي نتاج حالة من الانسجام بين كل من حسابات هادي والاخوان وحسابات السعودية وحسابات واشنطن في اليمن رغم تباين تلك الحسابات فيما بينها.
-طبعا لايمكن استبعاد ان يكون القلق الغربي من توجه الحوثيين لإيقاف حركة الملاحة في باب المندب واستهداف السفن فيه ضمن تنفيذهم للخيارات الاستراتيجية التي تحدثوا عنها عاملا في اعلان الهدنة المفاجئة،بحيث تكون مقدمة لتحرك دولي لاحتواء الوضع ومنع تفجره وخروجه عن السيطرة،كما ان السعودية ربما تحاول تجنب إيصال القوى المناهضة لها في صنعاء للإعلان رسميا عن اسقاط معاهدة جدة الحدودية والدخول في حرب استنزاف طويلة معها.
[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 03:19 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-39860.htm