صنعاء نيوز/ بقلم : عمر دغوغي صحفي وفاعل جمعوي - من النّاس من يكون فضوليّاً أكثر من الحدّ الطّبيعيّ، فيخرج عن آداب التَّعامل، ويتدخّل بطريقة مزعجة في حياة الكثيرين، ويقتحم عالمهم الخاصّ بأسئلة غير مناسبة و"استفزازيّة"، ويتدخَّل في أدقّ التفاصيل الَّتي لا تعنيه، ومنها ما يجري بين الزَّوج وزوجته من مشاكل خاصَّة، وبين الأخت وأختها من قبل بعض الأقارب الّذين يريدون معرفة كلِّ صغيرة وكبيرة.
هذه النّوعيّة من النّاس تجعل العلاقات متوتّرة وقلقة، لأنَّ الإنسان بطبعه يفضِّل أن يحتفظ بأسراره الخاصَّة، وينزعج كثيراً فيما لو أراد الرّفاق أو الجيران أو زملاء العمل معرفتها، لذا تراه يبتعد عن هذه الفئة، ويفضّل ألا يخالطها.
وهذا ما يحدث عندما يلتقي البعض بهولاء الناس، فيبادرون، وبطريقة غير لبقة، إلى السؤال عن المعاش، وعن العلاقة مع الزوجة ومع الجيران، ويفتحون قصصاً لا أوَّل لها ولا آخر، ويضيّعون وقتهم ووقت غيرهم في أمور تزعجهم، وبخاصّة أنّ الفضولي قد لا يكون يعرف الشّخص كثيراً، ومع هذا، فهو يزعجه بأسئلته الفضوليّة، وهذا ما يخلق إرباكاً كبيراً وحرجاً. والبعض قد لا يتحمّل، فيكون ردّه قاسياً على الشّخص الفضوليّ، لكنه يقصد ذلك حتى يوقفه عند حدّه.
وفي ذلك، أقول إنّ التّنشئة الاجتماعيّة التقليديّة، هي السّبب الرئيس في تكوين الشّخصيّة الفضوليّة، مبيّناً أنّ الشّخص الفضولي يحرّض الجميع على عدم التعامل معه والابتعاد عنه.
إلى ذلك، في حال إصرار الفضوليّين على معرفة الشّيء، ينصح بالتهرّب منهم، ويفضّل تنبيههم إلى عدم التدخّل في أمور خاصّة، أو توجيه أسئلة شخصيّة خصوصيّة، حتى لا يتمادوا في الأمر ويغصوا أكثر في خصوصيّات لا تعنيهم وليس لهم أيّ علاقة بها.
إنّ هؤلاء الأشخاص في داخلهم حاجة إلى إثبات حضورهم بشكلٍ أو بآخر، ولديهم نقص يحاولون تغطيته بالتقاط الأخبار، والتدخّل في خصوصيّات الآخرين، والظهور بأنهم يعرفون كلّ شيءٍ عنهم.
َ هناك شخصيّات غير مستقرّة، وتواجدهم مزعج في أيِّ مكان، لذلك لا بدَّ من وضع حدٍّ لهم من البداية، وإخبارهم أنَّ هناك أموراً خاصَّة ليس لهم علاقة بها، ويجب تجاهلهم بأقصى الحدود الممكنة.
تربيتنا الإسلاميَّة تدعونا إلى عدم التدخّل في خصوصيَّات الآخرين، واقتحام عالمهم الخاصّ، وكثرة الإلحاح والاستفسار عن أوضاعهم الخاصَّة، مما يوقع في الحرج والضّيق. وهذه التّصرّفات ليست مما يتَّصف بها المؤمن المتخلّق بالأخلاق الإسلامية، والذي يحفظ حياة الناس الخاصّة، ولا يسمح لنفسه بالتدخّل فيها.
إنّنا بحاجة إلى توعية أنفسنا وتربية أولادنا على حفظ خصوصيّات النّاس، وعدم إقحام أنفسهم في أمورٍ لا شأن لهم بها، والانصراف إلى التَّعاون مع الآخرين إذا طلبوا ذلك، واحترام أوضاعهم بما لا يعرّضها للاهتزاز.
|