صنعاء نيوز - القيادي بمقاومة تعز: أبو العباس يكشف الكثير من الحقائق والملفات الغامضة في مقاومة تعز ويقول لا أوءمن بثورة 11 فبراير لأنها كانت خروج عن ولي الأمر.
من النادر أن تجد صورة فوتوغرافية للشيخ أبي العباس الذي ينظر للتصوير بأنه محرم وفقاً للمنهج السلفي الذي يعتنقه، لكن ذلك لم يمنعنا من تكوين صورة شبه مكتملة عن الشيخ الذي ذهبنا لمقابلته لإجراء حوار صحفي معه لموقع “المدينة الآن” وكان هدفنا بالإضافة إلى معرفة مواقفه من الأحداث أن نكشف النقاب عن الغموض الذي يكتنف هذه الشخصية التي تصدرت واجهة الأحداث في تعز بشكل وضع حولها العديد من علامات الآستفهام لدى الكثيرين.
يخيل إليك قبل أن تلتقيه أنه شخصية غامضة تحمل الكثير من الأسرار لكنك بعد أن تلتقيه تكتشف عدم صوابية افتراضاتك المسبقة، فهو يحمل شخصية قد تتفق أو تختلف معها لكنك لن تختلف مع أحد في كونها شخصية صادقة بلا حدود لا تعرف التحايل أو المراوغة, فأبو العباس لا يتردد في قول الصدق وإن كان يعلم أنه سيؤثر على رصيده في مقياس السياسة وحسابات المواقف، وهو كما يقول العامة “اللي بقلبه على لسانه”.
رجل جذاب بلا حدود، جسد قصير ونحيل نسبياً، وجه وضاﺀ بلحية سوداء طويلة وخفيفة، تبدو على محياه ابتسامة جميلة لا تفارقه، ويبدو عليه ثقته بنفسه واعتزازه بها.
تواضعه يكشف عنه مزاحه مع حراسته الشخصية الذين كانوا برفقته حين وصوله إلى مكتبه الذي كنا قد سبقناه إليه بدقائق, وحين تنظر إليهم لن تميزه من بينهم نتيجة اندماجهم ببعض، يقف أمامك بالمعوز التعزي الذي يحاط خصره بجنبية خشبية، يتربع على حزامها مسدسه الشخصي، وعلى طريقة السلفيين فهو يرتدي ساعته البلاستيكية رخيصة الثمن في يده اليمنى، فتكتمل صورة البساطة لهذا الرجل الذي صار حديث الناس كقائد من قادة المقاومة الشعبية بتعز.
الصعود إلى الواجهة
في العام 1971 ولد “أبو العباس” في المدينة القديمة بتعز لأسرة فقيرة، وكان ميلاده إعلاناً لحياة مليئة بالأحداث والمواقف التي صعدت به إلى الواجهة ” أنا عادل عبده بن فارع بن عثمان، كنيتي “أبو العباس” من الحجرية من ذبحان، مولود في مدينة تعز في المدينة القديمة”>
كانت شخصيته تميل نحو الجد وبعيدة عن اللهو واللعب، ولهذا فقد تحمل المسؤولية باكراً، وعصرته الحياة بشظفها حتى شب عوده فاختار الطريق الذي اختاره لنفسه راضياً مختارا “درسنا إلى الصف الثالث الاعدادي، ثم عرفنا المنهج السلفي دعوة الشيخ “مقبل بن هادي الوادعي” فقد رحلت إلى دماج في العام 1990 وتركي الدراسة لم يكن تحريماً لها بل إن كل إنسان يتجه أو يتخذ له شيء معين في الحياة، وأنا اتجهت إلى العلوم الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد درست على يد الشيخ “الوادعي” وتتلمذت كذلك على يد الشيخ “يحيى بن علي الحجوري” وهو شيخنا ويعتبر أبونا الروحي بمعنى أننا نتعلم ونتفقه على يده، واستمرينا إلى يومنا هذا”.
“درست إلى ثالث إعدادي ثم درست المنهج السلفي وتوظفت وعمري 12سنة”
قبل أن يبدأ ما يسميها بمرحلة الإستقامة كان العام 1982 موعداً خاصاً للطفل عادل عبده فارع ذي الاثني عشر ربيعاً ليشغل وظيفته الحكومية والتي قاده إليها أحد معاريفه “توظفت وعمري 12 سنة في المؤسسة الإقتصادية العسكرية, كان آنذاك مديرها في تعز يسمى “علي الجرادي” وكان المدير العام “علي العرضي” وكانت وظيفتي في العام 82 , طبعاً انقطعت عن العمل عندما ذهبت دماج ثم رجعت إلى تعز واستمريت في طلب العلم ورجعت الوظيفة من جديد حتى 2005 وبعد ذلك تقاعدت ثم عدت إلى دماج مرة أخرى واستقريت في دماج حتي تم تهجيرنا”
“بعد تهجيرنا من دماج نزلت إلى تعز ولم أبت فيها إلا ليلة واحدة ورجعت إلى حاشد للقتال وحدثت انسحابات وتخاذلات من بعض القبائل فنزلت إلى تعز مرة أخرى”
يتذكر أبو العباس بأسى الأيام المؤسفة والحزينة التي عاشها بمرارة مع إخوانه السلفيين الذين تم تهجيرهم من منطقة دماج, يسرد التفاصيل فيظهر حجم الحزن والمعاناة التي عاناها أثناﺀ تلك الأيام التي مرت طويلة بأوجاعها ومآسيها “حينما طلبوا منا أن نخرج أمهلونا 4 أيام فقط, ودماج فيها أكثر من ألفين بيت لا يمكن أن تنجز ذلك خلال 4 أيام, لكن كان هناك ضغوطات علينا وعلى الشيخ لأنهم كانوا يقولون لنا إذا لم نخرج خلال هذه المدة سيأتي الطيران يضرب, وسألناهم إلى أين ؟ فقالوا بيعملوا مخيم في منطقة الحسينية جهة زبيد واتفقوا إنه نتحرك بالدينات إلى هناك ثم الذي يريد يبقى هناك في المخيم والذي يريد يتحرك لبلاده, وفي آخر يوم قالوا لنا نذهب إلى هناك وكل واحد يرجع إلى بلاده وهي عملية مراوغة تخوفاً من تكتلنا في مكان واحد, لكن الحمد لله نزلنا كلنا إلى مسجد الفتح في سعوان بصنعاﺀ , ثم الحمد لله الآن اخواننا السلفيين في عدن في مسجد صلاح الدين, وفي حضرموت عند الشيخ خالد بن بلال الحضرمي”.
ما بين الحربين الأولى في كتاف والسادسة في دماج اكتوى أبو العباس بنار الحرب، وكان التلميذ والمحارب في نفس الآن قبل أن يصبح المهجر قسراً “تحاربنا مع الروافض الحوثيين في الحرب السادسة، وفي الحرب الأولى كنت في كتاف, وتحاصرنا في الحصار الأخير بدماج والتي خرجت منها أثناﺀ تهجيرنا في يوم الأربعاﺀ ونزلت إلى تعز يوم الخميس ولم أبت فيها إلا ليلة واحدة رقدت فيها عند أمي, وما استطعت أجلس في تعز فرجعت لحاشد يوم الجمعة, وفي حاشد حدثت انسحابات وتخاذلات من بعض القبائل فرجعت إلى تعز مرة أخرى ودرست في مسجد الشميري ومسجد قبة المتوكل ومسجد الجبرتية”
في دماج البعيدة عن مدينته تعز عاش أبو العباس ينتهل من العلوم الشرعية ويؤسس له ولزوجته حياة جديدة حيث بنى بيتاً متواضعاً له قام الحوثيون بتهجيره منه مع من تم تهجيرهم من سلفيي دماج، وهنا كانت نقطة التحول في حياة هذا الشاب الذي صعد لواجهة الأحداث بشكل مفاجىﺀ “نحن لم نكن نريد نقاتل لكننا أجبرنا على ذلك، وتعرف بغضنا للرافضة وقد حسينا منهم المرارة ووجدنا منهم الأذية وبالذات لنا أصحاب دماج، فحتى الذين خارج تعز تعرضوا للأذى، وبعد ما دخلوا صنعاﺀ ودخلوا إلى إب، كنت أنا المسؤول عن طلاب تعز في معهد دماج, وكان عندي سلاح أنزلته معي، وعندما نزلوا إلى منطقة القاعدة تخوفنا إنهم ينزلوا تعز وقد نوذى، فوزعت القطع على بعض الإخوة ثم انتظرنا وهم بداؤا تدريجياً بالوصول, وطبعاً أنا لم أكن في الواجهة ولا أحب أن أكون بهذا المستوى ولست أحب الظهور لكنها جاﺀت عابرة، قالوا هناك الأخ “أبو الصدوق” كان في تواصل مع أحد الإخوة في السعودية، وبعدين كانوا يريدون تجميع بعض الأفراد وأنا قلت لهم معي مجموعة ما يقارب 25 فرداً هل تقدرون على تجهيزهم فقالوا نعم، وتم تجهيزهم بالبنادق والـ “آر بي جي” ومعدات مقاتلة لقطع الإمداد من خلف الخط الدائري، والناس تواصلوا ووجدوا أشياﺀ من الرجل وبدأوا يثقون معي بالمال بعد أن وجدوا أني أحفظ لهم في المال وهكذا صرت أنا المسؤول عن المال في تعز”.
“كان عندي بعض السلاح وبدأت بمجموعة من 25 فرداً”
وللشيخ وأتباعه موقفهم من هذه الحرب, وهو موقف ينطلق من المنهج السلفي الذي له أدبياته الخاصة “لا نعتبر هذه الحرب حرباً طائفية لكن الحوثيين أجبرونا عليها، فتاريخهم أسود تحدث عنه الإمام الشوكاني رحمه الله في كتابه “البدر الطالع” ونقله الشيخ مقبل الوادعي في كتابه “رياض الجنة” ما كتبه الإمام الشوكاني عنهم أنهم أسالوا الدماﺀ، وهم لا يريدون إلا البقاﺀ لمن معهم وهم الآن متمكنون التمكن الكلي وإذا تمكن لا يريد أن يبقي أحد إلا أن يكون رافضياً، وهم أيضا يضغطون علينا لندافع عن أنفسنا وديننا, فلو كانوا على ما هم عليه من السلم كنا سنواجههم بالكلام، ونحن حين نقاتلهم نعرف إنهم انتهكوا عرض النبي صلى الله عليه وسلم واتهموا أزواجه رضي الله عنهن، وطعنوا بأمانة الصحابة رضي الله عنهم, وفسقوا المسلمين إن كانوا ليسوا على مذهبهم، وأكثروا من الذهاب إلى القبور وتعرفون قبر حسين بدرالدين في صعدة وذهاب النساﺀ إليه لقص ظفائرهن، فهذا فساد الدين الذي لن يبقي لنا الخير، ولهذا فأنا صامد في قتالهم حتى لو أبقى أنا وحدي ما تركتهم”.
الدبابة الألمانية التي قهرت أعداﺀها
في صفوف الفريق الأول لنادي الصقر بتعز كان اللاعب الذي يلعب ظهيراً مجنحاً يحمل طاقة ومهارة عالية في لعب كرة القدم نتيجة اللياقة البدنية الكبيرة التي يمتاز بها، ومع أنه خجول ولا يحب الأضواﺀ فقد أحبته الجماهير التي منحته كل الحب وهي تنظر إليه بانبهار واندهاش عجيب لم يمنعها من أن تلقبه بالدبابة الألمانية بسبب المهارات العالية التي يمتلكها.
“لعبت ظهير مجنح في نادي الصقر والرشيد وقبل الاستقامة كنت اشجع الارجنتين”
“الدبابة الألمانية” هو اللقب الذي اشتهر به اللاعب عادل عبده فارع والذي كان يلعب في الفريق الأول لنادي الصقر في عمر الشباب الذي شهد أيضا ما سماه بمرحلة الإستقامة “لعبنا واحنا صغار، وفي عام 90 كنت ألعب في نادي الصقر فريق أول، ومن ضمن رفاقي الذين كانوا يلعبون معي وعاصرتهم “محمد درهم, نبيل مكرد، سمير ملاطف” وتدربنا هناك في النادي على يد المدرب “عبدالواحد عتيق” بس ما استمريت كثير بسبب ضغط العمل لأني كنت في المؤسسة الاقتصادية العسكرية أمين صندوق وبعدين عينوني أمين مخازن وهذا يستوجب مني فترتين, فما قدرنا نوفق بين التمارين والعمل، ففضلت العمل وبقيت ألعب هكذا”.
كان هذا اللاعب مميزاً لدى إدارة الفريق التي كانت تعفيه من تمارين اللياقة إستعدادا للدوري بسبب انشغالاته, حيث كان يجري تدريبات اللياقة لأسبوع واحد في حين يجريها رفاقه في أكثر من شهر “طبعا كنت محظوظ بالكرة فكانت إدارة الفريق تتغاضي عن التمارين وأحضر أسبوع, وأنا لياقتي أصلاً عالية, فأنا لا أخزن ولا أسجر وكان يتفاجأ الجميع مني, كنت إذا جئت فعلت أسبوع غطيت حق أربعين يوم تدريب, فكانوا يندهشون مني وانا أقول هي البركة من الله, وكانوا يتساهلون معي وآتي في المباريات ينفس مستوى الذي تدرب حتى إنهم كانوا يلقبوني بالدبابة الألمانية, وطبعا كنت ألعب ظهير مجنح لأن عندي طاقة قوية فيستغلوني كظهير أنطلق إلى دفاع الخصم, وكان عندي قوة بدنية عالية كانوا يستغلوها للنادي و أنا أفرح لأني لم أكن أبالي بجسمي”.
في العام 90 بدأت المسيرة الكروية لهذا اللاعب وامتدت أربع سنوات فقط قضاها في نادي الصقر قبل أن ينتقل لنادي الرشيد ويترك اللعبة في العام 94، وبعد اعتناقه للمنهج السلفي وانشغاله بدراسة العلوم الشرعية لم يعد يهتم بكرة القدم رغم حنينه إليها من حين لآخر “الذي حق أندية مهما كان تجد الرغبة موجودة لديه، لكني لم أعد أستطيع اللعب مع المشاغل هذه، لكن لو وجدت شباب يلعبوا في الشارع أنظر إليهم وأجلس اتفرج شوية، وإذا مرة شحفت “اشتقت” سراً خرجت من الحراسة وفعلت نص ساعة في الزبيري بالنسيرية ورجعت وهذا تم قبل حوالي 5 أشهر”.
كما يعترف عادل عبده فارع أنه حاليا لا يستهوي تشجيع الفرق الرياضية لأن معظم الأندية والفرق الكبيرة هي غير مسلمة وتعادي المسلمين، ولا يجوز الإنشغال بها وبتشجيعها “أنا مش منهمك بتشجيع الفرق العالمية نهائياً لأننا عرفناهم في عدائهم للإسلام والمسلمين، كنا زمان قبل الاستقامة نشجع الارجنتين، لكن بعد أن عرفنا الإستقامة وعرفنا محاربتهم للدين فمثلاً بعضهم يذهب إلى تل أبيب وبعضهم يدعم المستوطنين، لا نقول كلهم ولكن البعض, مع ذلك بقينا مبتعدين من هذا الباب خوفاً من أننا نكون ساعدنا ولو بالبسمة”..
في العام 2015 عادت “الدبابة الألمانية” للظهور في تعز لمواجهة ميليشيات الحوثي وعصابات صالح تحت مسمى جديد هو “الشيخ أبو العباس” قائد الجبهة الشرقية في المقاومة الشعبية، وهي الجبهة التي سجلت صولات وجولات في مقاومة الإنقلابيين وكبدتهم خسائر فادحة في العديد من الجبهات، وطبقا للكثير من المتابعين فإن جبهة أبي العباس هي أشرس جبهات القتال في تعز وأكثر الجبهات صناعة للنصر.
الفقير الذي يحفظ المال
شخصية شاعرة بالإمتلاﺀ، متحررة من عقد النقص، فائضة بالإعتزاز بالنفس وتقدير الذات، لا يأنف ولا يتردد لحظة واحدة من أن يقرن فقره بنفسه حين يعرف بها “أنا أبو العباس، رجل من أسرة فقيرة, والحمد لله نحن في غنى مع هذا الفقر ونعتز بذلك”.
يعيش في الدنيا زاهداً عنها غير راغبٍ بها ولا بمتاعها، له نفس تتميز بالقناعة ولا تعرف النهم, فلا يستهويها ناطحات القصور ولا لذيذ المأكل والمشرب ” لا أبالي بالأكل وما وجدته أكلته، فليس عندي نهمة في المأكل والمشرب ولا أحب أكلة معينة بذاتها, آكل ما يأكله أتباعي وبالغالب آكل كدم مع شاي حليب وأبقى عليها حتى وقت متأخر، ومؤخراً كنت في الخليج وكانوا يقدمون لنا صحون مليئة باللحوم لكني كنت أفضل عليها القليل من الحمص، كما أني والحمد لله لا أخزن ولا أسجر ولا أشرب شمة”.
“وجدني التحالف أحفظ لهم في المال فقرروا أن أكون أنا المسؤول عن المال الذي يقدم للمقاومة في تعز”
“قائد اللواﺀ 35 لم يستلم مني مبالغ مالية واعطيت الشراجي مرة مبلغ 3 مليون سعودي وأعطا الحمادي 5 مليون يمني وهذا من الظلم”
“عبدالحافظ الفقيه أستلم 10مليون ريال سعودي وكان نصيبي منها مليون وثلاثمائة وخمسين ألف سعودي وأعطوني منها مائتين ألف فقط”
والشيخ أبو العباس مع ذلك يمتلك شخصية تمتاز بالورع والصدق والأمانة, وهي صفات جعلته محل تقدير الكثيرين وكانت مفتاح السر الذي صعد به نحو واجهة الأحداث، فالأمانة التي يمتاز بها جعلته الفقير الذي يحفظ المال، ولذلك فقد صار يأتمنه الناس على أموالهم وصار محل ثقتهم “بعد أن تواصل معي بعض الإخوة في السعودية بدأوا يثقون معي بالمال ثم وجدوا أني أحفظ لهم في المال فقرروا أن أكون أنا المسؤول عن المال الذي يقدم للمقاومة في تعز، ثم بدأوا بتوريد مستحقاتي ومستحقات الشيخ حمود وصادق سرحان والشراجي، كانوا يعطوني الأموال وأنا أقوم بتوزيعها وأخذ استلامات منهم لا زلت محتفظاً بها خوفاً من أن يتنكروا علينا, فكنت أوزع لهم الأموال وفي رمضان السابق وزعت لهم معاشات وأعطيت كل واحد على حسب عدد مجموعته، والحمد لله كنا نوزعها حسب الكشوفات التي يجيبوها, ولا أوزعها من عند ذاتي فأنا أقوم بالتوصيل, وأنا مثلهم لي جزﺀ من المال, وكنت أفرح فقط لأنه لن يؤخذ من مستحقاتي, واستمرينا هكذا لكن وجدنا في ناس قطاع طرق ما يريدون المال عندي، هم مرة استلموا عشرة مليون ريال سعودي استلمها عبدالحافظ الفقيه عن طريق واحد اسمه المقرمي, وكان نصيبي منها مليون وثلاثمائة وخمسين ألف سعودي وأعطوني منها مائتين ألف سعودي فقط، طبعا جابوا لي الكشف على أني أوزع واحتالوا هناك وأخذوها, فتكلمت معهم وقالوا إنها لهم, فقلت لهم أنتم سرقتوني سرقة, وبعد ما عرف التحالف رجع يثق بي، وأخر مرة استلمت من السعودية وكانوا يريدون أن يتحايلوا منها لكن لم يمكنهم الله”.
وحين تتكلم مع أبي العباس في الجانب المالي يبهرك بذاكرته التي تتذكر أسماﺀ من استلموا الأموال منه والمبالغ التي استلموها, وهو أيضا يتعامل معهم بطرق رسمية عن طريق قبض استلامات منهم كي لا يتم اتهامه يوماً، وحين تستمتع إليه فإنك تلحظ بعض الأرقام المدهشة التي تدعوك للسخرية حد البكاء، عاد إلى ذكرته وسرد جزء من المبالغ المالية التي وزعها على قادة في صفوف قوات الشرعية والمقاومة الشعبية : “والله عدة مرات وزعنا مبالع وأعطينا الشيخ حمود مرة ثلاثة مليون ريال سعودي ومرة مليون ريال سعودي ومرة خمسمائة ألف ريال سعودي، ومرة سته مليون وأربعمائة وسته وتسعون ألف ريال سعودي، ومرة صادق سرحان مليون ومائه سته سبعون الف ريال سعودي ومرة خمسمائة ألف ريال سعودي ومرة مائتين الف ريال سعودي ومرة ثلاثة مليون ريال سعودي. وعارف جامل كذلك اعطيته مرة 2 مليون ريال سعودي ومرة خمسمائة ألف ريال سعودي، ومرة مائتين ألف ريال سعودي ومرة مليون ريال سعودي، وعدنان رزيق مرة مليون ريال سعودي ومرة مليون ريال سعودي مرة مائتين ألف ريال سعودي هذا من خلاف السلاح, أما قائد اللواﺀ 35 فلم يستلم مني لأنه كان في عدن, فأعطيت الشراجي مبلغ 3 مليون عشان يعطيه -مبتسماً- وهو ما قصر أعطاه 5 مليون, لكن كيف ؟ استلم 3 مليون سعودي وأعطاه 5 مليون يمني وهذا من الظلم, وقد كان الشراجي أنكر إنه استلمها وحين تمت المواجهة ولما علم أني في الوسط أقر بها، وكذلك الشراجي اعطيته مرة ثلاثة مليون وخمسمائة الف ريال سعودي، ومرة 2 مليون وخمسمائة ألف ريال سعودي ومرة مليون وخمسمائة ألف ريال سعودي ومرة مليون وثمانية سبعون ألف ريال سعودي.”.
ومع أنه المسؤول المالي لمقاومة تعز وفي عهدته ملايين الريالات السعودية التي تقدم كدعم للمقاومة إلا أنه بأمانته وصدقه ظل الفقير المتقشف عن متاعات الحياة, فهو لا يزال يسكن في بيت زوجته, ولا يتردد بكشف ثروته “ما عندي ثروة مالية غير مال بسيط, كما قلت لك أنا رجل فقير معي بيتان, بيت أبي وداخل فيها الورثة وبيت زوجتي, ومعي مال بسيط جبته من التحالف خاص بي كدعم فردي كانوا يجيبوها كمكافآت والحمد لله, وهذا يكفينا عند الله سبحانه وتعالى, أما كأراضي أو بيوت ما عندنا, إلا إذا نوينا بما وقع لنا من المال نبني لنا ما نستر به أنفسنا, أما كثروة ما عندي”. |