صنعاء نيوز - المعادلة تفيد ان موسكو توفر التغطية الاممية، ولا تتدخل في الحرب اليمنية، في حين تتعاون واشنطن مع روسيا

الأربعاء, 26-أكتوبر-2016
صنعاء نيوز/ بقلم/ فيصل جلول* -
لا نعرف بدقة متى تبلورت معادلة واقعية بين روسيا وامريكا حول اليمن وسوريا.

المعادلة تفيد ان موسكو توفر التغطية الاممية، ولا تتدخل في الحرب اليمنية، في حين تتعاون واشنطن مع روسيا في الحرب السورية تحت سقف رسمته موسكو، ويقضي بعدم البحث في مستقبل النظام في سوريا، قبل الانتصارعلى المنظمات التي صنفها مجلس الامن في خانة الارهاب.

ان خارطة الطريق التي وضعها الطرفان الامريكي والروسي في فيينا، والتي تحولت الى قرار لمجلس الامن رقم 2254 اتخذ بالاجماع في ديسمبر/كانون الاول عام 2015 ، ما يعني نقل الحرب السورية من وجهة اسقاط النظام الى وجهة اسقاط الارهاب.

ان توقيت التدخل الروسي الجوي في سوريا في سبتمبر / ايلول عام 2015 لا يخلو من الدلالة، فقد جاء بعد مضي اكثر من ستة اشهر على اندلاع “عاصفة الحزم” على اليمن في 22 اذار/مارس من العام نفسه. كان مقدرا للعاصفة ان تنتهي خلال اسابيع، بيد انها مازالت مستمرة ،الامر الذي وفرهامشا واسعا للمناورة امام موسكو، واتاح لها التدخل العسكري في سوريا ،وهو الاول من نوعه في الشرق الاوسط منذ الانسحاب “السوفييتي” من افغانستان في 15 مايو/ايار عام 1988 .

لقد بدا واضحا منذ انطلاق عاصفة الحزم، ان موسكو لا تريد ان تخرق السقف الامريكي لهذ الحرب الامر الذي يظهر بوضوح في كافة محطاتها. فقد اقترعت روسيا على قرار مجلس الامن الذي يوفر تغطية دولية للحرب ويطلب استسلام الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح ولم تتخذ مواقف مناقضة لهذا القرار منذ صدوره وحتى اللحظة، والملفت ان وزارة الخارجية الروسية كانت تصر في اتصالاتها مع انصار الله، على الالتزام بقرار مجلس الامن رقم 2216 الذي يطالبهم بالقاء السلاح اي الاستسلام .

ان المتابع للتغطية الاعلامية الروسية للحرب اليمنية ، يلاحظ انها كانت في السنة الاولى على الاقل متناسبة تماما مع التزام موسكو بقرار مجلس الامن وتتبنى التسميات التي يمليها هذا القرار حتى بدا ان الروس شركاء في العاصفة معنويا، ولن تتغير هذه التغطية جزئيا الا في الاشهر الاخيرة دون ان تخرق القرار الاممي، وسنلاحظ ايضا ان موسكو اعتمدت تفسير الناطق باسم عاصفة الحزم للغارات الجوية على قاعة الخمسين في صنعاء مطالع الشهر الجاري.

لا يتناسب الموقف الروسي من الحرب اليمنية مع الاستنتاجات السريعة لبعض المحللين من ان حربا باردة قد اندلعت بين موسكو وواشنطن، بل يمكن القول ان الطرفين يتعاونان بقوة في الحربين مع افتراق وتباين اكبر في الحرب السورية .

سنلاحظ هذا التعاون في قرار مجلس الامن 2254 وهو الوحيد الذي يحظى باجماع كل الاطراف، ويمثل الشرعية الدولية، وسنلاحظه ايضا في التفاهم حول الكيماوي السوري وتراجع واشنطن عن شن الحرب على الشام.، واخيرا في اتفاق كيري لا فروف حول حلب، رغم اللغط الذي رافقه . والملفت للانتباه ان هذا التعاون القوي قد وصل الى حد اثار حفيظة الفرنسيين، الذين طلبوا علنا من واشنطن ان تطلعهم على تفاصيل وثيقة كيري لافروف، ما يعني ان جون كيري لا ياخذ تشددهم بعين الاعتبار تماما كما فعل باراك اوباما عام 2013عندما اتخذ قرارا بصرف النظر عن شن حرب على سوريا دون ان يطلع شريكه فرانسوا هولاند على هذا القرار، ويمتد هذا الموقف الى لقاء لوزان مؤخرا في 15 اكتوبر ــــــ تشرين الاول حيث استبعدت فرنسا عن اللقاء بعد المعركة الدبلوماسية الجانبية التي خاضتها مع الروس في مجلس الامن حول سوريا .

لم يتعدى وقف التعاون الروسي الامريكي في الازمة السورية اياما قليلة اعلن خلالها جون كيري تجميد التعاون، وترافق ذلك مع تكهنات، وصلت الى حد الحديث عن حرب عالمية ثالثة ليعاود وزير الخارجية الامريكي الحديث عن وجوب مغادرة جبهة النصرة لمدينة حلب ، وبالتالي الاصطفاف مجددا مع الروس في سيرورة اتفاق فيينا وقرار مجلس الامن واولوية الحرب على النصرة وداعش .

ما من شك في ان موسكو قد احتلت من خلال الحربين السورية واليمنية موقع الطرف الثاني في القرار الدولي، بعد الولايات المتحدة الامريكية، وهو الموقع الذي كان فلاديمير بوتين يطمح الى بلوغه منذ بعض الوقت لكن تحت سقف الشرعية الدولية وليس عبر الحرب الباردة.

يتيح ما سبق الاستنتاج ان معادلة روسية امريكية استقرت حول الحربين السورية واليمنية تحت سقف القرارين الدوليين 2216 و2254 مفادها ان الروس لا يوفرون منصة دولية لثنائي الحوثي صالح، بالمقابل تعمل الولايات المتحدة الامريكية في سوريا تحت سقف خارطة الطريق في فيينا، التي تنطوي على التخلص من المنظمات الارهابية، وايكال امر النظام السوري الى السوريين انفسهم بعد صياغة دستور جديد وانتخابات تشريعية مفتوحة ومضمونة دوليا .

قد لا تبدو هذه المعادلة جذابة لاطراف الصراع في سوريا واليمن ولبعض الجهات الاقليمية والدولية كايران وتركيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا، فلكل منها حساباتها ورهاناتها لكنها مضطرة في نهاية المطاف لاحترام هرمية قطبية تقف على راسها واشنطن وموسكو في الحربين السورية واليمنية.

وسنلاحظ بوادر هذا الاحترام من خلال تراجع باريس وبرلين عن فرض عقوبات اوروبية جديدة على موسكو، وامتناع حلفاء واشنطن عن تسليم اسلحة متطورة للمعارضة السورية المسلحة حتى لا تصل الى داعش والنصرة .

اما التدخل التركي في سوريا والعراق فهو لا يخترق السقف الروسي في الاولى والامريكي في الثانية اقله في ضؤ المعطيات الراهنة على الارض في البلدين.

المصدر : مدونة الكاتب / "الخليج"
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 02:33 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-46484.htm