صنعاء نيوز -
يسافر الأب أو الأم المتعلمان من اليمن، أو يسافر أبناءهما خارج اليمن فيتابعان أخبارهم يوميا بأرخص وابسط الوسائل وهي الانترنت. يحدثانهم عبر خدمة الصوت والصورة التي يقدمها الانترنت مجانا، أو يتكاتبان معهم عبر نظام الدردشة أو رسائل البريد الالكترونية. لم يعد المكان ولا الزمن ولا المال مانعا للتواصل ومتابعة الإشراف والاطمئنان على سير النظام العائلي كما يعتقد الوالدان انه يجب ان يسير. فالمكان صار قريبا بالتواصل حتى صارت القارات الأرضية كلها مجرد شبكة تواصل ضوئية وصوتية تختزل المسافات وتجعلها حالة افتراضية داخل الوعي البشري. صار ممكنا لأم في صنعاء أو الحديدة أو المكلا أو عدن أن ترى أبناءها بالعين وتسمعهم بالأذن وهي تخبرهم عن تفاصيل المستجدات حولها وربما عن شوقها لجوارهم، ويحدثونها عما فعلوا وعمن قابلوا وعن صداقاتهم الجديدة. صارت اللحظة مشتركة فقضت على فوارق الزمن، فهذه الأم أو ذاك الأب أو تلك الإبنة يتحاورن في لحظة هي ليل في ذلك المكان وهي ظهر في هذا المكان. وهكذا تأكد الزمان نسبيا بحسب النظرية العلمية الشهيرة وصار افتراضيا حسبما تؤكده وقائع الانترنت. وكثير من الآباء والأمهات يشرفون على استكمال نمو وتربية أبنائهم بغض النظر عن الموقع الذي يكونون فيه. لكن التعليم وحده لايكفي والقدرة على استخدام الكمبيوتر والتواصل عبر الانترنت لا تكفي، فالآباء والأمهات القادمون من الريف اليمني أو الذاهبون اليه مهما كانت مستويات تعليمهم فإن الخدمة التوصيلية بالانترنت في هذا الريف قليل ما تكون متاحة. وهكذا تتواصل مجانا بالصوت والصورة مع أبنائك في القارة الأمريكية أو الاسترالية أو حتى الافريقية، لكنك لا يمكن ان تتابع أخبار أبنائك الاَّ بالكثير من المال مقابل الاتصالات الهاتفية المدفوعة بعدد الكلمات وبطء النطق بها. ويستمر الزمان بطيئا لأنك قد تكتب الرسائل أو تسجلها على أشرطة تسجيل صوتي أو تصورها، وللحصول على رد عليها سيأخذ الزمن الذي تحتمه إمكانيات هؤلاء الأسر وظروفهم. فالبيجو وسيلة توصيل شعبية متاحة عبر السائقين للمناطق الواقعة على خطوط الطرق السريعة، ثم خدمات البريد متاحة حتى مراكز المديريات في المناطق، وبعد ذلك تكون الوسائل القديمة للتوصيل والنقل هي الطريقة الممكنة. التعليم عن بعد: كما هو حادث مع التربية والإشراف للوالدين على الأبناء صار ممكنا أن تأتي الجامعة إلى البيت. فمشاكل الفيزة وتكاليف السفر وحاجات السكن ومستلزمات الانتقال قاربت ان تصبح ضمن أدب الرحلات وسجلات الإجازات وبرامج السياحة. ذلك ان كثيراً من الجامعات اليوم تقدم درجات علمية على الانترنت يمكن الحصول عليها عبر الدراسة والتحصيل المرئي والمقروء في الانترنت. لكن كثير من العائلات تخشى الدخول في مثل هذه التجارب خشية الوقوع في مصيدة الشهادات المزيفة، لجامعات وهمية خاصة باللغة العربية أو في مواقع ناطقة باللغة الانجليزية لكن الإشراف والحماية القانونية غير مؤمنة. وبغض النظر عن ذلك فإن البحث الجاد عن برامج علمية معترف بها تابعة لجامعات معتمدة، يجعل عملية التسجيل في هذه الجامعات يخضع لشروط ومعايير تضمن عدم الوقوع في مثالب الخديعة. يرافق ذلك دفع تكاليف التعليم عن بعد والالتزام بالامتحانات والمتابعة للمحاضرات، وتأدية المتطلبات، والخضوع لإشراف أكاديمي لمدرب خاص لديه المؤهلات التعليمية المعتادة وعنده قدرات إضافية هي الكيفية التي يعلم بها عن بعد وهي قدرة لا يستطيع القيام بها المعلمون العاديون العاديين دون الخضوع لتدريب خاص. الثانوية مدخل الى مستقبل وليست عقبة: كان ولا يزال الحصول على منحة مالية للتعليم في الخارج هو حلم المتفوقين والذين يدرسون من أجل الحصول على مجموع عالٍ يؤهلهم لهذه المنح. وحتى مع نماذج للفساد تؤدي إلى حصول من يملكون الوساطة وحرمان غيرهم من هذه الفرص، يظل المجموع وسيط أكثر قوة. ومع وجود ستة ملايين تلميذ وتلميذة وطالب وطالبة فإن الحصول على منح سيظل قدر قلة قليلة من الناس، وعلى الآخرين أن يجدوا وسائل أخرى. إن توفرت الإمكانات المادية للعائلة سافر الأبناء للتعليم دون منح. وان توفرت الإمكانات بدرجة أقل صار الالتحاق بالجامعات الخاصة المحلية ممكنا. وبعد ذلك تأتي الجامعات الحكومية ويكون المجموع مدخلا اليها. ولكن التعليم ليس فقط درجة علمية بل وظيفة لاحقة. لهذا اعتقد ان التعليم عن بعد وسيلة أخرى يمكن التفكير فيها من أجل تعليم يقدم الطريق إلى الوظائف، يساعد ذلك الالتحاق بكليات المجتمع وأنظمة التعليم الوظيفي الذي يضع الشباب في بوابة العمل والوظيفة من لحظة الالتحاق. وهكذا قد تكون الثانوية بغض النظر عن المجموع فرصة طيبة نحو مستقبل آمن.
" الثورة نت "
[email protected]