صنعاء نيوز/المحامي عبد المجيد محمد -
اللعب على الحبل هو عمل بهلواني يجب على اللاعب أن يمسك بشيء يؤمن توازنه أثناء الحركة على الحبل تفاديا من السقوط. أهم آلة للاعب لمنع سقوطه هو عصا التوازن بحيث لا يستطيع الحركة على الحبال بدون مسكها.
حال خامنئي بعد موت رفسنجاني تشبه حال ذلك اللاعب على الحبال الذي هو يتحرك على حبال السيرك ولكن فجأة تنفلت «عصا التوازن» من يده فتسقط!
خميني ولسبب طبيعته المتخلفة للغاية كان يستخدم هذا الاسلوب من أجل حفظ وبقاء حكمه خلال 10 سنوات من سلطته وكان رفسنجاني خلال تلك السنوات الرجل المفصلي لايجاد التوازن لدى خميني. واذا القينا النظرة الى عمر 10 سنوات من حكم ولاية الفقيه في عهد خميني فنلاحظ أنه في كل القضايا الحكومية المفصلية كان رفسنجاني يلعب دورا حاسما بعد خميني الذي كان بمثابة الولي الفقيه يقول كلمة الفصل. تقديمه ناطقا باسم مجلس الثورة طبيخ خميني وضمه في حكومة المهندس مهدي بازركان أول رئيس للوزراء لحكومة امام العصر حسب تعبير خميني وأول رئيس للمجلس الشورى الذي تغير اسمه فيما بعد الى مجلس الشورى الاسلامي وأول رئيس لمجلس خبراء القيادة ثم ولايتين لرئاسة الجمهورية والأهم من كل ذلك نيابة خميني في المجلس الأعلى للحرب حيث كان معناه العملي قيادة 8 سنوات من الحرب المدمرة مع العراق. وتوليه رئاسة مؤسسة باسم «مجمع تشخيص مصلحة النظام» التي أسسها خميني لحفظ توازن نظامه وأصدر حكمه في 6 فبراير 1988 كان رفسنجاني رئيسا له منذ تأسيسها ولحد لحظة موته والآن قد تعطلت هذه المؤسسة بعد موت رفسنجاني وقال خامنئي في رسالته انه لا يعرف أحدا آخر يحل محل رفسنجاني.
وكان خميني الدجال قد كتب في حكمه لتأسيس مجمع تشخيص مصلحة النظام:
«يجب أن يلتفت السادة المحترمون الى أن مصلحة النظام من الأمور البالغة الأهمية. وقد تؤدي الغفلة أحيانا الى هزيمة الاسلام العزيز. اليوم يعتبر العالم الاسلامي نظام الجمهورية الاسلامية مفتاحا لحل معضلاته».
من البديهي جدا أن ما يقصده خميني الدجال من «الاسلام العزيز» كان نظامه ومصالح ولايته المطلقة حيث شرعن ثقافة رجعية داخل نظامه وكلف رفسنجاني حفظ كامل النظام ومنع انهيار «الاسلام العزيز».
لذلك في كل السنوات العشر التي كان خميني حيا وجاثما على كرسي «ولاية الفقيه المطلقة» كان كل رؤوس الخيوط للأعمال المهمة بكل ما تعنيه الكلمة الى هاشمي رفسنجاني «البرغماتي» أو الرجل المصلحي.
بالنتيجة تمكن خميني حفظ توازنه على حبل ولاية الفقيه المترنح والضعيف بمساعدة رفسنجاني وافلات حكمه القائم على الجهل والجريمة من الهلاك.
ولكن بعد موت خميني وفي أوائل يونيو 1989 الشخص الوحيد الذي تمكن من اقناع أعضاء مجلس خبراء القيادة للنظام بانتخاب علي خامنئي وليا فقيها والخروج من أزمة «القيادة» كان رفسنجاني. انه كان يحمل نظرية وسياسة خاصة لتمرير أجندته لحفظ النظام. بمعنى أنه كلما كان يتوقف خطه المطلوب وكان مضطرا لاستخدام سوابق وحيثياته . كان يخرج من جعبة ذكرياته من الإمام الدجال وبذلك كان ينهي المشكلة. وهنا في اقحام خامنئي بمثابة الولي الفقيه استخدم هذا الاسلوب فنجح حيث نقل ذكريات لم يسمعها أحد آخر وقال ان الإمام قال له ذات يوم انه بعد موته يستطيع خامنئي أن يكون خليفته. وبذلك تمكن رفسنجاني بالخدعة وعمله الشيطاني أن يُجلس علي خامنئي «روضه خون» الدون على كرسي ولاية الفقيه بعد خميني ومنذ ذلك التاريخ والى يوم موته حفظ بتوازن خامنئي على حبل «لعبة» ولاية الفقيه.
ان رسالة خامنئي في موت رفسنجاني ولو أنه ليس خاليا عن الطعن وتصفية حسابات شخصية ويذعن بخلافات في الرأي والاجتهاد بينه وبين رفسنجاني ولكنه رغم ذلك يعترف بصراحة أنه يدين ولايته لرفسنجاني. وجاء في قسم من رسالة خامنئي:
«... ان فقدان رفيق السلاح والرفيق الذي يعود تاريخ التعاون وبدء الصداقة معه الى تسع وخمسين عاما ""صعب ومؤلم"". وكم من الصعاب والمحن مرت علينا في هذه السنوات وكم من الصداقة والاخلاص جمعتنا في مراحل مختلفة في طريق مشترك على التحمل والمجازفة.
إن فطنته الوافرة واخلاصه الفريد في تلك السنوات كانا سنداً موثوقاً لكل الاشخاص الذين تعاونوا معه لاسيما أنا. وان اختلاف الاراء والاجتهادات المختلفة في مراحل من هذه الفترة الطويلة لم تتمكن ابدا من قطع اواصر الصداقة التي كانت بدايتها بين الحرمين في كربلا... ومع فقدان هاشمي لا أعرف شخصية اخرى كان لي معها تجربة مشتركة وبهكذا مدة طويلة في متغيرات هذه المرحلة المصيرية».
ونظرا الى ما ورد أعلاه السؤال المطروح الآن هو ماذا سيكون مصير خامنئي بموت رفسنجاني بصفته «لاعبا فقد توازنه»؟
أقصر جواب وأكثر الاجابات موضوعية هو ما قالته السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية مباشرة بعد موت رفسنجاني:
«رفسنجاني كان دوما الرجل الثاني للنظام ونقطة التوازن له وكان له دور حاسم دوما في حفظ النظام. نظام الملالي يفقد الآن مع موته توازنه الداخلي والخارجي».
نعم. خامنئي بصفته الولي الفقيه للنظام بدون رفسنجاني هو «لاعب فقد توازنه» وغير قادر على حفظ توازن نظامه الغارق في الأزمات وهو في منحدر السقوط المحتوم. ذلك النظام الذي طوقته الأزمات الداخلية والخارجية من كل صوب. في الاتفاق النووي المسمى بـ «برجام» سواء وفد النظام المفاوض وشخص خامنئي يعترفون بأنه لم يحصلوا على مكاسب كانوا يرجونها وأئمة الجمعة للنظام كل يوم في صلوات الجمعة يطلقون نعيقهم وشكواهم بأنه ماذا حصل بالاتفاق النووي الذي علقنا آمالنا عليه وقدمنا كل الامتيازات والتنازلات لاطراف المفاوضة ولماذا لم تلغى العقوبات كما وعدونا بها؟
وفي أزمة سوريا التي تحمل نظام خامنئي خسائر بشرية وأنفق لبشار الأسد وبعد قضايا حلب واخلائها من مقاتلي الجيش الحر. خرج بلا مكسب واستبعد من طاولة الاتفاق الموقع.
وأما في الأزمات الداخلية وبفعل توسع التظاهرات والاحتجاجات فيضيق حبل السقوط على رقاب خامنئي وقادة نظامه الذي يريد من خلال تصعيد القمع وزيادة الاعدامات احتواء الاحتجاجات والتظاهرات الا أن خامئني أدرى من كل رموز نظامه أن هذا الاسلوب يزيد فقط من كدس برميل البارود لدى الشعب الضائق ذرعا ويهيئ الأرضية لمزيد من الاحتجاجات حتى تحقيق السقوط.
ان بوادر سقوط هذا النظام تلوح في الأفق بفعل توسع نطاق التظاهرات الشعب المنتفض والمقاومة المنظمة للغاية المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة. ان هذه العملية السياسية تتطلب أن تقف كافة الدول وبشكل خاص دول المنطقة التي ضاقت ذرعا من تدخلات هذا النظام باتخاذ سياسة أكثر حزما أمام هذا النظام المترنح والهش وأن لا يخشون بهلوانيات هذا النظام . ان الدعم للسياسات الشعبية للمجلس الوطني للمقاومة الايرانية ومشروع السيدة مريم رجوي بواقع 10 مواد هو خطوة مبدئية باتجاه اسقاط هذا النظام العائد الى القرون الوسطى.
|