صنعاء نيوز - باسل مولود

الإثنين, 23-يناير-2017
صنعاء نيوز/ باسل مولود -
هذهِ المقالة تَدرس عدداً من المقالات الصحفية, المنشغلة بموضوع الأمثلة الشعبية, والمصطلحات الدارجة في كتاب نفثات الوزان للكاتب الدكتور عبدالكريم عبدالجليل الوزان, الصادر عن دار الابداع للطباعة والنشر, مطبعة الوليد, 2016, 360 صفحة, 39 مقالة.
يقول الكاتب في مقدمة الكتاب:(هذا الكتاب يمثل مجموعة من المقالات الصحفية التي كتبتها, لقد توخيت من هذهِ المقالات تجسيد حبي لبلدي العراق الجريح الصابر, حيث إن قلبي وفكري هناك وجسدي في أرض الكنانة).
نبذة عن حياة الكاتب
عبد الكريم الوزان: من مواليد بغداد 1959, مقيم في جمهورية مصر العربية, حاصل على شهادة الدكتوراه في الاعلام, له العديد من المقالات, كَتبَ في الصحف والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعية, لهُ العديد من المؤلفات هي:
1. من ذاكرة الوزان.
2. كتاب فلسفة الاعلام والسياسة الخارجية العربية.
3. كتاب معالجة الصحافة العراقية لعلاقات العراق بدول الجوار.
يرى الوزان أن التجربة الصحفية والاعلامية تتمحور حول الإنسان وأنها تؤرخ للحياة بكل تفاصيلها, وتعبر عما يتدفق في أعماقه من مشاعر وأفكار ورؤى وتحاول رصد انتصاراته وانكساراته, وعلاقته بالكون والحياة, ومن هنا فإن التجربة الاعلامية هي تجربة إنسانية في بعدها الأعمق, وإن الفلسفة في تياراتها المختلفة قلما حاولت مس العالم الداخلي للإنسان, والتعبير عن همومه الداخلية, إذ ركزت جلّ مباحثها في الحديث عن العالم الخارجي دون المساس بالعالم الداخلي, وتعب الفلاسفة في دراسة الطبيعة والكون, وساهموا مساهمة كبيرة في توجيه الإنسان نحو الكون, من هنا فإن تأمل الذات أو استبطانها يؤدي بالإعلامي إلى صياغة تجربة تنطلق من الذات لكنها تهدف في نهاية الأَمر إلى التواصل مع الآخر وبذلك تغذو المقالة جسراً بين الذات والآخر, وهذا ما يجعلها ذاتية وموضوعية في الوقت نفسه.
إن ولادة المقالة لدى الوزان تبدأ بخاطره, تبزغ في الذهن, تشبه إلى حد ما لوامع البرق, تسعى إلى تقييم وتقنص, فإذا اقتنصت شكلت في كلمات, واكتسبت حق الميلاد, ويرى الوزان من خلال كتاباته أي بعد ميتافيزيقي في نشوء هذهِ الفكرة, فموضوع المقالة يولد في أعماق الذات, هذهِ الذات التي ضاقت بفتورها وسعت إلى أن تعي ذاتها. وهنا لابد أن تعتزل, وتتوحد لتتمكن من تحقيق ذلك, لأن الفن العظيم لا يمكن أن يولد إلا في ظلال التوحد.
وبناءً على ذلك فليس بعيداً أن ترتبط المقالة في أحد أزمانها, وعند بعض مبدعيه بالتجربة السياسية, لأن الكاتب في لحظات ابداعه يكون في حالة تشبه حالة الاتصال المباشر بالواقع السياسي, إذاً هو في حالة انسحاب من عالمه إلى عالم آخر يكاد لا يحسب فيه إلا بذاته عبر اتحاده بها, وقد أدرك عبد الكريم الوزان إن الإنسان هو المحور الذي يدور حوله الابداع الكتابي الاعلامي, فهو في كتابه النفاثات يحاول أن يفسر اللغة والمعاني لكل مثل من الأمثال الواردة في كتابه مستعيناً باللغة وبما إن المقالة لغة في أقصى طاقة لها وأن تدخل في أقصى طاقات التفاعل, تلك الامكانيات المختلفة التي تعطيها الأشكال اللغوية في البنى الفنية وتتشكل اللغة داخل المقالة بوصفها وسيطاً فنياً للتعبير المنظم عن المعنى لذا تأخذ اللغة داخل المطالعة أشكالاً عالياً التنظيم تتبع منهج القرائن والدلائل حيث يحاكي أمثال وأشياء موجودة فعلاً ومستخدمة ومتداولة بين أفراد المجتمع العراقي موضوع الدراسة.
انبثقت قضية الذاتية والموضوعية في مقالات الكتّاب عن علاقة وثيقة بالفكر, فالكاتب يحس بمسؤولية تجاه مجتمعه وأرضه وشعبه, وهذهِ المسؤولية تنبع من وعيه على دوره التاريخي وموقعه الانساني في حركة الحياة, ومن ناحية أخرى فالمقالة تصدر عن رؤية الكاتب الشاملة للإنسان والكون والحياة واللغة, لذا فالعلاقة بين المطالعة والفكر علاقة جوهرية وحيوية في آن واحد, حيث ينطلق الابداع الأدبي والفني من الأصول الفكرية السائدة في الشرط المعطى من الزمان والمكان ويستند إليها, ولكنه لكي يكون ابداعاً مؤثراً, يميز نفسه بطريقة خاصة جداً, ولاسيما التمثل الملموس والتعبير المفتوح.
لقد لاحظنا من خلال قراءتنا للكتاب, أن الكاتب قد استخدم أسلوباً فنياً رائعاً حيث أصبحت مواضيع مقالاته في هذا الكتاب فناً رائعاً استشرف الوزان فيه إلى آفاق المستقبل, ولم يتجاوز فيه الواقع المعطى, وجمع فيه بين الدقة والأَمانة والنزاهة, ولاحظنا أن الكاتب تحول من الشخص إلى الانساني في أغلب مواضيعه, وفي هذهِ اللحظة يناهى فيها الذاتي في الموضوعي داخل هذهِ التجربة الرائعة, وقد حقق إنسانيته ووجوده.
وبغية الاحاطة الشاملة بمواضيع مقالاته في هذا الكتاب ارتأينا تقديمها كما يلي:
المصطلح الأول- التكنوقراط: وهو مصطلح قانوني ناقشه لغة واصطلاح ثم ذهب إلى تأصيله ثم وظف هذا المصطلح في الواقع أي في العراق وأجرى له مقارنة ثم ذهب بنا إلى شخصية تدعى (أبو رغال) أعطى التأصيل لهذهِ الشخصية ثم أشار بالبنان إلى جريمته في الخيانة العظمى واسترسل في السرد حتى بين لنا أنه أصبح مثلاً دارجاً للخيانة وكل من يخون يطلق عليه هذهِ الصفحة الشنيعة ويكنى بهذا الاسم.
أمّا الموضوع الآخر فكان عن الطريق إلى السلام وهو يكشف لنا الأوضاع في العراق وما آلت إليه الأمور من سوء ويوضح لنا الطريق إلى الخلاص, ثم يأتي بمقالة أخرى تحمل نفس المنهج وهو (السياسي) ويستعين بقصة للكاتب مصطفى المنفلوطي اسمها (الحلاق والثرثار) ويبدأ بحلل الأمور السياسية بدقة ويضع الحل ولكن يبقى السؤال هل من مجيب.
الكاتب يعطي استراحة بسيطة ويعرج لنا في موضوع آخر ألا وهو جعل حياة وابدأ في القلق وهو من علل النفس, من منا لم يعاني منه بسبب هذهِ الظروف, والكاتب يضعنا هنا أمام هذا المصطلح بعد أن عرفه وأنار لنا الطريق في استخدامه ثم يذهب إلى مصطلح آخر وهو (الحرباء) ويبدع كاتبنا عندما وضف لنا استخدامه وأجاد عندما وظفه للانتهازية واللوكية والمتغيرة ألوانهم ومواقفهم وأشكالهم وقد كان بارع مجداً في ذلك.
وهناك مقالات تتحدث عن العراق وأوضاعه من وجهة نظر مواطن أكلت منه الغربة ما أكلت وعاش به الزمان ومنها:


تناول الكثير من الأمثلة الشعبية بشكل رائع وقدم جذر كل كلمة في كل مثل, ثم أَبان استخدامها في المقالات التالية:


استخدم بعض المصطلحات الدارجة وعرفها تعريفاً لغوياً وعلمياً وكيف توظف عند العراقيين مثل:


وفي ختام هذهِ القراءة التحليلية لهذا المؤلف الموسوم (نفثات الوزان), نرى أن الاعلامي عبد الكريم الوزان من الإعلاميين المعاصرين الذين أولوا اهتمام كبير ببلده العراق وناسه في مقالاته لما تمثله من نقطة تحول خطيرة في مسار الأمة العربية والاسلامية والانسانية, ولم يكن حديثه عن (الأوضاع السياسية والاجتماعية والأمثال الشعبية حديث الفيلسوف أو الزاهد وإنما كان جناحاً من أجنحة الاعلامي المدرك لحقائق الأشياء وجوهرها وكانت قضية الإنسان العراقي محوراً من محاور نشاطاته الأساسية كما هي محور من محاور الوجود الإنساني والبشري, وقد لمسنا هذا الحس الوطني الشريف المرهف في هذا المنجز العلمي الجميل والدقيق المؤطر بالأكاديمية الدقيقة.
ونحن إذ نتمنى أن نكون قد أصبنا فيما اجتهدنا به من جهد متواضع وما توصلنا إليه من نتائج قد تخدم الهدف من هذهِ القراءة, وتدركه في الوقت نفسه.






تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:10 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-48612.htm