صنعاء نيوز/ د. علي الحاوري - الانظمة الاستبدادية شرٌ كلُّها ، واشرُّ منها الانظمة الشمولية ، واشر انواع الشمولية تلك التي تتاسس على الطائفية الدينية ، واشر نوع في الشمولياتِ الطائفيةِ الدينيةِ الطائفيةُ السلالية .
ليست هذه التعبيرات التراتبية ل"مستويات الشر" من قبيل اللعب بالالفاظ ، ذلك اللعب الذي قد لايعبر عن معطيات موجودة بالواقع .
هي في الحقيقة تعبيرات لمستويات قائمة في عالمنا ومطابقة للحقيقة ، والحقيقة فقط .
***
تصير الانظمة الحاكمة استبدادية باحتكارها السلطة السياسية وبما تستعمله احيانا من قمع للمجتمع .
فاذا عملت هذة الانظمة–المحتكرة للسلطة القامعة للمجتمع –على فرض ثقافة معينة على ذلك المجتمع فقد تضاعف شرها اضعافا كثيرة وصارت انظمة شمولية .
ذلك بصرف النظر عن ثقافة الحاكمين او دينهم او طائفتهم من ناحية ، وبصرف النظر عن نوع الثقافة التي يفرضها الحاكمون على المجتمع من ناحية اخرى .
فاذا كانت الثقافة المفروضة على المجتمع هي من ذلك النوع الذي يبعث الطائفية الدينية ويثير السلالية العرقية بالمجتمع فلاشك اننا سنكون امام نظام يتجاوز في شروره شرورَ النظم الشمولية .
سيكون نظاماً جامعاً شرور الانظمة الاعظم شراً : شرور الانظمة الاستبدادية ، الانظمة الشمولية، الانظمة الطائفية، الانظمة العنصرية .
***
هذه العاهات :الاستبداد،الشمولية، الطائفية، العنصرية ، ليست عاهات طارئة عارضة في الانظمة السلالية الدينية .
ليست مجرد اضافات شَابَتْ الاصل وعَلَقَت به في مرحلة من مراحل التطور ، وليست كذلك وليدة احداث او تحديات او عوامل متعلقة بظروف الزمان او المكان .
انها صفات ذاتية اصيلة لازمة في الانظمة السلالية . صفات صميمية في اصل التكوين والطبيعة .
هي طبيعتها التي لا طبيعة لها غيرها وهي اصلها الذي لا اصل لها سواه .
كل الانظمة السلالية الدينية استبدادية وشمولية وطائفية بالطبيعة و" الفطرة" ، وكل الانظمة الطائفية الدينية استبداية وشمولية بالطبيعة و"الفطرة" كذلك .
***
والقوى الشمولية لا يمكن ان تتعايش مع غيرها .
هي لذلك ترى في وجود الاخر ،مجرد الوجود ، خطرا وجوديا عليها .
مطمحها الاول والاساس ان تكون القوة " الوحيدة" بالمجتمع .
هي بطبيعتها لاتقبل التعدد والتنوع والمنافسة .
وهي ان قبلت التعدد والتنوع و" المنافسة" فانها لا تقبلها الا ان تكون " مهيمنة" من ناحية ، ووفق الشروط التي تراها هي من ناحية اخرى .
وفي حال كهذا ، لن يكون التعدد والتنوع و"المنافسة" الا خدمة وزينة وحماية للمهيمن ذاته .
هذا الامر ينطبق على وضع هذه القوى في المجتمع بشكل عام ، كما ينطبق على وضعها ووضع عناصرها في كل سلطة،كل مؤسسة،كل وزارة،كل مجلس،كل تجمع،كل حيٍّ : الهيمنة للفئة ولاباس من السماح للاخرين سلالة ببعض الفتات .
***
وتسعى القوى الشمولية العرقية الى الهيمنة على الثقافة خاصة ، لا حبا للثقافة ذاتها ، ولكن بوصفها القوة الاعظم ضمانا لادامة السيطرة على السلطة السياسية ، التي تعد - اي السلطة السياسية - بدورها الوسيلة الاثيرة للعرقيين لبلوغ ما يمكن عده "غاية الغايات" لديهم : حيازة واستحصال واحتكار المنزلة الاجتماعية من ناحية والثروة من ناحية اخرى .
الثقافة هي التربة التي تنبت عليها وبها شجرة السياسة .
هي التي تشكل العقل وتغذي القلب وتشكل الشخصية والهوية .
غاية الهيمنة اذا هي اعادة تشكيل التربة او ربما استبدالها واستبدال مابها من شجرات بتربة وغراسات اخرى مختلفة .
هي اعادة تشكيل الشخصية والهوية ، شخصية وهوية الفرد المحكوم والمجتمع .
ومن هنا ذلك الحرص الشديد لهذه الاطراف على حيازة المؤسسات الثقافية والدينية عند ان تعمد هي والاخرون الى توزيع المكاسب مؤقتا وريثما تهيمن على كل شيئ لاحقا .
وفي الاثناء تعمل على فرض ثقافتها على كل الفئات والساحات، كل الزوايا ،كل المجالات،العقائد والعبادات والمعاملات والاخلاق والاداب والفنون وحتى الوان الاحجار والاشجار والمنابر والمقابر .
***
القوى الدينية التي تستولي على السلطة بالقوة لن يكون غريبا عليها ان تستولي على الثقافة ايضا وبالقوة ايضا .
وخلافا للاستيلاء على السلطة الذي يطال غالبا تغيير الاشخاص الحاكمين فقط واحيانا بعض السياسات البسيطة في اسلوب ادارة الدولة ،
فان الاستيلاء على الثقافة يهدد المكاسب العظمى للشعوب :الجمهورية،المواطنة،الوحدة،الديمقراطية،اللامذهبية،اللاسلالية،الانتماء العربي،الاستقرار والتنمية، الدولة.
***
لان الفكرة العرقية هي الفكرة الاكثر شرا بين جميع الافكار الشريرة فقد شاءت الحكمة الالهية بان تكون هي الموضوع الالهي الاول في درس البشرية .
وكانت تلك المناقشة المباشرة بين الخالق الحكيم - يوم خلق ادم- وبين الاب الروحي لجميع العرقيين : الشيطان . |