صنعاء نيوز - بقلم: عمر دغوغي الإدريسي

الأحد, 09-يوليو-2017
صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -
تعد المقاربة السياسة التشاركية أحد عوامل التحولات الاجتماعية لأنها أساس التنمية البشرية التي تضع الناس في مركز الاهتمام بغض النظر عن ميزاتهم الجنسية والعمرية والمعرفية والطبقية.
إن إدماج المقاربة التشاركية في السياسة التنموية يعتبر منهجية عمل مساعدة على التنمية العادلة وذلك من خلال إشراك الجميع في تسيير مؤسسات الدولة وفي جميع مراحل تدبير مشاريع وبرامج التنمية، من التشخيص والتحليل والتنفيذ إلى التتبع والتقويم.
هذه المقاربة هي وسيلة تسمح بالإنصات لأصوات الجماعات الضعيفة ولمهمشة مثل: النساء والفقراء والمعوقين، والأطفال والقرويين، والشباب العاطل، وتمنحهم الفرصة لتعبير بحيرة وبصراحة.
المقاربة التشاركية تتضمن الطرق والأساليب التي تساعد الجماعات على التدبير الذاتي بحصولها على الثقة في النفس وعلى الفهم والشعور بامتلاك مشاريع التنمية التي ستحدث تغييرات دائمة.
هذه الطرق والأساليب تستهدف احترام كرامة الناس وتحسين ظروف عيشهم، كما أن إشراكهم مقرون بالتزام وبموافقتهم على تحمل المسؤولية وعلى التحسينات المقترحة.
هذه الطرق وأساليب تهدف إلى:
تشجيع مشاركة الأفراد في أنشطة المجموعة دون أخذ بعين الاعتبار السن والجنس والطبقة الاجتماعية أو المستوى التعليمي.
تنمية الثقة في النفس والشعور بالمسؤولية من أجل اتخاذ القرارات.
تيسير عملية التخطيط الجماعي والمساعدة على أغناء التعاون والتعاضد، والعمل على احترام معارف وقدرات الجميع.
إحداث شراكات بين الجماعات السلالة والجماعات المحلية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات المتخصصة في التنمية.
في هذه الحالة تعتمد التنمية على القدرات والموارد المحلية من أجل إنجاح الحلول المقترحة محليا لمشاكل السكان عبر المساعدات الخارجية التي تقوم بإنجاز المخططات والبرامج والوطنية، وليس اعتمادا على أولويات المانحين.

تؤدي المقاربة التشاركية إلى حدوث نوع من الاستقلالية الفكرية للجماعات بدل التبعية والخنوع للآخر ، سواء كان القطاع العام أم المنظمات الدولية اللائحة، بحيث يصبح المواطن فاعلا ومتفاعلا ومسئولا، يمكنه اتخاذ القرار بنفسه والتحكم في مصيره واختيار الحلول لمشاكله وبالتالي تنمية نفسه بنفسه.
وهي مقاربة تنقل الناس من وضعية الانتظار التي ينتجها الفهم غير السليم والممارسة الخاطئة للمقاربة الحقوقية، إلى المبادرة والفعل، وتكون المساعدات الخارجية في هذه الحالة ( المساعدة المالية والتقنية) للتغلب على المعيقات لا غير.
ويمكن اختصار مفهوم المقاربة التشاركية في عبارة "العمل مع" عوض "العمل من أجل"، بمعنى عمل في اتجاه أفقي عوض اتجاه العمودي، من أعلى إلى أسفل، كما تعمل أغلب الحكومات والمؤسسات العمومية، في الأنظمة المركزية التي تفرض على شعوبها سياسات فوقية دون استشارتها ودون إشراكها في التنفيذ والتتبع والتقويم، وهذا ما يفسر فشل هذه السياسات بالرغم من صرف أموال طائلة على الدراسات القبلية التي ينجزها أحسن الخبراء.
بعبارة أخرى المقاربة التشاركية جاءت لتصحيح المنهجية المعتمدة في العمل العمومي والمتمثلة في الاعتماد على الخبير وعلى القطاع العام في إنجاز مشاريع وبرامج التنمية دون إشراك المواطنين المستفيدين من هذه التنمية، كما جاءت لتصحيح أيضا المنهجية المعاكسة التي التجأ إليها المجتمع المدني والمتمثلة في استشارة وإشراك المستفيدين دون الرجوع إلى الخبير ودون الاعتماد على إمكانيات وقدرات القطاع العام، تطبيقا للمثل الشعبي "اسأل المجرب ولا تسأل الطبيب" وهو عكس ما تعمل به السياسة الحكومية أي "اسأل الطبيب ولا تسأل المجرب"، والمطلوب وفق المقاربة التشاركية، "اسأل الطبيب والمجرب معا.
ولقد أصبحت كل المنظمات التنموية الدولية تعتمد هذه المقاربة وتفرضها على البرامج والمشاريع التي تقوم بتمويلها، كما بدأ العمل بها من طرف بعض المؤسسات العمومية المغربية المانحة كوكالة التنمية الاجتماعية، إذ نجدها هي أيضا تشترط تطبيق هذه المقاربة في المشاريع التي تمولها، وهذا نموذج من النصوص الخاصة بتعريف المقاربة التشاركية المنشورة في بعض وثائقها: "مقاربة تهدف إلى تنمية يشارك فيها السكان المعنيون مشاركة فعالة، تهدف إلى المقاربة تأهيل الأشخاص والجماعات وجعلهم قادرين على تبني حلول يتحملون مسؤولية اختيارها وإنجازها، وهو أسلوب للتعلم من ومع أعضاء المجتمع لتشخيص، والتحليل، والتقييم المعوقات، والمؤهلات واتخاذ قرارات أو اختيار حلول معنية تجاه المشروعات التنموية.

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي صحفي وفاعل جمعوي [email protected] https://www.facebook.com/Omar.Dghoughi.officiel/
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:38 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-53616.htm