صنعاء نيوز- فهمي هويدي - الانتخابات التي جرت في مصر يوم الأحد 28/11 تحولت إلى فضيحة، كشفت عن العديد من العورات التي تمنينا أن تظل مستورة وتعالج في هدوء وروية.
فقد تحولت البلطجة إلى قاسم مشترك في الأغلبية الساحقة من اللجان.
وأصبحت عملية حصار وملاحقة منافسي مرشحي الحزب الوطني إحدى المهام الأساسية للأعداد الهائلة من رجال الشرطة.
وشاعت عملية تقفيل صناديق التصويت حتى أصبحت تمارس علنا أمام الملأ.
وتعددت الحالات التي تولى فيها ضباط أمن الدولة إغلاق بعض اللجان لحساب مرشحي الحزب الوطني ومنع الناخبين من دخول اللجان،
حيث بدا واضحا أن المطلوب إنجاح أناس معينين وإسقاط أناس آخرين.
الذي جرى فظيع بكل المقاييس. لكن الأفظع منه هو تلك الجرأة التي تمت بها تلك الممارسات.
أعنى أن التزوير قد يكون واردا في بلدان العالم الثالث، وكذلك المشاحنات والاشتباكات، ولكن أن يتم كل ذلك بالصورة الفجة التي شهدناها، فلا تفسير لذلك سوى أن القائمين على العملية لم يعودوا يبالون بشيء وليس لديهم أي تقدير لإنسانية الناس أو احترام لكرامتهم، بل إنهم أصبحوا يتعاملون مع المجتمع باحتقار وازدراء شديدين.
الفضيحة تجلت في نموذجين قدمتهما صحيفتا «الشروق» و«المصري اليوم» أمس (29/11).
فصحيفة الشروق نشرت نص خطاب للقاضي الوليد الشافعي رئيس محكمة باستئناف القاهرة الذي كان مكلفا بالإشراف على الانتخابات في البدرشين (محافظة 6 أكتوبر) روى فيه ما جرى له حين أبلغ بأن ثمة تزويرا في اللجان العاملة بإحدى المدارس.
إذ باعتباره عضوا في اللجنة العامة لمتابعة عملية الاقتراع والفرز، فإنه توجه إلى المدرسة، ولكنه وجد بابها مغلقا.
وبمجرد دخوله اعترضه شخص يرتدي الثياب المدنية، وطلب منه بلهجة آمرة أن يعرف نفسه، وعندما أخبره بأنه القاضي فلان، فإنه طلب منه بذات اللهجة الآمرة أن يبرز البطاقة التي تثبت هويته.
وحينما أظهرها له، بادر صاحبنا إلى خطفها منه، ثم طلب منه باستعلاء ملحوظ أن يصطف في مكان جانبي، وأبلغه أنه لن يغادر المدرسة، وأشار إلى ثلاثة أشخاص لاحتجازه.
وحين سأل القاضي صاحبنا هذا عن اسمه، أبلغه بأنه الضابط فلان رئيس مباحث البدرشين. ثم أدار له ظهره واستمر في منع الناخبين من دخول المدرسة والوصول إلى لجان الاقتراع.
اتصل القاضي الوليد برئيس اللجنة العامة وروى له ما جرى معه، فأبلغه بأنه قادم إلى المدرسة على الفور، ابتعد القاضي عن الباب حتى لا يراه الجمهور في ذلك الوضع المهين ودخل ليرى لجان الاقتراع فوجد أبوابها موصدة.
ولاحظ في مكان آخر وجود مجموعة من السيدات ممنوعات من التصويت، وعندما طلب من أمين اللجنة السماح لهن بالانتخاب فإنه رفض.
وذهب إلى أحد الفصول فوجد فتاة تقوم بتزوير كم من البطاقات لصالح اثنين من المرشحين، فأخذها ووجد أنها 66 بطاقة.
وحينئذ قدم أحد الأشخاص وسأله عما يفعل، فأخبره بأنه عضو باللجنة العامة للانتخابات وانه جاء ليراقب الاقتراع، فرد صاحبنا قائلا أنه لا توجد انتخابات ولا تصويت.
وفي هذا الوقت وصل رئيس اللجنة العامة، وطلب من القاضى العودة إلى مقر اللجنة دون أن يتخذ أى إجراء إزاء الوقائع المادية الماثلة. بل إنه لم يقبل أن يقدم إليه القاضي مذكرة بما جرى. وطلب منه أن يقدمها إلى رئيس اللجنة العليا مباشرة دون العرض عليه.
وهى القصة الصادمة التي تذكرنا بما فعلته المستشارة نهى الزيني حين فضحت التزوير الذي وقع في انتخابات عام 2005، وكانت شاهدة عليه.
أما صحيفة المصرى اليوم فقد وثقت التلاعب بست صور سجلت لشخص واحد جلس إلى جوار الموظف المسؤول عن إحدى لجان محافظة الشرقية، وانهمك في تسويد البطاقات، وكانت إحدى الصور له وهو يضع بطاقاته في صندوقين متجاورين بكلتا يديه.
خلاصة المشهد يوم الأحد أن التزوير كان سيد الموقف، وأن الحزب الوطنى قرر أن يسحق المنافسين والمعارضين بكل السبل.
كما أن التدخلات سواء في عملية التصويت، أو في توزيع المقاعد على الأحزاب «المتعاونة»، خصوصا الصغيرة منها والمجهولة، تعطى انطباعا قويا بأن مجلس الشعب القادم سيكون مشكلا عمليا بالتعيين وليس بالانتخابات،
لقد راج بيننا في السابق مصطلح ترزية القوانين، لكن فئة جديدة من المحترفين ظهرت هذه المرة، وفرضوا أنفسهم باعتبارهم ترزية الانتخابات، حيث اقتنع الحزب الوطني من خلال التجربة بأن «التفصيل هو الحل».
.........................--
|