صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -
إذا كنت خريجا من الجامعة أو من أحد المعاهد وكان يغمرك الشعور بالإحباط لأنك تعتقد أن حياتك خارجة عن مجال سيطرتك، إذا كنت تشعر بالوحدة أحيانا أو دائما وبأن أصدقاءك ليسوا كما كانوا، إذا كنت تجد فائضا من الوقت ولا تدري كيف أو بماذا تشغله، إذا كنت يائسا بسبب عدم الإنصاف الذي تعانيه فأنت مؤكد بلا عمل.
معظم الشباب الذين يعانون من البطالة يفضلون أن تطلق عليهم صفة معطل بدل صفة عاطل التي تشعرهم بعدم الفاعلية، هم مقتنعون بأنهم معطلون ويوجهون اللوم إلى انعدام العدالة وإلى الفساد وإلى تعنت المسئولين، يعزون الأسباب إلى أشياء عدة لا يفهمونها في الغالب ولا مقدرة لهم على تغييرها.
الأكيد أن كل شاب على حدة يمثل طاقة بشرية خلاقة من شأنها إذا ما استغلت أن تساهم في دفع وتسريع قاطرة التنمية كما ستلعب دورا محوريا في عملية النهوض الاجتماعي والبناء الحضاري، ولا شك أن تعطيل هذه الطاقة بالمقابل سينعكس سلبا على معدلات النماء والتقدم في المجتمع، هذا يعني أنه لا قيام لبلد من دون طاقاته البشرية المساهمة في بناءه والضامنة لاستمراره.
لكن السؤال الجوهري في هذه المعضلة هو من المسئول عادة عن تعطيل القدرات البشرية في المجتمع؟ هل يعقل أن يجور الوطن على أبناءه؟ ربما يكون حل معضلة الشباب حول التشغيل يكمن في إدراكهم للماهية الحقيقية للوطن.
الوطن هو مجموعة من الناس يعيشون على رقعة من الأرض، ويعني هذا أن ولائي كمواطن يجب أن يكون لهؤلاء الأشخاص على اختلاف فئاتهم وأعمارهم وأعراقهم، وولائي لهم يقتضي أن أكون مسئولا عن المساهمة في توفير كل شروط الحياة الضرورية لهم من عدالة ومساواة وتعليم وصحة وسكن، وكل ما من شأنه أن يساعدهم على العيش الكريم، بالإضافة إلى ما يحتاجونه من علم وتكنولوجيا أي ما سيسهل عليهم عملية الانطلاق الحضاري كل هذا يقع على عاتقي كمواطن يحب وطنه.
ولكي أحظى بهذا الشرف، شرف خدمة الوطن، يجدر بي أن لا أكون فاقدا لما يحتاجه وطني، أي أنني يجب أن أمتلك شيئا ذا قيمة لأساهم به في بناء الوطن، والقيمة تتحدد بمجموع المعارف والمهارات التي يتطلبها مجال معين من المجالات الحيوية في المجتمع. وكلما توسعت في اكتساب المعارف والمهارات، كلما زادت القيمة التي أقدمها، وكلما يرتفع مستوى دخلي المادي في مقابل ذلك، ولكل هذه الأسباب يجب أن أذهب إلى المدرسة.
من المؤسف أن يغيب مفهوم الموطنة كمرادف لخدمة الآخرين عن مناهجنا التعليمية، من المؤسف أن تخلوا المناهج من مفاهيم أخرى أساسية كمفهوم حقوق الإنسان ومفهوم العدالة الاجتماعية والتي من شأنها أن تصنع مواطنا صالحا ممتلكا للوسائل الضرورية لتنمية ذاته والآخرين من حوله، من المؤسف أيضا أن يضطر العديد من الخريجين إلى العودة إلى المدرسة مرة أخرى عندما يكتشفوا بأن ما تعلموه لا يمثل أي قيمة في سوق العمل، أما عندما نشاهد أعدادا من المعطلين يجوبون الشوارع احتجاجا على نظام سرق فاعليتهم فإن ذلك يملك الكثير من التبرير.
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي صحفي وفاعل جمعوي
[email protected] https://www.facebook.com/Omar.Dghoughi.officiel/