صنعاء نيوز - بقلم: عمر دغوغي الإدريسي

الإثنين, 14-أغسطس-2017
صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -
ربط المسؤولية بالمحاسبة إحدى المطالب الأساسية للشارع المغربي حتى قبل تصاعد حدة الاحتجاجات غداة اندلاع الربيع العربي، فيما كان يبدو في السابق بأن تحريك المتابعات القضائية في حق المسئولين، أمرا بعيد المنال.
جلالة الملك محمد السادس وهو يلقي خطابه بمناسبة ذكرى عيد العرش، وجد الفرصة مناسبة من أجل الحديث عن أهم مقتضيات الدستور الجديد، حينما ذكَّر بضرورة تكريس الدستور، وعلى أن يضعوا في اعتبارهم بأن ممارسة السلطة أصبحت مرتبطة بشكل وثيق بالمحاسبة. جلالة الملك وجه كلامه مباشرة إلى السياسيين- والمسئولين، وقال: لقد آن الأوان للقطيعة النهائية مع الممارسات السياسة لا مسئولة، التي أضرت بمصداقيته ، وأساءت لنبل العمل السياسي.
فمؤسسات عديدة وضعها المغرب في الفترة الأخيرة للسهر على ممارسة أفضل للسلطة، قبل أن يعمد إلى دسترة هذه المؤسسات، كما هو الشأن بالنسبة للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، إلى جانب مجلس المنافسة، وكذا المجلس الأعلى للحسابات، هذا إلى جانب تعزيز عمل مفتشيات وزارة الاقتصاد والمالية التي تسهر على مراقبة عمل المؤسسات العمومية.
في هذا الوقت تقارير سنوية يصدرها المجلس الأعلى للحسابات، مخالفات لشروط تسيير المؤسسات العمومية بأعداد كبيرة يجدها المتصفح لهذه التقارير، وتبذير لأموال عمومية هنا وهناك، لكن بالمقابل فإن متابعات قضائية قليلة يتم تحريكها، وحتى إذا ما تم تحريك هذه المتابعات فإن بلوغ نهايتها والنطق بالحكم فيها كان أمرا بعيد المنال.
اليوم يبدو الوضع مختلف تماما، فالمغرب بات يتوفر على دستور جديد أخذ من محاربة الفساد موضوعا أساسيا لتحرير عدد من فصوله. ولأول مرة في تاريخ الدساتير المغربية، خصص دستور 2011 بابا كاملا للحديث عن الحكامة الجيدة، فالباب 12 من الدستور الجديد وقف على المبادئ العامة لهذه الحكامة، فيما جاء ربط المسؤولية بالمحاسبة، كمفهوم جديد يصل إلى الدستور المغربي، ليفتح أبوابا عديدة من أجل تحريك المتابعات في حق المفسدين.
لكن ما السبيل لتجاوز الإشكال السابق؟ بالنسبة للمراقبين “فإن ما يجب القيام به هو تفعيل المتابعات إلى أن تصل إلى رؤوس لم نكن نقو على المساس بها في وقت سابق، الآن ما ينقصنا هو أن يتحول المجلس الأعلى للحسابات من مهمة ضبط المخالفات، التي تعد دوره الأساسي، إلى تفعيل المتابعات من خلال ارتباط مع الجهاز القضائي بتكوينه الجديد الذي يؤكد استقلالية القضاء.”
المقتضيات الجديدة ستساعد، على ما يبدو، في نظر المرقبين، لتسريع الملفات المفتوحة حاليا، فالأمل اليوم هو أن نتجاوز المرحلة التي كان في السابق يتوقف عندها المجلس الأعلى للحسابات مثلا، الذي كان يقف على المخالفات وضبطها، لكن كان هناك غياب لآليات المتابعة. هذه الحواجز التي تقف في وجه استكمال المتابعات، زالت حسب الوثيقة الدستورية، بعد إقرار استقلالية القضاء واستقلالية المجلس الأعلى للحسابات ومجموعة من الضوابط التي ستمكننا من تفعيل المتابعات، لكن التخوف هو إلى أي مستوى سنكون قادرين على تفعيل الدستور الجديد في جميع أبوابه، هذا هو الإشكال الموجود.
في هذا الوقت يبدو من الضروري تفعيل مجموعة من الآليات، من قبيل المجلس الأعلى للقضاء وهيئة محاربة تبذير المال العام وهيئة الوقاية من الرشوة ومجلس المنافسة، اليوم الترسانة القانونية من خلال الوثيقة الدستورية باتت موجودة، ما ينقصنا، حسب المحللين، هو كيفية تشغيل الميكانيزمات المرتبطة بهذا الدستور، كما أنه بات من اللازم تفعيل المتابعات ليظهر للمواطن المغربي بأن المال العام بات بعيدا عن التلاعب، وبأن اللعبة الاقتصادية سترفض كل أشكال التجاوزات السابقة.



بقلم: عمر دغوغي الإدريسي صحفي وفاعل جمعوي [email protected] https://www.facebook.com/Omar.Dghoughi.officiel/
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:09 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-54480.htm