صنعاء نيوز - الشخصيات والمؤسسات التي تم منحها جائزة أميرة أستورياس في اسبانيا لعام ٢٠١٧ , تصوير عبدالله ناصر بجنف

السبت, 21-أكتوبر-2017
صنعاء نيوز/ كتب / عبدالله ناصر بجنف -
في مساء الخميس 20 اكتوبر شهدت مدينة اوفييدوا الواقعة في شمال إسبانيا الحفل السنوي لتوزيع جائزة اميرة استورياس , هذا العام تم تكريم الاتحاد الأوروبي بجائزة الوفاق تقديرا لجهودة المتواصل خلال الستة العقود الماضية منذ معاهدة روما التي تم التوقيع عليها في 25 مارس 1957 والتي أسهمت في التقريب والتعايش بين شعوب الدول الأوروبية المنظوية تحت الراية الزرقاء لهذا الاتحاد الذي استطاع كسر الحواجز والحدود وفي نفس الوقت تعيش مرحلة تاريخية صعبة وفي ظل بروز النزاعات الانفصالية وصعود الاحزاب اليمينية واليسارية المتطرفة في هذه القارة والتي عاصرت حروب متعددة منذ الحروب الدينية في القرنين السادس عشر والسابع عشر مرور بحربين عالميتين وكذلك حرب يوغسلافيا السابقة في التسعينيات من القرن العشرين والتي خلفت الآلاف من القتلى,من أبرز انجازات الاتحاد الأوروبي هو قدرته على وقف الصراعات العسكرية وخاصة الحدودية وفي عهده شهدت أوروبا أطول مرحلة من الإستقرار والسلام بين دولها. الحفل السنوي لجوائز أميرة استورياس طغى عليها هذا العام أزمة إقليم كاتالونيا الواقعة في شمال شرق اسبانيا, تبلغ مساحتها 32.108 km² وعدد سكانها 7,523 نسمة والتي تسعى الانفصال عن اسبانيا والذي قابل برفض قاطع من قبل الحكومة المركزية في مدريد كما رفضته الاتحاد الأوروبي وحذرت من عواقبها ومخاطرها على تماسك هذا الاتحاد ,انها مرحلة عصيبة تواجها إسبانيا منذ عودة الديمقراطية اليها بعد وفاة الجنرال فرانسيسكو فرانكو في عام 1975. إقليم كاتالونيا يتمتع بحكم ذاتي واسع على مستوى الاتحاد الأوروبي, ومنذ الإعلان الغامض لرئيس إقليم كتالونيا في 1 اكتوبر التوجه نحو الإنفصال والاعلان عن جمهورية كاتالونيا بدون اتفاق مسبق مع الحكومة الإسبانية كما تفتقر لضمانت أوروبية ودولية , الاتحاد الأوروبي لن يعترف باستقلال كتالونيا وسوف تكون خارج اطارها وكذلك من منظمة التجارة العالمية ورفض التوسط بين الطرفين باعتبارها قضية داخلية يجب حلها بالطرق الديمقراطية ومرجعيتها الأساسية الدستورالإسباني والذي تم إقراره في البرلمان في 31 أكتوبر عام 1978 وصادق عليه الشعب الإسباني عبر استفتاء في 6 ديمسبر في عام 1978. تسبب اعلان محاولة كاتالونيا الانفصال عن إسبانيا مغادرة أكثر من 1200 من الشركات والمؤسسات والبنوك من اراضيها وانتقالها الى المدن الاسبانية اغلبها في العاصمة مدريد نتيجة استمرار التوتر وتخوفا من من فقدانها لحماية البنك المركزي الأوروبي, يتساءل الكثيرون من الخبراء كيف ستصمد جمهورية كاتالونيا اذا اصبحت خارج الاتحاد الأوروبي وبدون عملة وبدون بنك مركزي يسندها. البرجوازية والساسة وتجار الحروب والمتلاعبين بعواطف المواطنين لديهم القدرة على الصمود في ظل الصراعات الدموية والثورات والمظاهرات والاحتجاجات والاضرابات ولكن أغلبية المواطنين العاديين غير قادرين على الصمود لشهر واحد اذا توقفت رواتبهم والتي هي مصدر عيشهم الوحيد. حكومة مدريد اتخذت كافة الاجراءت القانوينة والدستورية من أجل تطبيق المادة 155 من الدستور والذي خول لها التدخل وادارة إقليم كاتالونيا لاعادة الشرعية الدستورية ووقف حالة الفوضى وعدم الاستقرار يرافقها تحديد فترة زمنية في الأشهر القادمة يتم خلالها إجراء انتخابات برلمانية في إقليم كاتالونيا. منح جائزة الوفاق الاتحاد الأوروبي يعتبر بمثابة تكريس روح التعاون بين شعوبه وايجاد حد أدنى من الانسجام في مرحلة تحتاج الى تكاتف كل الجهود لمواجهة تحديات هذه المرحلة من تاريخية وخاصة انتشار النزعة القومية ذات صبغة ايديلوجية وهي لحظة انفعال تنجرف خلفها قطاع كبير من الجماهير تحت أوهام من الصعب تحقيقها كما انها تكرس الكراهية والعداء ويعتقدون بانهم الأفضل والمتميزين ,التعصب القومي تيار يعيش خارج الواقع ومن الصعب ان يصمد او يفرض ارادته على الشعوب التواقة للحرية والعدالة والمساواة ونبذ كل أشكال العنف ولكراهية والتمييز. أوروبا واجهت في البداية ازمات مالية تلتها أزمات اقتصادية واجتماعية وتدفق المهاجرين وفي الوقت الراهن تواجه خطر صعود الأحزاب المتطرفة والتي تحمل أفكار القومية الشعبوية في العديد من دول الاتحاد الأوروبي منها الأزمة في كاتالونيا التي تواجها إسبانيا. أوروبا في الوقت الحاضر لديها مشاكل كثيرة البعض منها صداء مأسي الماضي منها الاثار التي خلفتهاالأزمة الاقتصادية وظهور التيارات المتطرفة ولكن فتح الحدود بين مواطينيها وحرية التنقل والعمل بين دولها يعتبر نموذج هام اسهمت في اخماد الكثير من الصراعات الحدودية والتي كانت تبدوا من المستحيلات ولكنها حققتها بكل جدارة. عالم الاجتماع الالماني نوربيرت إلياس اشار بان في القرن الخامس عشر كانت توجد في أوروبا 5000 وحدات سياسية مستقلة خضعت اغلبها لحكم النبلاء في الأنظمة الملكية الإقطاعية بعدها تقلصت الى 500 وحدة سياسية في القرن السابع عشر بعدها الى 200 في عهد نابليون في بداية القرن التاسع عشر واقل من 30 وحدة سياسية مستقلة في عام 1953. الكاتب البوسني من أصل كرواتي فيليبور كوليك والذي يعيش في ستراسبورغ الفرنسية هو مؤلف كتيب في الملجاء عن الصعوبات التي يواجه االمهاجر من أجل ان يبداء حياته من الصفر , هذا الكاتب يعيش في استراسبورغ ويعمل من المهاجرين في هذه المدينة والذين ينتمون لخمسون جنسية , يتأمل بين الحيرة والقلق ما يحدث في كاتولونيا وقد علق مازحاً بان الوجه القادمة للنزوح سوف تكون لتلك الأماكن المريحة والرخيصة وخاصة وان الترام اي القطار الخفيف الذي يربط الحدود السابقة بين مدينة استراستبورغ بمدينة كيل الألمانية والذي تم افتتاحة في 24 أبريل من هذا العام قيمة تذكرة لايتجاوز 1.40 يورو, هذه الحدود شهدت ثلاث حروب بين أعوام 1870 و 1945, حسب الكاتب البوسني بانه لايمكن ان يفهم بان أشخاص في هذا بلدان ديمقراطية يريدون النزول من هذا القطار والذي يعبر الحدود ويتركون خلفهم تاريخ حزين من التمزق.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 06:32 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-55965.htm