صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
جرت في مصر مياه كثيرة، وتحولات كبرى. بالرغم من وضوح المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وسخونة الحراك المرتبط بها بعد ثورة يناير، جاءت الدعوة مبكرا، وعلى لسان الحكومات المتعاقبة، إلى عودة عجلة الاقتصاد إلى "الدوران"، مع تجاهل العوامل الهيكلية المسببة لتفاوت الثروة والدخل، وتهميش قطاع كبير من المواطنين، فضلا عن التفاوت في مستوى المعيشة ونوع الخدمات المتاحة في الأقاليم المختلفة.
أولاً، قدرة الحكم على هزيمة الإرهاب و «الإخوان» فكرياً وتنظيمياً.
ثانياً، تحقيق توازن بين مقتضيات الأمن ومحاربة الإرهاب وبين السير قدماً على طريق التحول الديموقراطي واحترام حقوق الإنسان.
ثالثاً، تحقيق إنجازات اقتصادية واجتماعية تنعكس في صورة إيجابية على حياة غالبية المصريين.
رابعاً، تحقيق توازن بين مكونات وأطياف التحالف الشعبي العريض الذي دعم تحرك الجيش في 30 يونيو، والذي يتكون من حركات وأحزاب تنتمي الى ثورة 25 يناير، وشخصيات وأحزاب تنتمي الى حكم مبارك.
والمفارقة، أنهما تحركا معاً ضد «الإخوان»، ثم سرعان ما نشب بينهما صراع انتهى في ما يبدو لمصلحة رجال دولة مبارك ورموزها.
فالدعوة إلى دوران "العجلة" تجاهلت أن ذات العجلة في ذروة دورانها قد أدت إلى مشهد الثورة، أو في أفضل الأحوال لم تتمكن من تجنب حدوثه. ومن ثم فإن هذا الخطاب، وما ارتبط به من ممارسات وقرارات، لم يكن يسعى فقط إلى استعادة الهدوء واستئناف النشاط الاقتصادي، وإنما عكس عدم جدية في مراجعة النظام الاقتصادي القائم قبل يناير
، من حيث كونه غير عادل وغير مستدام. على هذه الخلفية، تشير معظم القرارت، والقوانين والسياسات الاقتصادية، تلك الذهنية التي تهدف إلى استعادة الأوضاع الاقتصادية لما قبل يناير بسياساتها الاقتصادية النيوليبرالية، مع تعثر وتذبذب للقرارات والسياسات ذات الطابع العدالى، أو التي تهدف إلى توزيع مختلف للموارد والأعباء الاقتصادية يقلل من الضغوط على الطبقات الفقيرة والمهمشة،
والتي كانت مدفوعة في الأغلب بضغط الحركة المطلبية عقب الثورة. في هذا السياق ترددت معظم السياسات الضريبية في فرض ضرائب تصاعدية، أو ضريبة على الثروة، أو ضريبة على الأرباح الرأسمالية، وفى حالة فرض هذه الضرائب، فقد جرى إما إلغاؤها أو تجميدها. في ذات الوقت فقد تم التوسع في الضرائب على الاستهلاك، مما يعنى التضحية بالعدالة الاجتماعية على هذا الصعيد أو عدم إعطائها الأولوية.
الآن وبعد سبع سنوات من الثورة، فإن حصيلة القرارات، والمشروعات، والقوانين، والسياسات التي اتبعت في إطار ما سمى بمنظومة الحماية والعدالة الاجتماعية، لا يرقى للوفاء بمطالب الثورة، بل إن صيغة الإعاشة، إنها حلت محل فكرة الحقوق، أصبحت متهددة في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتراجع مستويات الأجور الحقيقية وسياسات التقشف ورفع الدعم.
وإذا كان الدفع بأن هذه النتائج عارضة أو طارئة بفعل الأزمة الاقتصادية ممكنا، فإن عددا من الاعتبارات يشير إلى أنها نتيجة للفلسفة الاقتصادية المتبعة، ومحصلة طبيعية للسياسات المطبقة والتي لم تشهد تغييرا جذريا في اتجاه تعزيز أهداف ثورة يناير الاقتصادية والاجتماعية. أن تحرير سعر الصرف قضى على فكرة وجود أسواق موازية وجعل التعامل مع الجهاز المصرفي مباشرة وحدوث انضباط في الأسواق.
فقد تحققت هذه الانجازات ولمسها المواطن العادي وهي :-
"القضاء على طوابير العيش من خلال تطبيق منظومة الخبز، إضافة إلى تطبيق نظام الكروت الذكية في صرف السلع التموينية التي زادت من 3 إلى 20 سلعة، مع حق المواطن في اختيار السلع بنظام النقاط، والبدء في إنشاء مساكن شعبية في مدن الجمهورية، توفير علاج فيروس سي للمصريين
زيادة شبكة الكهرباء بـ3600 ميجاوات، ورفع الضريبة على السجائر إلى 200%، وفرض ضريبة إضافية بنسبة 5 %على الأغنياء، وزيادة عدد المستفيدين من معاش الضمان الاجتماعي من مليون ونصف مواطن إلى 3 ملايين، وإضافة مليون و200 ألف مواطن تحت مظلة التأمين الصحي"؛ مشيرة إلى أن الرئيس المصري "تبرع بنصف ثروته، ونصف راتبه الشهري، لصندوق "تحيا مصر"، الذي يُستخدم في عمل مشاريع للشباب".
حزمة من المشروعات القومية العملاقة، ووضع جدول زمني لإنجازها، أهمها: قناة السويس الجديدة، والتي تم إنجاز 90% منها، وإطلاق شبكة الطرق الرئيسية، ومشروع المليون فدان، إضافة إلى اتخاذ قرارات مهمة، مثل: رفع جانب كبير من دعم الطاقة ، واستخدام الكروت الذكية لضمان وصول الدعم لمستحقيه، في العيش والبنزين والسولار، فضلاً عن جهود الحد من الفساد، والمشكلة السكانية، التي تلتهم الموارد"،
شهدت القرية المصرية تغيرات اقتصادية واجتماعية كبيرة وعميقة في القرن الماضي، ولكن التحولات الثقافية التي واكبتها كانت أكثر عمقا وخطورة، فقد أدى التغير في أنماط الانتاج وأساليبه وأدواته وأشكال العلاقات بين قوى المجتمع وأطراف العملية الانتاجية إلى تغيرات في طرق كسب العيش وكيفية المعيشة وأيضا تنظيم العلاقات بين أبناء المجتمع الريفي كأفراد وفئات وشرائح اجتماعية مثلما تغيرت مواطن النفوذ والسلطة والمكانة الاجتماعية ومسبباتها والقيم المرتبطة بها. صاحب ذلك أيضا تحولات في نظرة أبناء المجتمع الريفي لأنفسهم وموقعهم ومواقع الآخرين ومكانهم في هذاه الحياة الدنيا والآخرة، والصورة التي تنظم هذه العلاقات وأساليب المعيشة والتطلعات الجديدة لطرائق الحياة داخل الريف وخارجه وداخل الوطن وخارجه بعد العودة من العراق وليبيا والسعودية والأردن وغيرها من دول الخليج العربي. وتضمنت قائمة أهم مشروعات الري في خطة 16/ 2017، مشروع ترعة الشيخ زايد جنوب الوادي، ومشروع البنية القومية لتنمية شمال سيناء، ومشروع تنمية منابع حوض النيل، ومشروع إدارة وتطوير الخطة المتكاملة للموارد المائية، ومشروع تطوير وترشيد نظم الري، ومشروع حماية وتدعيم السد العالي وخزان أسوان، ومشروعات المركز القومي لبحوث المياه.
نتوقع ان عام 2018 سيشهد تحسن اقتصادي ونقدي في مصر لان مشكلة الاحتياطي النقدي أصبحت تاريخا بلا عودة.
لقد شهدت مؤشرات الأداء الاقتصادي خلال الفترة الماضية تحسنا ملحوظا في معدلات الاقتصاد المصري منذ تحرير سعر الصرف وتمثل ذلك في زيادة موارد البنوك من العملة الأجنبية إلى نحو 7 مليارات دولار، فيما قامت البنوك المصرية بتنفيذ عمليات التجارة الخارجية بنحو 9 مليارات دولار، تتضمن السلع الغذائية والتموينية الأساسية، إضافة إلى الآلات والمعدات وقطع الغيار ومستلزمات الإنتاج والأدوية والأمصال.
فيما، ارتفعت تحويلات المصريين في الخارج خلال شهر نوفمبر من العام الماضي، لتسجل 422.8 مليون دولار، ولتصل إلى 1.7 مليار دولار، بنسبة زيادة بلغت 33.2%، بينما تراجعت الواردات السلعية غير البترولية خلال ديسمبر الماضي بمبلغ 2.5 مليار دولار، لتسجل 3.3 مليارات دولار، بمعدل تراجع بلغ 43.8%.
توقعات عام 2018 الاقتصادية وتوقعات أسعار العملات والذهب هي الشغل الشاغل للخبراء والاقتصاديين والعامة على السواء، وذلك في ظل أزمة اقتصادية والتحذيرات من اتجاه الاقتصاد العالمي نحو أزمة ليست مالية فقط بل ستكون هذه
كما أن تغيرات القيم والمثل والأعراف السائدة في المجتمع المحلي أصابها ما أصاب أشكال التعبير الفني والجمالي المعبرة عن تلك التحولات القيمية وأساليب الحياة المتغيرة، ومجموع كل تلك الصور هو ما نسميه "الثقافة" التي تميز مجتمعا بعينه، فلا يقتصر مفهومها على المنتجات الفكرية والأدبية والفنية التي يحتكر انتاجها صفوة النخب في المجتمع.
ثقافة الريف أو الثقافة الريفية ليست واحدة معممة أو موحدة بل تحمل تباينات وتمايزات بسبب اختلاف المؤثرات المختلفة: الوافدة والموروثة، الحاضرة والتاريخية، وبسبب تعرضه المواقف صراعية من عمليات إزاحة وتبديل وإحلال وتفاعل جدلي مع المركز الحضرية المحلية والاقليمية والعالمية وفروعها، وهي ليست خاملة بل تؤثر في المركز وتتسبب في ترييف المدينة
وجميع التوقعات والتقارير الاقتصادية تشير بعدم استمرار التحسن الاقتصادي الوهمي الحالي، فقد اجتمعت العديد من العوامل التي تشير لقرب حدوث هذه الأزمة، ومتوقع حدوث بوادر هذه الأزمة ما بين أواخر أكتوبر الحالي وشهر يناير 2018 القادم. وعلى الرغم من توقع صندوق النقد الدولي تسارع نمو الاقتصاد العالمي من 3.2٪ في عام 2016 إلى 3.6٪ هذا العام و 3.7٪ في عام 2018، لكنه حذر من مخاطر قد تهدد التعافي، ويجب ان نعي جيداً ونتذكر أن توقعات صندوق النقد غالباً ما تكون غير صحيحة، وقد بنى صندوق النقد الدولي توقعاته على استمرار برامج التحفيز الاقتصادي التي أقرتها واعتمدتها البنوك المركزية للاقتصاديات الكبرى، كما يجب أن ندرك أن حزم التحفيز الاقتصادي هذه شوهت الاقتصاد العالمي، بل هدمت الكثير من قواعده وأعمدته.
الدكتور عادل عامر
دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية
والاقتصادية والاجتماعية
ومستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية
والإستراتيجية بفرنسا
ومستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية
والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية
ومستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات
ونائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمجلس المصري الدولي لحقوق الانسان والتنمية |