صنعاء نيوز -
عمان – “رأي اليوم” – خالد الجيوسي
تُمارِس الجُيوش الإلكترونيّة السعوديّة، حملةً مُنظَّمةً لكل ما هو ضد التطبيع، والعداء لدولة الكيان الصهيوني، وتعتقل السُّلطات على أراضيها، كُل من هو ضِد مرحلة الصَّداقة والوِد، التي تَجمع الإسرائيليين مع العَرب، والذين أي أهل إسرائيل لم يعتدوا، أو يقصفوا، أو يُهدِّدوا بفناء بلاد الحرمين، على عكس الفِلسطينيين الذين يُوصفون هذه الأيّام، بأنّهم خانوا “عِشرة” المُساعدات السعوديّة، أمّا إيران وتركيا، فهم العدو الأوّل للمملكة، وربّما مع مرتبة الشَّرف والامتياز إقليميّاً.
الإعلام السعوديّ كما منصات تواصله الاجتماعيّة، كان صامِتاً بفِعل التَّعليمات العُليا عمّا يَجري في القُدس، ومُصادرة الحق الفلسطيني بعاصمته التاريخيّة القدس، والاعتراف البائس من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصِهره جاريد كوشنر، بالقُدس عاصِمةً لإسرائيل، وسِيادتها على كُل ما في وعلى هذه الأرض المُقدَّسة.
وبالرغم من الصَّمت السعودي الذي يصفه أهل الوطنيّة والحميّة “بالكارثي” على “نكبة” القدس الثانية، ومُشاركة البعض من باب رفع العتب بوسم عربي للقدس، كانت العُيون الإلكترونيّة تتجِّه للعاصمة التركية، وتحديداً المُظاهرة الشعبيّة الحاشِدة، والتي شارك فيها الأتراك بأعدادٍ ضَخمةٍ في مهرجان لدعم الشعب الفلسطيني في إسطنبول، وكان على رأسها الرئيس رجب طيب أردوغان، وهو المُسلم الوحيد من القادة الذي تصدّى “ولو شكليّاً” بحسب مُنتقِدين لسِياساتِه، لإعلان القُدس الباطِل، وجرائم الاحتلال بحق أهل غزّة خلال مسيرات العودة السِّلميّة.
السعوديون بالأساس غاضِبون من أردوغان، لأسباب تاريخيّة، وأُخرى إقليميّة تتعلّق بالمُنافسة على تَزعُّم العالم الإسلامي “السُّنِّي”، لكن مما زاد الطِّين السُّعودي بٍلَّة تصريحات أردوغان خلال المُظاهرة، والتي قال فيها أنّ “القُدس ليست مُجرَّد مدينة، بل رمز وامتحان وقِبلة، فإذا لم نستطع حماية قبلتنا الأولى، فلا يُمكننا النَّظر بِثقة إلى مُستقبل قِبلتنا الأخيرة مكّة”.
وعلى إثر تلك التصريحات “الأردوغانيّة”، سارع السعوديون وذُبابهم الإلكتروني كما يصفه المُعارضون، إلى تدشين وسم “هاشتاق”، “أردوغان يُسيء للسعوديّة”، على اعتبار أنّ الرئيس التركي، يُشكِّك بقُدرة قيادتهم على حِماية الحرمين، ويُشير إلى تَواطئها ضمناً في التخلِّي عن الدِّفاع عن القُدس القِبلة الأولى للمُسلمين.
وشارك العديد من البارزين في المُجتمع السُّعودي كالكاتب فهد الديباجي، والصحافي سلمان الدوسري بالحملة “الافتراضيّة” ضِد الرئيس أردوغان في المجال الصِّحافي، والإعلامي، مُهاجمين الأخير، ومُحمِّلين “دولته العُثمانيّة” وآخر سلاطينها السلطان عبدالحميد الثاني، مسؤوليّة ضياع فلسطين، ومنهم من ربطه في سِياق رفض السُّلطان عبدالحميد مطالب اليهود في إقامة دولة، تماماً كما يفعل أردوغان اليوم مع دولة إسرائيل التي قامت على أنقاض هزيمة العُثمانيين.
وطالب مُغرِّدون ضمن الحملة التي شُنّت على رئيس تركيا، بمُقاطعة السَّفر إلى بلاده، لتكبيد الاقتصاد التركي خسائر فادحة، فبحسب حساب برق فإن السِّياحة التُّركية قائمة على السعوديين، وصرفهم أموالهم في الملذّات هُناك في عاصمة أردوغان إسطنبول، أما المُغرِّد حسين اليامي فعرض لقطات لنوادي ليليّة مُنتشرة في تركيا، وهو الأمر الذي اعتبره انتقاصاً من رئيس يعتقد نفسه إسلامي، ويتبجَّح على السعوديّة، بعدم حماية قبلة المُسلمين.
الصحافة السعوديّة، وتحديداً الصحيفة الأقرب إلى لسان السُّلطات هُناك، “سبق” الإلكترونيّة أفردت تقريراً كاملاً عن العلاقات السِّياسيّة بين تركيا وإسرائيل، وكان من أهم البُنود تذكير الصحيفة بأنّ تركيا أوّل دولة إسلاميّة اعترفت بإسرائيل العام 1949، كما أشارت في تقريرها إلى أنّ حزب أردوغان العدالة والتنمية رفض إلغاء الاتفاقيّات مع إسرائيل، هذا وبيّنت تاريخ العلاقات العسكريّة بين البلدين.
وانضم إلى الحملة المُتصدِّرة إلى كذلك رجل الأعمال خالد الأشاعرة، والذي اشتهر بدعائه بأن ينصر الله إسرائيل على الفلسطينيين، وغرّد بصورة يزعم فيها أنها لحفل إفطار شواذ جنسيّاً، أُقيم تحت حماية أردوغان، ويُدلِّل على ذلك بتقرير لقناة (CNN) الأمريكيّة التي قامت بتغطيته.
وتَولَّى مُهمَّة الدِّفاع عن الرئيس أردوغان مجموعةً من النُّشطاء القطريين، الذين أكًّدوا أنّ حليفهم التُّركي لم يقم بالإساءة لأحد، بل على العكس كان في موضع الدِّفاع عن قبلة المُسلمين الأولى والأخيرة، في وجه المُحتل الإسرائيلي، وفي ظل تزايد الهجمات المُرتدَّة التي تترافق مع الحملات السعوديّة ضِد دُول بعينها، وهُنا في موضوع القدس، حاولت الصُّحف السعوديّة التأكيد على دور قِيادتها التَّاريخي في حماية فِلسطين، كما تفنيد ودحض الروايات أو الوثائق التي تتهم مُؤسسها الأوّل الملك عبدالعزيز ببيع فلسطين، والتّنازل عنها. |