صنعاء نيوز -
صدر مؤخراً عن منشورات المتوسط بإيطاليا ودار السويدي بالإمارات العربية المتحدة كتاب "اثنتا عشرة سنة من الاستعباد، رحلة أسِيرة هُولَندية في بِلاد المغرب، 1731-1743"، لـ ماريا تير ميتلن. ترجمة وتقديم بوشعيب الساوري. إذ من النادر أن نجد عنصراً نسويا بين الرحالين الغربيين إلى العالم العربي مشرقاً ومغرباً، وإذا ما استثنينا بضعة أسماء من الغربيات اللواتي توجهن إلى المشرق العربي، لاسيما البريطانيات ممن زرن الشرق في القرن التاسع عشر، فإن اللواتي ظهرن في المغرب كن غالبا من الأسيرات. ومن كتبن شهادات عن أسرهن هن ندرة نادرة. من بين هؤلاء صاحبة هذه المذكرات الهولندية ماريا تير ميتلن Maria Ter Meetelen، التي وقعت أسيرة على يد القراصنة المغاربة، وتركت لنا نصاً رحلياً هامّاً عن الحياة اليومية في مغرب أواسط القرن الثامن عشر، وما عرفته السنوات التي قضتها هناك من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية متقلبة وصادمة.
يتميز النص بلغة تمزج بين الرحلة والسيرة الذاتية، روت فيه الكاتبة قصة أسْرها، وما حفلت به من وقائع مؤلمة وأخرى طريفة. وعلى الرغم من اللغة التقريرية التي ميزت الكتابة عند ماريا تير ميتلن، فإن طريقة سردها للأحداث طبعت روايتها بطابع تشويقي مغامراتي مليء بالمفاجآت، ومنحت النص فتنة آسرة للقارئ.
جائزة ابن بطوطة
من الرحلة:
... «اجتزْنا فترة غلاء يُرثى لها، قضى خلالها 48 ألف نفر؛ بسبب اشتداد الجوع، وكان الأحياء يفترسون الأموات، بل أكلت الأمّهات أبناءهنّ. ولم يتبقّ لا كلب ولا قطّ، الكلّ تمّ أَكْلُهُ. كما كان الناس يُخرِجُون عظامَ الحيوانات من الأرض، ويسحقونها بين قطعَتَي حجر، ويبتلعون دقيقَهَا مع جُرَع من الماء، كما أكل الناس إسمنت الحيطان والتبن، كما البهائم، بسبب انعدام العشب»...
... «كُنتُ أتمتّع برخصة للذهاب إلى القصر رُفقة خادمتي، وكانت يهودية، وكلّما عبرتُ المدينة، كان المغاربة يسألونني ما إذا كان الطاعون منتشراً بيننا نحن النصارى؟ وكانوا يسألونني حينها ما العمل لتجنّبه؟» ...
ماريا تير ميتلن:
Maria Ter Meetelen، هولندية ولدت سنة 1704. تمّ تعميدُها كاثوليكيا يوم 20 حزيران/يونيو 1704 بأمستردام؛ وفي سنّ الثالثة عشرة شرعت في التجّول بأوروبا. خضعَت للتجنيد الإجباري، مُدّة من الزمن في كتيبة إسبانية، وتعرّضت للأسْر بمكناس في الفترة الممتدة من سنة 1731 إلى سنة 1743. آخر ما عرف عنها أنها كانت ما بين سنتي 1753 و1774 بميدنبليك. ولا يُعرف أي شيء آخر عنْها تقريباً بما في ذلك تاريخ وفاتها.
كتبت ميتلن يومياتها هذه، بعد خمس سنوات من عودتها إلى بلدها، وتحديداً سنة 1748. وبقي النص مخطوطاً إلى أن صدر باللغة الهولندية سنة 1933، وبعدها في الفرنسية سنة 1956، (وهي النسخة المعتمدة في هذه الترجمة) وبالإنكليزية سنة 2010. |