صنعاء نيوز - بقلم: عمر دغوغي الإدريسي

الأحد, 19-أغسطس-2018
صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -


يخلد الشعب المغربي يوم20غشت 2018 الذكرى 65 لثورة الملك والشعب التي جسدت ملحمة عظيمة في مسيرة الكفاح الوطني الذي خاض غماره الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد من أجل حرية الوطن وتحقيق الاستقلال.
لقد شكلت ثورة الملك والشعب حدثا تاريخيا حاسما, توج بالنصر مراحل الكفاح المرير الذي تلاحقت أطواره وتعددت صوره وأشكاله في مواجهة الوجود الاستعماري المفروض منذ سنة1912 , حيث خلد المغاربة أروع صور الوطنية الصادقة وبذلوا أغلى التضحيات في سبيل عزة الوطن وكرامته والدفاع عن مقدساته فمن المعارك والانتفاضات الشعبية بمختلف ربوع المملكة لمواجهة الاحتلال ومن هذه البطولات معارك الهري وأنوال وبوغافر وغيرها من المعارك التي لقن فيها المجاهدون لقوات الاحتلال دروسا في الصمود والمقاومة والتضحية.ومن أشكال الكفاح الوطني ما قامت به الحركة الوطنية مع مطلع الثلاثينيات من نضال سياسي ارتكزت فيه بالأساس على نشر الوعي الوطني في صفوف الشباب وداخل أوساط المجتمع المغربي بمختلف طبقاته, كما عملت على التعريف بالقضية المغربية في المحافل الدولية مما كان له كبير الأثر على الوجود الاستعماري الذي كان يواجه النضال السياسي الوطني بإجراءات تعسفية ومخططات مناوئة للفكر التحرري الذي تبنته الحركة الوطنية بقيادة أب الأمة المغربية جلالة المغفور له محمد الخامس.ومن أبرز هذه المخططات الاستعمارية محاولة التفريق بين أبناء الشعب المغربي وتفكيك وحدتهم وطمس هويتهم الدينية والوطنية بإصدار ما سمي بالظهير البربري يوم16 ماي1930 , لكن المخطط سرعان ما باء بالفشل حيث أظهر رجال الحركة الوطنية للكيان الاستعماري تشبث المغاربة قاطبة بهويتهم ووحدتهم وتعلقهم بالعرش العلوي المجيد.ومن تجليات وإفرازات النضال الوطني, إقدام رجال الحركة الوطنية على تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال إلى سلطات الحماية يوم11 يناير1944 بتنسيق تام مع بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس, وما أعقب ذلك من ردود فعل استعمارية عنيفة حيث تم اعتقال بعض رموز ورجال الحركة الوطنية والتنكيل بالمغاربة الذين أظهروا حماسا وطنيا منقطع النظير عبروا من خلاله عن مساندتهم لمضمون هذه الوثيقة التاريخية.

كما أن من أبرز المحطات التاريخية التي ميزت مسار الكفاح الوطني, الزيارة التاريخية التي قام بها أب الوطنية وبطل التحرير إلى مدينة طنجة يوم9 أبريل1947 تأكيدا على تشبث المغرب ملكا وشعبا بحرية الوطن ووحدته الترابية وتمسكه بمقوماته وهويته.وقد كان لهذه الزيارة الميمونة الأثر العميق على علاقة الإقامة العامة بالقصر الملكي, حيث اشتد الصراع خاصة وأن جلالة المغفور له محمد الخامس لم يخضع لضغوط سلطات الحماية المتمثلة أساسا في مناهضة الحركة الوطنية والمد التحرري للوطن, فكانت مواقفه الرافضة لكل مساومة سببا في تأزم الوضع وشروع المستعمر في تدبير مؤامرة الفصل بين الملك وشعبه.وقد تصدى المغاربة لهذه المؤامرة التي تجلت خيوطها في غشت1953 حيث وقف المغاربة بالمرصاد يومي14 و15 غشت1953 لمنع تنصيب صنيعة الاستعمار ابن عرفة كما انطلقت انتفاضة16 غشت1953 بوجدة وبعدها بتافوغالت, وعمت مواقف الاستنكار والتنديد بالفعلة الشنيعة لقوات الاحتلال كل ربوع الوطن حينما أقدمت سلطات الحماية على محاصرة القصر الملكي بواسطة القوات الاستعمارية يوم20 غشت1953 طالبة من جلالة المغفور له محمد الخامس التنازل عن العرش ففضل النفي على أن يرضخ لإرادة الاحتلال مصرحا بكل ما لديه من إيمان بالله وعدالة القضية المغربية بأنه الملك الشرعي للأمة وأنه لن يخون الأمانة التي ألقاها شعبه الوفي على عاتقه والمتمثلة في كونه سلطان الأمة الشرعي ورمز سيادتها الوطنية وأمام هذه المواقف الوطنية السامية, أقدمت سلطات الاحتلال على تنفيذ جريمتها النكراء بنفيه ورفيقه في الكفاح فقيد العروبة والإسلام جلالة المغفور له الحسن الثاني رحمة الله عليه والأسرة الملكية الشريفة يوم20 غشت1953 إلى جزيرة كورسيكا ومنها إلى مدغشقر.وما إن عم الخبر ربوع المملكة وشاع في كل أرجائها حتى انتفض الشعب المغربي انتفاضة عارمة وتفجر غضبه في وجه الاحتلال الأجنبي وبدأت بوادر الجهاد تنظم وتشكلت خلايا المقاومة الفدائية والتنظيمات السرية وانطلقت العمليات البطولية لضرب غلاة الاستعمار ومصالحه وأهدافه, وتجلى واضحا عزم المغاربة وإصرارهم على النضال المستميت من أجل عودة الشرعية وإعلان الاستقلال, فمن العمل البطولي للشهيد علال بن عبد الله يوم11 شتنبر1953 الذي استهدف صنيعة الاستعمار, إلى عمليات شهيرة للشهيد محمد الزرقطوني ورفاقه في خلايا المقاومة بالدار البيضاء وعمليات مقاومين ومجاهدين بمختلف مدن وقرى المغرب لتتصاعد وتيرة الجهاد بالمظاهرات العارمة والانتفاضات المتوالية وتتكلل بانطلاق جيش التحرير بشمال المملكة في أكتوبر1955 .
لقد شكلت ثورة الملك والشعب حدثا جيليا ومحطة تاريخية حاسمة وفاصلة بين فترة الحماية وعهد الاستقلال, استهدفت تحقيق أمل الأمة المغربية قاطبة في عودة بطل التحرير ورمز المقاومة جلالة المغفور له محمد الخامس حاملا معه لواء الحرية والاستقلال ومعلنا عن الانتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر من أجل بناء المغرب الجديد الحر المستقل.وسيرا على نهج والده المنعم خاض الملك الموحد جلالة المغفور له الحسن الثاني معركة استكمال الوحدة الترابية, فتم في عهده استرجاع مدينة سيدي أيفني سنة1969 , كما تم في عهده استرجاع أقاليم المغرب الجنوبية سنة1975 بفضل المسيرة الخضراء المظفرة التي تعتبر حدثا عظيما, وارتفع العلم الوطني في سماء العيون يوم28 فبراير 1976 , وفي14 غشت من سنة1979 تم تعزيز استكمال الوحدة الترابية باسترجاع إقليم وادي الذهب.

واليوم يعيش الشعب المغربي عهدا جديدا بقيادة الملك محمد السادس الذي يسير بشعبه نحو مدارج التقدم والحداثة مواصلا مسيرة الجهاد الأكبر وتثبيت وصيانة الوحدة الترابية وتحصين الانتقال الديمقراطي والإسراع به قدما إلى الأمام وترسيخ مبادئ المواطنة الملتزمة وتحقيق نهضة شاملة على صعيد مختلف الميادين والمجالات وبناء اقتصاد عصري منتج ومتضامن وتنافسي وتعزيز مكانة المغرب كقطب جهوي وفاعل دولي وإذكاء إشعاعه الحضاري كبلد للسلام والقيم الإنسانية المثلى.

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي صحفي وفاعل جمعوي [email protected] https://www.facebook.com/dghoughi.idrissi.officiel/
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 07:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-62460.htm