صنعاء نيوز - 
الصحافة السويدية تسعى إلى إدخال الإسلام في ذهن القارئ من خلال ما يعرف بمنهج التلقيح، حيث يحتوي التقرير الإخباري على أخبار غير متوازنة: فبينما نجدها تدافع بحرارة على من يصور الإسلام و نبيه و معتنقيه بامتهان شديد

الإثنين, 10-يناير-2011
صنعاءنيوز/م محمود الدبعي -




الصحافة السويدية تسعى إلى إدخال الإسلام في ذهن القارئ من خلال ما يعرف بمنهج التلقيح، حيث يحتوي التقرير الإخباري على أخبار غير متوازنة: فبينما نجدها تدافع بحرارة على من يصور الإسلام و نبيه و معتنقيه بامتهان شديد نراها تشير إلى جريمة ستكهولم الأخيرة التي قام بها شاب مسلم واعتقال عدد من الشباب المسلم في كوبنهاجن انها نتاج الإرهاب الإسلامي و لا تتحدث عن الأسباب التي أدت لهذه التصرفات المتشنجة من قبل افراد مسلمين. وهذا الإجراء من شأنه أن يقدم خطابًا إعلاميًّا خارج سياقه التاريخي .



و من خلال حقن الشعوب الغربية بهذا المخدر الذي يعطى على جرعات محددة . يتم الإخبار عن العنف الأسلامي وكأنه مخطط إسلامي لزعزعة امن البلاد . و يعاد تصويرالحماقات التي يخطط لها شباب متطرف في ذهن المتلقي الغربي الى افعال مثل الإسلام هو مصدر العنف ، الإرهاب والتطرف .

قد أثبتت هذه الطرق والأساليب الإعلامية بالفعل فعاليتها في التأثير على الرأي العام الغربي؛ وبالتالي منذ وقوع احداث 11 سبتمبر و تفجيرات مدريد ولندن،و جريمة ستكهولم سيلحظ قارئ الصحف السويدية أن أكثر العناصر مداومة في التغطية الإخبارية عن الإسلام والمسلمين، هو ذلك الوجود المكثف لفكرة حصر الإسلام في إطار الإرهاب و الأزمة.



هناك ثلاثة محاور رئيسية تكونت من خلالها الصورة النمطية للإسلام في الصحف السويدية:

أولاً: "العنف" الذي ارتكبه و خطط له افراد مسلمين بدون الرجوع لمؤسساتهم الإسلامية .

ثانيًا: الشبكة العالمية (القاعدة) للإرهاب الإسلامي الذي اجتاحت بعض موجاته أوروبا.

ثالثًا: أحتلال افغانستان و العراق وإسقاط نظامي طالبان و صدام حسين، وما تلاها من ممارسات داعمة "للإرهاب الطائفي والمذهبي".





الظاهره الإسلامية المتمثلة بالإرهاب، لم يتم الإخبار عنها في إطار نسق من العلاقات، ولكن على العكس من ذلك تم إخراجها على رفض الإسلام فكرة التعايش مع الغير؛ وبتالي أصبح أحد معالم هذه التغطية الإخبارية هو الجنوح لتحقيق النصر على الذين يركبون موجه الدين تحت مظلة الإرهاب، و التي لا يمكن محاربتها إلا من خلال تعاون أمني لتجفيف منابع الإرهاب قبل أن يتحول إلى نوع من الاحتجاج العنيف - أصبحت هذه الحقيقة تقابل بنوع من الدهاء و هو تجنيد المرتزقة من بني جلدتنا يرتكبون عمليات إرهابية مقابل وعود مادية او سياسية و يكون الخاسر فيها هو الإسلام.



إذن تم بناء ظاهرة الأزمة الإسلامية على أساس أنها موجة من موجات التشدد الغير قابلة للفهم في إطار النموذج الليبرالي العقلاني الغربي؛ وإحدى الخاصيات التي تستخدم في هذا الإطار لإقصاء الإسلام من التراث الإنساني الغربي هو تصويره على أنه لا يُكِّن أي احترام على الإطلاق للقيم و الحياة الإنسانية الغربية، وهو الأمر الذي يتمثل في صور العنف الدامي التي لا يتورع المسلم عن نشرها مثل القيام بمذابح للنساء والأطفال والعجائز كما هدد تيمور عبدالوهاب في رسالته للمجتمع السويدي يوم 11 ديسمبر 2010.



تصنف الصحف السويدية الخطاب الإعلامي الإسلامي وخاصة الخطاب الديني في المساجد ، من خلال عدة تصنيفات منها "الإرهاب الإسلامي"، "المتشددين الإسلاميين"، "الديكتاتورية الإسلامية"، "الهجمات الإسلامية"، و"الإرهاب الإسلامي المتشدد". وكان الخط الذي يربط بين معظم القصص الإخبارية هو اعتبار القيم الغربية على أنها النموذج الأمثل للسلام والمرجعية التي توضع في مكان نقيض من تلك الخصائص المرتبطة بالنموذج الإسلامي، وبالتالي يتم التعامل مع المسلمين من جهة كيفية اختلافهم وتعارض افكارهم مع الغرب بدلاً من اعتبار الإسلام والحكم عليه وفقًا لمعايير التلاقي الحضاري واحترام الرأي الآخر و من خلال مفهوم التعددية الثقافية و الدينية.



ويبدو التركيز على الإرهاب الإسلامي أمرا جوهريا لبناء هذه الصورة النمطية عن الإسلام؛ لأنها أدخلت في نطاق تغطية مجموعة من الموضوعات المتعددة مثل الحريات المدنية، حقوق الأقليات، التعددية الثقافية، وحقوق الإنسان. ويبرز الدين كعنصر نقيض، حيث يتم التركيز على صور من تاريخ الأديان سواء كان تاريخا إسلاميًّا أو مسيحيًّا، ويتم استدعاء تلك الصور وتوظيفها لتدعيم مقولات ووجهات نظر محددة.





الإخبار عن الإرهاب الإسلامي في اجهزة الاعلام السويدية يتمَّ من خلال خطاب الأزمة و صعوبة التعايش مع المسلمين الملتزمين بهويتهم الدينية، ويتم اختصار تلك الظاهرة في التصرفات غير المسؤلة التي يقوم بها الشباب المتطرف ، وهم بذلك الصنيع يعتبرون ، مخالفين للبناء المفاهيمي للإسلام ، وإذا توقفنا عند مفهوم الأزمة المتكررة سنجد أنه لكي تكون الأزمة واضحة للرأي العام فالأمر لا يتوقف عند حدوثها فقط؛ وإنما يجب أن يتم إخراجها بشكل مسرحي، وهذه العملية الإجرامية التي قام بها متشدد مسلم باستكهولم تصب في هذا المفهوم الذي يتطلب حدثاً يمكن سرده وفقًا لنماذج متاحة وبسيطة ومفهومة على مستوى الشارع، ونجح الرسام السويدي لارش فيلكس في إيصال رسالته السياسية من هذا الباب ، متذرعا بحقه بممارسة حريته بالتعبير والنشر، وحيث تم الحصول على المراد فيما يتعلق بمن يكون السيئ بعد عملية ستكهولم.



ويمكن الاستنتاج من ذلك أن هناك مجموعة أحداث كانت اساسية لعملية الإخراج المسرحي لظاهرة الإرهاب الإسلامي بالسويد و اسكندنافيا وتقديمها في إطار الأزمة: وهي أزمة الرسوم المشينة في السويد والدنمارك ؛ مقارونه مع محاولات بعض الشباب المتطرف للتعبير عن الاحتجاج السياسي من خلال تصرفات مرفوضه إسلاميا. وتم ربط منتقدي الرسوم من المسلمين بالتشدد والإرهاب ، خصوصا عند ربط دولة العراق الإسلامية المرتبطه بتنظيم القاعدة فرع العراق بالشاب تيمور عبدالوهاب الذي اراد تنفيذ جريمة بشعه في ستكهولم و كانت رسالته موجهه ضد الوجود السويدي في افغانستان و ضد الرسام لارش فيلكس المسيئ لشخص نبينا الكريم وقد كان لهذا الإخراج المسرحي لما يطلق علية إرهاب المسلمين دور أساسي، حيث أدى إلى تغيرات مهمة في الطرق التي يتم بها استخدام الإسلام عبر الوسائل الإعلامية.



ويمكن القول الآن إن اهتمام أجهزة الاعلام السويدية بتغطية الإرهاب الإسلامي لم يكن الهدف منه هو تقديم تأصيل وتوصيف محايد لتصرفات الشباب المتطرف أو توصيف موضوعي للأفعال السياسية التي ترتكب بإسم الإسلام ، وإنما كان الهدف أن تعمم هذه الظاهرة العنفية لرد فعل المسلمين على السياسيين الغربيين لإبراز صورة دموية للإسلام . وبالتالي تصبح ظاهرة التدين لدى الشباب ظاهرة خطرة يجب ترويضها بكل الوسائل المتاحة ومنها توجيه اصابع الإتهام للمسلمين بالتطرف و مناصرة منظمات إرهابية و بالفعل حينما يشعر المراقب المحايد في الغرب بأن هناك توجهات ظالمة ضد الأقلية المسلمة وهم في حاجة إلى التفكير مليًّا فيها ، نرى الإعلام السويدييتطاول على الدين و يدخل ضمن المعلومة الإخبارية.



لا ينظر الغرب للإسلام على أنه حضارة مكونة من نص ديني وقانون مقنن باحكام جاءت رحمة للعالمين، بل ينظر له كدين يحتضن الإرهاب واصبح موضوعًا عالميًّا يحتل مرتبة ذات أولوية في الأجندة السياسية الغربية بعداحداث 11 سبتمبر الدموية وبصريح العبارة احتل الإسلام مكان الإتحاد السوفيتي في تفكير القادة الغربيين.



تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:09 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-6253.htm