صنعاء نيوز - لعل من أهم أسباب ضعف أمتنا هو التفرق والتشرذم والنزاع والانحدار من حالة الأمة والعالمية إلى القطرية فالتجزئة ثم المذهبية فالحزبية فالجِهَوِيَّة والمناطقية الضيقة .

الثلاثاء, 25-يناير-2011
صنعاء نيوز -
لعل من أهم أسباب ضعف أمتنا هو التفرق والتشرذم والنزاع والانحدار من حالة الأمة والعالمية إلى القطرية فالتجزئة ثم المذهبية فالحزبية فالجِهَوِيَّة والمناطقية الضيقة .
ولعل الخوف مبرر عند كل أولئك المنحدرين من علياء الانتماء الأممي إلى دائرة الانتماء المذهبي أو المناطقي الضيق فالذي ينتمي إلى مليار ونصف مسلم يشعر بالمِنْعَةِ والقوة، أما من فقد شعور الانتماء إلى الأمة فيستشعر الخوف لقلة المعين والنصير ويدفعه ذلك إلى اتخاذ مواقف كارثية وخاطئة على نفسه ابتداءً وعلى من يمثل بعد ذلك .
والتشخيص الصحيح والقراءة المتأنية للآخر وفهم الذات ودراسة المحيط كل ذلك يلعب دورا أساسيا في تحديد التموضع الصحيح ، ولعل مهارة الطيبب مثلا تختصر "بالتشخيص" فإن أحسن تشخيص المرض سهل عليه وصف الدواء أما إن وصّف المرض وفق معطيات خاطئة يدفعه ذلك إلى وصف الدواء الخاطئ الذي قد يكون قاتلا للمريض والأمثلة على ذلك كثيرة .
أقدم كل ذلك لأتحدث بكل ألم عن تداعي وتهاوي وضياع مرجعيتنا الإسلامية الدينية الرسمية في لبنان .
فموقع الإفتاء في لبنان كان على الدوام موقع السلطة الأولى "يحج" إليه الساسة ويستقون من معينه ويسترشدون برأيه، ولكن مع الأيام وباختيار شخصيات ضعيفة مُسْتَتْبَعَةٍ فَقَدَ الموقعُ أَلَقَهُ ووهجه ثم مؤخرا وبعد ظهور تيار السنيون الجدد الذي استتبع كل المواقع الإسلامية ، ضاق معه تأثير المرجعية الدينية فلم يعد المفتي وهو من هو لم يعد مفتيا للجمهورية ولا حتى للمسلمين ولا حتى للطائفة السنية بل صار مفتيا لجزء من تيار سياسي ضَمِنَ له التغطية على إخفاقات مالية وأخلاقية.
ولعل من أسباب الضعف القاتلة لهذا الموقع أمور عدة أهمها :
1 - قانون الانتخاب للمفتين وللمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الذي لا يوصل مفتيا حرا ، فبدل أن ينتخب المفتي من قبل أكثر من 4000 رجل دين بات ينتخب من قبل هيئة ناخبة لا تزيد على 90 مُنتخب من بينهم وزراء ونواب ورجال دين يحتسب قسم منهم على نواب ووزراء وأصحاب النفوذ المالي... وهذا أدى ويؤدي إلى انتخاب مفت غير حر مرتهن للساسة وليس للعلماء ، تابع غير متبوع .
أما لو انْتَخَبَ المفتي آلاف رجال الدين والساسة فيفوز إذ ذاك مفتٍ حر بقاعدة قوية يُؤثر ولا يَتَأَثَّرُ ويستطيع أن يكون أبا لجميع المسلمين واللبنانيين وربما يتخطى تأثيره لبنان كما كان الحال تاريخيا مع الكثير من علمائنا " محمد رشيد رضا ".
2 – الحالة الفضائحية المالية التي تحدث عنها موظفون من داخل دار الفتوى وطفا ذلك على وسائل الإعلام فهناك وثائق وملفات وشيكات "موثقة" بمئات الآلاف من الدولارات اختلسها مقربون من سماحته ، وَضَعَتْ رُؤُوسنا في التراب ، مما دفع ضمير لبنان دولة الرئيس سليم الحص إلى مخاطبة سماحته قائلا إما أن ترفع دعوى على من عرض الوثائق وتفند مزاعمه بأنه كاذب أفاك ، وإما أن تستقيل لأننا لا نتحمل كمسلمين فضيحة مالية وفسادا بهذا المستوى ؟؟؟ ويسود صمت القبور منذ عام 2009 م. حتى هذه الساعة ويعمل الساسة على لفلفة الموضوع وإيجاد المخرج له عند أقرب الأجلين لحين بلوغ السن القانوني لسماجته بعد 3 سنوات تقريبا أو حتى يأخذ الله أمانته وذلك حفظا لموقع الفتوى ولحينه هناك لسماحته استخدامات أخرى من بينها إضفاء الهالة الدينية والمذهبية على التيار الأكثري على قاعدة :" من قال لنا اتقوا الله قطعنا عنقه " .
3 - تقع مسؤولية التعليم الديني في المدارس الرسمية والخاصة على عاتق دار الفتوى في لبنان وهذه الوظيفة من الأهمية بحيث أنها تشمل مختلف المدارس الرسمية والكثير من المدارس الخاصة على امتداد لبنان ، والمدرسون والمدرسات المنتدبون للتدريس ويعدون بالآلاف هم من حملة الإجازة " ليسانس " و"ماجستير" وحتى "دكتوراه" في الدراسات الشرعية ، وهم قوتنا التربوية والثقافية الوحيدة إلى جانب المساجد ولكن طريقة التعامل معهم بحد ذاتها طامة كبرى إذ أن دار الفتوى تدفع ما قيمته 5000 ليرة لبنانية يعني أقل من 4 $ أمريكي لساعة التعليم قي المرحلة الثانوية في حين أن ساعة التعليم الثانوي في المدارس الحكومية الرسمية 23000 ألف ليرة لبنانية أي ما يزيد على 15$ مما يجعل هذا المدرس إما كسير النفس وإما مرتهنا لمن يؤمن له لقمة العيش المكَملة .
4 - في السياسة يستقبل سماحته في دار الفتوى سمير جعجع رمز الحرب الأهلية ومن تعامل مع الكيان الغاصب لعقود وعقود وهو قاتل رئيس وزراء لبنان الأسبق رشيد كرامي ويؤدي ذلك اللقاء التاريخي إلى قطيعة بين سماحته ورئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي ومؤيدوه وهم كثر ، ولكنه في المقابل لا يساوم أبدا أبدا على المحكمة الدولية لمعرفة قتلة الرئيس لفريق الحريري فلماذا هذا الصيف والشتاء على السقف الواحد يا صاحب السماحة رشيد كرامي رئيس وزراء قتل مظلوما ورفيق الحريري رئيس وزراء وقتل مظلوما، فلماذا تطالب بمعاقبة قتلة الثاني وذلك حق نطالب به جميعا دون استثناء وتستقبل في المقابل قاتل الأول في دارنا دار الفتوى دون أدنى مراعاة لمشاعرنا كمسلمين واللبنانيين هل فقط لأنه قريب من التيار السياسي المحظي بمحبتك !؟
5 - يوجد في لبنان الكثير من التيارات الإسلامية وليس من بينهم تيار المستقبل إذ أنه كما يقول ممثلوه هم تيار وطني علماني وليس تيارا دينيا ولكن عند الاستحقاقات يُحَوَّلُ هذا التيار بقدرة قادر إلى دولة الخلافة الراشدة وينبري الكثير من أصحاب السماحة إلى إضفاء الهالة الدينية عليه ويعتبر المس به مَسّاً برسول الله "محمد صلى الله عليه وسلم وبأبي بكر وعمر وعثمان وعلي" رضي الله عنهم أجمعين .
والسؤال المحرج يا صاحب السماحة ما هو مقياس الإلتزام بالإسلام وبمدرسة أهل السنة والجماعة عندكم وهل من تروج وتدعو له ملتزم بالصلوات حتى تفضله على من سواه ؟ فعلى سبيل المثال لا الحصر الرئيسين عمر كرامي ونجيب الميقاتي ولا يصنفان إسلاميان ولكنهما ملتزمان بالصلوات ومشهود لهما بذلك اختلفت معهم أم اختلفت.
بعد كل ذلك بربكم أجيبوا من الذي أضعف أهل السنة في لبنان ، وما الذي يدفع صاحب السماحة ودون أن يكون له حق دستوري وحتى دون أن يسأله أحد إلى تسمية سعد الحريري وحده لا شريك له لرئاسة الوزراء في لبنان بعيدا عن الاستشارات النيابية الملزمة !!
وعلى الجميع أن يلتزم بذلك ... وإلا فإن الطائفة السنية في خطر !! ؟؟ ومن أين يأتي الخطر عليها ؟؟!! من الداخل أم من الخارج يا صاحب السماحة.!؟
سأل الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا :" ...وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ " ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم " أو كما ورد .
الشيخ محمد الزعبي
عضو مجلس الأمناء في حركة التوحيد الإسلامي في لبنان
إمام وخطيب مسجد الخلفاء - طرابلس
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-6587.htm