الخميس, 27-يناير-2011
صنعاء نيوز/ وليد ظاهر-الدنمارك* -
ان منطقة الشرق الاوسط هذه الايام تمر باحداث جسام، من تونس مرورا بلبنان ووصولا الى مصر، والقضية الفلسطينية تمر في اعقد واصعب اللحظات التاريخية، حيث ان عام 2011 هو عام الحسم واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

ولكن ما يستوقفني بحكم المتابعة للاحداث الحملة الظالمة التي تشن ضد القيادة الفلسطينية وم.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والغريب ان هذه الحملة تأتي في ظروف توقفت فيها المفاوضات بسبب التعنت الاسرائيلي، وان الطرف الفلسطيني يتحرك لعرض قضية الاستيطان في الامم المتحدة، وكذلك في ظل النجاحات التي تحققها الدبلوماسية الفلسطينية على الصعيد الدولي، وليس مستغرب ان تتحامل اسرائيل على القيادة الفلسطينية، لكن ان تأتي الحملة من حماس وقناة الجزيرة القطرية، وان هذا الثالوث اسرائيل وحماس والجزيرة، يفتح الابواب للتساؤل ووضع علامات استفهام لهذا التساوق لاغتيال القيادة الفلسطينية سياسيا، بدل من المساندة للموقف الفلسطيني الصلب في مواجهة التعنت الاسرائيلي.

ولكي نفهم خفايا الامور نحاول ان نذكر الاحداث والادوار لكل طرف، والمغزى من هذا التوقيت:

1- الدور الاسرائيلي:

بعد ان انكشفت اسرائيل امام العالم بانها هي الطرف المعطل لمحادثات السلام، وعدم وجود شريك اسرائيلي، بدءت اسرائيل في تحريك آلتها الاعلامية ضد القيادة الفلسطينية لتشويهها والنيل منها، وما كشفت عنه وثائق ويكليكس السرية حول تصريح نتياهو بان الزعيم الفلسطيني هو اخطر رئيس تواجهه اسرائيل ويجب التخلص منه وكان نتياهو قد ذكر مسبقا نفس الكلام في كتاب اصدره، فاسرائيل الآن تواجهه ازمة وعزلة دولية، وتحاول بكل قوة منع الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، ولكن محاولاتها باءت بالفشل لأن القناعة الدولية اصبحت بان اسرائيل هي وحدها من يتحمل توقف العملية السلمية بسبب تعنتها واستمرارها في السياسة العدوانية ضد الشعب الفلسطيني من استيطان الى هدم منازل الى قتل وحصار غزة والقصف الجوي والمدفعي من قبل اسرائيل.

حاول ليبرمان الترويج لدولة فلسطينية في حدود مؤقتة، معتقدا بان خطته سيتم التهليل والترحيب بها، ولكن كان الاصرار والتمسك الفلسطيني بالثوابت الفلسطينية ورفض هذه المبادرة.

وعقدت عدة لقاءات في اسرائيل بدءت من العام الماضي من اجل وضع خطط لتحسين صورة اسرائيل على الصعيد الدولي، وكذلك تشويه صورة القيادة الفلسطينية في المحافل الدولية.

2- الدور الحمساوي:

بعد فشل اسرائيل في اضعاف وحمل القيادة الفلسطينية على العودة للمفاوضات بالشروط الاسرائيلية، جاء دور حماس فبدء اطلاق الصواريخ من غزة، واطلقت حماس يد اجهزتها الامنية في غزة لاعتقال ابناء حركة فتح وكذلك ابناء التنظيمات الاخرى، وحتى مؤسسات المجتمع المدني لم تسلم هي الاخرى من اعتداءات واعتقالات حماس.

ما زلت حتى وقتنا الحالي ترفض حماس التوقيع على وثيقة المصالحة المصرية، وبالرغم من الحوارات العديدة التي تمت بينها وبين حركة فتح من اجل تذليل العقبات، ما تزال حماس تصر على عدم التوقيع وتعمل على التصعيد ضد القيادة الفلسطينية للهروب للامام من استحقاق المصالحة، وجاءت الدعوة من حماس الى عناصرها وخلاياها في الضفة الى استباحة الدم الفلسطيني لزعزعة الامن ونشر الفوضى، وفي المقابل تجرم حماس في غزة كل من يطلق صاروخ ضد اسرائيل بذريعة المصلحة الفلسطينية، وتطالب ان تكون المقاومة مقتصرة على الضفة، لان حماس تدعي بان غزة محررة وليست محاصرة لا جوا ولا بحرا ولا حدودا، وكذلك حماس بقولها هذا تعفي الاحتلال من مسئوليته، وحماس توافق على دولة في حدود مؤقتة، وكذلك لديها الاستعداد ان تحكم الشعب بالحديد والنار في سبيل المحافظة على امارتها الظلامية في غزة.

3- الدور القطري:

قطر وبشهادة وزير خارجيتها تتمتع بعلاقات ممتازة مع اسرائيل، وهي الدولة الوحيدة التي ظلت تحافظ على علاقتها وتعمل على تنميتها مع اسرائيل حتى في ظل الحرب الاسرائيلية على لبنان والضفة وغزة، كذلك تتمتع بعلاقات ممتازة مع ايران وحركة الاخوان المسلمين، ناهيك عن ان اكبر قاعدة امريكية خارج الولايات المتحدة موجودة في قطر، والطائرات التي كانت تقصف العراق الشقيق كانت تنطلق من اراضيها.

فما هو حقيقة الموقف القطري يا ترى، وما هو السر في جمع التناقضات الدولية لقطر وما هو الدور المنوط لها.

كشفت مذكّرات دبلوماسيّة أميركيّة سرّبها موقع ويكيليكس ونشرتها صحيفة ذي غارديان

البريطانية أن قطر تستخدم قناة الجزيرة الفضائية كأداة مساومة في مفاوضاتها مع بعض الدول.

ورأى دبلوماسي أميركي في إحدى المذكرات السرية المسربة انه على الرغم من تشديد القناة على استقلاليتها إلا أنها "من أهم الأدوات السياسيّة والدبلوماسيّة التي تملكها قطر".
وجاء في الوثائق أن قطر تتدخل لتعديل تغطية الجزيرة لإرضاء بعض القادة الأجانب. كما قالت المذكرة بان قطر عرضت إلغاء بعض التقارير والبرامج التي تتضمن انتقادات لقاء تنازلات معينة.

ونورد الخبر التالي لتنشيط الذاكرة:

صرح مسؤول في المؤتمر العام للمعارضة القطرية لمراسل قطر برس في باريس في نوفمبر 2008 ' إنه لا يمر يوم من دون أن تتكشف حقائق ومعلومات جديدة عن العلاقات القطرية الصهيونية وأضاف قائلا : أن مراكز الصحافة الصهيونية كشفت مؤخراً عن وجود عناصر أمن صهاينة في قطر تتولى حماية عدد من المسؤولين القطريين وخاصة وزير الخارجية حمد بن جاسم الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية, فضلاً عن صلاته بضباط صهاينة متقاعدين يعملون في الميادين التجارية الاستثمارية في قطر..
وهذه التصريحات تذكرنا بقضية السفينة 'كاترين' والتي كانت تحمل أسلحة إيرانية للفلسطينيين – قبل ثلاثة أشهر – حيث تناقلت وسائل الإعلام وقتها تورط المخابرات القطرية التي رصدت السفينة عندما كانت بالقرب من جزيرة كيش وسارعت بابلاغ دولة الاحتلال عنها، وسهلت اعتراضها وحجزها، وذلك في نطاق التنسيق بين الحكومتين القطرية والصهاينة .
وكانت مصادر دبلوماسية عربية في العاصمة البريطانية لندن كانت قد كشفت النقاب عن دور قطري في عملية رصد السفينة كارين التي كانت تحمل أسلحة ايرانية للفلسطينيين، وحجزها من قبل قوات السواحل الصهيونية .
وأفادت تلك المصادر أنها ليست الحادثة الأولى في سجل التعاون بين مخابرات قطر ودولة الاحتلال، فقد شهدت الشهور الأخيرة من العام الماضي سلسلة من المحاولات القطرية لاختراق الساحة الفلسطينية وتقديم خدمات 'جمع معلومات' للعدو الصهيوني.
والدور الذي قامت به الجزيرة من التحامل على الرمز الخالد ياسر عرفات، وكذلك المقابلة التي اجرتها الجزيرة مع الامين االعام للجبهة الديمقراطية نايف حواتمة اثنا مشاركته في جنازة الملك حسين في الاردن، بعد حصوله على الموافقة على دخول الاراضي الفلسطينية، واصرار المذيع في المقابلة وتكراره للسؤال لتوريطه بقول الكفاح المسلح، وعلى اثر هذا التصريح في لقاء الجزيرة تم الغاء التصريح الاسرائيلي بدخول الاخ نايف حواتمة الى الارض المحتلة.

والتشجيع والتمويل لحماس لكي تقوم بانقلابها على الشرعية في غزة، والجزيرة ليل نهار تدافع وتفتح ابوابها لقيادة حماس للتصريح كما يشائون.

والحملة التي قادتها الجزيرة اثناء حرب غزة في 2009 ، وتشويه صورة القيادة الفلسطينية، ودعوة قطر لعقد لقاء للجامعة العربية على اراضيها بعد حرب غزة للانقلاب على قيادة الشعب الفلسطيني و م.ت.ف، فلقد صدرت مطالبة خالد مشعل بمرجعية فلسطينية بديلة لـ م.ت.ف من الاراضي القطرية وبموافقة حكامها، وكذلك حملة تقرير جولدستون ومحاولة النيل من القيادة الفلسطينية.

والآن في ظل تمسك القيادة الفلسطينية بالثوابت وعرضها قضية الاستيطان على الامم المتحدة، وتوقف الاستيطان، تأتي الجزيرة من جديد لتتناغم مع الموقف الاسرائيلي، وتقوم بتحريف وتزييف الحقائق، من اجل اثارة الفتن واغتيال القيادة الفلسطينية سياسيا، الموقف الذي لا يخدم بالمحصلة الا العدو الاسرائيلي.

كل ما سبق يدفعني جازما للقول بان خيوط المؤامرة مكشوفة ولن تنطوي على شعبنا، لأن الهدف من وراء ذلك كله وأد المشروع الوطني الفلسطيني، ومحاولة قطرية فاشلة للحيلولة دون اقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

ولكن هذه الحملات المشبوهة لن تزحزح قيادتنا قيد انملة عن تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني.

ولقد جاء رد الشعب الفلسطيني مسرعا على مؤامرة الجزيرة ومن يقف خلفها، فكان تجديد العهد والمبايعة للرئيس الفلسطيني ابو مازن من شعبه، واستقبل استقبال الابطال عند عودته الى ارض الوطن، واخيرا صوتي للرئيس ابو مازن وبدون انتخابات.



*المدير والمشرف على المكتب الصحفي الفلسطيني – الدنمارك (فلسطيننا)
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:14 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-6622.htm