صنعاء نيوز/الدكتور عادل عامر -
العلاقات العربية الإفريقية علاقات ذات امتدادات تاريخية عميقة، منذ فجر التاريخ وما قبل ظهور الإسلام، وبعد ظهوره حتى العصر الحديث، على المستوى البشري والثقافي والتجاري، وقد أقام الإسلام روابط دينية وثقافية بين العرب ومعظم دول الجوار الإفريقي.
وقد دعم هذه العلاقات في العصر الحديث القتال المشترك ضد الاستعمار، ومحاولات قيام الدول المستقلة، والانضمام إلى دول عدم الانحياز، بالإضافة إلى الاهتمام بقضايا التنمية الاقتصادية– الاجتماعية.
وعلى الرغم من أن علاقات الاعتماد المتبادل بين الدول الإفريقية والوطن العربي ما تزال محدودة؛ فهناك إمكانية لتفعيل حجم العلاقات والتفاعلات، خصوصاً في ظل وجود مؤسسات التعاون المشترك التي تضم دولاً من المجموعتين العربية والإفريقية.
ومن ثم يجب، عند دراسة مستقبل العلاقات العربية -الإفريقية وتحليله، إلقاء الضوء على الجوانب الصراعية والجوانب التعاونية في مستقبل هذه العلاقات ونحن على مشارف القرن الحادي والعشرين، وعليه تسعى هذه الدراسة إلى مناقشة أهم العوامل التي قد تؤثر في تطور العلاقات العربية – الإفريقية وتدعيمها في المستقبل، كما تسعى إلى تقديم رؤية استشرافية لمستقبل العلاقات بين العرب والأفارقة، وبحث إمكانات تطويرها.
القضايا التي يمكن أن تثير توتراً أو صراعاً بين العرب ونظرائهم الأفارقة في المستقبل في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية الجارية كثيرة ومتنوعة، وهي تحديات تواجه مسيرة العلاقات العربية – الإفريقية.
تشترك بعض الدول العربية والإفريقية في العديد من الموارد الحيوية، منها على سبيل المثال الأنهار، فهناك العديد من الأنهار التي تجري وتصب داخل أقاليم الوطن العربي، (مثل: مصر والسودان والصومال وموريتانيا)
تنبع أساساً من دول إفريقية، فقضية المياه من القضايا الشائكة والمعقدة، وهي مرشحة لأن تكون من القضايا الصعبة في المستقبل بين كل من العرب والأفارقة، وذلك بسبب حاجة الطرفين العربي والإفريقي الملحّة إلى المياه، خصوصاً مع التوسع في استخدامات المياه لأغراض الشرب والري، والتوسع في البرامج التنموية
فالأنهار التي تجري في مصر والسودان وموريتانيا تنبع جميعها من دول الجوار الإفريقي، فنهر النيل -على سبيل المثال -مورد حيوي ذو أهمية بارزة لكل من مصر والسودان على وجه الخصوص
حيث يعد شريان الحياة الوحيد لهما، فهو مصدر المياه الأوحد بالنسبة لمصر؛ حيث إن نهر النيل يوفر لمصر 95 % من المياه الصالحة للشرب والري والطاقة، كما يعد نهر النيل مصدر المياه شبه الوحيد بالنسبة للسودان (حيث إنه يمد السودان بـ 80% من احتياجاته السنوية للمياه). وفي الوقت نفسه تشكّل إثيوبيا المنبع الأهم لنهر النيل؛ حيث تسيطر بمفردها على 75% من مصادر مياه النيل، وهو ما قد يكون مصدراً للعديد من التوترات نتيجة للارتباط الوثيق بين إثيوبيا والكيان الصهيوني والولايات المتحدة، خصوصاً مع محاولات استخدام نهر النيل ورقة للضغط على صانع القرار المصري نظراً لحساسية المياه في الاستراتيجية المصرية وخطورتها، ومحاولة التأثير في مصر تجاه بعض القضايا مثل قضايا الصراع العربي الإسرائيلي، وكذلك بعض المشروعات الإقليمية المطروحة مثل الشرق أوسطية
ومن المعروف أن إسرائيل كانت وما زالت تمارس دوراً -ولو بشكل غير مباشر في صراع المياه بين دول حوض نهر النيل مستغلة نفوذها الكبير في بعض الدول الإفريقية، مثل إثيوبيا وكينيا وأوغندا ورواندا.
ومن ناحية أخرى؛ يعتمد الصومال في جزئه الجنوبي بشكل كبير على نهري إشبيلي وجوبا اللذين ينبعان من هضبة أوغادين التي تحتلها إثيوبيا، وخصوصاً أن هذين البلدين يعانيان الجفاف والتصحّر في كثير من مناطقهما الجغرافية.
وفي أقصى الجناح الغربي للوطن العربي، يتغذى الجزء الجنوبي من موريتانيا على نهر السنغال الذي تقع منابعه في مالي وغينيا، وطالما أثارت السنغال مشكلة النهر الذي تعدّه ملكاً خاصاً لها، في حين ترى موريتانيا أن النهر ملكاً ثنائياً بين الطرفين، وقد أثر ذلك في علاقاتهما؛
(فقد شهدت هذه العلاقات توتّراً حاداً بينهما خلال العامين 1973م و1989م، وهو التوتر الذي عرقل تطوير «مشروع حوض السنغال» الذي كان من المؤمّل عند استكماله أن تستفيد منه برامج التنمية الزراعية في كل من مالي وموريتانيا والسنغال.
ويكون ذلك بالتركيز على المنافع المشتركة في سبيل قيام شراكة اقتصادية حقيقية بين العرب والأفارقة؛ لأنّ ميزة التفاضل النسبي موجودة، فضلاً عن القرب الجغرافي، وتوفر الإمكانات مداخل مهمة في تفعيل العلاقات الاقتصادية والتجارية.
ولعلّ مشروع ربط اليمن بجيبوتي عن طريق إقامة جسر يربط بين جانبي مضيق باب المندب يُمَثِّل خطوة مهمة في إعادة اللُّحْمَة العضوية بين شبه الجزيرة العربية والساحل الشرقي لإفريقيا، فضلاً عن أنّ تفعيل هذا المنظور التنموي من شأنه أن يسهم في تجاوز كثير من الأزمات التي تعترض العلاقات العربية-الإفريقية مثل الصومال والسودان، ومسألة مياه النيل.
إنّ إفريقيا مهمة للعرب، ولا بدَّ أن تخرج هذه العلاقة من حيِّزها الصراعي إلى بُعدها الحضاري الضارب في التاريخ واستغلاله عامل توحيد بين الطرفين، ومن ذلك فإنَّ إفريقيا فرصة استثمارية للعرب وسوق واعدة بامتياز حيث تُعَدُّ القارة الإفريقية ثاني قارات العالم بعد آسيا من حيث المساحة والسكان؛ إذ تبلغ مساحتها 40،3 مليون كيلو متراً مربعاً، وتعدادها قُدِّر بأكثر من 1،04 مليار نسمة، حسب إحصاءات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا، ممثِّلَة بذلك خُمس مساحة العالم، محتلة بذلك موقعاً استراتيجياً على طرق التجارة الدولية البحرية والجوية، وخطوط نقل النفط، وكذا بها موانئ بحرية مهمة.
وكذلك تطلّ القارة الإفريقية على كل ركن من أركان العالم الأربعة بنافدة، فهي تُطِلّ على أوروبا عبر نافدة البحر المتوسط شمالاً، وتطلّ على العالم الجديد
(أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية) عبر نافدة المحيط الأطلسي، ومن خلال نافدة المحيط الهادئ تطلّ على قارة آسيا، فيما تطل جنوباً على القارة القطبية الجنوبية عبر المحيط الجنوبي، كما تزخر القارة الإفريقية بموارد طبيعية عظيمة
إن الحقيقة القائلة بأن ثمانين بالمئة من العرب هم أفارقة (200 مليون)، هي ركنٌ أساسي في ترسيخ حتمية التواصل العربي مع أفريقيا، وهي حقيقة استوعبها بمسئوليةٍ وذكاء آباء الاستقلال في البلاد العربية، وبخاصةٍ في مصر والسودان، لذلك وجدت حركات التحرر الأفريقي – كما هو معلوم – دعماً ومساندةً كبيرين منهما لذلك أيضاً لم يكن مستغرباً أن تكون الخرطوم والقاهرة مقراً دائماً ومحجاً لتلك الأسماء الباهرة في عهد التحرر مثل كوامي نكروما ونلسون مانديلا، ولوممبا، وسواهم.
ولقد أتيحت لي فرصة المشاركة في الذكرى المئوية لتأسيس حزب المؤتمر الوطني بجنوب أفريقيا في الثامن من يناير 2012 ولقد أحزنني أن خطاب الرئيس جيكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا الذي أستمر لأكثر من ساعة، حكى فيه تاريخ النضال في جنوب أفريقيا،
وأشاد بالدول التي ساندت هذا النضال على مر التاريخ، ذاكراً هذه الدول بالاسم، إلا أنه لم يأت على ذكر أي من مصر أو السودان أو ليبيا ودول عربية أخرى قدمت الكثير دون من أو أذىً.
إن الدواعي المتعددة المذكورة آنفاً قادت إلى تراجع العلاقات بين العرب والأفارقة، رغم مفارقات عديدة، منها اختيار ليبيا – في عهد القذافي بالطبع-الركون إلى الأفارقة انتماءً ونشاطاً، في إشارةٍ إلى اليأس من مقولات الوحدة العربية والتعاون العربي العربي، بل التعاون العربي الأفريقي، وسعت القيادة الليبية يومذاك إلى تحقيق فكرة الولايات الإفريقية المتحدة، بعد نجاح فكرة (الاتحاد الأفريقي)،
غير أن الجميع، بما فيهم الأفارقة، كان يعلم أن ذلك الحماس-الذي أملاه وقوف الدول الأفريقية إلى جنب طرابلس إبان أزمة لوكربي-
أقول، كانوا يعلمون أنه حماسٌ غير متجذر في الذات العربية، بقدر ما هو شأنٌ نخبوي، ولقد كان أقصى ما يمكن أن ترد القارة به – كجميل – على ذلك الحماس الليبي، أن تأخرت مساندة الاتحاد الأفريقي للمجلس الوطني الليبي الثائر. ثم لم يلبث القادة الأفارقة أن مضوا على درب من سبقوهم بالتأييد حين بدا المسرح يخلو من وجود حقيقي للقيادة السابقة: (ملك ملوك أفريقيا).
ورثت الدول الإفريقية منذ حصولها على الاستقلال السياسي مجتمعاً مجزّءاً وممزقاً بصورة واضحة، حتى أصبحت فور حصولها على الاعتراف الدولي مجرد إطار قانوني وسياسي، بعيداً عن أن تكون حقيقة اجتماعية وثقافية كما هو متعارف عليه في تقاليد الدولة القومية، فالمجتمعات الإفريقية متداخلة، وتعاني التعددية الاجتماعية والثقافية، وتموج بأجناس وأعراق مختلفة.
ولذا فإن الامتداد الإقليمي لبعض الجماعات العرقية والإثنية عبر الحدود المشتركة قد أدى إلى حدوث توترات حقيقية بين العرب والأفارقة, وهو ما تسبب في حدوث العديد من المواجهات الدامية، كما حدث بين موريتانيا والسنغال في خلال عامي 1973م و 1989م, وما كاد أن يتكرر في عام 1999م, وذلك بسبب انتشار القبائل الزنجية ذات التداخل العرقي مع السنغال داخل الأرض الموريتانية؛ حيث تقطن أقليات زنجية موريتانية موزّعة على جماعات التكارير 9%، والولاتي 5%، والسراكول 4%، والولوف 0,5%، البمبارا 0,5%، وتصل نسبتها مجتمعة إلى 20% تقريباً من إجمالي عدد سكان موريتانيا، وتتركز هذه الأقليات في أقصي جنوبي موريتانيا على الضفة الشمالية من نهر السنغال، وجميع هذه الأقليات لها امتدادات عرقية مع نظيراتها داخل السنغال, وإلى حدٍّ ما داخل جمهورية مالي. وهناك أمثله أخرى للتداخل العرقي، منها على سبيل المثال انتشار قبائل «الطوارق» على طول الحدود الجزائرية – الليبية مع مالي والنيجر, وقبائل «الزغاوة» بين تشاد والسودان، والقبائل «النيلية» بين السودان وكلٍّ من إثيوبيا وأوغندا على جانبي الحدود, وعدم التمكن من ضبط حركة هذه القبائل بما يحقق الأمن والاستقرار للطرفين
ويشتد أثر التداخل القبلي والإثني في مسيرة العلاقات العربية – الإفريقية بفعل التدخّل الدولي، فالأصابع الصهيونية والفرنسية طالما تحركت باتجاه اللعب على هذا الوتر الحساس. ورثت الدول الإفريقية عن العهد الاستعماري حدوداً مصطنعة لا تتفق مع الأوضاع الاقتصادية والديموغرافية والطبيعية السائدة فيها, فقد كان الدافع الأساسي وراء رسم هذه الحدود هو المصلحة الاستعمارية, وعليه فقد أضحت الدول الإفريقية المستقلة دولاً مصطنعة بحدود مصطنعة.
وتمثّل مشكلة الحدود أحد القيود الأساسية لمسيرة التفاعلات العربية – الإفريقية في المستقبل؛ حيث إن منازعات الحدود أحد مصادر التوتّر الرئيسة على العلاقات العربية الإفريقية
فهناك العديد من المشكلات الحدودية التي واجهت الدول العربية والإفريقية عقب الاستقلال, مثل مشكلة الحدود السنغالية – الموريتانية بشأن الحدود المشتركة بين البلدين في منطقة نهر السنغال.
وقد اتخذت منازعات الحدود شكل الصدام العسكري المباشر في بعض المواقف, مثل النزاع الليبي – التشادي حول قطاع «أوزو» الذي وجد حلاً بعد تنازل ليبيا عن الشريط لتشاد عقب قرار محكمة العدل الدولية.
وتجدر الإشارة إلى أن انسحاب ليبيا وموافقتها على قرار محكمة العدل الدولية بتاريخ 30/5/1994م يرجع إلى العديد من الأسباب؛ منها العزلة التي كانت تعانيها, ولرفع العقوبات الاقتصادية عنها، ولا سيما العقوبة المتعلقة بالحظر الجوي، وهذا ما تحقق لها خلال عام 1999م بفعل الدعم الإفريقي للموقف الليبي, وهذا يعني أن ليبيا خرجت من «أوزو» مضطرة وليس بناءً على اقتناع بشرعية سيادة تشاد على الإقليم.
ولعل منطقة شرق إفريقيا عموماً, والقرن الإفريقي خصوصاً, تعكس بجلاء أهمية القيد الحدودي على مسيرة العلاقات العربية الإفريقية، وفي هذا الشأن يمكن الإشارة إلى النزاعات الآتية: مشكلة إقليم «إيلمي» بين كينيا والسودان, وإقليم «إنفدي» بين كينيا والصومال، وإقليم «أوغادين» بين إثيوبيا والصومال, والنزاع السوداني - الإثيوبي – الإريتري, والنزاع الإريتري - اليمني حول الجزر الثلاث في البحر الأحمر، وغير ذلك من المناطق الحدودية المتنازع عليها
ومن الجدير بالذكر أن العامل الخارجي يؤدي دوراً كبيراً في إشعال هذه الخلافات, ودائماً ما يقف الكيان الصهيوني خلف الطرف الإفريقي ويدّعي حمايته من الطرف العربي.
من المعروف على مستوى العلاقات الدولية العربية والإقليمية أن أحد المبادئ التي اتبعتها وتتبعها القوى المعادية للوطن العربي هو «مبدأ شدّ الأطراف», ويعني أن محاولة إضعاف الجسد العربي يجب أن تأخذ طريقين مختلفين في آن واحد؛ أحدهما يتجه إلى القلب والثاني إلى الأطراف, ويتم إضعاف الأطراف من خلال عملية جذب سياسية محورها إبعاد الأطراف عن مساندة منطقة القلب, ولا بد أن تؤدي هذه العملية في النهاية إلى إضعاف القلب واختلال توازن الجسد السياسي، ومن ثم تسهيل عملية الانهيار ولا شك يمثّل هذا المبدأ خطورة حقيقية ليس فقط على مسيرة العلاقات العربية الإفريقية, ولكن على الكيان العربي برمته، وذلك للأسباب الآتية:
-أن تلك القوى الأجنبية قادرة على أن تخترق معظم دول الجوار العربية، مثل: المغرب العربي, والقرن الإفريقي, وجنوب شبه الجزيرة العربية.
- كما أن تلك القوى قد أسهمت بشكل بارز في افتعال مشكلة الصحراء الغربية وتصعيدها، والصراع في جنوب السودان، والنزاع اليمني – الإريتري.
- أن الوجود الأجنبي في القارة, متمثلاً في فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل, يسبّب مخاطر عدة على الأمن القومي العربي، وهو ما يثير الحساسية والريبة لدى الطرف العربي من نيات بعض الدول الإفريقية
وهذا الوجود يتمثل في كثرة القواعد العسكرية، ومنها القواعد الفرنسية في تشاد؛ حيث إن تشاد ترتبط بفرنسا بعلاقات خاصة بحكم كونها إحدى المستعمرات الفرنسية السابقة في القارة، ففرنسا لها وجود عسكري في العاصمة «نجامينا» في صورة قواعد عسكرية, فضلاً عن توقيع البلدين اتفاقية للتعاون العسكري عام 1963م, وكثيراً ما لجأت فرنسا إلى استخدام القواعد العسكرية المرابطة في «نجامينا» عندما تعرضت مصالحها للخطر، سواء في تشاد أو في البلدان المجاورة، الأمر الذي يجعل من هذا الوجود عنصراً خطراً على الأمن القومي العربي والمصالح العربية في المستقبل، خصوصاً إذا توترت العلاقات التشادية مع دول الجوار العربي، وبخاصة ليبيا أو السودان، وهذا غير مستبعد ما دامت المنطقة تعاني العديد من المشكلات الكامنة، مثل: التداخل العرقي والإثني, أو الاختلاف في طبيعة النظم السياسية، فضلاً عن الموروث الاستعماري المتمثل في الحدود المصطنعة، إلى غير ذلك من القضايا الخلافية التي تزخر بها المنطقة.
وينطبق الأمر نفسه على دول أخرى مثل جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي والنيجر، فضلاً عن السنغال التي تحفل بوجود عسكري فرنسي واضح على أرضها؛ حيث تحتفظ فرنسا بقوة للتدخل السريع قوامها (6000) جندي فرنسي، يتمركزون في السنغال والجابون وتشاد وكوت ديفوار.
كما يتجسد الوجود العسكري الأجنبي بوجود أعداد من جنود البحرية الأمريكية (المارينز) في كل من السنغال وأوغندا وإفريقيا الوسطى, كما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية، وخصوصاً منذ بداية عام 1998م, التركيز على دبلوماسية التجارة بصفتها أداة لاختراق القارة الإفريقية, بالإضافة إلى دعم قادة أفارقة جدد, ورفع شعار إدماج إفريقيا في الاقتصاد العالمي, وقد تم إنشاء القيادة الأمريكية لقارة إفريقيا «أفريكوم» في سنة 2007م في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش. وأيّاً كانت الأهداف والمصالح وراء التنافس الأوروبي- الأمريكي في القارة الإفريقية؛ فإنه يقف حجر عثرة أمام تطوير العلاقات العربية - الإفريقية.
أ - تركّز هذه الدول في مناطق إقليمية معينة, وتدعم قادة موالين لها, فالسلوك الأنجلو أمريكي يدعم الأقليات الحاكمة في كل من رواندا وبوروندي وأوغندا, والحرص على إيجاد مناطق نفوذ في منطقة القرن الإفريقي يعرض المصالح العربية للخطر، خصوصاً فيما يتعلق بقضية المياه واستخدامها ورقة ضغط في مواجهة كل من مصر والسودان.
ب - أن الوجود الأمريكي يرتبط دائماً بالوجود الإسرائيلي، ويوجد الآن تمثيل دبلوماسي رفيع المستوى لإسرائيل في نحو 48 دولة إفريقية, كما تسعى إسرائيل لبناء شبكة من العلاقات في إفريقيا لتحقيق النفوذ والهيمنة في القارة, وذلك عن طريق العديد من الأدوات؛ منها على سبيل المثال:
- تشجيع جيل من القادة الجدد الذين ينتمون إلى الأقليات في بلدانهم ويرتبطون بالولايات المتحدة وإسرائيل بعلاقات وثيقة؛ مثل مليس زيناوي في إثيوبيا, وأسياس أفورقي في إريتريا؛ وجون جارنج وخلفه سيلفاكير حالياً في دولة جنوب السودان؛ ويوري موسيفني في أوغندا؛ وبول كاجامي في رواندا.
- إقامة تحالفات مع الدول والجماعات الإثنية والدينية المعادية للعرب, خصوصاً في منطقة حوض نهر النيل, لفتح ثغرة في خطوط الأمن القومي والمائي العربيين.
- تحاول إسرائيل مساعدة الدول الإفريقية في ميادين الاستخبارات والتدريبات العسكرية
- استخدام سلاح المساعدات الفنية والتقنية للدول الإفريقية.
ج - أن هذه القوى الأجنبية تثير قضايا الفرقة والنزاع بين العرب والأفارقة, ويتضح ذلك جلياً من الموقف الأمريكي والأوروبي من قضية الإسلام السياسي التي يتم وصفها بالإرهاب, ونظراً لأن هذه الحركات الإسلامية تنتشر في العديد من الدول الإفريقية غير العربية، مثل: كينيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا, فإن ثمة محاولات دؤوبة لترويع هذه الدول من محاولات بعض الحكومات والجماعات الإسلامية الموجودة في الدول العربية لاختراقها وزعزعة أمنها. ويمكن القول بأن ذلك الاختراق الأجنبي للقارة الإفريقية قد أثر في قضايا العلاقات العربية الإفريقية,
ومن المتوقع أن يستمر في التأثير إذا لم يُتخذ موقف عربي مضاد؛ حيث أضحى التنافس الأمريكي الأوروبي يتداخل ويتعارض مع المصالح العربية في إفريقيا، كما أن الوجود الأمريكي المرتبط دائماً بالوجود الإسرائيلي، وهو ما ظهر جلياً في منطقتي القرن الإفريقي والبحيرات العظمى، يشكّل تحديات لمنظومة الأمن القومي العربي في تطبيقاته الإفريقية
وهي من المشكلات المعقدة نظراً لتداعياتها الإقليمية والدولية، وفضلاً عن كونها بؤرة توتّر كامنة بين الطرفين العربي والإفريقي, فتجاور المناطق التي يقطنها «الطوارق» في كل من مالي والنيجر والجزائر وبوركينا فاسو أدى إلى اعتبار مشكلات التحرر والنازحين وعمليات إعادة التوطين مشكلات ذات طابع إقليمي، ولعل ذلك يفسّر إنشاء لجنة وزارية في سبتمبر 1990م تضم في عضويتها كلاً من: ليبيا والجزائر ومالي والنيجر للتعامل مع مشكلة الطوارق.
وبصفة عامة؛ فإن القارة الإفريقية هي من أكثر القارات فى العالم معاناة من مشكلة اللاجئين والنازحين, فعدد اللاجئين فيها تجاوز خمسة ملايين لاجئ، يتمركز نصفهم على جانبي الحدود العربية – الإفريقية, فالسودان وحده يحتضن قرابة مليون لاجئ من إثيوبيا وأوغندا وإريتريا وتشاد)؛ الأمر الذي يُفصح عن عمق المشكلة وتداعياتها على الأمن والاستقرار, فضلاً عن انعكاساتها السلبية على استقرار الدول التي تستضيف هؤلاء اللاجئين, وعلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيها. وهي الحركات التي تنخر في النسيج الاجتماعي لبعض الدول العربية والإفريقية على حدٍّ سواء, ويؤدي بعضها إلى إثارة التوتر والخلاف، بل والصراع بين العرب والأفارقة، وخصوصاً إذا ما اقترن ذلك بتدخّل دولي أو إقليمي). وهذا ما يلاحظ مثلاً في قضية انفصال جنوب السودان بقيادة سيلفاكير، والذي كان يتلقى دعماً وتشجيعاً من إثيوبيا وأوغندا وإريتريا وكينيا, فضلاً عن المساندة الصهيونية والأمريكية, ويظهر ذلك بوضوح في «اتفاق مشاكوس للسلام» الذي تم توقيعه في كينيا في 20 يوليو 2002م بين حكومة الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان آنذاك؛ بمساندة أطراف خارجية مع تهميش أي دور عربي.
وينطبق الشيء نفسه على الوضع الداخلي المعقد في الصومال، نتيجة لضعف الحكومة المركزية في مقديشيو، واندلاع الحرب الأهلية بين القبائل الصومالية التي تسعى كل منها للسيطرة على السلطة منذ عام 1991م، بعد سقوط نظام الرئيس السابق (محمد سياد بري)، وعدم تمكن أي جماعة محلية من فرض سيطرتها الشاملة على البلاد,
وهو ما أدى إلى تقطيع أوصال الدولة الصومالية وتمزيقها، ومما أشعل الأوضاع تدخل الأطراف الخارجية, سواء كانت إقليمية أو دولية، مثل: كينيا وإثيوبيا والولايات المتحدة.
خلاصة القول: أن مثل هذه الحركات سوف تؤدي إلى إشعال التوتر في العلاقات العربية – الإفريقية ما لم تجد حلاً إقليمياً مناسباً بعيداً عن تدخل القوى الأجنبية، ومن ثم يجب على الدول العربية لتفادي حدوث مثل هذه الأزمات إدراك ذلك الخطر الكامن, والسعي نحو تحقيق التكامل القومي والمصالحة الوطنية في هذه الدول الإفريقية حفاظاً على الدول القومية الإفريقية من ناحية, وحفاظاً على الأمن القومي العربي من ناحية أخرى, وذلك من شأنه تدعيم العلاقات التعاونية بين كل من العرب والأفارقة.
بسبب الموروث الاستعماري الذي قام بالتفرقة بين العربي والإفريقي؛ فقد استخدم الاستعمار سياسة «فرق تسد» بين العرب والأفارقة، حيث لا يستطيع أي باحث مدقق أن ينكر حقيقة أن صورة العربي لدى الإفريقي هي صورة سلبية؛ فقد ساهم الاستعمار في تصوير العربي بأنه تاجر رقيق مرة, وتاجر جشع مرة أخرى, وانتهازي ولديه أهداف توسّعية في إفريقيا مرة ثالثة.
وقد خلّف الاستعمار البريطاني حاجزاً مصطنعاً بين العربي الإفريقي في السودان, كما قام الاستعمار الفرنسي في موريتانيا بمحاباة الأقلية الزنجية على حساب الأغلبية العربية؛ إذ فتحت لهم أبواب التعليم في المدارس الفرنسية التي كانت تؤهلهم لتسلم المناصب الإدارية والترقي في الخدمات العامة، وهو ما جعلهم يتغلغلون في كثير من مناصب المستعمرة الموريتانية, ومن ثم في الدولة الموريتانية بعد الاستقلال، حتى إن نسبتهم كانت في الوظائف السياسية والاقتصادية أعلى من نسبتهم العددية بالنسبة لسكان موريتانيا, كما عملت الإدارة الفرنسية على نشر اللغة والثقافة الفرنسية بين الزنوج,
وفي الوقت نفسه اجتهدت في إضعاف التعليم باللغة العربية بهدف استيعاب الزنوج الموريتانيين وإبعادهم عن الثقافة العربية والتأثيرات الإسلامية المنتشرة بين القبائل العربية، وقد أدت هذه السياسات بالفعل إلى تعميق الفروق والخلافات العرقية بين العرب والزنوكما قامت الإدارة الاستعمارية الفرنسية بتشجيع «فكرة الزنوجية», ومساندة المفكرين الذين آمنوا بها مثل الرئيس السنغالي الأسبق «ليو بولد سنغور»، وخطورة «فكرة الزنوجية» أنها تفرز سياسات عنصرية سلبية تركز في وحدة الزنوج دون العرقيات الإفريقية الأخرى، وبخاصة عرب الشمال الإفريقي. بالرغم مما ذكر من إشكاليات قائمة بين العرب والأفارقة؛ فهذا لا يعطي نظرة تشاؤمية تغلّب الصراع على التعاون في مستقبل العلاقات بين الجانبين، وإنما هي نظرة موضوعية تقوّم وتحلل ما هو قائم من علاقات وتفاعلات على أرض الواقع، وفقاً لرؤية واقعية يحدوها الأمل بغلبة روح التعاون على جذور الصراع المنتشرة الآن في أكثر من موقع على طول الحدود العربية مع الدول الإفريقية.
فمثلما ينطوي الجوار الجغرافي على الصراع؛ فإنه يتضمن أيضاً الكثير من أوجه التعاون، ومن أجل تحقيق هذا التعاون المشترك على نحو أمثل يجب الاسترشاد بالقيم والمصالح المشتركة التي تربط بين الطرفين العربي والإفريقي,
وتعزيز فرص الحوار واللقاء والتشاور بما يحقق المنفعة المشتركة للطرفين, ويضمن لهما أمنهما واستقرارهما. فعلى العرب والأفارقة مهمة تطوير فرص التعاون والعمل المشترك، وإزالة كل المعوقات التي تعرقل قيام حوار بناء بينهما، حيث إن تراجع العلاقات العربية الإفريقية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة غير ملائم لطبيعة المتغيرات العربية والإفريقية والدولية الراهنة, فالتحديات التي تفرضها العولمة بكل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية تفرض على الطرفين ضرورة الاستجابة والبدء في وضع استراتيجيات جديدة للتعاون فيما بينهما،
فالمنطقتان العربية والإفريقية تمتلكان إمكانات ومشروعات تربط دوماً بين العرب والأفارقة, وهو ما يجعل منظومة العلاقات بينهما أساسية وضرورية مهما عانته من تراجع في بعض الأحيان. والاستراتيجية المقترحة لإعادة بناء العلاقات العربية – الإفريقية في مطلع القرن الحادي والعشرين تقوم على المحاور الثلاثة الآتية:
المحور الأول: على المستوى الرسمي (الحكومي):
على كل من الحكومات العربية والإفريقية مهمة توفير استراتيجية كلية وشاملة لمنظومة العلاقات العربية الإفريقية, تعبّر عن رؤية كلية لبناء نهضة عربية إفريقية متكاملة, تشمل جميع الأصعدة والميادين، ومن أهمها:
1 - الميدان السياسي:
- على الحكومات العربية التوسع في التمثيل الدبلوماسي والقنصلي ليشمل جميع الدول الإفريقية.
- يجب تأسيس حوار استراتيجي عربي – إفريقي بمفهومات وصيغ جديدة، فقد تم تجاوز المرحلة التي قام فيها هذا الحوار على أساس المقايضة والمنافع السياسية المتبادلة (مثل التأييد العربي لحركات التحرر الإفريقي في مقابل التأييد الإفريقي للمواقف العربية في مواجهة إسرائيل)(29)، ومن ثم يجب الدخول في مرحلة جديدة تؤسس على إقامة شراكة عربية إفريقية حقيقية، قوامها المصالح الاستراتيجية المشتركة والقضايا ذات الحساسية لكل من الطرفين، من أجل تحقيق نهضة حضارية لبلدان الجنوب بصفة عامة، ومواجهة واقع الإخضاع والتهميش الذي يعانيه العرب والأفارقة.
- ضرورة تأكيد المدخل الأمني لتحقيق التعاون؛ حيث إن هاجس الأمن كثيراً ما يطغى على هاجس التنمية، ومن ثم ينبغي العمل بصورة مشتركة على التخلص من بؤر الصراع والتوتر العربية – الإفريقية, وإيجاد حلول عادلة لها يقبل بها كل من الطرفين.
2 - الميدان الاقتصادي:
يمكن إقامة صيغ عربية – إفريقية في المجال الاقتصادي, تمثل حكومات وشعوب المجموعتين, وذلك على النحو الآتي: - ضرورة التوسع في إقامة الاستثمارات والمشروعات الاقتصادية المشتركة ليحل محل أسلوب المنح والهبات المالية ذات الطابع التقليدي, حيث إن أثر هذه المشروعات أكبر في تعميق الصلة الحقيقية بين العرب والأفارقة.
- الشراكة الاستراتيجية في مجالات الإنتاج والمشروعات المشتركة، وإن كان هذا حكراً على الدول الأوروبية والولايات المتحدة في معاملتها مع بعض الدول الإفريقية، ولكن عقد اتفاق الشراكة بين كل من المملكة العربية السعودية ودولة جنوب إفريقيا يقدّم نموذجاً للاتفاق العربي – الإفريقي, ويتطلب الدراسة والمتابعة لمعرفة إمكانات التكرار والاستفادة. - تنشيط حركة التجارة بين الطرفين استيراداً وتصديراً, على مستوى المنتجات الكاملة ونصف المصنعة, في صورة إنتاج منفرد أو إنتاج مشترك.. إلخ.
- إقامة مناطق نقدية إقليمية أو دون إقليمية ذات استقلالية نسبية عن مراكز السيطرة النقدية الدولية, سواء الدولار فى الوطن العربي أو الفرنك الفرنسي في الدول الإفريقية، ويمكن تعزيز هذا الاتجاه من خلال مناطق التجارة الحرة, مثل الكوميسا في الشرق والجنوب الإفريقي, ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (18 دولة).
- تدعيم المؤسسات المالية القائمة، مثل بنك التنمية الإفريقي, والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا, والصندوق العربي لتقديم القروض لإفريقيا, وذلك حتى تصبح بحق مؤسسات قادرة على تمويل مشروعات التنمية, حيث يمكن لهذه المؤسسات المالية دعم النشاط المصرفي العربي في إفريقيا، سواء في مجال القروض الاستثمارية المباشرة أو عن طريق القيام بمشروعات مشتركة.
- دعم المصارف العربية ذات الطبيعة الفنية، وهي المصارف التي تقوم بتقديم الخبرة التقنية إلى القارة الإفريقية, مثل «صندوق المساعدة الفنية لإفريقيا».
- محاولة صياغة استراتيجيات للتكامل الإنتاجي والزراعي والصناعي والعلمي والتكنولوجي, وهو ما يؤدي إلى تغيير الموقع العربي والإفريقي في النظام الاقتصادي العالمي.
- بحث إمكانية إنشاء منطقة تجارة تفضيلية, وتعزيز معارض تجارية إفريقية عربية, لزيادة شبكة التفاعلات الاقتصادية العربية – الإفريقية, ولتحقيق قدر أكبر من التعاون والتكامل.
3 - الميدان الثقافي:
- الإكثار من اللقاءات العربية – الإفريقية المشتركة على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي والإعلامي، وإقامة الندوات الثنائية والجماعية, وذلك من أجل تبنّي خطط لمواجهة التحديات المشتركة التي تواجه الطرفين, وصولاً إلى تحديد المصالح المشتركة.
- زيادة عدد المقبولين من الطلبة الأفارقة في الجامعات والمعاهد والدورات الدراسية في العالم العربي، وفتح معاهد ومراكز عربية لتدريب الطلاب والشباب الأفارقة في الميادين الفنية المختلفة, وهو ما ينمّي لديهم العديد من المهارات, ويساعد على اكتشاف الكفايات، علاوة على إيفاد الخبراء والفنيين إلى الدول الإفريقية للعمل والتدريب, أو التدريس في المؤسسات التعليمية والمهنية والفنية المختلفة.
- دعم النشاط في مجال الدعوة الإسلامية, والاهتمام بأوضاع الأقليات الإسلامية, وإنشاء مؤسسات خيرية تكافلية, وتقديم معونات الإغاثة الإسلامية, وتنظيم مشروعات ومؤسسات للتدريب والتأهيل الحرفي والمهني، وكذلك تقديم أنواع من النشاط الاجتماعي في مجالات الصحة ورعاية الأمومة والأطفال.. إلخ.
- إنشاء مراكز أبحاث ومؤسسات علمية متخصصة, تقوم بدراسة المشكلات المشتركة بين العرب والأفارقة، (مثل: مشكلات الحدود والمياه, وإشكاليات الفقر والتخلف، ومحاولات الاختراق الأجنبي للقارة, والصراعات الداخلية, وعدم الاستقرار السياسي.. إلخ)، وتقديم الحلول الخاصة بها بعيداً من أي تدخلات أجنبية.
- ينبغي تأكيد أهمية تصحيح الصورة المتبادلة عن العرب والأفارقة, وهنا تجدر الإشارة إلى مفهوم «الأفرابيا» الذي طرحه المفكر الكيني علي المزروعي، ويقوم على نسيان رواسب الماضي في العلاقات بين العرب والأفارقة، وإبراز جوانب التداخل والترابط الثقافي والحضاري بينهم.
المحور الثاني: على المستوى الشعبي / الجماهيري (المجتمع المدني):
إن الحوار الثقافي العربي الإفريقي ينبغي أن يركز على المدخل غير الحكومي, أي منظمات المجتمع المدني، ويستفيد من المواريث الثقافية والحضارية المشتركة بين الشعوب العربية والإفريقية, على النحو الآتي:
- يجب الاستفادة من الجاليات العربية المقيمة في إفريقيا, إلى جانب تفعيل دور المنظمات المهنية والشعبية غير الرسمية, لتعزيز العلاقات وتنمية الروابط المشتركة بين العرب والأفارقة، وهو ما يفتح مجالاً أرحب للتعارف والتفاهم بين الجانبين.
- يجب تشجيع نشاط القطاع الخاص العربي في الدول الإفريقية، والقيام بالاستثمارات والمشروعات المشتركة، وفي هذا المقام تشهد إفريقيا أنواعاً ومستويات عدة من هذا النشاط من جانب بعض الدول العربية, فالقطاع الخاص له دور بارز في قدرته على إيجاد شبكة مصالح مشتركة في كل المجالات.
المحور الثالث: على المستوى المؤسسي:
هناك العديد من التن