صنعاء نيوز/الدكتور عادل عامر -
أن الإعفاء من الضريبة على المرتبات يقتصر فقط على قيمة العلاوات الخاصة المضمومة فقط، سواء كانت قبل عام 2007 أم بعده، ولا يمتد الإعفاء إلى غير تلك العلاوات لأي مبلغ تأثر بهذا الضم، ونتيجة ضم العلاوات الخاصة للأجر الأساسي، والإعفاء المقرر لهذه العلاوات من أي ضريبة ورسوم،
أن الإعفاء يقتصر على العلاوة الخاصة، والتي تضم الأجور الأساسية. إحساب ضريبة المرتبات المستحقة على الأجور المتغيرة، بعد تجريد الأجر الأساسي من العلاوات الخاصة.
دأبت الدولة علي البحث عن الوسائل والسبل اللازمة والضرورية لرفع المعاناة عن كاهل طبقة الموظفين الذين حرمهم قانون الوظيفة العامة من الناحية القانونية والرقابية من ممارسة أي عمل أخر إلى جانب الوظيفة العامة،
ومن ذلك تقرير علاوة خاصة للعاملين المدنيين بالدولة. وعلى الرغم من عدم تناسب قيمة هذه العلاوة مع الارتفاع الجنوني المستمر للأسعار، نجد أن الدولة تقوم بإخضاعها للضريبة مما يتنافى مع الحكمة من فرضها.
وبدءاً من القانون رقم 101 لسنة 1987 حتى القانون رقم 128 لسنة 2009، والخاصة بتقرير علاوة خاصة للعاملين المدنيين بالدولة،
وهكذا توالت القوانين وجميعها أجمعت على أن العلاوات الخاصة المنشأة بهذه القوانين لا تخضع للضرائب أو الرسوم سواء قبل ضمها للمرتب الأساسي أو بعد ضمها للمرتب الأساسي. وكان أول تاريخ لضم العلاوات الخاصة إلى المرتب الأساسي هو 1/7/1992 طبقاً لما قررته المادة الرابعة من القانون رقم 29 لسنة 1992وتوالت القوانين الصادرة بشأن العلاوات الخاصة على النص صراحة ضم العلاوة المقررة بموجب القانون إلى المرتب الأساسي وذلك بعد خمس سنوات من تقريرها.
وقد تضمنت كل تلك القوانين على النص صراحة أن هذه العلاوة لا تخضع لأية ضرائب أو رسوم وذلك بدءاً من القانون رقم 101 لسنة 1987 وحتى القانون رقم 149 لسنة 2002 النص صراحة في المادة الرابعة على أنه:
" تضم العلاوة الخاصة المقررة بهذا القانون إلى الأجور الأساسية للخاضعين لأحكامه ......... ولا تخضع العلاوة المضمومة لأية ضرائب أو رسوم، .........".
وعلى ذلك فإن ما تقوم به وزارة المالية من إخضاع العلاوات الخاصة المضمومة إلي الأجر الأساسي للضريبة علي المرتبات عند صرف الحوافز والمكافآت والأجور المتغيرة وغيرها من المبالغ التي يتم صرفها إلي العاملين بنسبة من الأجر الأساسي يكون مخالفاً لأحكام الدستور والقانون، وذلك علي النحو التالي:
أولاً: مخالفة ما تقوم به مصلحة الضرائب لأحكام الدستور:
لقد نصت المادة {38} من الدستور المصري علي أن النظام الضريبي يقوم علي العدالة الاجتماعية.
كما نصت المادة {40} من الدستور على أن المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. كذلك أيضاً نصت المادة {61} من الدستور على أن أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقاً للقانون.
فضلاً عن ذلك فإن المادة {119} من الدستور قد نصت على أن إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون. ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون.
وطبقاً لنص المادة 187 من الدستور فإن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها.
ووفقاً لنص المادة 188 من الدستور فإن القوانين تنشر في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها، ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها، إلا إذا حددت لذلك ميعاداً آخر. ويستفاد من النصوص سالفة الذكر أن الدستور قد أرسي عدد من المبادئ الدستورية الهامة التي يتعين علي كافة السلطات العامة في الدولة مراعاتها والعمل بمقتضاها سواء عند وضع التشريع بمعرفة السلطة التشريعية أو عند تنفيذه بمعرفة السلطة التنفيذية وذلك حماية للحقوق والحريات العامة , ومن هذه المبادئ الهامة تلك التي تتعلق بفرض الضرائب بجميع أنواعها ومسمياتها وأدائها والإعفاء منها والتي تطبق داخل حدود الدولة ، الأمر الذي لا يجوز معه لأي سلطة من سلطات الدولة أن تحيد عنها وتفرض الضريبة علي خلاف ما ينص عليه الدستور .
وذهبت المحكمة الدستورية العليا في قضائها إلى أن:
" وحيث إن من المقرر أن الضوابط التي يفرضها الدستور على السلطتين التشريعية والتنفيذية لضمان تقيدهما بأحكامه، هي ضوابط آمرة لا تبديل فيها ولا مهرب منها، وليس لأي جهة أو سلطة بالتالي أن تبغي عنها حولا، أو أن تنقضها من أطرافها، أو أن تجعل لها عوجا، أو أن تتحلل من بأسها أمداً، إذ هي باق دوما، نافذة أبدا، لتفرض -بزواجرها ونواهيها -كلمة الدستور على المخاطبين بها، فلا ينسلخون منها، .............. وكان لكل ضريبة وعاء - يعبر عنه أحيانا بقاعدة الضريبة Tax base - ويتمثل في المال الذي تفرض عليه ، وكان قضاء هذه المحكمة قد جري علي أن تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقي لقيمة المال الخاضع لها ، باعتبار أن ذلك يعد شرطاً لازماً لعدالة الضريبة ،
ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة ، إذ كان ذلك كذلك ، تعين أن يكون وعاء الضريبة ممثلاً في المال المحمل بعبئها ، مُحققا ومُحددا علي أسس واقعية يكون ممكنا معها الوقوف علي حقيقته على أكمل وجه , ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال أو الترخص ، ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها ، إنما يتحدد مرتبطا بوعائها ، وباعتباره منسوباً إليه ، ومحمولا عليه ، وفق الشروط التي يقدر المشرع معها واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه للدستور ، وبغير ذلك لا يكون لتحديد وعاء الضريبة من معنى ،
ذلك أن الضريبة التي يكون أداؤها واجباً وفقاً للقانون وعلى ما تدل عليه المادتان (61) , (119) من الدستور هي التي تتوافر لها قوالبها الشكلية وأسسها الموضوعية على النحو المتقدم بيانه ، وتكون العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي ضابطاً لها في الحدود المنصوص عليها في المادة (38) من الدستور ، ويندرج تحتها أن يكون دين الضريبة متناسباً مع مقدار الدخل الخاضع لها ، وتلك هي العدالة في توزيع الأعباء والتكاليف العامة التي اعتبرتها المادة الرابعة من الدستور بعد تعديلها من خصائص النظام الاشتراكي الديمقراطي الذي يقوم عليه الأساس الاقتصادي لجمهورية مصر العربية متى كان ما تقدم ، فإن انعدام الضريبة يكون منافياً لاستحقاقها ، ولوجوبها ديناً في ذمة الممول ولجواز تكليفه بأدائها ، ذلك أن تحصيل الضريبة وفقاً لأحكام المواد 38،61، 119 من الدستور ، يفترض توافر مقوماتها والأسس الواقعية لعدالتها ، وجميعها متخلفة بالنسبة إلى الضريبة التي فرضها القانون المطعون فيه ...... " .
{الدعوى رقم 43 لسنة 13 ق. دستورية عليا جلسة 6 ديسمبر سنة 1993, الدعوى رقم 43 لسنة 17 ق. دستورية عليا جلسة 2 يناير سنة 1999 } .
وقد تواترت المحكمة الدستورية في العديد من قضائها إلي أن:
" أن مبدأ المساواة أمام القانون، أساس للعدل، وهو أدخل إلى جوهر الحرية، وأكفل لإرساء السلام الاجتماعي................. كذلك فإن صور التمييز التي تناقض مبدأ المساواة أمام القانون ، وإن تعذر حصرها ، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو من خلال تقييد آثارها بما يحول مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها " .
{الفقرة رقم 20 من الطعن رقم 9 لسنة 16 ق مكتب فني 7 جلسة 5 / 8 /1995-صـ 106, الفقرة رقم 5 من الطعن رقم 62 لسنة 18 ق مكتب فني 8 جلسة15 / 3 / 1997- صـ 488, الفقرة رقم 3 من الطعن رقم 155 لسنة 18 ق مكتب فني 9 جلسة 6/3 / 1999- صـ 214, الفقرة رقم 5 من الطعن رقم 193لسنة 19 ق مكتب فني 9 جلسة 6 / 5 / 2000- صـ 548 }. وعلى ذلك فإن ما يجري عليه العمل من عدم تجريد كل من الأجر الأساسي والمكافآت والحوافز والأجور المتغيرة المحسوبة بنسبة من الأجر الأساسي من العلاوات الخاصة التي أضيفت إلى كل منها وذلك عند تحديد الوعاء الخاضع للضريبة على المرتبات، يعد ذلك إخلالاً جسيماً بالمبادئ التي قررها الدستور.
ثانياً: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله:
كانت المادة 151 من القانون رقم 157 لسنة 1981 تنص على أنه:
" لا تخل أحكام هذا القانون بما هو مقرر من إعفاءات ضريبية بمقتضي قوانين أخري ...." .
وحيث نصت المادة 2 من القانون رقم 91 لسنة 2005 على أنه: -
" يلغي قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981، على أن تستمر لجان الطعن المشكلة وفقاً لأحكام قانون الضرائب على الدخل...، كما تظل الإعفاءات المحددة لها مدد في القانون المشار إليه سارية بالنسبة إلى الأشخاص الذين بدأت مدد الإعفاء لهم قبل تاريخ العمل بهذا القانون ...". وقد أكد صدر نص المادة 13من القانون رقم 91 لسنة 2005 والتي نصت على أنه: - حيث أن المشرع قد نص في المادة {9/1} من القانون رقم 91 لسنة 2005 والذي تم العمل به بالنسبة للضريبة علي المرتبات اعتبارا من أول الشهر التالي لتاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية – حيث نشر في العدد {23} في 9/6/2005 – وهذه المادة تقابل المادة {49/1} من القانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 – ينص علي أن كل ما يستحق للممول نتيجة عمله لدى الغير بعقد أو بدون عقد بصفة دورية أو غير دورية ، وأيا كانت مسميات أو صور أو أسباب هذه المستحقات ، وسواء كانت عن أعمال أديت في مصر أو في الخارج ودفع مقابلها من مصدر في مصر، بما في ذلك الأجور والمكافآت والحوافز والعمولات والمنح والأجور الإضافية والبدلات والحصص و الأنصبة في الأرباح والمزايا النقدية والعينية بأنواعها .
إلا أنه في ذات الوقت قد نص في المادة {13} منه علي بيان الإعفاءات الضريبية المقررة بموجب هذا القانون وتضمن النص على أنه مع عدم الإخلال بالإعفاءات الضريبية الأخرى المقررة بقوانين خاصة.
وباستقراء نصوص القوانين المختلفة الصادرة بشأن العلاوات الخاصة منذ أن أقرها المشرع لأول مرة عام 1987 بموجب القانون رقم 101 لسنة 1987 وما تلاه من قوانين يتضح أنه قد حرص على النص صراحة على أن هذه العلاوات الخاصة معفاة من الضرائب والرسوم حيث نص في المادة الرابعة على أنه لا تخضع العلاوة المنصوص عليها في هذا القانون لأية ضرائب أو رسوم.
وهذا النص الصريح الواضح الدلالة من المشرع ليس به لبس أو غموض، الأمر الذي لا يكون معه ما يدعو إلى اللجوء إلى القياس أو التفسير، وإنما يتعين تطبيق النص وفقاً لما نص عليه الدستور فيما يتعلق بفرض الضريبة.
وأكد على ذلك المشرع في القانون رقم 29 لسنة 1992 الذي قرر ضم العلاوات الخاصة التي تم منحها للعاملين بالجهاز الإداري بالدولة إلى الأجر الأساسي -وما تلاه من قوانين -قد نص في الفقرة الأخيرة من المادة الأخيرة على أنه:
" لا يخضع ما يضم من العلاوات الخاصة في الأجور الأساسية لأي ضرائب أو رسوم ".
وحيث أن هذه العبارة قد جاءت عامة ومطلقة بحيث يشمل الإعفاء لهذه العلاوات لما تم ضمه للمرتب كافة الأجور المتغيرة والحوافز والمكافآت ودليل ذلك أن عبارة الأجور الأساسية الواردة بهذه الفقرة قد وردت بلفظ الجمع بحيث تشمل كل ما يحصل عليه العامل باعتباره أجر مقابل ما يقوم به من عمل، وإعمالاً للمبدأ العام بأن ما يسري علي الأصل يسري علي الفرع.
ومن المقرر قانوناً أنه إذا ورد نص تشريعي في صيغة عامة على سبيل الشمول والاستغراق لجميع ما يصلح له ولم يرد مخصص قانوني سائغ يصرفه عن عمومة تعين صرفه إلى كل ما يدخل في هذا العموم، وأن المخصص الصارف عن العموم قد أصطلح على تسميته بالاستثناء الذي يرد بلفظ " الاستثناء من أو ما عدا أو إلا "، ومن ذلك ما نصت عليه المادة {11} من قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005 من أنه:
" استثناء من أحكام المادة {8} من هذا القانون تسري الضريبة على جميع المبالغ التي تدفع لغير المقيمين أيا كانت الجهة ......".
بل ومما يؤكد علي عدم خضوع العلاوات الخاصة المضمومة إلي الأجر الأساسي للضريبة بالنسبة للأجور الأساسية والحوافز والمكافآت والأجور المتغيرة وغيرها، هو ما قررته القوانين الصادرة بشأن العلاوات الخاصة بدءاً من القانون رقم 89 لسنة 2003، 86 لسنة 2004، 92 لسنة 2005، 85 لسنة 2006، 77 لسنة 2007، 114 لسنة 2008، 128 لسنة 2009 والتي تنص علي أنه: " ولا تخضع العلاوة المضمومة لأية ضرائب أو رسوم ، وبمراعاة ألا يسرى هذا الإعفاء على ما يحصل عليه العامل من مكافآت أو مزايا أو غيرها تترتب على ضم العلاوة الخاصة إلى الأجور الأساسية " .
ويستفاد من صياغة هذا النص أن الأصل فيما يتعلق بالعلاوات الخاصة هو الإعفاء وليس الخضوع، لأنه إذا كان الأصل هو الخضوع وأن الاستثناء هو عدم الخضوع، فما كانت ثمة ضرورة تدعو المشرع في القوانين الصادرة بشأن العلاوات الخاصة خلال الفترة من عام 2003 حتى عام 2009 إلى النص صراحة علي عدم خضوع العلاوات المضمومة لأية ضرائب أو رسوم،
مع مراعاة ألا يسري هذا الخصم على ما يحصل عليه العامل من مكافآت أو حوافز أو غيرها على النحو الوارد بالنص سالف الذكر، ومن ثم فإن المغايرة في صياغة نص المادة {4/2} عما كان منصوص عليه في القوانين الصادرة بشأن العلاوات الخاصة والمضمومة إلى الأجر الأساسي بدءا من القانون رقم 29 لسنة 1992 وحتى صدور القانون رقم 149 لسنة 2002 والتي نصت صراحة بما لا يدع مجالاً للشك على أنه:
" ولا تخضع العلاوة المضمومة لأية ضرائب أو رسوم، ويعامل بذات المعاملة المقررة بهذه المادة من يعين اعتبارا من أول يوليو سنة 1998. لهو خير دليل علي أن العلاوات الخاصة المضمومة إلى الأجر الأساسي خلال الفترة من عام 1992 وحتى 2007 تظل إلى الآن غير خاضعة للضريبة على المرتبات سواء بالنسبة للأجر الأساسي والأجور المتغيرة والحوافز والمكافآت وغيرها والتي تصرف بنسبة من الأجر الأساسي.
وبالتالي فإن القوانين الصادرة بشأن العلاوات الخاصة تدل بما لا يدع معه مجالاً للشك على أن العلاوات الخاصة المقررة بموجب القانون رقم 101 لسنة 1987 وما تلاه من قوانين والمضمومة إلى الأجر الأساسي – وهي العلاوات المضمومة إلى الأجر الأساسي خلال الفترة من عام 1992 وحتى عام 2007 تظل معفاة من الخضوع للضريبة على المرتبات بالنسبة لكل ما يحصل عليه العامل من أجر أساسي ومكافآت أو حوافز أو غيرها،
ولا يؤثر على ذلك ما جاء بالقوانين الصادرة منذ عام 2003 والتي تضم العلاوة المقررة بموجبها عام 2008 حيث أن تلك القوانين يقتصر أثرها على العلاوات المقررة بموجب هذا القانون وما يليه من قوانين، حيث تعفي من الخضوع للضريبة على المرتبات عند ضمها للأجر الأساسي ولا تعفي بالنسبة للمكافآت أو الحوافز أو غيرها.
ومن ثم فإن قيام وزارة المالية بتطبيق تلك القوانين على العلاوات المقررة والمضمومة إلى الأجر الأساسي قبل عام 2008 يعد مخالفاً للدستور طبقاً لنص المادتين " 187, 188" من الدستور والسابق الإشارة إليها.
وعلي ذلك فإنه إزاء النص الصريح في القوانين الصادرة منذ عام 1987 وحتى عام 2009 – والتي تعد الأصل العام في منح العاملين بالدولة العلاوات الخاصة -علي إعفاء العلاوات الخاصة المضمومة للأجر الأساسي من الخضوع لأية ضرائب أو رسوم ، فإن الأصل العام هو الإعفاء من هذه الضريبة والاستثناء هو الخضوع, الأمر الذي تكون معه العلاوات الخاصة المضمومة للأجر الأساسي خلال الفترة من عام 1992 وحتى عام 2007 معفاة من الضريبة علي المرتبات بالنسبة لما يحصل عليه الطاعن من أجر أساسي ومكافآت أو حوافز أو غيرها .
وقد ذهبت المحكمة الدستورية العليا في قضائها إلى أنه:
" متى كان ذلك ، وكان من المقرر أن سلطة تفسير النصوص التشريعية سواء تولتها السلطة التشريعية أم باشرتها الجهة التي عُهد إليها بهذا الاختصاص ، لا يجوز أن تكون موطئا إلى تعديل هذه النصوص ذاتها بما يخرجها عن معناها أو يجاوز الأغراض المقصودة منها 0 وبوجه خاص لا تتناول هذه السلطة تعديل مراكز قانونية توافرت مقوماتها وفقا لقانون محدد علي ضوء الإرادة الحقيقية للمشرع واكتمل تكوينها بالتالي قبل صدور قرار التفسير ، إذ يعتبر ذلك عدوانا على الحقوق التي ولدتها هذه المراكز وتجريدا لأصحابها منها بعد ثبوتها 0 وهو ما لا يجوز أن ينزلق التفسير التشريعي إليه أو يخوض فيه 0
ذلك أن المجال الطبيعي لهذا التفسير لا يعدو أن يكون وقوفا عند المقاصد الحقيقية التي توختها السلطة التشريعية من وراء إقرارها للنصوص القانونية، وهي مقاصد لا يجوز توهمها أو افتراضها كي لا تُحمل هذه النصوص على غير المعنى المقصود منها ابتداء 0 بل مناطها ما تغياه المشرع حقا حين صاغها 0 وتلك هي الإرادة الحقيقية التي لا يجوز الالتواء بها، ويفترض في النصوص القانونية أن تكون كاشفة عنها مبلورة لها
0 وهى بعد إرادة لا يجوز انتحالها بما يناقض عبارة النص ذاتها أو يعتبر مسخا أو تشويها لها أو نكولاً عن حقيقة مراميها أو انتزاعاً لبعض ألفاظها من سياقها 0 كذلك لا يجوز أن يتخذ التفسير التشريعي ذريعة لتصويب أخطاء وقع المشرع فيها ، أو لمواجهة نتائج لم يكن قد قدر عواقبها حق قدرها حين أقر النصوص القانونية المتصلة بها ، إذ يؤول ذلك إلى تحريفها ، ويتمخض عن تعديل لها " .
{ الدعوى رقم 34 لسنة 13 قضائية دستورية عليا جلسة 20 يونيه 1994 } .
ثالثاً : مخالفة ما يجري عليه العمل بمصلحة الضرائب لما استقرت عليه أحكام القضاء:
حيث استقرت الأحكام الصادرة من القضاء بمختلف درجاته , وكذا القرارات الصادرة من لجان الطعن الضريبي علي استبعاد العلاوات الخاصة المضمومة إلي كل من المكافآت والإثابات والأجور الإضافية , وتقرير أحقية الطاعنين استرداد المبالغ المخصومة من دخله من المنبع نتيجة الفهم الخاطئ لتطبيق القانون , وذلك علي النحو التالي :
- القرار الصادر من لجنة الطعن الضريبي بالزقازيق – الدائرة الرابعة – بتاريخ 23/5/2000 في الطعن رقم 814 لسنة 1999 والقاضي :
" أولاً : استبعاد العلاوات الخاصة المضمومة إلي كل من المكافآت والإثابات والأجور الإضافية ..... من وعاء الضريبة علي المرتبات لعدم خضوعها للضريبة .
ثانياً : أحقية الطاعن في استرداد الضريبة المخصومة من دخله من المنبع .... بالمخالفة للتطبيق الصحيح للقانون .... ". والمؤيد بالحكم الصادر في الدعوى رقم 942 لسنة 2000 .
- القرار الصادر من لجنة الطعن الضريبي بطنطا في الطعن رقم 2819 لسنة 1999 , والمؤيد بالحكم الصادر بجلسة 20/8/2001 في الدعوى رقم 2625 لسنة 2000 , والدعوى رقم 2675 لسنة 2000 , والمؤيد بالحكم الصادر بجلسة 23/8/2002 من محكمة إستئناف طنطا في الاستئناف رقم 1111 لسنة 51 ق . ش .
- القرار الصادر من لجنة الطعن الضريبي بالمنصورة والمؤيد بالحكم الصادر بجلسة 13/7/2003 من محكمة ضرائب المنصورة الابتدائية في الدعوى رقم 733 لسنة 2002 , والمؤيد بالحكم الصادر بجلسة 28/4/2004 من محكمة استئناف المنصورة في الاستئناف رقم 940 لسنة 55 ق , والحكم الصادر في الطعن بالنقض رقم 1332 لسنة 74 ق بجلسة 12/5/2008 .
- الحكم الصادر في الدعوى رقم 201 لسنة 1990 ضرائب الإسكندرية والمؤيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 631 لسنة 48 ق بجلسة 11/4/1993 من محكمة استئناف الإسكندرية , والحكم الصادر بجلسة 13/3/2001في الطعن بالنقض رقم 5051 لسنة 63 ق .
- الحكم الصادر في الدعوى رقم 54 لسنة 2008 ضرائب كلي جنوب القاهرة بجلسة 27/5/2008 والقاضي بإلغاء قرار لجنة الطعن رقم 266 لسنة 2007 – وهو ذات القرار الذي استندت عليه اللجنة الداخلية ومن بعدها لجنة الطعن التي أصدرت القرار المطعون عليه في الطعن الماثل - وإلزام الجهة الإدارية باستبعاد العلاوات الخاصة المضافة للمرتب الأساسي وذلك عن حساب الضريبة علي الأجور المتغيرة والمكافآت وغيرها مستقبلاً , استرداد ما تم خصمه بدون وجه حق عن السنوات 2002/2007 , والمؤيد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 18/3/2009 في الاستئناف رقم 2726 لسنة 125ق .
- الحكم الصادر في الدعوى رقم 6695 لسنة 2006 مدني جنوب القاهرة بجلسة 19/4/2008 والقاضي:
" رابعاً : استبعاد العلاوات الخاصة المضمومة للمرتب والأجور المتغيرة من حوافز وخلافه من وعاء الضريبة علي المرتب .
خامساً : إلزام المدعي عليه الثاني بصفته أن يؤدي للمدعي...... ما تم خصمه منه تحت المسمى السابق ... " .
- الحكم الصادر بجلسة 28/4/2009 في الدعوى رقم 1178 لسنة 2008 مدني أول طنطا .
وفي ذلك ذهبت محكمة استئناف القاهرة إلي أنه :
" أن المشرع رغبة منه في مساعدة العاملين بالدولة لمواجهة الزيادة في أعباء المعيشة قرر منحهم علاوة خاصة بنسبة 20 % ولتحقيق الهدف منها أبعدها عن الخضوع للضريبة علي المرتبات حال تقريرها وكذلك عند ضمها إلي الأجر الأساسي للعامل وذلك وفق صراحة النص المشار إليه سلفاً الذي لا ينبغي تقيده دون مبرر .... " .
{ الاستئناف رقم 2726 لسنة 125 ق الصادر بجلسة 18/3/2009 } .
كما استقرت محكمة النقض علي أنه :
" إذ كان النص في المادتين الأولى والرابعة من القوانين أرقام 101 لسنة 1987 ، 149 لسنة 1988 ، 123 لسنة 89 مؤداه تقرير علاوة خاصة شهرية للعاملين بالدولة والهيئات والمؤسسات العامة وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام وعدم خضوع هذه العلاوة لأية ضرائب أو رسوم بغية رفع المعاناة عن كاهلهم نتيجة الارتفاع المتزايد والمستمر في الأسعار - حسبما ورد في المذكرة الإيضاحية لها - فإن هذه العلاوة إذا ما منحت العاملين بالقطاع الخاص طواعية من مالكيه فإن مفهم هذه النصوص يؤدى إلى عدم إخضاعها لأية ضرائب أو رسوم لتوافقها معها في العلة على نحو متساو يؤكد هذا النظر أن الشارع عندما أصدر القانون رقم 19 لسنة 1999 بشأن ذات العلاوة فطن
لذلك وأورد في المادة الخامسة منه نصا يقرر إعفاء العلاوة الخاصة التي تمنح للعاملين بالقطاع الخاص من الضرائب والرسوم أسوة بالعاملين بالحكومة والمؤسسات والهيئات العامة وهو ما يعتبر كاشفا لذلك المفهوم ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إعفاء العلاوة الخاصة الممنوحة للمطعون ضدهم الخمسة الأوائل بالتطبيق لأحكام القوانين أرقام 101 لسنة 1987 ، 149 لسنة 1988 ، 123 لسنة 1989 والتي قررها مجلس إدارة الجمعية المطعون ضدها الأخيرة وهى من أشخاص القانون الخاص من ضريبة المرتبات فانه يكون قد أصاب صحيح القانون " .
} الطعن بالنقض رقم 5051 لسنة 63 ق جلسة31/3/2001- ص 213 , الطعن بالنقض رقم 1332 لسنة 74 ق جلسة 12/5/2008 { .
وعلي ذلك فإذا كانت القاعدة العامة هي نسبية الأحكام بحيث ينصرف أثرها إلي أطراف الدعوي فقط دون غيرهم , إلا أن الأحكام المشار إليها سالفاً تمثل مبادئ قضائية يستعين بها القاضي عند إصدار الحكم , إذ أن قواعد العدالة تعد مصدراً من مصادر التشريع طبقاً لنص المادة {1/2} من القانون المدني .
فضلاً عن ذلك فإن الأمر ليس محض اختيار لوزارة المالية بحيث تأخذ منها ما تشاء وتترك منها ما تشاء، لأنه لو كان الأمر كذلك لما أصدرت مصلحة الضرائب التعليمات التفسيرية رقم{5} لسنة 2008 بشأن أحقية المنشآت الفردية وشركات الأشخاص الصناعية المحولة إلي شركات أموال صناعية في التمتع بالإعفاء الخمسي المقرر بالمادة {120/8} من قانون الضريبة علي الدخل ,
وقد استندت هذه التعليمات إلي الحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 23 / 6 / 2005 في الطعن رقم 1677لسنة 74 ق , والتي تم تطبيقها علي كافة الشركات المثيلة رغم أنها لم تكن طرفاً في هذا الطعن .
فضلاً عن ذلك فإن مصلحة المطعون ضدها قد أقرت صراحة بإعفاء العلاوات الخاصة المضمومة إلي الأجر الأساسي من الخضوع للضريبة علي المرتبات وذلك بالنسبة للأجر الأساسي والمكافآت أو الحوافز أو الأجور المتغيرة , حيث أصدرت المنشور رقم {1} لسنة 2008 بتاريخ 19/5/2008 والذي نص علي أنه :
" أعمالاً لما تضمنه القانون رقم 29 لسنة 1992 وما تلاه من قوانين أخري وهي القوانين أرقام 174 لسنة 1993 ، 203 لسنة 1994 ، 23 لسنة 1995 ، 85 لسنة 1996 ، 82 لسنة 1997 , 90 لسنة 1998 ، 19 لسنة 1999 ، 84 لسنة 2000 ، 18 لسنة 2001 وتنفيذاً لقرار مجلس السادة المستشارين المؤرخ6/5/2008والمؤشر عليه يعتمد في 19/5/2008 بعدم خضوع العلاوات الخاصة المضمومة إلي كافة الحوافز والأجور المتغيرة والمكافآت المحسوبة بنسبة من الأجر الأساسي طبقاً للقوانين سالفة الذكر وما تلته من قوانين أخري للضريبة علي المرتبات والأجور " . ولا يغير من ذلك رجوع المصلحة عن تطبيق هذا المنشور.
وفي ذلك قضت محكمة النقض بأنه : " إذا كان النص عاماً مطلقاً فلا محل لتخصيصه أو تقييده
{الطعن رقم 6549 لسنة 75 ق جلسة 22 /2/2010 }
|