صنعاء نيوز - بعد ستين عاما من الانغلاق السياسي والقمع المتواصل بمختلف أشكاله لكل الفئات والقوى السياسية ومن العمل المركز عبر مناهج التدريس ووسائط الثقافة والإعلام السائدة لمحاولة طمس هوية المجتمع العربية الإسلامية وتفكيك أبنيته؛ وبعد نضال مرير على امتداد هذه العقود تمكن شعبنا العربي في تونس الخضراء من الإطاحة بنظام عرف الأشد استبدادا والأكثر قمعا ، عبر ثورة شعبية عارمة انطلقت شرارتها الأولى من مدينة سيدي بوزيد على اثر إقدام الشهيد محمد البوعزيزي على إضرام النار في نفسه احتجاجا على الظلم والبؤس، تلك الشرارة التي تلقفها مناضلون وطوروها بوعي ثوري أصيل وإصرار نضالي شديد لتتحول إلى احتجاج شعبي للجماهير الغاضبة ثم إلى انتفاضة محلية ثم لتنفجر ثورة شعبية عارمة عمت كامل أرجاء القطر وشملت كل فئات الشعب المتعطشة للحرية والكرامة وخاض غمارها أبطال بإرادة جبارة وتصميم على النصر واجهوا الرصاص الحي بصدورهم العارية وأجسادهم النحيفة هدفها تفكيك بنية النظام البائد وإقامة نظام ديمقراطي شعبي يوفر إطارا موضوعيا لتطوير المجتمع والنهوض به ليتبوأ دوره الطبيعي في مسيرة النضال العربي.
إن ثورة 14 جانفي المجيدة كانت نتاجا موضوعيا لأزمة سياسية واجتماعية تعمق فيها التناقض بين مصالح النظام وعصابة فاسدة ومفسدة تحكمت في مقاليد الحكم خلال العقود السابقة من جهة، وبين الشعب العربي في القطر بكل مكوناته وقواه السياسية المناضلة من جهة ثانية، وقد لعبت هذه القوى إلى جانب الفعاليات النقابية أدوارا أساسية في تأطير وتوجيه الجماهير الشعبية الثائرة وتطوير شعارات الثورة من أجل الحرية والكرامة الوطنية وإقامة مجتمع الكفاية والعدل.
إن النضال القومي في القطر تزامن وجودا وتطورا مع نضال شعبنا ضد قوى الهيمنة والاستعمار ملتحما مع نضال القوى القومية في الوطن العربي ضد ذات الأعداء ، فمنذ مطلع القرن اختزل الدفاع عن الهوية العربية الإسلامية ضد كل محاولات الطمس لطموحات شعبنا في الاستقلال والحرية والتقدم، وكان جامع الزيتونة المعمور المثابة التي آوت رموز هذه المرحلة من أمثال المرحوم عبد العزيز الثعالبي والشهيد صالح بن يوسف والشهيد عبد العزيز العكرمي ،والطاهر الآسود وغيرهم من المناضلين. ومع بزوغ فجر ثورة 23 يوليو 1952 الناصرية الرائدة اتسعت دائرة الوعي القومي بين صفوف جماهير شعبنا ليلتحم مع القوى القومية لتتصدر المعارك على جميع الجبهات فاصطدمت بنظام بورقيبة في معارك ضارية قدم فيها التيار القومي مئات الشهداء وآلاف السجناء نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر العربي الزلاق ولزهر الشرايطي وعمرالبنبلي ومحمد صالح الحشاني وعبد الصادق بن سعيد و عز الدين الشريف وعبد المجيد الساكري وأحمد المرغني وغيرهم ولا تزال آثار التعذيب ماثلة على أجساد من كتبت له الحياة مثل المناضلين محمد صالح البراطلي وعلي بن سالم والشيخ بن بشير والمرحوم عبد الحميد الزموري وغيرهم.
لقد خاض المناضلون القوميون التقدميون الناصريون معاركهم ضد النظام في تشكيلات وتنظيمات سرية ومن خلال المنابر والأطر المتوفرة وكانوا موحدين ميدانيا في معارك الاشتباك اليومي وإن تعددت التعبيرات السياسية المعلنة والتي فرضتها ظروف العمل السري التي إلى جانب النظام المستبد عطلت الجدل والتفاعل الديمقراطي بينهم وفرضت بيئة تعددت فيها المقاربات لأسلوب التعامل مع الواقع وكيفية تغييره، وقد كان لهذا التيار المناضل بكل مكوناته وعبر مختلف تشكيلاته وتعبيراته وأطر حركته إسهاما تاريخا في هذه الثورة الشعبية العظيمة التي فرضت تحديات جديدة على القوى القومية وعلى رأسها رصّ الصفوف في أداة تجمع ولا تفرّق تبني ولا تهدّم تقدّم ولا تؤخّر يصوغون من خلالها تصوراتهم وبرامجهم لحماية الثورة الفتية وتطويرها بما يتّسق ومتطلبات المرحلة وأهداف النضال العربي.
وعلى بركة الله نعلن نحن القوميون التقدميون الناصريون والموقعون أدناه على تأسيس " حركة الشعب" حركة سياسية تعمل من أجل الحرية والإشتراكية وتحقيق الوحدة العربية والذود عن الهوية العربية الإسلامية وتحقيق مطالب العمال والفلاحين والطلبة بوصفهم طلائع قوى شعبنا العامل وحقهم في التوزيع العادل للثروة وتنمية جهوية عادلة والدفاع عن جميع القضايا العادلة و أوّلها القضية المركزيّة للأمّة العربية ، قضية فلسطين من خلال بناء الإنسان العربي ضمن الشرعية الدستورية والقانونية.
عن الهيئة التأسيسية لحركة الشعب |