صنعاء نيوز - المصدر: صنعاء نيوز

السبت, 21-مارس-2020
صنعاء نيوز -
هل يرتبط توقيت ظُهور الملك سلمان بصحّة جيّدة واختياره الحديث عن “كورونا” بشائعات قُرب تخلّيه عن العرش؟.. لماذا لجأت السعوديّة لمُسوّغات “كبار العلماء” الشرعيّة لإعلان قرارها وقف صلاة الجمعة والجماعة؟.. هل يستمع الأمير بن سلمان لمطالب تخفيض إنتاج النفط وهل تتقشّف حُكومته أيضاً للإضرار بروسيا؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
لم تذهب السّلطات السعوديّة بعد، بعيداً في اتّخاذ إجراءاتٍ صارمة، تشمل حظر التجوّل، وفرض العزل على المُواطنين، والمُقيمين، والاستعانة بجيشها لمُواجهة فيروس كورونا، لكنّ المملكة بدأت تدق طُبول الاستعداد تدريجيّاً من خلال إجراءات احترازيّة بدأت بتعليق دخول المُعتمرين من الخارج، إلى إعلانها أخيراً الخميس تعليق التواجد والصلاة في ساحات الحرمين الشريفين، وتحديداً يوم الجمعة، خوفاً من انتشار فيروس كورونا القاتل.
واستبقت المملكة قرارها تعليق الصلاة بساحات الحرمين، بقرار الثلاثاء، القاضي بإيقاف صلاة الجمعة، والجماعة، بعد أن كانت قد استثنت الحرمين من قرارها هذا، وعادت وشملته بالتعليق الخميس، إضافةً إلى قرارها الجمعة بتعليق جميع رحلات الطيران الداخلي والحافلات وسيّارات الأجرة 14 يوماً، ابتداءً من الغد السبت.
مُسوّغات “كبار العلماء” الشرعيّة
اللّافت في قرار تعليق الصلاة جماعة، وصلاة الجمعة، مع الاكتفاء برفع الآذان، بأنّ القرار صدر عن هيئة كبار العلماء، وجرى من خلال بيان أصدرته الهيئة المذكورة، تبيان أسباب إيقاف الصلوات في المساجد، والإشارة إلى قاعدة “لا ضرر ولا ضرار” والضّرر المُترتّب منها على خلفيّة انتشار الفيروس، والتي بحسب البيان “سوّغت شرعاً” إيقاف الصلاة لجميع الفروض في المساجد، وهو عكس ما حصل حين أعلنت المملكة تعليق العمرة للمُواطنين والمُقيمين وللمُعتمرين القادمين من الخارج، حيث جرى إيكال المهمّة لوزارة الداخليّة التي أعلنت في بيان التعليق، ومُراجعته إذا انتفت الأسباب التي دعت إليه.
ومع دخول العربيّة السعوديّة، عصر الترفيه والانفتاح، وانسدال الستار على صلاحيّات المؤسّسة الدينيّة، قد يكون مُثيراً لانتباه مُعلّقين، اقتصار قرار تعليق العمرة على بيان الداخليّة، حيث كانت تجري العادة ما قبل الانفتاح إلى الاستعانة بالفتاوى لتبرير قرارات تتعلّق بالحرمين والفرائض المُتعلّقة به، وما يترتّب عليها من تفسيرات في الأوساط الدينيّة المُتشدّدة، إن أساءت تفسيرها، لكن الأمر جلّه كان يتعلّق بفريضة العمرة، التي يرى في حُكمها الشيخ “ابن تيمية” سنّةً مُستحبّةً، وليست واجبة، وهو ما قد يُفسّر عدم حاجة السلطات السعوديّة إلى “كبار العُلماء” في سياق تقديمها المُسوّغ الشرعي لقرار تعليق فريضة العمرة، وقد يختلف الأمر بما يتعلّق بالحج، وتعليق موسم هذا العام، فيما لو طال أجل كورونا، والحج فريضة، وركنٌ من أركان الإسلام.
لا بُد أنّ السلطات السعوديّة قد تنبّهت لحساسيّة قرارها القاضي بوقف الصلوات جماعةً في المساجد، وصلاة الجمعة، فقد يكون من الصّعب على شريحة واسعة من الشعب السعودي أو الشعوب العربيّة الالتزام بقرار البقاء في المنزل، فكيف هو الأمر إذا كان يتعلّق بوقف الصلاة جماعة، ومن تركها في أحكام عقيدة المُسلمين، يدخل في مُشابهة أهل النفاق، ومن هُنا لعلّه يُفهم حاجة السلطات السعوديّة إلى الاستعانة بهيئة كبار العلماء، وإعادتها للواجهة، لتقديم المُسوّغات الشرعيّة للشعب السعودي المُحافظ والمُلتزم دينيّاً بجلّه.
اعتقالات.. تحضيرات وبيعة.. بن سلمان مَلِكاً؟
هذه الإجراءات الاحترازيّة التي تتّخذها المملكة، أخذت أيضاً طابع التفسيرات السياسيّة، وخاصّةً ما سبقها من وجبة اعتقالات ضد أمراء بارزين، أهمهم الأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك، ووليّ العهد السابق وزير الداخليّة الأسبق الأمير محمد بن نايف، حيث جرى تقديم تحليلات في أسباب ذلك الاعتقال الذي لم تُؤكّده أو تنفيه السعوديّة وتردّد أنه تحضيرٌ لانقلاب وتُهمة الخيانة، هذا عدا عن الربط بين تعمّد اعتقالهم، وتوقيته وسط انشغال العالم بفيروس كورونا، ونيّة الأمير محمد بن سلمان القريبة لاعتلاء العرش، مُستغلّاً حالة البلاد وقلقها من تفشّي الفيروس، وفي ظل حالة شبه التعطيل في القطاعات العامّة، والخاصّة، إلى جانب تأكيد “هيومن رايتس ووتش” اعتقالات جديدة بحق 298 مُوظّفاً حُكوميّاً بتُهم الفساد، دون توجيه تهمة وعدم وجود أدلّة بحسبها.
ليس ذلك فحسب، فتقارير صحف غربيّة، منها صحيفة “الصن داي تايمز” البريطانيّة، كانت قد أشارت إلى تحضير الأمير بن سلمان لأن يكون ملكاً مع بداية الشهر القادم إبريل، وتناقلت مواقع سعوديّة وحسابات افتراضيّة مُعارضة معلومات عن مصادرها في ذلك الشأن، تُفيد بحصول اجتماع لهيئة البيعة في 17 آذار الشهر الجاري، ورجّحت تلك المصادر أن يكون اجتماع الهيئة لتنصيب ملكٍ جديد، بعد تنازل الملك سلمان عن العرش، وهي سابقة لم تحصل في تاريخ المملكة أن يتنازل ملك عن عرشه وعلى قيد الحياة، وهو ما يتقاطع لعلّه إن صح مع التقارير الغربيّة حول تنصيب الأمير بن سلمان ملكاً بداية إبريل.
هذه الأنباء تظل عصيّةً على التّأكيد في ظِل حالة تكتّم شديد حول حقيقة ما يجري في المملكة، لكن ووفق رصد المُراقبين، قد لا يكون اختيار توقيت ظُهور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز عابراً، وهو الظّهور الثاني له بعد شائعات وفاته، والأوّل بعد أزمة كورونا في السعوديّة والعالم، وهو ظُهور لعلّ توقيته ينفي نيّة الأمير بن سلمان استغلال كورونا للوصول إلى العرش، خاصّةً أنّ الملك خرج للحديث عن كورونا تحديداً، وإجراءات بلاده الاحترازيّة لمُواجهة الانتشار، ووجّه شكره للأطقم الطبيّة، والشعب السعودي على ما أظهره من قوّةٍ وثبات، وهو ما يُوحي افتراضاً باطّلاع الملك على سير الأمور في البلاد أوّل بأوّل، وتمتّعه بصحّة جيّدة، وانتفاء نيّته التخلّي عن العرش، وذلك كما ظهر في الخطاب المرئي، على يمينه العلم السعودي، وعلى شماله صورة المُؤسّس الملك عبد العزيز.
معركة نفطيّة بين روسيا والسعوديّة
ويخوض الأمير بن سلمان معركته النفطيّة الأهم، بزيادة إنتاج النفط، وإغراق السوق العالميّة، حيث طالبه 13 سيناتوراً أمريكيّاً جُمهوريّاً بالعودة عن قرار الزيادة، على خلفيّة تفشّي كورونا، وحث المملكة على دعم الاستقرار العالمي، بعد أن كانت خفّضت أسعار نفطها، وزادت من إنتاجها، فيما وزارة الطاقة السعوديّة سترفع صادرات النفط قريباً فوق 10 ملايين برميل، وهو ما يضع مُطالبات الجمهوريين أدراج الرياح.
الخطوات التي من شأنها الإضرار بإنتاجيّة روسيا واقتصادها بحسب وجهة نظر الرياض، مع التّنافس الشّديد مع موسكو على الأسواق النفطيّة، هي خطوات قد تُجبر السعوديين على التقشّف الذي يفرضه التهاوي الاقتصادي العالمي وهبوط أسعار النفط الحاد واللّجوء كذلك إلى خفض ميزانياتها، بعد انهيار اتّفاق أوبك، وعدم نيّة المملكة عقد اجتماع لأوبك في فترة الثلاث الأشهر المُقبلة للتّفاوض، مع اعتمادها الكبير على إيرادات الخام، أمام وجود بدائل يعتمد عليها الاقتصاد الروسي في معركته النفطيّة هذه، وهو ما قد يُعرّض المملكة إلى خسائر ماليّة فادحة فيما لو واصلت سياساتها الإنتاجيّة هذه.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:58 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-70216.htm