صنعاء نيوز - 
لطالما سمعنا أنّ الشعوب العربية ميّتة، وأنها غارقة في مستنقعات الوهن، وأنها لا يهمها إلا لقمة العيش، وأنها لا تغضب إلا لأتفه الأمور.

الجمعة, 04-مارس-2011
صنعاء نيوز/ محمود صالح عودة -

لطالما سمعنا أنّ الشعوب العربية ميّتة، وأنها غارقة في مستنقعات الوهن، وأنها لا يهمها إلا لقمة العيش، وأنها لا تغضب إلا لأتفه الأمور.



والحقيقة أن الكثيرين بدأوا يقتنعون بتلك الادّعاءات، لوجود آثارها على واقع الأرض العربية، حتى جاء محمد البوعزيزي - رحمه الله وغفر له - وأحرق نفسه، لكنه لم يحرقها فحسب؛ بل أحرق الواقع العربي المهين الذي كان، وطوى صفحة السقوط والانكسار العربي، الذي وُجد نتيجة جهل ووهن بعض الأقربين وعداء ومكر كثير من الأبعدين.



فمنذ بزوغ فجر الثورة العربية بدأت تظهر المعالم الحقيقية لشعوب الأمّة، وبدأ نور شمس الثورة يطهّر بلاد العرب والمسلمين من الادّعاءات المدسوسة والأكاذيب التي رُوّج لها منذ عقود. ولولا الروابط الوثيقة بين هذه الشعوب والقبائل، المتمثّلة باللغة والعقيدة والثقافة، لما انتشرت الثورة من مشرقها إلى مغربها بهذا الشكل وبهذه السرعة، ومن أكبر الغلط الادّعاء بأنّ كل بلد له ثورته الخاصّة، ذلك لأنّ هذا الادّعاء يتجاهل الروابط الوثيقة، كما يتجاهل العوامل السلبية المشتركة التي ثارت الشعوب عليها؛ من الفساد والظلم والسرقة، حتى تقاعس الأنظمة أمام قضايا الأمّة المصيرية، وأوّلها القدس وفلسطين.



لم تقتصر الثورة العربية على السلبيات المشتركة التي تمارسها الأنظمة العربية، فأطفال بلادنا يدركون بأن معظم الأنظمة الساقطة والمشرفة على السقوط تابعة للاستعمار، ذات الاستعمار الذي ترك البلاد وورّثها لعملائه وموظّفي أجهزة مخابراته، ليكمّلوا مسيرته ولكن بأسلوب جديد، ما سمّاه البعض "الاستعمار الوطني".



وبما أنّها ثورة على أنظمة تابعة أمنيًا وسياسيًا - بل عقديًا في بعض الأحيان - للاستعمار الحديث الذي تقوده الولايات المتحدّة الأمريكية، فإنّها كذلك ثورة على اتفاقية سايكس-بيكو التفريقيّة، وما تبعها من مخططات استعمارية حديثة أبرزها "الشرق الأوسط الجديد"، ومشاريع تقسيم المقسّم التي تمثّلت مؤخّرًا في تقسيم السودان.



كانت الفتنة المذهبية والطائفية بين شعوب المنطقة وقود هذه المخططات، وقد أريد لبعض البلاد العربية أن تشتعل كما اشتعل العراق بنار الفتنة التي أوقدها الاحتلال وعملائه. وما التفجير الذي شهدته كنيسة القدّيسَين في الإسكندرية ليلة رأس السنة الميلادية الجديدة إلاّ مثال لما خُطّط له، هذا مع الذكر بأنّ المخابرات البريطانية صرّحت بأنّ وزير الداخلية المصري في النظام الساقط حبيب العادلي كان مسؤولاً عن العملية، وأشارت إلى أنه قد شكّل جهازًا خاصًا يديره 22 ضابطًا، يتبعه متطرّفون وتجّار مخدّرات، ويتمّ تفعيله عند الحاجة، أي عند الحاجة لإشعال الفتن. هذه المخططات الظاهرة هدفت لإلهاء الشعوب ببعضها، ذلك لتسهيل الهيمنة الغربية عليها من خلال عملائها الساقطين في المنطقة.



مشكلة الغرب أنّه عوّل على عملائه، وعلى السكون العربي الخادع، وعلى انعدام الإرادة لدى الشعوب العربية، ففاجأت هذه الشعوب الفاعل والمفعول به، وصرخت من مشرق الأرض العربية إلى مغربها: "الشعب يريد!" تارة "إسقاط النظام" وتارة أخرى "الحرية والعدالة الإجتماعية" وغيرها من الشعارات التي عبّرت عن إرادة حقيقية، صاحبها تحدّ وتضحية.



إنّ الأرض العربية مهد الرسالات السماوية، وأرض الأنبياء والمرسلين. وقد جاء في أواخر سورة "الأنبياء" في القرآن الكريم، بعد أن ذكر الله قصصهم التي قادوا فيها معارك الحق ضد الباطل: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}، وفي هذه الأيام المجيدة، تقول الأرض العربية لأبنائها وبناتها: إنّ هذه ثورتكم ثورة واحدة.

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 05:14 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-7151.htm