صنعاء نيوز - رغم مواردها المادية والبشرية الهائلة، وعوائد بعضها النفطية الضخمة ورهانات استثماراتها الخارجية في الاقتصاد الغربية

الخميس, 09-يوليو-2020
صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -

رغم مواردها المادية والبشرية الهائلة، وعوائد بعضها النفطية الضخمة ورهانات استثماراتها الخارجية في الاقتصاد الغربية.

فشلت الأنظمة العربية " أنظمة الشمول الدكتاتورية، وأنظمة الاعتدال (الدكتاتورية أيضا)، في أن تحقق تقدما في أنظمتها السياسية يوازي معطياته الإقليمية، حتى بالمقارنة بالمقاييس الإقليمية،..بتركيا الديمقراطية الإسلامية، أو الاتاتوركية والدكتاتوريات العسكرية..أو بإيران الشاهنشاهية، أو الإسلامية الشمولية.

فلم تتمكن تجارب كل الأنظمة العربية، الملكية والجمهورية، من " المحيط الى الخليج"، من ان تقيم انتخابات تمتلك ولو نسبة ضئيلة من المصداقية،التي ظهرت في التجربة الانتخابية الأخيرة في إيران.

من حيث : تداول السلطة ، وهامش الحرية، وشفافية وعلانية النقد ، موضوعا وشخوصا ـ شموله اكبر شخصيات النظام وابرز رموزه.

في أي بلد عربي يمكن تصور حدوث هذا ؟ ومتى يمكن له إن يحدث ، وبأية مقدمات ؟

هل سمح أو كان سيسمح أي من قادة الممالك والإمارات، الجمهوريات والثورات الشعبية.

من عبد الناصر وبومدين، رموز الأمس إلى خلفائهم في الأرض (أبناء يومنا الحاضر)، بان يكون هو وسياسته محط انتقاد علني ومعارضة جماعية ومنظمة، من اقرب وابرز شخصيات النظام، مدعومة بتحرك جماهيري واسع وصلب وشجاع ومستعد للتضحية،على هذا المستوى الذي شهدناه، في تجربة الانتخابات الإيرانية ؟ بما يعنيه ذلك من مخاطرة بمستقبل النظام والقائد السياسي. حتى لبنان التي، يعترف خاتمي بأنهم تعلموا من مدرسته السياسية وتجربته الثقافية، ونظروا باحترام خاص لسقف الحرية فيه، وللديمقراطية، الأوسع إقليميا.

إلا أن غلبة الطابع العفوي الحرية، والذي له أسبابه التاريخية ، والطائفية السياسية في البلد، انعكست سلبا على ، ديناميكية تعدديته، السياسية والقومية والمذهبية والطائفية، وأضعفت من فاعلية ومضمون ديمقراطيته، وتعدديتها السياسية.


كل ما لمسته الشعوب العربية من ، طريق الرهان على إرضاء وصداقة الغرب، أو طريق الثورة والتحرير، كانت ترجمته العملية على الأرض ، ثراء الحاكم والنخبة وتصرفها بالثروة والبلد وحياة أبنائه وكأنه ملك مشاع لهم . واختزلت مصلحة الوطن بمصلحة الحاكم والعائلة والطبقة الحاكمة. وأخيرا جعل الموارد في خدمة(العدو!) وليس الصديق. والغريب وليس (الشقيق)،.البعيد وليس القريب.

أين العلة إذن ؟ أهي في تعثر مشروع الحداثة،؟ في إنصاف الحلول ؟أم في التباس علاقة المواطنة بعلاقات وهويات أخرى يغلب عليها التعصب، ويصعب عليها التوازن، وهي تحول الاختلاف، خلافا وتباغضا وتعاديا؟ إلا تشكل الاستعانة بهذه الثقافة، في حل قضايا المجتمع، والنظام السياسي، بيئة حاضنة لتفاقم إشكالات التنمية والحداثة وقوة كبح لقواها، الفتية والضعيفة أصلا ؟ أليس هذا ما يحصل بأحد وجوهه في إيران اليوم ؟

وهذا ما حصل في لبنان، والعراق ويراد تعزيز مفاعيله في والسعودية ، والبحرين والسودان واليمن، ودول عربية ، وإعادته مفاعيله بأشكال أخرى حتى إلى مصر ودول إقليمية كإيران وتركيا ؟


أليست ثقافة الاستبداد بكل قيمها وتجلياتها الاجتماعية والشخصية، وفضائها الثقافي، هي حاضنة نظام الدكتاتورية والقمع والإمساك بالسلطة ؟، إلا تغذي ثقافة الحاكم العامة، المحدودة والمتأخرة المضمون وتجربته الثقافية والسياسية، كل هذا الشلل في الوضع العربي، وهي خصائص أصيلة في الثقافة السياسية للنظم العربي؟ أليست هي التي دفعت البعض، إلى المخاطرة بمستقبل البلد والتعاون مع المستعمر والطامع ( كما جرى في التجربة العراقية) ؟

ماذا يعني هزاله وتفاهة هامش الممارسة الديمقراطية في الناظمة العربية ، مقارنة بمعطياتها الإقليمية ؟ بل وصمودها العجيب بوجه موجة الدمقرطية وضغوط المحافظون الجدد، رغم تسويق مشروع تهميش الدولة الوطنية والقومية تحت مسمى العولمة، بدور أساس إلى الليبرالية !!) التابعة، والتي باتت مرتبطة بمشروع إعادة استعمار المنطقة؟ .

لقد ازدادت هذه الدول ممانعة، مع تعثر مشروع الاحتلال وتفاقم مصاعبه في العراق، واكتفت أكثرها استجابة للضغوط، بحدود إصلاحات شكلية محدودة جدا، لا قيمة لها في الحياة السياسية، ولا تأثير لها على موضوع تداول السلطة ، والبرلمان الحقيقي ، والرقابة على المال العام والإهدار والفساد.

بشكل عام في هذه الإشكالية وجهان. تناقضان.


الأول:علاقة الريف والمدينة

الناجم عن التناقض بين مشاريع قوى الحداثة، ومشاريع قوى ما قبل الحداثة وموروثاتها.

إشكالية الصراع بين قيم المدينة، الميل إلى ثقافة التقدم والتنمية، والانفتاح على الآخر والعمل معه، تجد في الحرية والنظام الديمقراطي، تعبيرا أصيلا عن كينونتها المدنية.. في احترام التنظيم ومراعاة قوانين عمل السلطة والدولة، في الميادين المختلفة. وبين قيم الريف.....الميل إلى نزعة المحافظة، الجمود، الفردية في العمل واتخاذ القرار، والانعزال ، وعدم الالتزام، بالنظام والدقة في العمل، فالأمور تجري على (البركة والتسهيل ) وتلك ثقافة كانت دوما حاضنة، الدكتاتورية والاستبداد ، بكل أشكاله (ديني، سياسي ..فلسفي ..الخ).


الوجه الثاني: إشكالية التنمية.

وهي العامل الحاسم في مستقبل مشروع الحداثة. وهي إشكالية تباين مصالح قوى مشروع الحداثة. غلبة الأصول الفلاحية أو الإقطاعية ـ العائلية(شيوخ ووجهاء او عوائل دينية)، لأغلب كادرات الدولة والسلطة، والأحزاب السياسية و" العلمانية" القومية الليبرالية الاشتراكية، كانت في الغالب، حاضنة التاريخ الاستبدادي في دول العالم الثالث، وسببا أساسيا في تلكؤ مسار الحداثة والتنمية، وفي الترجمة الخاطئة، لمشروعها وآلية انجازها، وفي الجمع الغير منهجي.

بين المدنية والبداوة التراث والحداثة الحاضر والماضي القديم والجديد.

الانتماء للعصر وللهوية الخاصة علاقة الذات بالمجموع.

المصلحة والقيم الحرية والالتزام.

باختصار بين المتنافرات والمتوائمات،بحدودها وفوارقها البنيوية والشكلية.


استعانة معظم النظم السياسية في مجتمعات العالم الثالث، ببني اجتماعية لازالت فاعلة وتشكل جزءا أساسيا في تركيبة المجتمع الاجتماعية والاقتصادية، أفضت إلى زحف هذه القيم على المدينة ومحاصرة مظاهر التمدن، وأنماط الحياة الحضرية فيها الأمر الذي تجلى في السلوك الفردي، وفي العادات والتقاليد في الذوق العام. وفي الملبس والمأكل في الثقافة والقيم العامة.

إذا نحن أمام مسار ومشهد، مناقض للعصر والعولمة. فبدل تمدين الريف ستكون هناك مدينة مترفة.

الأمر الذي ادخل مشكلة الحداثة ، في أزمة تتجاوز حدود الطبيعة السياسية للنظام. بل تغدو أزمة ثقافية بنيوية، تمتد إلى مسار المجتمع التاريخي والثقافي.


بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية. [email protected] https://www.facebook.com/dghoughi.idrissi.officiel/

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:28 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-71990.htm