صنعاء نيوز أحمد القاضي - مشروب عالمي ... يصارع من أجل البقاء في موطنه
يعتبر محصول البن اليمني من أشهر المنتجات الزراعية التي اشتهر بها اليمن منذ القدم. وتكمن أهمية هذا المنتج في جودة البن اليمني وفي مناطق الإنتاج المختلفة عمّا يتم زراعته في مناطق أخرى من العالم، ورغم قلة إنتاجه بالمقارنة مع مناطق أخرى في العالم إلا أن جودته تجعل منه المشروب المفضّل لدى الكثير.
من خلال محصول البن سجّل اليمن حضوراً متميِّزاً على المستوى العالمي منذ أوائل القرن السادس الميلادي، وحتى منتصف القرن التاسع عشر، باعتباره المصدر الأول للبن من خلال ميناء المخاء الذي حمل البن اسمه إلى كل أنحاء العالم.
لكن إيجاد بدائل أخرى لليمن في زراعة البن على نطاق تجاري واسع في كل من جزر الهند الشرقية والبرازيل، أدى إلى تراجع كبير في حجم إنتاج البن في اليمن، سرعان ما تحوّل محصول البن في القرن التاسع عشر هامشياً بالنسبة لمحاصيل أخرى مثل القات الذي انتشرت زراعته على نطاق واسع بسبب سهولة زراعته وملاءمته المناخية ومردوده الربحي السريع والكبير.
وهناك بالتأكيد أسباب أخرى أيضاً ساهمت خلال العقود الماضية في تراجع زراعة البن، في ظل انعدم وتخلّف أساليب التسويق والتصدير، ممّا قلل-إلى حد كبير- من الأهمية الاقتصادية للبن لدى معظم المزارعين وألجأهم إلى زراعة بدائل أخرى أهما القات. غير أن جودة البن اليمني جعله يحتفظ بموقعه كأفضل أنواع البن المنتجة في العالم.
على الرغم من أن الحكومة أبدت اهتمامها بزراعة البن إلا أن المزارعين والوكلاء أكدوا عدم اهتمام الدولة بهم أو بزراعة البن وإنما كان الاهتمام ببعض التجار وهم بعدد أصابع اليد الذين يتلاعبون بأسعار البن ومحاربة المزارعين وعدم حصولهم على دعم من الدولة.
يزرع البن في أقاليم مختلفة من البلاد، ويزرع بصورة رئيسية على ارتفاع يتراوح بين 1000 إلى 1700 كيلومتر فوق سطح البحر، في الأودية التي تنحدر من المرتفعات الغربية والوسطى والجنوبية وفي المدرجات الجبلية -خصوصاً في سلسلة الجبال الغربية المطلة على تهامة، حيث تتراوح كثافة المساحة المزروعة بالبن ما بين 900 إلى 1000 شجرة في الهكتار الواحد، ويتراوح إنتاج الهكتار الواحد ما بين 300 إلى 600 كيلو جرام، وهذه المناطق تمثل نحو 40 بالمائة من المساحة المزروعة في البلاد.
ويعد المناخ الدافئ الرطب، مع توفّر القدر الكافي من المياه، مثالياً لنمو البن.
وتفيد الدراسات التي أعدها الخبراء -من منظمات عربية ودولية معنية بالزراعة- بأن اليمن يُعد البلد الوحيد في العالم الذي تزرع فيه شجرة البن في ظل ظروف لا تتماثل مع الظروف المناخية التي تزرع فيه أشجار البن في مناطق أخرى من العالم، حيث يغلب على بيئة زراعة البن في اليمن ندرة المياه وعدم كفاءة التربة في خزن القدر الكافي من هذه المياه، ورغم ذلك يتمكّن المزارع في هذا البلد من الحصول على أفضل أنواع البن في العالم والمعروف بالبن العربي.
ويعرف العالم البن اليمني باسم البن العربي، وهو أجود أنواع البن، وتحت هذه التسمية توجد أنواع في اليمن هي: العديني، الدوائري، والتفاحي والبرعي، وهي الأكثر انتشاراً في البلاد. وثمة أسماء كثيرة تطلق على البن ومعظمها تنسب إلى المناطق التي يزرع فيها مثل: الحمادي، المطري، الحيمي، اليافعي، البرعي، والحرازي والحفاشي والآنسي والصعدي.
على الرغم من انعقاد المؤتمر الثاني الدولي للبن العربي الذي أقيم في العاصمة صنعاء، والذي استنكر المزارعون ووكلاء البن في باجل عدم مشاركتهم في المؤتمر والذي شارك فيه أشخاص ليس لديهم أي صلة أو علاقة بزراعة البن، وإنما المحسوبيات والوساطات من أجل أخذ الدّعم وعدم وصوله للمزارعين أو الوكلاء، وفي ظل احتكار أشخاص لتصنيع البن وتصديره حسب أمزجتهم واستيراد البن الخارجي لمنافسة البن اليمني وعدم البحث عن أسواق خارجية للبن اليمني أو التسويق الجيّد، تعتبر مديرية باجل هي المركز الرئيسي لتجميع البني والتي يصل عدد الأنواع فيها إلي أكثر من 10 أصناف، ويعتبر البن هو الذهب الأبيض.
رئيس الوزراء الدكتور علي محمد مجور قال: "إن حكومته وضعت البن على رأس أولوياتها وخياراتها المتاحة لتحسين مصادر دخلها وتحفيز الأنشطة الزراعية ذات المردود النقدي".
وأكد مجور "أن أولويتنا في هذه المرحلة هي توسيع رقعة زراعة البن في الأماكن التي تُشكّل بيئة مثالية لزراعته في اليمن، وتأكيد أن زراعة البن يجب أن تظل خياراً جاذباً لدى المزارعين، وهذا يتطلب جُهداً مشتركاً من الخُبراء المحليين والدّوليين المشاركين في أعمال هذا المؤتمر، والمسؤولين في الجهات الحكومية ذات العلاقة، واتصالاً مؤثراً بالفئة المستهدفة ممثلة بالمزارعين".
لافتاً إلى أن البن اليمني احتل اهتمام العالم ودخل سوق المنافسة، نظرا لجودته وطيب مذاقه، وصار يحتفظ برمزية ثقافية وتاريخية بما استطاع أن يختزله من هوية يمنية أصيلة .
وقال مجور في افتتاحه المؤتمر الثاني الدولي للبن العربي في صنعاء: "إن بلادنا ما زلت تستند على إرث ثري، من الخبرة الزراعية التي يتوارثها مزارعو الأودية والمدرجات الدافئة في اليمن، وهم يتعهدون شجرة البن بالرعاية، ويُساهمون في استمرار إنتاجية البلاد من ذات النوع المُمتاز من البن الذي يتحدّث عنه العالم اليوم".
وأضاف أن المزارع اليمني تميّز بخبرته المعتبرة في تعامله مع شجرة البن خاصة في مراحل الحصاد والتجفيف، من خلال إتباعه أفضل الطرق الطبيعية في مختلف مراحل زراعة وحصاد البن.
واستطرد بقوله: "إننا في اليمن سنظل ننظر للبن باعتباره الشجرة الوطنية التي تحتفظ برمزية ثقافية وتاريخية بما استطاعت أن تختزله من هوية يمنية أصيلة، حيث ما حطت في العالم ثمرة ذاتَ مذاقٍ أثيرٍ لا يضاهيه مذاقُ أيُّ نوعٍ آخر من البن".
وطالب مجور المؤتمرون بالخروج بمشاريع وأعمال ميدانية مباشرة يلمس تأثيرها وفوائدها الجميع، وفي مقدمتهم مزارعو البن في اليمن. وتوصيات لتطوير البرامج والسياسات الملائمة للنهوض بزراعة وصناعة البن اليمني، بناءً على أفضل المُمارسات الدّولية والعالمية.
"السياسية" استطلعت آراء المزارعين ووكلاء البن وسبب ركوده بالأسواق المحلية وعدم التسويق له خارجيا.
أحمد علي إبراهيم الشعفة وكيل بن في باجل قال: "لا يوجد بيع للبن لعدم وجود طلب من الأسواق على الرغم من أن باجل تعتبر المركز التجاري لبيعه، ويورّد من مُعظم مديريات المحافظة، ولا يوجد دعم له، وإنما الدعم في صنعاء للتجار الكبار الذين نقوم ببيع البن لهم، ونحن المضحون بسنين وبفلوسنا، والفائدة لهم. بالإضافة إلى هبوط أسعار البن وركود الأسواق والتي يستفيد منها التجار الكبار أصحاب المصانع والشركات المصنعة من أجل تخفيض سعر البن من 15000 إلي 10000 ريال للفراسلة أي 11 كيلو ونصف".
وأضاف: "نطالب رئيس الجمهورية بدعم مزارعي ووكلاء البن في باجل، وتسهيل بنوك الإقراض للمزارعين وإيجاد شركات لتصدير البن".
ويؤكد حجز العينات في المطارات لعدم وجود تنسيق أو وجود شركات مُتخصصة للتصدير.
محمد المخصف -وكيل بن في باجل- يقول: "أنا أعمل في البن منذ حوالي خمسين عاما، ونشكو من عدم وجود تسهيلات في البنوك من أجل شراء البن من المزارعين، وعدم وجود مشترين للبن بالوفاء أي بالنّقد. قمت بتأجير محلات خاصة بي علي الشارع الرئيس والبحث عن محل للإيجار بسعر أقلّ من أجل الوفاء بالديون وسداد الديون التي كانت عليا. نطالب من الدّولة الدعم وتسهيلات بنكية وحفظ نسبة الفائدة التي يفرضها البنوك علي المزارعين وهي 27 بالمائة، ونحن فائدتنا من بيع البن 2.5 بالمائة وعدم إمكانياتنا لتصدير لبن للخارج. أنا في التسعينيات قمت بتصدير شحنة بن إلى أميركا بمبلغ 9 ملايين ريال، وبعد شحنها تم رفضها وإعادتها لعدم وجود طلب من الشركات، وقُمت بتصديرها إلى السعودية بعد خسارة أكثر من مليون ريال. نتمنّى لفتة كريمة من رئيس الجمهورية لمزارعي البن والاهتمام بهذه الشجرة، لما لها من مردود اقتصاد على اليمن في حالة تصديرها إلى الخارج".
محمد أحمد عبده شمهان -وكيل بن في باجل-: "نريد دعما للبن، ونحن نعاني ركودا في بيع البن وتراكمه. المزارعون يقومون بتوريد البن إلينا، وبدون بيع، وهذا يودي إلى نقص قيمته البن. وهذا يودي إلى قيام المزارع ببيع البن بأسعار لا تُغطِّي تكاليف زراعته، بسبب حاجته وتغطية مصاريفه ومتطلباته. ونقص سعر الفراسلة من 15 ألفا إلى 110 آلاف ريال، بسبب ركود البن لعدم وجود المصدرِّين، وعدم دعم من الدّولة، والبنوك تطالب بمعدل فائدة يصل 27 بالمائة، والفائدة التي نحصل عليها 2.5 بالمائة فلا نستطيع اخذ قروض.
عبد الرزاق احمد احد وكلاء البن في باجل يقول أن لبن محيط بمديرية باجل من جميع الجهات "ملحان الحيمة انس حفاش بني مطر وبني حماد ويافع ووصاب والعدين" والوكلاء الموجودين في باجل محدودين ولا توجد لديهم السيولة من اجل شراء البن من جميع المزارعين.
نطالب الحكومة بمساندة ودعم مزارعي البن وإيجاد شركات لتصدير البن من اجل ان تشجيع المزارعين علي غرس شجرة البن وليس قلعها وزرع شجرة القات لسهولة بيعة وربحه السريع.
بعض الأحيان يضطر المزارع للانتظار إلى حين بيع البن ليستطيع اخذ قيمته من اجل تعويض الخسارة التي تكفل بها من اجل زراعة البن .. ونقوم ببيع البن للقشارين الذين يعطونه لغيرهم لتصديره.. المشكلة ان هناك ثلاثة أشخاص في اليمن يحتكرون هذه السلعة الهامة ويلعبون بأسعارها على مستوى الجمهورية.
محمد صغير احمد المخصب وكيل بن في باجل يقول اولا لا يوجد دعم من الحكومة، وهناك تصريحات نسمعها ونقرئها وخاصة في المؤتمر الثاني الدولي للبن العربي الذي اقيم في صنعاء ولم يشارك فيه أي مزارع او كيل من مزارعي البن وإنما أقيم لأشخاص ليسلهم علاقة بالبن.
نحن نعاني من ركود في الاسواق لعدم وجود طلب للبن، رغم ان البن اليمني من اجود انواع البن في العالم ولعدم توفر سيولة كافية لتصديره واو شرائه من المزارعين حتى تستمر زراعته بالكميات المطلوبة.
وفي ظل عدم تشجيع المزارعين او تقديم قروض ميسرة لهم بفائدة معقولة فان بعضهم اصبحوا يفكرون بقلع شجرة البن وزراعة القات بدل منها لربحها السريع والتي لا تحتاج ألي تصدير.
في الوقع الحاضر يضيف صغير، لا يوجد طلب كبير على البن، بالسابق كنا نقوم ببيع مما يعادل100 طن أسبوعيا، لكن هذه الفترة الاسواق راكدة ولا يوجد دعم من الدولة في إيجاد او تبني شركات لشراء البن وتصديره بدل استيراد البن من الخارج كما يفعل بعض التجار الكبار من اجل محاربة البن اليمني.. وحتى لا يقال انه لم تتوفر كميات تكفي لحاجة السوق اليمنية .. نقول اننا مستعدون لتوفير الكميات التي يطلبونها التجار المحليين لكننا بحاجة إلى دعم من قبل الجهات المختصة.
السياسية |