صنعاء نيوز -
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
على عكس التوقّعات، بل حتى الأصوات المحليّة التي نادت بضرورة الإفراج عن الناشطة السعوديّة لجين الهذلول، والتي طالت كواليس مُحاكمتها التساؤلات، خرجت وسائل إعلام سعوديّة، ومنها صحيفة “سبق” الإلكترونيّة، لتُعلن إدانة الناشطة السعوديّة المُطالبة بحُقوق المرأة في بلادها، وتُعلن إدانتها بالحبس رسميّاً.
في التوقيت، لا بُدّ من التساؤلات أن تكون مطروحةً، حيث إدارة الرئيس جو بايدن الديمقراطيّة على بُعد ثلاثة أسابيع من البيت الأبيض، والأخير بايدن، أعلن بثقةٍ أنه لن يتهاون مع المملكة في ملف حُقوق الإنسان، وسيُقدّم المصالح الإنسانيّة، على السياسيّة، ويبدو أنّ السلطات السعوديّة طبّقت ما قاله وزير الدولة للشؤون الخارجيّة عادل الجبير، ووزير الخارجيّة فيصل بن فرحان كذلك، أنّ مسألة الإفراج عن الهذلول من عدمها، مسألة ذات شأن سيادي.
لغة المملكة في إدانة الهذلول، وحبسها خمس سنوات، و8 أشهر، تبدو تصادميّةً، ولا تشي بوجود رغبة بتقديم تنازلات لإدارة بايدن، بل تطبيقاً لتصريحات الوزير الجبير، بأنّ قوانين بلاده لن يجري تعديلها، لأنّ شخصاً ما قال إنه لا يُحبّها.
وفي التفاصيل، أدانت المحكمة الجزائيّة المُتخصّصة في الرياض اليوم لجين الهذلول، بعد ثُبوت تورّطها في عدد من النشاطات المُجرّمة، بموجب نظام مُكافحة الإرهاب، وتمويله، وقضت المحكمة بإيقاع عُقوبة السجن بحقّها لمُدّة خمس سنوات، و8 أشهر، وذلك وفق ما نقلت صحيفة “سبق”.
اللافت، أن الجلسة التي عقدتها المحكمة الجزائيّة، قالت صحيفة “سبق”، إنها وعدد من وسائل الإعلام قد حضرتها، ولم تذكر الصحيفة طبيعة هذه الوسائل، وإن كانت اقتصرت على وسائل إعلام محلّية، أو غربيّة، خاصّةً أنّ ثمّة انتقادات منظمات حُقوقيّة تتعلّق بعدم حُصول المُتّهمين على جلسات مُحاكمة عادلة، وسط غياب رقابة مُحايدة، وهو ما تنفيه السلطات السعوديّة.
الهذلول، والمعروفة بنشاطها النسوي، مُدانةٌ وفق قضاء بلادها، بالتحريض على تغيير النظام الأساسي للحُكم، والسّعي لخدمة أجندات خارجيّة داخل المملكة، وتردّد إعلاميّاً أن الاتهامات السعوديّة تتعلّق بتعامل الهذلول مع قطر، فيما الأنباء تتّجه نحو مُصالحة خليجيّة مع الأخيرة.
وفيما كان ينقل أشقاء الهذلول، رفضها للاتّهامات المنسوبة إليها، كما التسويات التي تتعلّق بنفيها اتّهامات تعرّضها للتعذيب والتحرّش مُقابل إطلاق سراحها، قال قاضي المحكمة بحسب “سبق” بأن المُدّعى عليها “أقرّت” بالتهم المنسوبة إليها، ووثّقت اعترافها نظاماً طواعيةً، دون إجبار أو إكراه، وأنه لم يَثبُت لديه ما ادّعت به المُتّهمة في جلسات سابقة.
ويبدو أنّ رجوع الهذلول عمّا أقرّت به، دون إجبار، أو إكراه، وفق ما ذكر القاضي، غير مقبول في الجُملة، وهو ما يعني إقرارها الصريح بالإدانة، وقُبولها بالتالي العُقوبة، التي نصّت على حبسها خمس سنوات، وثمانية أشهر.
الحُكم الذي يضع علامات استفهام حول توقيته، ومع قُرب وصول بايدن إلى البيت الأبيض، قد يكون أيضاً أخذ بالحُسبان لغة جو بايدن الحادّة مع المملكة، فالحُكم الذي بدا شأناً سياديّاً، جرى وقف تنفيذ عامين منه، و10 أشهر، وذلك بحسب حُكم المحكمة، “استصلاحاً لحال الهذلول، وتمهيد السبل لعدم عودتها إلى ارتكاب الجرائم”، وهو الحُكم الذي بدا أنه أمسك العصا من المُنتصف، فيما يتعلّق بملف حقوق الإنسان، والتي تُواجه فيه المملكة اتّهامات مُتصاعدة، وترفض التدخّل فيه.
الرئيس الفائز بايدن، لعلّه سيكون معنيّاً باستمرار الضغط على الحكومة السعوديّة، بما يتعلّق بإطلاق سراح الهذلول تماماً، وهو الذي قدّم المصالح الإنسانيّة على السياسيّة، وأساساً هذا الاحتمال بقي واردًا، فالمُدّعى عليها (الهذلول) وفقاً لقاضي المحكمة، بإمكانها الاعتراض على الحُكم، استئنافاً، أو تدقيقاً، وخلال مُدّة تُقدّر 30 يوماً، وهي مُدّة كافية، ومُتزامنة لوصول بايدن إلى حُكم الولايات المتحدة الأمريكيّة.
التساؤلات ستكون مطروحةً، حول إذا ما كانت ستأتي جلسات المُحاكمات النهائيّة تِباعاً، بما يتعلّق ببقيّة النشطاء، والناشطات، والأمراء، ورجال الأعمال، والمشائخ، وإعلان إدانتهم كما الهذلول، فهؤلاء تقول منظمات حقوقيّة، بأنهم مُعتقلون بدون مُحاكمات، أو حتى اتّهامات واضحة.
تجدر الإشارة، وفي وقت سابق للمُحاكمة اليوم الاثنين 28 ديسمبر، نشرت شقيقة الهذلول، علياء، إعادة تغريد لما قالت إنه وثائق قضائيّة تكشف عن عُيوب جسيمة في المُحاكمة، وأكّدت أنها بانتظار الجلسة التي جرى عقدها اليوم، ولم يصدر عن عائلة الهذلول تعليق حول الحُكم، حتى كتابة هذه السطور.
وتتحدّث بعض الأوساط السعوديّة عن تفسيرٍ آخَر لعقد المُحاكمة وإصدار هذا الحُكم، يقول إنّ هذا الحُكم ربّما يكون مُقدّمة للإفراج عن الهذلول بحُجّة قضائها مُعظم المحكوميّة أوّلاً، وهُناك احتِمالٌ آخَر أن يتم إطلاق سراحها، مع منعها من السّفر، نتيجة “عفوٍ ملكيّ”، فهذا العفو لا يصدر في مُعظم الأحيان إلا بعد صُدور حُكمٍ بالإدانة وتثبيت العُقوبة. |